الحمد لله الشافي المعافي وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ما أنزل من داءٍ إلا وأنزل له دواء وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دلَّنا للصبر والاحتساب وفعل الأسباب صلى الله عليه وعلى الآل والأصحاب وسلم تسليماً أما بعد..
فاتقوا الله وبادروا بالتوبة والأوبة من سوء الأحوال بصالح الأعمال يبدّل الله لكم من حالٍ إلى حال قال صلى الله عليه وسلم(بادروا بالأعمال سبعًا، هل تنتظرون إلا فقراً مُنسيًا، أو غنًى مُطغيًا، أو مرضاً مُفسدًا، أو هَرَماً مُفنِّدًا، أو موتاً مُجهِزًا، أو الدجال، فشر غائب ينتظر، أو الساعة، فالساعة أدهى وأمر؟)..أخرجه الترمذي
عباد الله..الأمراض والأوبئة وإن كانت من أحوال الدنيا ففيها ابتلاءٌ واختبارٌ من الله تعالى لعباده ليبلوهم أيهم أحسن عملاً وذلك بحسن التعامل معها والصبر عليها فيثابُ الإنسانُ أو يجزعُ منها فيأثم ..
لقد مرت بنا جائحة كورونا خلال سنة مضت رأينا فيها من خلاله مستوى العالم كله..المصابون بها تجاوزوا مائتي مليون إنسان مات منهم بسببه أكثر من مليونين لكن الملفت بهذه الجائحة تأثيرها على برامج الناس واجتماعاتهم ومناسباتهم التي فقدوها حتى حُجر عليهم في بيوتهم وشركاتٌ أفلست..حتى العبادات تأثرت ففقدنا صلاة الجماعة ومر بنا رمضان بلا عمرة ولا تراويح أو قيام حتى ضاقت الصدور تغيرت الألبسة والعادات وألغيت المناسبات..بل ضاقت على الناس الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم..وتبدّلت العلاقات أصيب كثيرون بالوباء فمنهم من تأثر به جداً حتى توفي ومنهم من مرَّ به حتى يكاد لا يشعر به وتلك من عجائب كورونا وفُرضت احترازات كثيرة لتقليل أثر هذه الجائحة كان لالتزام الناس بها بعد فضل الله أثر في محاصرة هذا الوباء ولازال الحذر قائماً والالتزام مطلوباً بعد أن بدت مؤخراً بوادر حديثة لانتشار الوباء لزم منها التحذير والاحتراز وفعل الأسباب نسأل الله السلامة والعافية من كل داء ووباء ..
أيها الإخوة..لقد كان تعامل بلادنا ولله الحمد والجهات المسؤولة في الصحة والأمن مع الجائحة تعاملاً فائقاً في الروعة والجودة والمتابعة وعدم التهاون أو المبالغة رأينا اهتماماً بالتوعية المستمرة وإلزاماً بالإجراءات الاحترازية وعلاجاً مجانياً للمصاب من مواطن ومقيم بل ومخالف ثم متابعة على مستوى عالٍ للمصاب بالوباء بالزيارة والاتصال والسؤال والتوجيه والتنويم والعلاج لمن يحتاج إذا استدعى الحال ثم لما توفر اللقاح عالمياً كانت دولتنا من المبادرين ببذله مجاناً للجميع بلا استثناء وغير ذلك من جهود عظيمة جعلت القاصي والداني يثني عليها خيراً وأن التعامل مع الجائحة كان مميزاً وهنا يبقى دورنا إخوتي للمحافظة على كلِّ إجراءٍ من شأنه تقليل أثر الوباء بالالتزام بالاحترازات المطلوبة وهي بسيطة فنحن نتكلم عن صحة الجميع خاصة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة ممن فقدنا بعضهم في هذه الجائحة ..والالتزام بالإجراءات الاحترازية واجبٌ على كل أحد لأنه من فعل السبب وهذا لا يمنع التوكل على الله والاعتماد عليه فهو الحامي الشافي أولاً وأخيراً (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنْ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمْ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ) ..
أحبتي..إن كل من أصيب بهذا الوباء ومرَّ به عرف أثره على نفسه وكيف يُفقد الإنسان بعض الحواس التي كان يتمتع بها ثم فقدها لتجعله يعرف نعمة مافقد وتأثَّر به ورأى الوهنَ والخمولَ يصيبه ثم كيف حرارة جسمٍ تسري في جسمه وغير ذلك من آثارٍ للمصاب بكورونا يدفعها مع الصبر عليها ببعض العلاجات المخففة لها حتى تزولَ بعد أيام..وكل هذا يذكر الإنسان بضعفه وقلَّةِ حيلته إلا من دعاءٍ يلجأ به لربه والاستعاذة بالله من منكرات الأدواء والأسقام والأمراض قبل الإصابة بها وبعد الاصابة بها..جاء العباس رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله: علّمني شيئاً أسأله الله فقال له: سل اللهَ العافية ثم جاءه بعد أيام فقال يارسول الله علمني شيئاً اسأله الله فقال ياعباس ياعمَّ رسول الله سَل اللهَ العافية في الدنيا والآخرة)رواه الترمذي وصححه اللهم اكفنا شر الأوبئة والأمراض عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين والناس اجمعين وارزقنا يا ألله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنياوالآخرة واحفظنا من الشرور كلها ما ظهر منها وما بطن يارب العالمين..
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة السلام على من لا نبي بعده ..
المحافظة على التوحيد والعبادات من صلوات وعبادات ونبذ المجاهرة بالمنكرات وغيرها فهو من أخذ الأسباب للحماية من الأمراض والرعاية للإنسان مع المواظبة على أذكارٍ تحفظُ الإنسان وأسرته في الصباح والمساء والتوجيهات النبويّة تجاه الأوبئة كلها تدلُّ على فعل الأسباب والاحترازات وأخذٌ بأسباب السلامة التي تحمي الأمة بعامة فقد قال صلى الله عليه وسلم فيما يروى في الصحيحين (إذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأرْضٍ،(أي الطاعون) فلاَ تَقْدمُوا عَلَيْهِ، وإذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ)متفق عليه حتى لا يتسبب خروجهم بانتشار الوباء وكذلك التزامنا بالإجراءات الاحترازية من التباعد وعدم المصافحة ولبس الكمامة وغسل اليدين جيداً هي كلها سبب للسلامة بإذن الله من هذا الوباء وهي أفضل بكثير من إهمالها لينتشر عياذاً بالله كما حصل في بلدانٍ أخرى أهملوها..وفعل الأسباب أصلٌ شرعي للوقاية من الشرور والأوبئة قال صلى الله عليه وسلم (فرَّ من المجذوم فرارك من الأسد) وقال عليه الصلاة والسلام (لايورد ممرضٌ على مصحٍّ) وهذا تنبيه لقلة الاختلاط بالمصابين والبعد عنهم ولما جاء وفد ثقيف للنبي صلى الله عليه وسلم وكان معهم رجلاً مجذوماً فأرس إليه إنا قد بايعناك بمكانك فارجع دفعاً لمصافحته ومخالطته)رواه مسلم.. اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا. اللهُم اكفنا وابعد عنا شرّ الأمراض والأوبئة اللهُم اصرف عنّا هذا الوباء،وقِنا شر الداء بلطفك اللهُم احفظنا واحفظ جميع المسلمين يارب العالمين .