الحمد لله كرم بَني آدم وفضلهم على كثيرٍ مِمَّن خلقَ تفضيلا،أحمده سبحانه وأشكره وابتهل إليه واستغفره استغفاراً كثيرا..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليماً..
أما بعد..فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله تعالى الإنسان مكرما محترما؛ كما قال سبحانه)لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) وقال(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)فالإنسانُ بطبيعته وفطرته مخلوقٌ محترم يُحبُّ الاحترام، ويجب أن يُحترمَ، ولا يرضى الإهانة ويأباها مهما كانت..
الإسلامُ دينٌ يَحترمُ الإنسان ويدعو لاحترامه وتكريمه وتقديره حتى في دعوته إلى دين الله تعالى لا يُكرِهُ أحداً في الدخول فيه..وقد أكثر الله في القرآن بيانَ ذلك الاحترام، وحثَّ عليه،ورغَّب فيه،والتحلي بزينته..
الاحترام في الإسلام في المخاطبة؛ مع الغير(وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) وفيما بين المؤمنين أنفسهم(وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)وفي دعوة الناس للإسلام حتى وهم كفار ملحدون أو مارقون،(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)وقال عز وجل(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)وقال تعالى لموسى وهارون -عليهما السلام مع فرعون وهو يدّعي الربوبية (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) وفي الخصومة(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) لأن أسلوب الاحترام له نتائجُ إيجابية وثمرات طيبة وللإهانة نتائجُ سلبيةٌ مؤسفة،وإذا أراد الله تعالى بعبد خيراً زيَّنَه بخلق الاحترام وتقدير منازل الناس،فتحلى به حتى اشتهر به،وازدان بخلقه..والمرءُ يسعُ الناس بدينه وأخلاقه وليس بماله وأملاكه، واحترام الناس وتوقيرهم أدبٌ رفيع يتحلَّى به الموفقون من عباد الله ويتصف به كبار الهمم،وعالي القمم،الذين ارتفعوا بطاعة ربهم حتى زينهم بها،قد هذَّبهم دينهم، وأدبتهم عباداتهم وصفت قلوبهم،وطهرت سرائرهم، فتواضعوا لله ولانوا لإخوانهم، وحرصوا على هداية الناس.
لقد رأينا سيرةَ سلفٍ صالح باحترامهم للناس أدخلوا الناس في دين الله، وأنقذوهم من النار بتوقير عباد الله،وأعلى مكانتهَم بين عباده، فكانوا مصابيحَ للعباد وسُرُجاً للناس يبصرون بهم بتوفيق الله تعالى طريقَ الهدىَ ودربَ الرشاد،لأنهم اقتدوا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي قال الله له (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)ويقول له(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) بأعظم خطبة يوم عرفة في حجة الوداع يبيّن أنه لا فضل على عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى كلكم لآدم وآدم من تراب
تزين سيد الخلق محمد -عليه الصلاة والسلام- فكان مضربَ الأمثال في احترامه للناس حتى أعجب به أعداؤه قبل أصحابه يتبوّلُ إعرابيٌ في المسجد، فيهمُّ الصحابةُ بضرْبه، والاعتداءِ عليه، فيمنعُهم عليه الصلاة والسلام، ويأمرهم بتركه، حتى يُتمَّ بولَه، ثمَ يناديه ويُعلِّمهُ مكانةَ المسجد ومقامه؛ بأنه لا يصلح إلا للصلاة والذكر وقراءة القرآن، ولا يصلح لمثل فعله ويضرب أبو مسعود البدري غلاماً له فيناديه رسول الله من بعيد مذكراً إياه بقدرة الله عليه وأخذته له على ما يفعل بالعبد،يقول له.. "اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام"، يقول ابن مسعود.. فسقط السوط من يدي من هيبته صلى الله عليه وسلمَ متأثرا بما ذكره به، ويقول.. هو حر يا رسول الله، فيقول رسول الله له.. "أما لو لم تفعل للفحتك النار" (رواه مسلم وتموت امرأةٌ سوداء كانت تَقُمُّ المسجدَ وتُنظِّفُه فيدفنُها الصحابة بعد الصلاة عليها، ولم يُعلموه،بموتها،فيعلمُ رسول الله بعد ذلك بموتها،فيقولَ لهم.. "أفلا كنتم آذنتموني؟"فكأنَّهم صَغّروا أمرها، فقال.. "دُلونِي على قبرها"،فصلى عليها،ثم قال.. "إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله -تعالى- ينورها لهم بصلاتي عليهم" (رواه البخاري،ويقول أنس رَضي الله عنه-.. "خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي قط.. أف، ولا قال لشيء فعلته.. لم فعلت؟ ولا لشيء لم أفعله.. ألا فعلت كذا؟)متفقٌ عليه ويقول رَضي الله عنه.. "ما شممت عنبراً قط ولا مسكاً ولا شيئاً أطيب من ريح رسول الله ولا مسست قط ديباجاً ولا حريراً ألين مساً من رسول الله".الله أكبر..الله أكبر..هذا رسول الله في تعامله وتقديره واحترامه أفلا نقتدي به؟!
أيها المسلمون.. إن احترام الإنسان للناس وتوقيرَه لهم يرفعُ مقامَه ويُعلي شأنَه عند الله -تعالى- وعند عباده، فالله يُحبُّ من يتَواضعُ لعباده يسعى لتيسير أمورهم، وتسهيل حوائجهم، يقول صلى الله عليه وسلمَ.. "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً فرَّج الله عنه بها كربةً من كُربِ يوم القيامة، ومن ستَر مُسلماً ستره الله يوم القيامة" (متفق عليه والناس يرتاحون لمن يُقدِّرهم ويحبّونه ويوقرونه بالمقابل لأنه باحترامه لهم اشترى قلوبهم كما اشترى مودتهم وحبهم ومودةُ الله سبحانه قبل ذلك(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) بالحديث "أتي الله -تعالى- بعبد من عباده آتاه الله مالاً، فقال له.. ماذا عملت في الدنيا؟ قال.. ولا يكتمون الله حديثا، قال.. يا رب آتيتني مالك فكنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز (التجاوز عن العباد) فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر، فقال تعالى.. "أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي" (رواه مسلم ..والتعاون على البر والتقوى معنى عبادة واحترام وتقدير وحفظُ الأمانةِ للودائع والحديث احترامٌ وتقدير وسترُ العورات وإعطاء الفرص للمخطئين والترفع عن الخصام ومراعاة مشاعر الآخرين تقديرٌ واحترامٌ والالتزام بالموعد والعهد..والانضباطُ بالأنظمة وحمايةُ البيئة والنظافة احترامٌ وتقديرٌ يؤيده الشرع الحنيف ودين رب العالمين.
أيها الإخوة في الله.. إن احترام الناس وتوقيرهم يكون بالأناة بالكلام، والتواضع لهم، والاهتمام بهم، وقبول اعتذارهم، وتقدير ظروفهم، والتجاوز عن أخطائهم،وجميل النقاش وحُسن الاستماع لهم وأكثرُ الناس في هذا الزمان ضعفت فيهم العزائم، وخارت لديهم الهمم، وتلاشت بعض الأخلاق،واغتروا بالدنيا،وتغيّرت لديهم المفاهيم في وسائل التواصل وحوارتها وما يخالف به الدين والقيم والأنظمة وما تعارف الناس عليه ثم يُجاهرون به وكلُّ ذلك يدلُّ على عدم احترامٍ ولا تقدير لدين الله قبل كل شيء وأوامره ونواهيه ولا لقيم الناس وعاداتهم والعقوبة من الله سببٌ للسكوت عن مثل هؤلاء ولذلك لابد أن يكون النظامُ رادعاً كما رأينا لأنَّ المتجاوزون بالفسق سبب لحصول الشرور..اللهم جملنا بحسن الخلق ولين الجانب وحلاوة اللسان وحسن بيان.. أقول ما تسمعون
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
أيها المسلمون.. ما أحوجنا لهذا الخلق الكريم، فكم جلب الاحترام من المودات والمحبة والتوادد والثمرات اليانعات؟وكم وجد المرء من الرتب والمقامات الحسِّيةِ والمعنويَّةِ بسبب احترامه وتوقيره للآخرين؟فالناس يُحبون من يُحسنُ إليهم ولو بكلمة طيبة أو ابتسامة صادقة، ولا يحبون من يهينهم ويسيء إليهم ولو كان صاحب حق ومعروف.
إننا مدعوون -معشر المسلمين- لاحترام بعضنا بعضاً، واحترام الآخرين حتى ولو كانوا غير مسلمين، فكثيراً ما يُسلم هؤلاء بسبب احترامهم وأخذهم بالتي هي أحسن، فأحسنوا -رحمكم الله- إلى عباد الله باحترامهم وتوقيرهم، وتحلَّوا بهذا الخلق النبيل وغيره من أخلاق الإسلام، فإن صلاتنا وسائر عباداتنا لربنا عز وجل تدعونا لمثل هذه الأخلاق، ولنا في رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه أسوة حسنة،وفي أصحابه الكرام الذين ضربوا لنا أروع الأمثلة في الأخلاق، وإن المرء ليصغر في عيون الناس وتهبط درجته إذا فقد هذا الخلق بالذات،فإنك ترى الرجل يحمل من المعاني الكثير،ولكنه لا يعرف توقير الناس واحترامهم،والعطف عليهم فتهبط سمعته وتذهب معانيه الكثيرة كأنه لا يساوي شيئاً)وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ(اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق,لا يهدي لأحسنها إلا أنت,واصرف عنا سيئها, لا يصرف عنا سيئها إلا أنت،اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وفقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين،اللهم احفظ لهذه البلاد دينها وأمنها وعزتها وعقيدتها وسيادتها،اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد.
أما بعد..فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن الله تعالى الإنسان مكرما محترما؛ كما قال سبحانه)لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) وقال(وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً)فالإنسانُ بطبيعته وفطرته مخلوقٌ محترم يُحبُّ الاحترام، ويجب أن يُحترمَ، ولا يرضى الإهانة ويأباها مهما كانت..
الإسلامُ دينٌ يَحترمُ الإنسان ويدعو لاحترامه وتكريمه وتقديره حتى في دعوته إلى دين الله تعالى لا يُكرِهُ أحداً في الدخول فيه..وقد أكثر الله في القرآن بيانَ ذلك الاحترام، وحثَّ عليه،ورغَّب فيه،والتحلي بزينته..
الاحترام في الإسلام في المخاطبة؛ مع الغير(وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً) وفيما بين المؤمنين أنفسهم(وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)وفي دعوة الناس للإسلام حتى وهم كفار ملحدون أو مارقون،(ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)وقال عز وجل(وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)وقال تعالى لموسى وهارون -عليهما السلام مع فرعون وهو يدّعي الربوبية (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) وفي الخصومة(ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) لأن أسلوب الاحترام له نتائجُ إيجابية وثمرات طيبة وللإهانة نتائجُ سلبيةٌ مؤسفة،وإذا أراد الله تعالى بعبد خيراً زيَّنَه بخلق الاحترام وتقدير منازل الناس،فتحلى به حتى اشتهر به،وازدان بخلقه..والمرءُ يسعُ الناس بدينه وأخلاقه وليس بماله وأملاكه، واحترام الناس وتوقيرهم أدبٌ رفيع يتحلَّى به الموفقون من عباد الله ويتصف به كبار الهمم،وعالي القمم،الذين ارتفعوا بطاعة ربهم حتى زينهم بها،قد هذَّبهم دينهم، وأدبتهم عباداتهم وصفت قلوبهم،وطهرت سرائرهم، فتواضعوا لله ولانوا لإخوانهم، وحرصوا على هداية الناس.
لقد رأينا سيرةَ سلفٍ صالح باحترامهم للناس أدخلوا الناس في دين الله، وأنقذوهم من النار بتوقير عباد الله،وأعلى مكانتهَم بين عباده، فكانوا مصابيحَ للعباد وسُرُجاً للناس يبصرون بهم بتوفيق الله تعالى طريقَ الهدىَ ودربَ الرشاد،لأنهم اقتدوا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي قال الله له (وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)ويقول له(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ) بأعظم خطبة يوم عرفة في حجة الوداع يبيّن أنه لا فضل على عربي ولا عجمي ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى كلكم لآدم وآدم من تراب
تزين سيد الخلق محمد -عليه الصلاة والسلام- فكان مضربَ الأمثال في احترامه للناس حتى أعجب به أعداؤه قبل أصحابه يتبوّلُ إعرابيٌ في المسجد، فيهمُّ الصحابةُ بضرْبه، والاعتداءِ عليه، فيمنعُهم عليه الصلاة والسلام، ويأمرهم بتركه، حتى يُتمَّ بولَه، ثمَ يناديه ويُعلِّمهُ مكانةَ المسجد ومقامه؛ بأنه لا يصلح إلا للصلاة والذكر وقراءة القرآن، ولا يصلح لمثل فعله ويضرب أبو مسعود البدري غلاماً له فيناديه رسول الله من بعيد مذكراً إياه بقدرة الله عليه وأخذته له على ما يفعل بالعبد،يقول له.. "اعلم أبا مسعود أن الله أقدر عليك منك على هذا الغلام"، يقول ابن مسعود.. فسقط السوط من يدي من هيبته صلى الله عليه وسلمَ متأثرا بما ذكره به، ويقول.. هو حر يا رسول الله، فيقول رسول الله له.. "أما لو لم تفعل للفحتك النار" (رواه مسلم وتموت امرأةٌ سوداء كانت تَقُمُّ المسجدَ وتُنظِّفُه فيدفنُها الصحابة بعد الصلاة عليها، ولم يُعلموه،بموتها،فيعلمُ رسول الله بعد ذلك بموتها،فيقولَ لهم.. "أفلا كنتم آذنتموني؟"فكأنَّهم صَغّروا أمرها، فقال.. "دُلونِي على قبرها"،فصلى عليها،ثم قال.. "إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها، وإن الله -تعالى- ينورها لهم بصلاتي عليهم" (رواه البخاري،ويقول أنس رَضي الله عنه-.. "خدمتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين والله ما قال لي قط.. أف، ولا قال لشيء فعلته.. لم فعلت؟ ولا لشيء لم أفعله.. ألا فعلت كذا؟)متفقٌ عليه ويقول رَضي الله عنه.. "ما شممت عنبراً قط ولا مسكاً ولا شيئاً أطيب من ريح رسول الله ولا مسست قط ديباجاً ولا حريراً ألين مساً من رسول الله".الله أكبر..الله أكبر..هذا رسول الله في تعامله وتقديره واحترامه أفلا نقتدي به؟!
أيها المسلمون.. إن احترام الإنسان للناس وتوقيرَه لهم يرفعُ مقامَه ويُعلي شأنَه عند الله -تعالى- وعند عباده، فالله يُحبُّ من يتَواضعُ لعباده يسعى لتيسير أمورهم، وتسهيل حوائجهم، يقول صلى الله عليه وسلمَ.. "من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرَّج عن مسلم كربةً فرَّج الله عنه بها كربةً من كُربِ يوم القيامة، ومن ستَر مُسلماً ستره الله يوم القيامة" (متفق عليه والناس يرتاحون لمن يُقدِّرهم ويحبّونه ويوقرونه بالمقابل لأنه باحترامه لهم اشترى قلوبهم كما اشترى مودتهم وحبهم ومودةُ الله سبحانه قبل ذلك(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) بالحديث "أتي الله -تعالى- بعبد من عباده آتاه الله مالاً، فقال له.. ماذا عملت في الدنيا؟ قال.. ولا يكتمون الله حديثا، قال.. يا رب آتيتني مالك فكنت أبايع الناس وكان من خلقي الجواز (التجاوز عن العباد) فكنت أيسر على الموسر وأنظر المعسر، فقال تعالى.. "أنا أحق بذا منك تجاوزوا عن عبدي" (رواه مسلم ..والتعاون على البر والتقوى معنى عبادة واحترام وتقدير وحفظُ الأمانةِ للودائع والحديث احترامٌ وتقدير وسترُ العورات وإعطاء الفرص للمخطئين والترفع عن الخصام ومراعاة مشاعر الآخرين تقديرٌ واحترامٌ والالتزام بالموعد والعهد..والانضباطُ بالأنظمة وحمايةُ البيئة والنظافة احترامٌ وتقديرٌ يؤيده الشرع الحنيف ودين رب العالمين.
أيها الإخوة في الله.. إن احترام الناس وتوقيرهم يكون بالأناة بالكلام، والتواضع لهم، والاهتمام بهم، وقبول اعتذارهم، وتقدير ظروفهم، والتجاوز عن أخطائهم،وجميل النقاش وحُسن الاستماع لهم وأكثرُ الناس في هذا الزمان ضعفت فيهم العزائم، وخارت لديهم الهمم، وتلاشت بعض الأخلاق،واغتروا بالدنيا،وتغيّرت لديهم المفاهيم في وسائل التواصل وحوارتها وما يخالف به الدين والقيم والأنظمة وما تعارف الناس عليه ثم يُجاهرون به وكلُّ ذلك يدلُّ على عدم احترامٍ ولا تقدير لدين الله قبل كل شيء وأوامره ونواهيه ولا لقيم الناس وعاداتهم والعقوبة من الله سببٌ للسكوت عن مثل هؤلاء ولذلك لابد أن يكون النظامُ رادعاً كما رأينا لأنَّ المتجاوزون بالفسق سبب لحصول الشرور..اللهم جملنا بحسن الخلق ولين الجانب وحلاوة اللسان وحسن بيان.. أقول ما تسمعون
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
أيها المسلمون.. ما أحوجنا لهذا الخلق الكريم، فكم جلب الاحترام من المودات والمحبة والتوادد والثمرات اليانعات؟وكم وجد المرء من الرتب والمقامات الحسِّيةِ والمعنويَّةِ بسبب احترامه وتوقيره للآخرين؟فالناس يُحبون من يُحسنُ إليهم ولو بكلمة طيبة أو ابتسامة صادقة، ولا يحبون من يهينهم ويسيء إليهم ولو كان صاحب حق ومعروف.
إننا مدعوون -معشر المسلمين- لاحترام بعضنا بعضاً، واحترام الآخرين حتى ولو كانوا غير مسلمين، فكثيراً ما يُسلم هؤلاء بسبب احترامهم وأخذهم بالتي هي أحسن، فأحسنوا -رحمكم الله- إلى عباد الله باحترامهم وتوقيرهم، وتحلَّوا بهذا الخلق النبيل وغيره من أخلاق الإسلام، فإن صلاتنا وسائر عباداتنا لربنا عز وجل تدعونا لمثل هذه الأخلاق، ولنا في رسولنا صلوات ربي وسلامه عليه أسوة حسنة،وفي أصحابه الكرام الذين ضربوا لنا أروع الأمثلة في الأخلاق، وإن المرء ليصغر في عيون الناس وتهبط درجته إذا فقد هذا الخلق بالذات،فإنك ترى الرجل يحمل من المعاني الكثير،ولكنه لا يعرف توقير الناس واحترامهم،والعطف عليهم فتهبط سمعته وتذهب معانيه الكثيرة كأنه لا يساوي شيئاً)وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ(اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق,لا يهدي لأحسنها إلا أنت,واصرف عنا سيئها, لا يصرف عنا سيئها إلا أنت،اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وفقهنا في دينك يا ذا الجلال والإكرام اللهم احفظ بلادنا من كيد الكائدين وعدوان المعتدين،اللهم احفظ لهذه البلاد دينها وأمنها وعزتها وعقيدتها وسيادتها،اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم صلّ وسلم على نبينا محمد.