الحمدُ لله خَالقِ الأنَام،حثَّ المُؤمنين على المحبَّة وصِلة الأرحام،وحذَّرهم من التَّدابر والقطيعة والخِصام،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،الملك العلام وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله النبي المصطفى الإمام،عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة والسلام..أما بعد .. فاتقوا الله عباد الله..واعلموا أن القطيعة والشحناء سببٌ لانهيار المجتمعات وكثرة الخلافات بالمجتمع وقد حذَّر ونهى صلى الله عليه وسلم عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء فقال..{لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا وكونوا عباد الله إخواناً ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث}[رواه مسلم]،وقال صلى الله عليه وسلم..{والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا}[رواه مسلم]وسُئل صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟قال..«كل مخموم القلب صدوق اللسان» قالوا..صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟قال..«هو التقي النقي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد»[رواه ابن ماجه]وسلامة الصدر صفةٌ للمؤمن ونعمةٌ تُوهبُ في الجنَّة{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ}هي راحةٌ في الدنيا وغنيمةٌ في الآخرةِ ولمَّا بشَّر صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ أنه من أهل الجنة كان سبب ذلك أنه يبيت كل ليلة وهو لا يجد في نفسه غلاً ولا حسداً على أحد..
عباد الله..العلاقاتُ اليوم أصبحت مهَدَّدةً بالقطيعة لأتفه الأسباب وانتشار الغلِّ والحسد لأبسط الأشياء رغم نصوصٍ كثيرة تحذر من ذلك!!فالبعض يحمل في قلبه غلَّ وحقد على إخوانه دونما سبب يذكر..يغيظه نجاح إخوانه وأصدقائه فيلمز بهم ويُظهر معايبهم ليُرضي نفسَه المريضة..لأجل خلافات لاتساوي يختلفون ويتقاطعون عن بعضهم لسنين لأي أمرٍ تافهٍ يحصلُ بينهم..إننا نساهم في تفريق مجتمعنا وتمزيق أواصر الإخوة بسوء تعاملنا فيما بيننا..سوء ظنٍ واتهام..غيبة ونميمة وبهتان..لا يصدق بعضنا أن يرى على أخيه خطأً حصل فلا يناصحه بالحسنى بل يبادر بفرحةٍ لنشر ذلك الخطأ وفضيحته والاستهزاء به والتشفِّي منه..ليُعين الشيطان عليه لا نتركُ مسلِّماً ولا مُصلِّياً..ولا مسؤولاً ولا دائرةً حكومية ولا جمعيةً خيريةً بالنقد والتجريح والاتهام لأبسط وجهات نظرنا..التي ربما تكون خاطئة وإذا نقدنا نجانب الخُلقَ القويم..والكلام السليم..وإنما سبُّ وطعن في الذمم وتجريح..حتى بعض أهل العلم والفضل والصلاح وروّاد المساجد تجد بين بعضهم خصومةً وقطيعةً وسوءَ ظنٍ وضغينةً ولا حول ولا قوة إلا بالله..فأين هذه الأفعال من خلق الإسلام وتعاليم القرآن..وتوجيه نبينا عليه الصلاة والسلام!؟العجيب أن بعضهم يتورع عن أكل الحرام والنظر الحرام وربما بكّر لصلاة وقيام..وشهد الجنائزَ..ويُقدّمُ الصدقة والصيام لكنه يذهب حسناته بترك قلبه مرتعاً لمهاوي الحقد والحسد والغلِّ والضغينة،والتباغض والقطيعة والبحث عن زللٍ وخطيئة..فأنّى له أن يأتي ربَّه بقلبٍ سليم؟!قال ابن القيم رحمه الله[سلامة القلب بعدم إرادة الشر بعد معرفته،وقصده والعمل به].
أيها الإخوة..الشحناءُ والبغضاء بين أفراد المجتمع المسلم نهى عنها ديننا الحنيف فنهايتُها أليمة وعواقبها وخيمة على الفرد والمجتمع وهي من الشيطان{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}وقال صلى الله عليه وسلم{إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم}رواه مسلم
ومن أسباب التشاحن والتباغض..النميمة يتساهل بها الناس وقد تأتي عرضاً أو مزاحاً بالوشاية بين الناس وتفسد قلوبهم ولو بدون قصد ولذلك ذمّهم الله{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}وقال صلى الله عليه وسلم..«لا يدخل الجنة فتان»وهو النمَّام..أما السببُ العظيم لكثير من الشرور والشحناء فهو تمنِّي زوال النعمة عن صاحبها[الحسد]وفيه تعدٍ وأذى للمسلمين تعوذ الله منه{من شرِّ حاسدٍ إذا حسد}ورسول الله قال«إياكم والحسد، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب»[رواه أبو داود]ينتجُ الغيبةَ والنميمةَ والبهتانَ على المسلمين والظلم والكبر..أما الغضب فهو مفتاح كل شر أوصى صلى الله عليه وسلم رجلاً فقال..«لا تغضب»وردَّدها مرارًا[رواه البخاري]لأنه يُفقد العقلَ ويُخرجُ الإنسان عن طوره ومن قيمه وخلقه..ومن أسباب القطيعة والشحناء كثرةُ المزاح الذي يتساهل به البعض فهو يورث الضغينة ويجر كثيرة إلى القبيح،أما سوءُ استخدام وسائل التواصل فقد ساهم بسرعة النشر لما يُعرض بها مما هبَّ ودبَّ وفيه نيلٌ من الناس واتهام للأعراض..والمسكين ينشر ولا يبالي بما يفعله من شرٍّ ويحصِّله من إثمٍ ولا ما ينتجه من ضررٍ على نفسه وغيره وفي المجتمع سواءً باسمه الصريح أو حين يختفي من الناس باسم مستعار ينال به من الغير والله أعلم به..والبعض يحتجُّ بقطيعته للغير ونيله منهم واتهامٍ وسوءِ ظنه بأن هذه طبيعته وخِلْقته ولا يستطيع تغييرها فيتجنّبُ الصلات ويخسرُ الصداقات ويقطعُ القرابات وعمله غير صحيح..فالواجب عليه تعويدُ نفسه على التحمِّل والصبر خاصةً من قرابته فله في ذلك أجرٌ عظيم حتى مع من يقطعونه وإذا أراد الإنسان أسباباً تعينه في تعامله وحسن ظنه فليُخلص نيَّته لله تبارك وتعالى قال صلى الله عليه وسلم{ثلات لا يَغلُّ عليهنَّ قلبُ مؤمن..إخلاصُ العمل ومناصحة ولاة الأمر،ولزوم جماعة المسلمين}رواه أحمد وابن ماجه
ورضا العبدِ عن ربِّه يجعل قلبه نقيًّا سالماً من الغش والدغل والغل،وتستحيل سلامة القلب مع السَّخَط وعدم الرضا،والإعراضُ عنه ضَنَكٌ وشقاء فالقرآن لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ..{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ}وتذكّرُ الحساب والعقاب يردُّ الإنسانَ للحقِّ ويخوّفه مع معرفة عِظم إثم القطيعة لاسيما قطيعة الأرحام قال صلى الله عليه وسلم..«الرحم معلقة بالعرش تقول..من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله»متفق عليه والقطيعةُ إفسادٌ في الأرض{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }والقطيعةُ والهجران سبب لعدم رفع الأعمال قال صلى الله عليه وسلم {تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء،فيقال أنْظِرُوا هَذيْن حتى يصطلحا}رواه مسلم أما..الدعاء..فعونٌ للعبد لإصلاح دينه وقلبه ويدعو حتى لمن اختلف معه وهذا دأبُ الصالحين{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} يفرحون بالحسنة لإخوانهم ويحزنون لمصابهم وكذلك..الصدقةُ تُطهِّر القلبَ،وتُزكِّي النفس{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}وإفشاءُ السلام سببٌ لنشر المحبّة كما في الحديث وأن تحبَّ لأخيك ما تحبُّ لنفسك وهذا صريح الإيمان ولا تستمع للغيبة والنميمة عن إخوانك ليبقى قلبك سليماً عليهم قال صلى الله عليه وسلم..«لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئًا فإني أُحبُّ أن أخرجَ إليكم وأنا سليم الصدر»[رواه أحمد]واسْعَ في إصلاحِ ذات البين ولو لم تنجح في سعيك فهو خير العبادة{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وقال صلى الله عليه وسلم..«ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟»قالوا..بلى،قال..«إصلاح ذات البين»[رواه أبو داود]ثم بادر أخي للاعتذار والتوضيح إذا أخطأت في حقِّ أقاربك وإخوانك ولا يمنعنّك الكبر وصلابة الرأي عن التراجع والاعتراف بالخطأ والاعتذار عمن أخطأت عليه وظلمته وإذا رأيت من أحدٍ خطأً أو بلغك عنه ما تكره لاتضمره في نفسك وتقاطعه كما يفعل البعض بل صارحه وأبلغه بعتبك فربما فهمت خطأً أو نبهته لفعله وهذه المصارحة لو تعوّدنا عليها لوجدنا راحةً عظيمة في الاعتذار والتوضيح تغنينا عن القطيعة والهجران..والفرقة بين الإخوان..نسأل الله أن يديم المحبة والألفة بيننا..وأن يجنبنا القطيعة والخصومة عندنا أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
صفاءُ النفس وسلامة الصدر من هذه الأمراض والأحقاد والتشاحن والتباغض سبب لمغفرة الله وأنت إذا تأمّلت في أسباب القطيعة تجد أنها أمور لاتساوي شيئا وهي تُفرِّقُ بيننا..والعلاقات تدوم بالتغاضي والتحمّل..وتزدادُ انسجاماً بالتراضي وتجمّل..خاصةً مع أقاربك..لكنها تمرض بالتدقيق وتفشل بالتحقيق..ابتسم لتجاوز الحزن واصبر على الهم..واصمت عن الحماقة..بالكلمة الطيبة ووسّع دائماً صدرك..لا تتكبر ولا تستفز..وانتقد ولا تطعن وتتهم فَرَوْعتكَ بما تتملّك من خلقٍ وقيم..وإذا نال منك أحد لاسيما عبر وسائل التواصل فلا تردَّ عليه فالمشكلة تكبر وإنما اصبر وتحمل وتجاهل..اللهم أصلح فساد قلوبنا وأصلح ذات بيننا وأهدنا سبل السلام..واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار..
عباد الله..العلاقاتُ اليوم أصبحت مهَدَّدةً بالقطيعة لأتفه الأسباب وانتشار الغلِّ والحسد لأبسط الأشياء رغم نصوصٍ كثيرة تحذر من ذلك!!فالبعض يحمل في قلبه غلَّ وحقد على إخوانه دونما سبب يذكر..يغيظه نجاح إخوانه وأصدقائه فيلمز بهم ويُظهر معايبهم ليُرضي نفسَه المريضة..لأجل خلافات لاتساوي يختلفون ويتقاطعون عن بعضهم لسنين لأي أمرٍ تافهٍ يحصلُ بينهم..إننا نساهم في تفريق مجتمعنا وتمزيق أواصر الإخوة بسوء تعاملنا فيما بيننا..سوء ظنٍ واتهام..غيبة ونميمة وبهتان..لا يصدق بعضنا أن يرى على أخيه خطأً حصل فلا يناصحه بالحسنى بل يبادر بفرحةٍ لنشر ذلك الخطأ وفضيحته والاستهزاء به والتشفِّي منه..ليُعين الشيطان عليه لا نتركُ مسلِّماً ولا مُصلِّياً..ولا مسؤولاً ولا دائرةً حكومية ولا جمعيةً خيريةً بالنقد والتجريح والاتهام لأبسط وجهات نظرنا..التي ربما تكون خاطئة وإذا نقدنا نجانب الخُلقَ القويم..والكلام السليم..وإنما سبُّ وطعن في الذمم وتجريح..حتى بعض أهل العلم والفضل والصلاح وروّاد المساجد تجد بين بعضهم خصومةً وقطيعةً وسوءَ ظنٍ وضغينةً ولا حول ولا قوة إلا بالله..فأين هذه الأفعال من خلق الإسلام وتعاليم القرآن..وتوجيه نبينا عليه الصلاة والسلام!؟العجيب أن بعضهم يتورع عن أكل الحرام والنظر الحرام وربما بكّر لصلاة وقيام..وشهد الجنائزَ..ويُقدّمُ الصدقة والصيام لكنه يذهب حسناته بترك قلبه مرتعاً لمهاوي الحقد والحسد والغلِّ والضغينة،والتباغض والقطيعة والبحث عن زللٍ وخطيئة..فأنّى له أن يأتي ربَّه بقلبٍ سليم؟!قال ابن القيم رحمه الله[سلامة القلب بعدم إرادة الشر بعد معرفته،وقصده والعمل به].
أيها الإخوة..الشحناءُ والبغضاء بين أفراد المجتمع المسلم نهى عنها ديننا الحنيف فنهايتُها أليمة وعواقبها وخيمة على الفرد والمجتمع وهي من الشيطان{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا}وقال صلى الله عليه وسلم{إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم}رواه مسلم
ومن أسباب التشاحن والتباغض..النميمة يتساهل بها الناس وقد تأتي عرضاً أو مزاحاً بالوشاية بين الناس وتفسد قلوبهم ولو بدون قصد ولذلك ذمّهم الله{هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ}وقال صلى الله عليه وسلم..«لا يدخل الجنة فتان»وهو النمَّام..أما السببُ العظيم لكثير من الشرور والشحناء فهو تمنِّي زوال النعمة عن صاحبها[الحسد]وفيه تعدٍ وأذى للمسلمين تعوذ الله منه{من شرِّ حاسدٍ إذا حسد}ورسول الله قال«إياكم والحسد، فإنه يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب»[رواه أبو داود]ينتجُ الغيبةَ والنميمةَ والبهتانَ على المسلمين والظلم والكبر..أما الغضب فهو مفتاح كل شر أوصى صلى الله عليه وسلم رجلاً فقال..«لا تغضب»وردَّدها مرارًا[رواه البخاري]لأنه يُفقد العقلَ ويُخرجُ الإنسان عن طوره ومن قيمه وخلقه..ومن أسباب القطيعة والشحناء كثرةُ المزاح الذي يتساهل به البعض فهو يورث الضغينة ويجر كثيرة إلى القبيح،أما سوءُ استخدام وسائل التواصل فقد ساهم بسرعة النشر لما يُعرض بها مما هبَّ ودبَّ وفيه نيلٌ من الناس واتهام للأعراض..والمسكين ينشر ولا يبالي بما يفعله من شرٍّ ويحصِّله من إثمٍ ولا ما ينتجه من ضررٍ على نفسه وغيره وفي المجتمع سواءً باسمه الصريح أو حين يختفي من الناس باسم مستعار ينال به من الغير والله أعلم به..والبعض يحتجُّ بقطيعته للغير ونيله منهم واتهامٍ وسوءِ ظنه بأن هذه طبيعته وخِلْقته ولا يستطيع تغييرها فيتجنّبُ الصلات ويخسرُ الصداقات ويقطعُ القرابات وعمله غير صحيح..فالواجب عليه تعويدُ نفسه على التحمِّل والصبر خاصةً من قرابته فله في ذلك أجرٌ عظيم حتى مع من يقطعونه وإذا أراد الإنسان أسباباً تعينه في تعامله وحسن ظنه فليُخلص نيَّته لله تبارك وتعالى قال صلى الله عليه وسلم{ثلات لا يَغلُّ عليهنَّ قلبُ مؤمن..إخلاصُ العمل ومناصحة ولاة الأمر،ولزوم جماعة المسلمين}رواه أحمد وابن ماجه
ورضا العبدِ عن ربِّه يجعل قلبه نقيًّا سالماً من الغش والدغل والغل،وتستحيل سلامة القلب مع السَّخَط وعدم الرضا،والإعراضُ عنه ضَنَكٌ وشقاء فالقرآن لِلَّذِينَ آَمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ..{يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ}وتذكّرُ الحساب والعقاب يردُّ الإنسانَ للحقِّ ويخوّفه مع معرفة عِظم إثم القطيعة لاسيما قطيعة الأرحام قال صلى الله عليه وسلم..«الرحم معلقة بالعرش تقول..من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله»متفق عليه والقطيعةُ إفسادٌ في الأرض{ فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ }والقطيعةُ والهجران سبب لعدم رفع الأعمال قال صلى الله عليه وسلم {تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيغفر الله لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء،فيقال أنْظِرُوا هَذيْن حتى يصطلحا}رواه مسلم أما..الدعاء..فعونٌ للعبد لإصلاح دينه وقلبه ويدعو حتى لمن اختلف معه وهذا دأبُ الصالحين{وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} يفرحون بالحسنة لإخوانهم ويحزنون لمصابهم وكذلك..الصدقةُ تُطهِّر القلبَ،وتُزكِّي النفس{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}وإفشاءُ السلام سببٌ لنشر المحبّة كما في الحديث وأن تحبَّ لأخيك ما تحبُّ لنفسك وهذا صريح الإيمان ولا تستمع للغيبة والنميمة عن إخوانك ليبقى قلبك سليماً عليهم قال صلى الله عليه وسلم..«لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئًا فإني أُحبُّ أن أخرجَ إليكم وأنا سليم الصدر»[رواه أحمد]واسْعَ في إصلاحِ ذات البين ولو لم تنجح في سعيك فهو خير العبادة{فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وقال صلى الله عليه وسلم..«ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟»قالوا..بلى،قال..«إصلاح ذات البين»[رواه أبو داود]ثم بادر أخي للاعتذار والتوضيح إذا أخطأت في حقِّ أقاربك وإخوانك ولا يمنعنّك الكبر وصلابة الرأي عن التراجع والاعتراف بالخطأ والاعتذار عمن أخطأت عليه وظلمته وإذا رأيت من أحدٍ خطأً أو بلغك عنه ما تكره لاتضمره في نفسك وتقاطعه كما يفعل البعض بل صارحه وأبلغه بعتبك فربما فهمت خطأً أو نبهته لفعله وهذه المصارحة لو تعوّدنا عليها لوجدنا راحةً عظيمة في الاعتذار والتوضيح تغنينا عن القطيعة والهجران..والفرقة بين الإخوان..نسأل الله أن يديم المحبة والألفة بيننا..وأن يجنبنا القطيعة والخصومة عندنا أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
صفاءُ النفس وسلامة الصدر من هذه الأمراض والأحقاد والتشاحن والتباغض سبب لمغفرة الله وأنت إذا تأمّلت في أسباب القطيعة تجد أنها أمور لاتساوي شيئا وهي تُفرِّقُ بيننا..والعلاقات تدوم بالتغاضي والتحمّل..وتزدادُ انسجاماً بالتراضي وتجمّل..خاصةً مع أقاربك..لكنها تمرض بالتدقيق وتفشل بالتحقيق..ابتسم لتجاوز الحزن واصبر على الهم..واصمت عن الحماقة..بالكلمة الطيبة ووسّع دائماً صدرك..لا تتكبر ولا تستفز..وانتقد ولا تطعن وتتهم فَرَوْعتكَ بما تتملّك من خلقٍ وقيم..وإذا نال منك أحد لاسيما عبر وسائل التواصل فلا تردَّ عليه فالمشكلة تكبر وإنما اصبر وتحمل وتجاهل..اللهم أصلح فساد قلوبنا وأصلح ذات بيننا وأهدنا سبل السلام..واكفنا شر الأشرار وكيد الفجار..