• ×

11:02 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

زكاةٌ وإحسان

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الْحَمْدُ للهِ مَنَّ عَلَيْنَا بِالأَمْوَالِ وَشَرَعَ لَنَا إِنْفَاقَهَا فِيمَا هُوَ مَصْلَحَةٌ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَوَعَدَنَا عَلَى ذَلِكَ بالْخَلَفَ الْعَاجِلِ فِي الدُّنيَا وَالثَّوَابَ الْجَزِيلَ فِي الأُخْرَى،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ذُو الْجُودِ وَالإِحْسَانِ وَالأَفْضَال،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى الصحب والآل مَا تَعَاقَبَتِ الأَيَّامُ وَاللَّيَال وَسَلِّمْ تَسْلِيمَاً.أَمَّا بَعْدُ..فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ الزَّكَاةَ ثَالِثُ أَرْكَانِ الإِسْلَامِ وَأَحَدُ مَبَانِيهِ العِظَام،شَرَعَهَا اللهُ طُهْرَةٍ لِلْمَالِ وَزَكَاةً لِلنَّفْسِ وَمُواسَاةً لِلْفُقَرَاءِ،قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) وقال الله(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)وفضائلُها عَلَى الْفَرْدِ وَالْمُجْتَمَعِ وَعَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ لا تُحْصَى.وقد ذُكرتْ زكاةُ المالِ في ثلاثين موضعاً في القرآن ..وفَضَائِلُهَا متعدِّدة منها إِتْمَامُ إِسْلَامِ الْعَبْدِ وَكْمَالِه،لِأَنَّهَا أَحَدُ أَرْكَانِ الإسلام قال صلى الله عليه وسلم"بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسَةٍ، عَلَى أَنْ يُوَحَّدَ اللهُ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَصِيَامِ رَمَضَانَ وَالْحَجِّ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ وهي فرق بين الإسلام والكفر(وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ*الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ)وهي سَبَبٌ لِدُخُولِ الجنان..سأل رجلٌ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ..أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ،فأجابه تَعْبُدُ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا،وَتُقِيمُ الصَّلاَةَ،وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ،وَتَصِلُ الرَّحِم(رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ ،وهي دَلِيلُ صِدْقِ إِيمَانِ الْمُزَكِّي،فالْمَالُ مَحْبُوبٌ لِلنُّفُوسِ،وَالْمَحْبُوبُ لا يُبْذَلُ إِلَّا ابْتِغَاءَ مَحْبُوبٍ أَكْثَرَ مِنْهُ، وَلِهَذَا سُمِّيَتِ الزَّكَاةُ صَدَقَةً؛لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِ صَاحِبِهَا،قَالَ اللهُ(إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)وهي تُزَكِّي أَخْلَاقَ صَاحِبِهَا،عن البخل والشح وتعوّده البذلَ والعطاءَ والكرمَ والسخاءَ وتكون سبباً لانشراح الصدر وطيب النفس..
الزكاةٌ سببٌ تكافلي عظيم بالمجتمع والأمة لسدِّ حاجة الفقراء والمساكين وباقي مصارفها الثمانية التي ذُكرت بالقرآن وهي بركةٌ للمال وخلفٌ عاجل في الدنيا وأجرٌ في الآخرة(وَمَا أَنفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ)
الزكاةُ إخوتي نماءٌ وطهارةٌ ونقاءٌ وهي حقٌ مالي لله في زمنٍ مخصوصٍ،على وجهٍ مخصوصٍ وبنِصَابٍ مُحدَّد. ونسبةُ إخراج فرضِها في الشرع ربعُ العشرِ خلافاً لمبالغة المبتدعةِ الرافضةِ بأخذِ الخُمس..وبعضُ الناس يتساهلونَ في أداءِ الزكاةِ،فيؤخِّرونَها بلا سبب،أو يُطفِّفون ويُخرجون أقلَّ من الواجبِ عليهم،أو يتحايلون عليها بل إنَّ بعضهم لا يؤدّون زكاةَ أموالهم مُطلقا -عياذاً بالله-وكأنهم ما سمعوا(وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)وما سمعوا قول تعالى(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ*يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)وقال صلى الله عليه وسلم"..من آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته؛مُثِّل له يومَ القيامة شُجاعًا أقرع "له زبيبتان يطوقه يوم القيامة،ثم يأخذ بلهزمتيه-أي شدقيه-ثم يقول..أنا مالكُ،أنا كنزُك رواه البخاري نسأل الله أن ينجينا من عذابه ويُخلّص ذممنا من حقوقه وحقوقِ عباده..وهناك أحكامٌ فقهيةٌ للزكاة في الأموال والأنعام والثمار وغيرها ينبغي للمزكيّ أن يعرفها أو يسأل عنها أهلَ العلم فهي متنوعةٌ تحتاج لتعليمٍ وبيان..
أيها الأحبة..الزكاةُ لا تنفع،ولا تبرأ بها الذمة،حتى يخرجها الإنسان على وجهٍ مشروع،وهي تصرف في المواضع الذي وضعها الله فيه،وهم أصناف ثمانية ذكرها الله(إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرّقَابِ وَٱلْغَـٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) فليست الزكاةُ عباد الله لطلبِ الجاه أو لجلْبِ منفعةٍ من ورائها وليست عادةً يكتسبها الإنسان رغم أنه غيرَ مستحقٍ لها فذلك إثم مبين فمن يَتَكسّبُ من أموال الزكاة أو يأخذُها بغير وجه حقٍّ ويكثرُ من السؤال بدعوى الحاجة ويكذب فحرام عليه وهو يأخذ حراماً بالحديث(من سألَ الناسَ أموالَهم تكثرًا،فإنما يسأل جمرًا؛فليستقل أو ليستكثر)رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم (أيما رجلٌ سأل الناس بغير وجه حقٍّ جاء يوم القيامة وما في وجهه مُزعةُ لحم)متفق عليه واليوم نرى كثرة سؤال إما لغير حاجة أو لكماليات أو تلاعب وتساهل بالديون إلا المحتاج فعلاً الذي يسعد بإعطائه المزكي والمنفق..ومصارف الزكاة في الفقراء وهم الذين لا يجدون ما يكفيهم والمساكين،ممن يجدون بعض كفايتَهم فيحتاجون إكمال ما ينقصهم وأما العاملون عليها،فهم الذين يوكِّلهم الحاكم العام للدولة، بجبايتها من أهلها،وتصريفها إلى مستحقها، وحفظها، وهناك المؤلفةُ قلوبهم،ولهم أحكام خاصة وحِكَماً في الدين لتأليفِ قلوبهم ولدعم الإسلام والداخلين حديثاً كما هو في جمعيات الدعوة وتوعية الجاليات وتصرف الزكاة لفك أسرى من المسلمين أما الصنف السادس فهم الغارمون،بالديون إذا عجزوا عن سدادها ما لم يكن فيها مبالغة أو تلاعب..والصنف السابع في سبيل الله،ويشملُ الجهادَ العسكري لنصرة الإسلام وجهاد العلم والبيان ونشره ودعم دور العلم والدعاة كما بين ذلك العلماء بأنه جهادٌ..وابنُ السبيل، وهو مسافرٌ انقطع به السفر،فيعطى من الزكاة،ما يوصله إلى بلده..وإذا أعطيت زكاتك شخصاً يغلب على ظنك أنه مستحق،فتبين لك فيما بعد أنه غير مستحق، أجزأت عنك،والإثم عليه،حيث أخذ ما لا يستحق..وإذا كان أقاربُك مستحقين للزكاة ومن هذه الأصناف فإنهم أولى بالمعروف..ويجوز أن تدفعها لشخص محتاج للزواج،إذا لم يكن عنده ما يتزوج به..أو لعلاج مريض ورعاية يتيم وتعليم بشرط الفقر ..
أيها المسلمون،ولا زكاة في مال،حتى يحول عليه الحول، فلو تلف المال قبل تمام الحول أو نقص النصاب، فلا زكاة فيه، ولو مات المالك قبل تمام الحول، فلا زكاة عليه ولا على الورثة، فلو ورث الشخص مالاً فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول عنده..نسأل الله جل وعلا أن يعيننا على أداء فروضه والحقوق ويجنبنا البخل والشرك والفسق والعقوق ..أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
بحمد الله تعالى أن مصرف الزكاة قد تنظم الآن عبر الجمعيات الرسميّة المعتمدة المخوّلة من قبل الدولة لاسيما مع عدم معرفة الناس أحوال بعضهم بعضاً ولها جهود جبارة بتنظيم دفع الزكاة والصدقة للمحتاجين وهي ذات أهداف متنوّعة وبرامج مدروسة وأصبحت عبر وسائل التواصل الالكترونية تدفع بكل سهولة وثقة واطمئنان لهذه الجمعيات وهناك المنصات الخيرية التي تبذل لدعم الخير ورفع الفقر في بلدنا مثل منصة إحسان،ومنصة فرجت،ومنصة جود للإسكان والتي بادر ولاة أمرنا وفقهم الله بدعمها والبذل فيها هم والمحسنون من الخيرين تقبل الله منهم فابذلوا الخير عباد الله يخلف الله عليكم بركة وأجراً..
اللهم وفقنا لأداء زكاة أموالنا كاملة طيبة بها نفوسنا واجعلها خالصة لوجهك،وانفعنا بها يوم نلقاك يا أكرم الأكرمين،اللهم وفقنا لما يرضيك،وباعد بيننا وبين ما لا يرضيك،يا أرحم الراحمين تقبل صلاتنا، ودعاءنا،وصيامنا وذكرنا،يا أرحم الراحمين أعنا على ذكرك،وشكرك،وحسن عبادتك، نسألك فعل الخيرات وترك المنكرات،وحب المساكين،اللهم آمنا في الأوطان والدور،وأصلح لنا الأئمة وولاة الأمور،واغفر لنا يا عزيز يا غفور،سبحان ربك رب العزة عما يصفون،وسلام على المرسلين،والحمد لله رب العالمين



 0  0  284

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.