• ×

10:54 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

خير أيامكم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله رب العالمين،شرع لعباده الجمع والجماعات،تطهيراً للسيئات ورفعةً للدرجات،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الأسماء والصفات وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أنزل عليه الآيات البيانات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً..أما بعد..فاتقوا الله عباد الله و توبوا إليه واعلموا أنَّ الله فضَّل بعضَ الشهورِ والأيامِ على بعضٍ،وجعلَ مواسمَ وأعياداً اصطفاءً منه وتكريمًا)وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ(وإن الله تعالى قد جعل للمسلمينَ من أيامِ الدنيا ثلاثةَ أعيادٍ،عيدان في كل عام وهما..عيد الفطر وعيد الأضحى،وعيد يتكرر كلَّ أسبوع،وهو يوم الجمعة الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم..(إنه يومُ عيد، فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبلَه أو بعدَه)ويومُ الجمعةِ نهاية الأسبوعِ..شرّفه الله وفضله واصطفاه من الأيام..وفضله على ما سواه من الأزمان،وخصَّ الله به أمة الإسلام،ضلَّت عنه اليهود والنصارى وهدى الله تعالى إليه أمة الإسلام وهو الجمعة قال صلى الله عليه وسلم (أضَلَّ اللهُ عن يوم الجمعة من كان قبلنا،فكان لليهود يومُ السبت،وللنصارى الأحد،فجاء بنا فهدانا الله ليوم الجمعة،فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبَعٌ لنا يوم القيامة)رواه مسلم..وقال صلى الله عليه وسلم..(نحن الآخِرونَ السابقونَ يوم القيامة، بَيدَ أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا،وأوتيناه من بعدهم,هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له،فهم لنا فيه تبع،فاليهود غدًا،والنصارى بعد غد)متفق عليه.
يوم الجمعة(خير يوم طلعت فيه الشمس،فيه خُلق آدم عليه السلام وفيه أدخل الجنة،وفيه أخرج منها،ولا تقوم الساعة إلا فيه)رواه مسلم وفيه يُبعَثُ الناس إلى منازلهم من جنة أو نار،قال صلى الله عليه وسلم..(خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة)إلى أن قال..(وما من دابة إلا وهي مُصيخةٌ يوم الجمعة،من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقاً من الساعة،إلا الجن والإنس)متفق عليه.
ومن أَجَلِّ خصائصِه صلاةُ الجمعة، فهي أعظمُ الصلوات قدرًا،وآكدها فرضًا،وأكثرها ثوابًا،ولذلك أولاها الإسلام مزيد عنايةٍ،ورعاية فحث على الاغتسال لها،والتنظف والتطيب والخروج إليها بأحسن لباس وأكمل هيئة، والتبكير في الخروج إليها والدنوِّ من الإمام،واستجماع القلب للاستماع للموعظة والذكر. قال عليه الصلاة والسلام..(إن يوم الجمعة سيدُ الأيام،وأعظمها عند الله،فيه خمسُ خلال..خلق الله عز وجل فيه آدم،وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض،وفيه توفى الله آدم،وفيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئًا إلا أعطاه ما لم يسأل حرامًا،وفيه تقوم الساعة،ما من ملَك مقرب،ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة)رواه أحمد وابن ماجة قال صلى الله عليه وسلم قال..(احضروا الجمعة، وادنوا من الإمام، فإن الرجل ما يزال يتباعد حتى يُؤخَّرَ في الجنة وإن دخلها)
ومن فضائل هذا اليوم أن فيه ساعة الإجابة،قوله صلى الله عليه وسلم..(إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يُصلِّي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إيَّاه)وقال بيده يقلِّلُها متفق عليه..وفي رواية لمسلم أن وقتها بعد العصر قبل المغرب.وقيل أنها عند دخول الإمام لصلاة الجمعة.وفي فضل الجمعة كذلك بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم..(أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة)..وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيمُ هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات،ومنها قراءة سورة الكهف التي تحمي من الدجال،وهي نورٌ بين الجمعتين كما أوصى صلى الله عليه وسلم بكثرة الصلاة عليه في يوم الجمعة وفي ليلته،فقال..(أكثروا من الصلاة عليَّ يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي، قالوا..يا رسول الله،وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرِمْتَ؟!فقال..إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)..رواه أبو داوود والنسائي..وقال ابن القيم رحمه الله تعالى..فمِن شُكره صلى الله عليه وسلم وأداء قليل من حقه أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته(إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا)اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم..
ومن كبائر الذنوب أن يتخلَّف المسلم عن حضور صلاة الجمعة هذا اليوم من غير عذر شرعي،فقد شدّد صلى الله عليه وسلم في التحذير من ذلك مبينًا أنّ من فعل ذلك فقد عرّض نفسه للغفلة عن الله ويُطبعُ على قلبه،قال صلى الله عليه وسلم(لينتهين أقوامٌ عن ودْعهم الجمع والجماعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم ثم ليكونُنَّ من الغافلين)،رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام..(من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه)ولهذا الوعيد فالاهتمامُ بها والحرص عليها من علامات الإيمان،والتخلف عن أدائها والتهاون فيها من علامات النفاق ومما يؤسف له أن ترى بعض الشباب يتهاون بعدم حضورها أو التأخر حتى لا يدرك ركعاتها والنوم عنها لاسيما في الإجازات.
ويُستثنى من إجابة نداء الجمعة المرأة والصبي والعبد والمريض والمسافر،ويلحق بهؤلاء الأصناف من كان على وظيفة ضرورية،كالطبيب والأمن والحماية،ولكن يتناوبون،حتى لا يفوتهم فضل الجمعة (وصلاة الجمعة كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى،إذا اجتنبت الكبائر)كما في الحديث وندب صلى الله عليه وسلم المسلم للتبكير إليها،لما فيها من الفضل العظيم فقال(من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرّب بدنة،ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة،ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشًا أقرن،ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة،ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة،فإذا دخل الإمام طُويت الصحف وحضرت الملائكة يستمعون الذكر)فلا تفوِّت أخي على نفسك فضلها وبكرّ إليها واحذر من الغفلة عنها،من نوم أو سهر أو جلسات أو أسواق فيتأخر عن الجمعة..
أيها المسلمون يجب أن نعتز بهذا اليوم المبارك يوم الجمعة،وأن تسريَ عظمتُه في قلوبنا،وأن نستغلَّ فضائله العظام وأنه يوم عبادة وعيد وفرح جعله الله لأمة الإسلام،وأن نسعى في تحبيبه لأبنائنا وأهالينا بإدخال السرور عليهم والتيسير عليهم،حتى لا نكون كبعض الناس ممن لم يعرفوا للجمعة قدراً ولا فضلاً،ولا عبادةَ ولا فرضاً،يتضجرون منه،ويعتبرونه يوما بطيئا وثقيلا،وكذلك لأهمية خطبة الجمعة فعلى الأئمة الخطباء الاهتمام بإعدادها وإلقائها واختيار المواضيع المناسبة لهموم الأمة والمجتمع والحذر مما لا يناسب في وقته فخطبة الجمعة والانصات لها مسؤولية عظمى ليست بأيِّ دينٍ من الأديان..يقول ابن القيم رحمه الله.."إن يوم الجمعة هو اليوم الذي يُستحب أن يُتفرّغَ فيه للعبادة،وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور،وساعةُ الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان،ولهذا من صحَّ له يومُ جمعتِه سلمَ له سائرُ أسبوعه،ومن صحَّ له رمضان وسَلِم سَلِمت له سائر سَنَتِه،ومن صحت له حَجَتُه وسَلِمَت له صح له سائرُ عُمرِه،فيوم الجمعة ميزان الأسبوع،ورمضان ميزان العام،والحج ميزان العمر"نسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يحفظنا بحفظه وأن يكلأنا برعايته.(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)أقول ما تسمعون
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
من أحكام الجمعة وصلاتها سنة قراءة سورتي السجدة والإنسان فجر الجمعة أو تكرار سورة الزلزلة حال السفر وكذلك قراءة سورة الجمعة والمنافقون أو سبح والغاشية في صلاة الجمعة..كما أنه لا يجوز الحديث أثناء الخطبة ولا العبث بالجوال فمن مس الحصى فقد لغى ومن قال لأخيه أنصت فقد لغى كما في الحديث. إلا حين يكون الحديث مباشرة مع الإمام لتصحيح خطأ أو طلب..ولا يجوز للداخل إلى المسجد أن يتخطَّى الرقاب،ويُفرِّق بين الجالسين أو يقيم أحداً من مكانه؛ ليجلس هو،قال صلى الله عليه وسلم لايقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالف إلى مقعده، فيقعد فيه، ولكن يقول..افسحوا)رواه مسلم كذلك يلاحظ على كثير ممن يدخل أثناء الأذان للجمعة بعد دخول الخطيب عدم مبادرته تحية المسجد بل ينتظر الآذان وهذا خطأ لأن استماع الخطبة أولى من إجابة المؤذن..ونبهنا لذلك مراراً..وكذلك من يأتون ثم يقفلون بسياراتهم على الآخرين أو الطرقات ويعطلون الناس وهم جاؤوا لطلب الأجر فيكسبون الوزر بفعلهم. ومن أحكام صلاة الجمعة أن من جاء والإمام يصلي فإن أدرك الركوع في الركعة الثانية وإلا فإنه يؤديها ويقضيها ظهراً أربع ركعات لأن كلا الركعتين فاتته وهذا يغفل عنه المتأخرون..وكذلك المسافر إذا نوى حضور الجمعة فالأفضل أن لا يجمع معها صلاة العصر لأنه بحضوره الجمعة نوى الاستيطان كما أفتى بذلك عدد من العلماء..
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يارب العالمين..ووفق ولاة أمور المسلمين وأصلح لهم البطانة وأعنهم على أداء الأمانة..ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم..






 0  0  268

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.