الحمدُ لله علاّمِ الغيوب،وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له،المطلع على القلوب،وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسوله،صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابه وسلّم تسليمًا كثيراً. أما بعد:فاتقوا الله عباد الله..
قال صلى الله عليه وسلم تُعْرضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا،فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا،نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ،وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا،نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ،حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ؛ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا،فَلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَادَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ،وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا،كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا،لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا،وَلا يُنْكِرُ مُنْكَرًا،إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)رواه مسلم.
أيها المؤمنون القلوبُ أصلُ الأعمال،والجوارِحُ تابعةٌ لها ومعتمِدةٌ عليها،وأعمالُ القلوبِ مِن أهمِّ الواجبات وأعظمِ القرُبات،وأفضلِ الأعمال،وهي واجبةٌ مطلوبة كلَّ وقت وعلى كل أحد، هي آكَدُ شُعَبِ الإيمان..وصلاحُ الجسَدِ مرتبِطٌ بصلاحِ القلب(ألا وإنَّ في الجسد مضغةً،إذا صلَحت صلَح الجسدُ كلّه،وإذا فسَدت فسد الجسد كلّه،ألا وهي القلب)إنَّ عبوديّةَ القلبِ أعظمُ من عبوديّة الجوارح وأكثرُ وأدوَم،فإذا كان القلبُ سليمًا عامِرًا بمحبّة الله وخشيته، صلُحت حركاتُ جوارِحه كلِّها..بل إن عمل القلب أهم!!فالمنافقُ يُصلِّي وينفقُ مالَه في سبيل البرِّ وربَّما جاهد مع المسلمين كما ذُكر عنهم في القرآن،ومع هذا فهو في الدركِ الأسفلِ من النار عياذاً بالله..قال صلى الله عليه وسلم(لا يستقيمُ إيمانُ عبد حتى يستقيمَ قلبُه)رواه أحمد وفي حديثٍ آخر قال صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللهَ لا ينظرُ إلى صورِكم وأموالكم،ولكن ينظرُ إلى قلوبِكم وأعمالكم)وقال الحسن البصري لرجل:"داوِ قلبك،فإنّ حاجةَ اللهِ إِلى العبادِ صَلاحُ قلوبهم"..
عباد الله..في عصرِ القسوةِ والغفلةِ،وحبِّ الدنيا والمجاهرة بالذنوب في عصر التخوّفات من ضعف الحال وقلة المال فالملجأُ في صلاح القلوب لتستقيمَ النفوسُ وتزكوَ، والإنسانُ عندَ الانقطاعِ من الدنيا وكِبْرِ السنِّ ودنوِّ الأَجلِ يُغلَّبُ جانبَ الرجاءِ ففي الحديث(لا يمُتْ أحدكم إلا وهو يُحسنُ الظنَّ بربه)وحسنُ أداء العبادات علاجٌ نفسيٌّ وحَلٌّ..وملجأٌ ربانيٌّ يثبِّتُ الإنسانَ في الأزمات..يقول صلى الله عليه وسلم(العبادةُ في الهَرج[أي زمن الفتن] كهجرةٍ إلي) رواه مسلم،والرجاءُ قائدٌ للعبدِ إلى مرضاةِ الله وثوابه،وباعِثٌ للهِمَمِ إِلى صالح الأعمال..
أما جانبُ الخوفِ فهو حضور القلبِ الدائم،وتوقُّعُ عقوبةِ الله على فعلٍ محرَّم أو تركِ واجبٍ،فتنزجِرَ النفسُ عن المحرّمات،وتسارعُ إلى الخيراتِ،فالخشيةُ خوفٌ من الله مع عِلمٍ بصفاته(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)وفي الصحيح أنّه قال صلى الله عليه وسلم
(أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له)..
قال ابنُ القيم رحمَه الله:"على قدرِ العلمِ بالله والمعرفةِ بصفاتهِ يكونُ الخوفُ والخشيةُ من الله تعالى"وبذلك وعد الله الثواب(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جنتان فبأي آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)فمن خاف الله نجّاه من المكروهاتِ وكفَاه ومَنَّ عليه بحسنِ العاقبة .
حتى صحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنهم يحُسنون العمل ومع ذلك يغلبُ عليهم الخوفُ من الله،ويرجونَ رحمةَ الله،ولذلك صَلُحَت حالُهم،وطابَ مآلُهم،وزكَت أعمالُهم.
والخوفُ المحمود..يُحثّ على العمل الصالح ويمنَعُ من المحرَّمات،فإذا زاد الخوفُ عن حدّه صارَ يأسًا وقنوطًا من رحمةِ الله،وذلك من كبائر الذنوب..فالمسلمُ دائماً بين مخافتين:{أجلٌ مَضى لا يدري ما اللهُ صانعٌ فيه،وأجلٌ قد بَقَى لا يدري ما اللهُ قاضٍ فيه}والرجاءُ وسيلةٌ إلى الله،والله عند حسن ظن عبده به،وأكملُ أحوالِ العبد محبّةُ الله تعالى مع اعتدالِ الخوف والرجاء،وهذه حالُ الأنبياء(فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)
وفي القرآن جمع الله بين المغفرة والعذاب كثيراً فقال(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ)ونقلَ الغزاليُّ رحمه الله عن مكحولٍ الدمشقيّ قال"من عبدَ الله بالخوفِ وحدَه فهو حَروري (أي من الخوارج) ومن عبدَه بالرجاءِ فهو مُرجئيّ،ومن عبدَه بالمحبّةِ فهو زِنديق،وأما من عبَدَه بالخوفِ والرجاءِ والمحبّةِ فهو مُوحِّد سنيّ" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ)اللهم اجعلنا منك خائفين،ولرحمتك راجين،وعليك متوكلين يا أرحم الراحمين..أقول ما تسمعون ..
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
أما بعد فاتقوا الله عباد الله،وارجو ثوابَه،واخشَوا عقابه..
أعمالُ القلوبِ من أُصولِ الإيمان وقواعدِ الدين،مثلُ محبة اللهِ ورسولهِ والتوكلِ على اللهِ وإخلاصُ الدينِ للهِ،والشكر له والصبرِ على حُكمِه،والخوفِ منه والرجاءِ له،وهذه الأعمالُ جميعُها واجبةٌ على جميعِ الخلق باتفاق أئمة الدين..والفرق بينها وبين أعمال الجوارح أن لا أحداً يراها ويطلع عليها إلا خالق قلبك-إلا الله سبحانه وتعالى-هو المطلع على أعمال قلوبنا..ولا يعني الاهتمامُ بأعمال القلوب أن يفهَم بعضُ الناس إهمالَ العباداتِ والتقصيرَ فيها فأعمالُ الجوارحِ مصدقةٌ لأعمالِ القلوب..
ومن أجلِّ أعمالِ القلوب الإخلاصُ لله تعالى،فهو حقيقةُ الدين ومفتاحُ دعوة المرسلين(وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ حُنَفَاء)وفي الحديث القدسي قال الله(أنا أغنى الشركاء عن الشرك،من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشِرْكَه)وإخلاصُ العمل لله ينفعُ صاحبَه ولو كان قليلاً..أما العبادات بدونِ إخلاصٍ وصدقٍ مع الله و متابعةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهي هباءٌ لا قيمةَ لها،ولا تنفع صاحبها نسأل الله دوماً في عبادتنا حسن النية والقصد..
عبدَ الله. أصلحْ قلبَك يزينُ عملَك احرص على أن تكون عبادتُك خالصةً لوجه الله،فإذا فَقَدَتْ الإخلاص كانت هباءً منثوراً..ولذلك أول الناس عذاباً يوم القيامة كما بالحديث الصحيح مجاهد استشهد ليُقال عنه شهيد وعالم وقارئ ليُقال عنه عالم ومَن أنفق ماله ليُقال عنه مٌتصدِّق عرّفهم الله بذلك فدخلوا النارَ نسأل الله السلامة والعافية..
فأكثروا من التوبة والاستغفار عباد الله حتى مع العودة للذنوب فإن التوبةَ تجلو القلبَ،وتزيلُ عنه أوضارَ المعاصي والسيئات،في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر قال(إنه ليُغانُ على قلبي،وإني لأستغفرُ الله في اليوم مائة مرة)رواه مسلم(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)انكسروا وانطرحوا دوماً بين يدي الله حتى مع التقصير والجأوا إليه بالتوبة والاستغفار فذلك أعظمُ العبادات ..اللهم أصلح فساد قلوبنا وأخلص لك نياتنا واجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم لقائك واجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين..اللهم انصر جندنا المرابطين ووفق للخير ولاة أمور المسلمين..اللهم أدم علينا نعمة الاستقرار والإيمان والأمان
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،
قال صلى الله عليه وسلم تُعْرضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا،فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا،نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ،وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا،نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ،حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ؛ عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا،فَلا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَادَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ،وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا،كَالْكُوزِ مُجَخِّيًا،لا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا،وَلا يُنْكِرُ مُنْكَرًا،إِلا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ)رواه مسلم.
أيها المؤمنون القلوبُ أصلُ الأعمال،والجوارِحُ تابعةٌ لها ومعتمِدةٌ عليها،وأعمالُ القلوبِ مِن أهمِّ الواجبات وأعظمِ القرُبات،وأفضلِ الأعمال،وهي واجبةٌ مطلوبة كلَّ وقت وعلى كل أحد، هي آكَدُ شُعَبِ الإيمان..وصلاحُ الجسَدِ مرتبِطٌ بصلاحِ القلب(ألا وإنَّ في الجسد مضغةً،إذا صلَحت صلَح الجسدُ كلّه،وإذا فسَدت فسد الجسد كلّه،ألا وهي القلب)إنَّ عبوديّةَ القلبِ أعظمُ من عبوديّة الجوارح وأكثرُ وأدوَم،فإذا كان القلبُ سليمًا عامِرًا بمحبّة الله وخشيته، صلُحت حركاتُ جوارِحه كلِّها..بل إن عمل القلب أهم!!فالمنافقُ يُصلِّي وينفقُ مالَه في سبيل البرِّ وربَّما جاهد مع المسلمين كما ذُكر عنهم في القرآن،ومع هذا فهو في الدركِ الأسفلِ من النار عياذاً بالله..قال صلى الله عليه وسلم(لا يستقيمُ إيمانُ عبد حتى يستقيمَ قلبُه)رواه أحمد وفي حديثٍ آخر قال صلى الله عليه وسلم (إنَّ اللهَ لا ينظرُ إلى صورِكم وأموالكم،ولكن ينظرُ إلى قلوبِكم وأعمالكم)وقال الحسن البصري لرجل:"داوِ قلبك،فإنّ حاجةَ اللهِ إِلى العبادِ صَلاحُ قلوبهم"..
عباد الله..في عصرِ القسوةِ والغفلةِ،وحبِّ الدنيا والمجاهرة بالذنوب في عصر التخوّفات من ضعف الحال وقلة المال فالملجأُ في صلاح القلوب لتستقيمَ النفوسُ وتزكوَ، والإنسانُ عندَ الانقطاعِ من الدنيا وكِبْرِ السنِّ ودنوِّ الأَجلِ يُغلَّبُ جانبَ الرجاءِ ففي الحديث(لا يمُتْ أحدكم إلا وهو يُحسنُ الظنَّ بربه)وحسنُ أداء العبادات علاجٌ نفسيٌّ وحَلٌّ..وملجأٌ ربانيٌّ يثبِّتُ الإنسانَ في الأزمات..يقول صلى الله عليه وسلم(العبادةُ في الهَرج[أي زمن الفتن] كهجرةٍ إلي) رواه مسلم،والرجاءُ قائدٌ للعبدِ إلى مرضاةِ الله وثوابه،وباعِثٌ للهِمَمِ إِلى صالح الأعمال..
أما جانبُ الخوفِ فهو حضور القلبِ الدائم،وتوقُّعُ عقوبةِ الله على فعلٍ محرَّم أو تركِ واجبٍ،فتنزجِرَ النفسُ عن المحرّمات،وتسارعُ إلى الخيراتِ،فالخشيةُ خوفٌ من الله مع عِلمٍ بصفاته(إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)وفي الصحيح أنّه قال صلى الله عليه وسلم
(أما إني أخشاكم لله وأتقاكم له)..
قال ابنُ القيم رحمَه الله:"على قدرِ العلمِ بالله والمعرفةِ بصفاتهِ يكونُ الخوفُ والخشيةُ من الله تعالى"وبذلك وعد الله الثواب(وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جنتان فبأي آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)فمن خاف الله نجّاه من المكروهاتِ وكفَاه ومَنَّ عليه بحسنِ العاقبة .
حتى صحابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنهم يحُسنون العمل ومع ذلك يغلبُ عليهم الخوفُ من الله،ويرجونَ رحمةَ الله،ولذلك صَلُحَت حالُهم،وطابَ مآلُهم،وزكَت أعمالُهم.
والخوفُ المحمود..يُحثّ على العمل الصالح ويمنَعُ من المحرَّمات،فإذا زاد الخوفُ عن حدّه صارَ يأسًا وقنوطًا من رحمةِ الله،وذلك من كبائر الذنوب..فالمسلمُ دائماً بين مخافتين:{أجلٌ مَضى لا يدري ما اللهُ صانعٌ فيه،وأجلٌ قد بَقَى لا يدري ما اللهُ قاضٍ فيه}والرجاءُ وسيلةٌ إلى الله،والله عند حسن ظن عبده به،وأكملُ أحوالِ العبد محبّةُ الله تعالى مع اعتدالِ الخوف والرجاء،وهذه حالُ الأنبياء(فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)
وفي القرآن جمع الله بين المغفرة والعذاب كثيراً فقال(وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ)ونقلَ الغزاليُّ رحمه الله عن مكحولٍ الدمشقيّ قال"من عبدَ الله بالخوفِ وحدَه فهو حَروري (أي من الخوارج) ومن عبدَه بالرجاءِ فهو مُرجئيّ،ومن عبدَه بالمحبّةِ فهو زِنديق،وأما من عبَدَه بالخوفِ والرجاءِ والمحبّةِ فهو مُوحِّد سنيّ" أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ)اللهم اجعلنا منك خائفين،ولرحمتك راجين،وعليك متوكلين يا أرحم الراحمين..أقول ما تسمعون ..
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
أما بعد فاتقوا الله عباد الله،وارجو ثوابَه،واخشَوا عقابه..
أعمالُ القلوبِ من أُصولِ الإيمان وقواعدِ الدين،مثلُ محبة اللهِ ورسولهِ والتوكلِ على اللهِ وإخلاصُ الدينِ للهِ،والشكر له والصبرِ على حُكمِه،والخوفِ منه والرجاءِ له،وهذه الأعمالُ جميعُها واجبةٌ على جميعِ الخلق باتفاق أئمة الدين..والفرق بينها وبين أعمال الجوارح أن لا أحداً يراها ويطلع عليها إلا خالق قلبك-إلا الله سبحانه وتعالى-هو المطلع على أعمال قلوبنا..ولا يعني الاهتمامُ بأعمال القلوب أن يفهَم بعضُ الناس إهمالَ العباداتِ والتقصيرَ فيها فأعمالُ الجوارحِ مصدقةٌ لأعمالِ القلوب..
ومن أجلِّ أعمالِ القلوب الإخلاصُ لله تعالى،فهو حقيقةُ الدين ومفتاحُ دعوة المرسلين(وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدّينَ حُنَفَاء)وفي الحديث القدسي قال الله(أنا أغنى الشركاء عن الشرك،من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري تركته وشِرْكَه)وإخلاصُ العمل لله ينفعُ صاحبَه ولو كان قليلاً..أما العبادات بدونِ إخلاصٍ وصدقٍ مع الله و متابعةٍ لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهي هباءٌ لا قيمةَ لها،ولا تنفع صاحبها نسأل الله دوماً في عبادتنا حسن النية والقصد..
عبدَ الله. أصلحْ قلبَك يزينُ عملَك احرص على أن تكون عبادتُك خالصةً لوجه الله،فإذا فَقَدَتْ الإخلاص كانت هباءً منثوراً..ولذلك أول الناس عذاباً يوم القيامة كما بالحديث الصحيح مجاهد استشهد ليُقال عنه شهيد وعالم وقارئ ليُقال عنه عالم ومَن أنفق ماله ليُقال عنه مٌتصدِّق عرّفهم الله بذلك فدخلوا النارَ نسأل الله السلامة والعافية..
فأكثروا من التوبة والاستغفار عباد الله حتى مع العودة للذنوب فإن التوبةَ تجلو القلبَ،وتزيلُ عنه أوضارَ المعاصي والسيئات،في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد البشر قال(إنه ليُغانُ على قلبي،وإني لأستغفرُ الله في اليوم مائة مرة)رواه مسلم(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)انكسروا وانطرحوا دوماً بين يدي الله حتى مع التقصير والجأوا إليه بالتوبة والاستغفار فذلك أعظمُ العبادات ..اللهم أصلح فساد قلوبنا وأخلص لك نياتنا واجعل خير أعمالنا خواتمها وخير أيامنا يوم لقائك واجعل آخر كلامنا من الدنيا لا إله إلا الله وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين..اللهم انصر جندنا المرابطين ووفق للخير ولاة أمور المسلمين..اللهم أدم علينا نعمة الاستقرار والإيمان والأمان
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،