الحمدُ لله الذي يسّر لنا أنواعَ العِبادة، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له القائِل(لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)وأشهدُ أن نبيَّنا مُحمدًا عبدُه ورسولُه قادَ الأمةَ لذُرَى المجد والسِّيادة، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه أُولِي الفضل والرِّيادة وسلم تسليماً.أما بعدُ..فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن نِعمَ الله على عبادِه كثيرةٌ صعبٌ إحصاؤُها، والإسلامُ أعظمُ النِّعم الإلهيَّة، يُولَدُ المولودُ على الفِطرة،وينشَأُ في بيئةٍ يُعبَدُ الله فيها، ويُرفعُ الأذان، ويُقرأُ القرآن. فالحمدُ لله الذي هدانا لهذا.ومِن أعظم توابِعِ نعمةِ الإسلام وفُروعِها.. نِعمةُ تنوُّع العبادات وتعدُّدها، عباداتٌ تحوي حِكمًا ربَّانيَّة،مُتعدِّدَةٌ مُتنوِّعَةٌ بحسبِ الأزمان والأماكِن والأشخاصِ والأحوال؛وتخفيفًا عنهم وتيسيرًا،بما يتلاءَمُ مع قُدرتهم في المنشَطِ والمكرَهِ..وتنوُّع العبادات اختِبارٌ وابتِلاءٌ للمُؤمن على غلَبَته لهوَاه،فانتِقالُه مِن عبادةٍ لأُخرى بحسبِ وقتِ كلٍّ مِنها دليلٌ على عبوديَّة ٍحقيقيةٍ لله ..
تتنوَّعُ العباداتُ بمقاصِدِها وحِكَمِها؛التوحيدُ نبذٌ للشرك والصلاةُ(تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)وفي الزكاةِ(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) وفي الصيامِ (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وفي الحجِّ يقولُ الله(لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وقراءةُ القرآن تدبُّر..والعباداتُ تتنوع بمناسِكِها وطُرقِ أدائِها؛ فمَن عجَزَ بمرضٍ أو سفرٍ أو فقرٍ أو ضعفٍ عن عبادةٍ وجَدَ أجرَه في رُخصةٍ وعبادةٍ أُخرى؛رِعايةً لظروف المُكلَّفين،ورفعًا للحرَجِ عنهم، وتيسيرًا وتسهيلًا لهم،(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)
لقد راعَى الإسلامُ أحوالَ الفُقراء الذين ظنُّوا سبقَ الأغنياء لهم بفُضول أموالٍ يتصدَّقُون بها، قال الفُقراءُ.. يا رسولَ الله! ذهبَ أهلُ الدُّثُور بالأجُور؛ يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصُومُون كما نصُوم،ويتصدَّقُون بفُضُول أموالِهم،فقال لهم صلى الله عليه وسلم «لقد جعلَ الله لكم ما تصدَّقُون به؟ إنَّ بكل تسبيحةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة،وكل تحميدةٍ صدقة،وكل تهليلةٍ صدقة،وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن مُنكَرٍ صدقة، وفي بُضعِ أحدِكم صدقة.
والتخفيف؛أصلٌ بالإسلام مُراعاةً لأحوال المُكلَّفين؛جاءت امرأةٌ مِن خثعَم فقالت.. يا رسولَ الله! إنَّ فريضةَ الله على عبادِه في الحجِّ أدرَكَت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبُتُ على الرَّاحِلة، أفأحُجُّ عنه؟ قال.. نعم».ومِن سعة رحمةِ الله وفضلِه،مُراعاةُ أحوالِ المُكلَّفين.. قال صلى الله عليه وسلم«إذا مرِضَ العبدُ أو سافَرَ كُتِبَ له مِن الأجر مثلَما كان يعملُ صحيحًا مُقيمًا».حتى النساء حين يعجزن عن بعضِ أعمالِ الرِّجال، فرتَّبَ على عملهنَّ أجرًا عظيمًا؛ تقديرًا لدورهنَّ.«إذا صلَّت المرأةُ خمسَها،وصامَت شهرَها، وحصَّنَت فرْجَها، وأطاعَت زوجَها قِيل لها.. ادخُلِي مِن أيِّ أبوابِ الجنَّة شِئتِ.
والعباداتُ تتنوَّعُ بفضائِلِها،وأجورها بل بعضها يمحو الذنوبَ والخطايا؛قال صلى الله عليه وسلم «ما مِن امرِئٍ مُسلمٍ تحضُرُه صلاةٌ مكتُوبةٌ،فيُحسِنُ وضوءَها وخُشوعَها وركوعَها،إلا كانت كفَّارةً لما قبلَها مِن الذنوبِ ما لم يُؤتِ كبيرةً، وذلك الدهرَ كلَّه .وبعضها يُحقِّقُ النَّماء؛قال صلى الله عليه وسلم«ما نقَصَ مالٌ مِن صدقة».وقد تكون سببًا لدُخُول الجنَّة؛قال عليه الصلاة والسلام(لحجُّ المبرُورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة .وبعضها يُجيرُ مِن عذابِ النَّار؛ قال صلى الله عليه وسلم (لا يلِجُ النَّارَ أحدٌ بكَى مِن خشيةِ الله حتى يعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرع، ولا يجتمِعُ غُبارٌ في سبيلِ الله ودُخانُ جهنَّم) ومِن تنوُّع فضائِلِ الأعمال والعبادات ما يرتفِعُ به المُسلمُ إلى مقامٍ لا يُجارَى؛قال عليه الصلاة والسلام«إنَّ مِن أحبِّكم إلَيَّ وأقربِكم مِنِّي مجلِسًا يوم القِيامة أحاسِنكم أخلاقًا.والله سبحانه إذا أحبَّ عبدًا استعملَه في الأوقاتِ الفاضِلة بفواضِلِ الأعمال وإذا مقَتَه استعملَه في الأوقاتِ الفاضِلة بسيِّئ الأعمال ..
وتنوُّع العبادات دفعٌ لبواعِثِ السَّآمة والملَل.وهناك عباداتٌ فرديَّةٌ لها فضلٌ، وفيها حِكَمٌ؛بتُقوِّية الصلةِ بالله،وتُربِّي على الإخلاص، والبُعد عن الرِّياء، وتزيدُ صفاءَ الرُّوح والأُنسَ بالله.. قال الحسنُ البصريُّ حينما سُئِل.. ما بالُ أهل اللَّيل على وجوهِهم نُور؟قال.."لأنَّهم خلَوا بربِّهم فألبَسَهم مِن نُورِه سبحانه وتعالى..والتوجه إلى الله بالدُّعاء تضرُّعًا وخيفةً مِن أجمل العبادات الفرديَّة،قال تعالى(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً) فالصِّيامُ لوجهِ الله عبادةٌ فرديَّة الله يُجازيها،والصدقةُ الخفيَّة عبادةٌ فرديَّة، تبذُلُها يمينُ المُسلم ولا تعلَمُ عنه شِمالُه..ومن السَبْعَةِ الذين يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ..وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خالياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا،قَالَ.. إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ،وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ لاحظوا إخوتي ورجلٌ تصدق مرة واحدة ودعته امرأة مرة ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ومع ذلك كان جزاؤهم عظيماً نسأل الله من واسع فضله.وكما عظُمَت العباداتُ الفرديَّة، فإنَّ للعبادات التي يجتمِعُ في أدائِها المُسلمون فضائِلَ ومقاصِدَ لا تخفَى؛كالصلاة والحج والتوادُّ والتحابُّ، وإظهارُ عِزِّ المُسلمين،والحرص على على الاجتِماع وعدم التفرُّق، والمُواساةُ والمُساواةُ ونبذُ الفوارِق الاجتِماعيَّة.وزيارة المرضى واتباع الجنائز، فالعبادات إذن ميدانٌ فسِيحٌ للعمل؛فمِن النَّاسِ مَن يُفتَحُ له في عملٍ دون غيرِه،وكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلِقَ له.والنَّاسُ يتفاضَلُون في هذا البابِ، كما ذكَرَ العُلماءُ؛ فبعضهم العلمُ أيسَرُ عليه مِن الزُّهد،أو العكس، ومِنهم مَن قلبه معلَّقٌ بالمساجد وآخرون ميسّرون لنفع الناس ومنهم مَن العبادةُ أيسَرَ عليه فكلٌّ يفعَلُ ما يقدِرُ عليه مِن الخير(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)ومن العبادات العظيمة شكرُ الله على نِعمه؛ قال صلى الله عليه وسلم«إنَّ اللهَ ليرضَى عن العبدِ أن يأكُلَ الأكلةَ فيحمدَه عليها،أو يشرَبَ الشَّربةَ فيحمدَه عليها.
وكما أن هناك عباداتٍ مفروضة ومسنونة على الناس يتعبّدون بها الله فهناك عبادات سهلة ليس فيها مجهود كبير يهملها البعض وفيها أجرٌ عظيم وهي تحقيق لتوحيد الله وقيامٌ بعبادته واتباعٌ لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم..كعبادة الرضا...بما قسمه الله لك أياً كان لأنه هو الأنسب لك في كل الأحوال..وهناك عبادةُ جبر الخواطر خاصةً المُنكسرة...وهي عبادة سهلة بكلمتين لطيفتين تكسب بهما قلوبَ الناس... وأما العبادة التي يسثقلها بعضنا رغم عِظم أجرها قضاء حوائج الناس..عندما يحتاجك البعض كي تساعده للوصول لغايته أو لقضاء حاجة أو شفاعة حسنة
والكلمة الطيبة صدقة. وعبادةُ حسنِ الظن...واترك البواطن لله. وأدِّ زكاةَ العلم..فحين يسألك أحدهم عن معلومة قلها كاملة مثلما ساقها لك رب العالمين عن طريق أحدهم..ابعثها لكل الناس أفدهم ولا تبخل بها.عبادة التفاؤل والأمل بالله.. فالله عند حُسن ظن عبده به
عبادة ترك مالا يعنيك...وتجنُّبِ نشر الإشاعات وعبادة التغافل..فلا تدقق كثيرا في عيوب غيرك..فمن عاب شيئا على أحد وقع فيه وأصابه
عبادة الإمهال والصبر.. وتعطي المخطئَ فرصةً وتُيَسِّرَ على المُعسر وتبسمك في وجه أخيك صدقة..وإدخال السرور على قلب مسلم..بلين المعاملة أو الصفح عنه أو الهدية أو المعونة أو البشرى أو غيرها..إنها عباداتٌ سهلة عباد الله لمَنْ يسّره الله لها فلنعوّد أنفسنا دوما على فعل الخير.
اللهم أخلص نياتنا في عبادتك ويسّرنا لجميع أنواع طاعتك وتقبَّلها منا وأجرنا عليها يارب العالمين أقول ما تسمعون..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ...وبعد.
أيها الإخوة فمن خلال مانسمعه مؤخراً من كثرة الدعاوي الكيديَّة وما يترتَّبُ على ذلك من إلحاق الضرر بالآخرين ومخاصمتهم بالباطل وبغير حق بهتانا وزوراً فإن هذا من الاعتداءِ المُبين والله عز وجل يقول (ولا تعتدوا إن الله لا يحبُ المعتدين) وقال صلى الله عليه وسلم(مَنْ خاصَم في باطلٍ وهو يعلم لم يَزلْ في سخطِ الله حتى ينزع ومن قال في مؤمن ما ليس فيه حُبسَ في ردْغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال)رواه أبو داود وأبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصِم فاتقوا الله أيها الناس واحذروا حقوقَ العباد فلأن تكونَ مُقصِّراً في معصية تنوي التوبةَ منها أهونُ من أن يكونَ بذمّتك حقوقاً للعباد نسأل الله أن يٌنجينا منها..
أيها الإخوة توفي قبل ثلاثة أيام باني هذا المسجد الجامع والذي تولّاه بناء وتوسعة وصيانة وإحساناً لجيرانه طوال ثلاثين سنة إضافة لمشاريع تنمويِّة أخرى قدمها لوطنه اثناء عمله لازال مستمرا نفعها نسأل الله أن يجعل كل ذلك بميزان حسناته وأن يغفر له ويرحمه ويُسكنه الفردوسَ الأعلى من الجنة وأن يخلفه في عقبه خيراً..إنه سميع مجيب
اللهم وفق ولاة أمورنا للخير واكفنا الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين والحمدلله رب العالمين
تتنوَّعُ العباداتُ بمقاصِدِها وحِكَمِها؛التوحيدُ نبذٌ للشرك والصلاةُ(تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ)وفي الزكاةِ(خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا) وفي الصيامِ (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وفي الحجِّ يقولُ الله(لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ) وقراءةُ القرآن تدبُّر..والعباداتُ تتنوع بمناسِكِها وطُرقِ أدائِها؛ فمَن عجَزَ بمرضٍ أو سفرٍ أو فقرٍ أو ضعفٍ عن عبادةٍ وجَدَ أجرَه في رُخصةٍ وعبادةٍ أُخرى؛رِعايةً لظروف المُكلَّفين،ورفعًا للحرَجِ عنهم، وتيسيرًا وتسهيلًا لهم،(يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)
لقد راعَى الإسلامُ أحوالَ الفُقراء الذين ظنُّوا سبقَ الأغنياء لهم بفُضول أموالٍ يتصدَّقُون بها، قال الفُقراءُ.. يا رسولَ الله! ذهبَ أهلُ الدُّثُور بالأجُور؛ يُصلُّون كما نُصلِّي، ويصُومُون كما نصُوم،ويتصدَّقُون بفُضُول أموالِهم،فقال لهم صلى الله عليه وسلم «لقد جعلَ الله لكم ما تصدَّقُون به؟ إنَّ بكل تسبيحةٍ صدقة، وكل تكبيرةٍ صدقة،وكل تحميدةٍ صدقة،وكل تهليلةٍ صدقة،وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن مُنكَرٍ صدقة، وفي بُضعِ أحدِكم صدقة.
والتخفيف؛أصلٌ بالإسلام مُراعاةً لأحوال المُكلَّفين؛جاءت امرأةٌ مِن خثعَم فقالت.. يا رسولَ الله! إنَّ فريضةَ الله على عبادِه في الحجِّ أدرَكَت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبُتُ على الرَّاحِلة، أفأحُجُّ عنه؟ قال.. نعم».ومِن سعة رحمةِ الله وفضلِه،مُراعاةُ أحوالِ المُكلَّفين.. قال صلى الله عليه وسلم«إذا مرِضَ العبدُ أو سافَرَ كُتِبَ له مِن الأجر مثلَما كان يعملُ صحيحًا مُقيمًا».حتى النساء حين يعجزن عن بعضِ أعمالِ الرِّجال، فرتَّبَ على عملهنَّ أجرًا عظيمًا؛ تقديرًا لدورهنَّ.«إذا صلَّت المرأةُ خمسَها،وصامَت شهرَها، وحصَّنَت فرْجَها، وأطاعَت زوجَها قِيل لها.. ادخُلِي مِن أيِّ أبوابِ الجنَّة شِئتِ.
والعباداتُ تتنوَّعُ بفضائِلِها،وأجورها بل بعضها يمحو الذنوبَ والخطايا؛قال صلى الله عليه وسلم «ما مِن امرِئٍ مُسلمٍ تحضُرُه صلاةٌ مكتُوبةٌ،فيُحسِنُ وضوءَها وخُشوعَها وركوعَها،إلا كانت كفَّارةً لما قبلَها مِن الذنوبِ ما لم يُؤتِ كبيرةً، وذلك الدهرَ كلَّه .وبعضها يُحقِّقُ النَّماء؛قال صلى الله عليه وسلم«ما نقَصَ مالٌ مِن صدقة».وقد تكون سببًا لدُخُول الجنَّة؛قال عليه الصلاة والسلام(لحجُّ المبرُورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة .وبعضها يُجيرُ مِن عذابِ النَّار؛ قال صلى الله عليه وسلم (لا يلِجُ النَّارَ أحدٌ بكَى مِن خشيةِ الله حتى يعُودَ اللَّبَنُ في الضَّرع، ولا يجتمِعُ غُبارٌ في سبيلِ الله ودُخانُ جهنَّم) ومِن تنوُّع فضائِلِ الأعمال والعبادات ما يرتفِعُ به المُسلمُ إلى مقامٍ لا يُجارَى؛قال عليه الصلاة والسلام«إنَّ مِن أحبِّكم إلَيَّ وأقربِكم مِنِّي مجلِسًا يوم القِيامة أحاسِنكم أخلاقًا.والله سبحانه إذا أحبَّ عبدًا استعملَه في الأوقاتِ الفاضِلة بفواضِلِ الأعمال وإذا مقَتَه استعملَه في الأوقاتِ الفاضِلة بسيِّئ الأعمال ..
وتنوُّع العبادات دفعٌ لبواعِثِ السَّآمة والملَل.وهناك عباداتٌ فرديَّةٌ لها فضلٌ، وفيها حِكَمٌ؛بتُقوِّية الصلةِ بالله،وتُربِّي على الإخلاص، والبُعد عن الرِّياء، وتزيدُ صفاءَ الرُّوح والأُنسَ بالله.. قال الحسنُ البصريُّ حينما سُئِل.. ما بالُ أهل اللَّيل على وجوهِهم نُور؟قال.."لأنَّهم خلَوا بربِّهم فألبَسَهم مِن نُورِه سبحانه وتعالى..والتوجه إلى الله بالدُّعاء تضرُّعًا وخيفةً مِن أجمل العبادات الفرديَّة،قال تعالى(وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً) فالصِّيامُ لوجهِ الله عبادةٌ فرديَّة الله يُجازيها،والصدقةُ الخفيَّة عبادةٌ فرديَّة، تبذُلُها يمينُ المُسلم ولا تعلَمُ عنه شِمالُه..ومن السَبْعَةِ الذين يُظِلُّهُمُ اللَّهُ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي ظِلِّهِ ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ..وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خالياً فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا،قَالَ.. إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ،وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ لاحظوا إخوتي ورجلٌ تصدق مرة واحدة ودعته امرأة مرة ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه ومع ذلك كان جزاؤهم عظيماً نسأل الله من واسع فضله.وكما عظُمَت العباداتُ الفرديَّة، فإنَّ للعبادات التي يجتمِعُ في أدائِها المُسلمون فضائِلَ ومقاصِدَ لا تخفَى؛كالصلاة والحج والتوادُّ والتحابُّ، وإظهارُ عِزِّ المُسلمين،والحرص على على الاجتِماع وعدم التفرُّق، والمُواساةُ والمُساواةُ ونبذُ الفوارِق الاجتِماعيَّة.وزيارة المرضى واتباع الجنائز، فالعبادات إذن ميدانٌ فسِيحٌ للعمل؛فمِن النَّاسِ مَن يُفتَحُ له في عملٍ دون غيرِه،وكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلِقَ له.والنَّاسُ يتفاضَلُون في هذا البابِ، كما ذكَرَ العُلماءُ؛ فبعضهم العلمُ أيسَرُ عليه مِن الزُّهد،أو العكس، ومِنهم مَن قلبه معلَّقٌ بالمساجد وآخرون ميسّرون لنفع الناس ومنهم مَن العبادةُ أيسَرَ عليه فكلٌّ يفعَلُ ما يقدِرُ عليه مِن الخير(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)ومن العبادات العظيمة شكرُ الله على نِعمه؛ قال صلى الله عليه وسلم«إنَّ اللهَ ليرضَى عن العبدِ أن يأكُلَ الأكلةَ فيحمدَه عليها،أو يشرَبَ الشَّربةَ فيحمدَه عليها.
وكما أن هناك عباداتٍ مفروضة ومسنونة على الناس يتعبّدون بها الله فهناك عبادات سهلة ليس فيها مجهود كبير يهملها البعض وفيها أجرٌ عظيم وهي تحقيق لتوحيد الله وقيامٌ بعبادته واتباعٌ لسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم..كعبادة الرضا...بما قسمه الله لك أياً كان لأنه هو الأنسب لك في كل الأحوال..وهناك عبادةُ جبر الخواطر خاصةً المُنكسرة...وهي عبادة سهلة بكلمتين لطيفتين تكسب بهما قلوبَ الناس... وأما العبادة التي يسثقلها بعضنا رغم عِظم أجرها قضاء حوائج الناس..عندما يحتاجك البعض كي تساعده للوصول لغايته أو لقضاء حاجة أو شفاعة حسنة
والكلمة الطيبة صدقة. وعبادةُ حسنِ الظن...واترك البواطن لله. وأدِّ زكاةَ العلم..فحين يسألك أحدهم عن معلومة قلها كاملة مثلما ساقها لك رب العالمين عن طريق أحدهم..ابعثها لكل الناس أفدهم ولا تبخل بها.عبادة التفاؤل والأمل بالله.. فالله عند حُسن ظن عبده به
عبادة ترك مالا يعنيك...وتجنُّبِ نشر الإشاعات وعبادة التغافل..فلا تدقق كثيرا في عيوب غيرك..فمن عاب شيئا على أحد وقع فيه وأصابه
عبادة الإمهال والصبر.. وتعطي المخطئَ فرصةً وتُيَسِّرَ على المُعسر وتبسمك في وجه أخيك صدقة..وإدخال السرور على قلب مسلم..بلين المعاملة أو الصفح عنه أو الهدية أو المعونة أو البشرى أو غيرها..إنها عباداتٌ سهلة عباد الله لمَنْ يسّره الله لها فلنعوّد أنفسنا دوما على فعل الخير.
اللهم أخلص نياتنا في عبادتك ويسّرنا لجميع أنواع طاعتك وتقبَّلها منا وأجرنا عليها يارب العالمين أقول ما تسمعون..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ...وبعد.
أيها الإخوة فمن خلال مانسمعه مؤخراً من كثرة الدعاوي الكيديَّة وما يترتَّبُ على ذلك من إلحاق الضرر بالآخرين ومخاصمتهم بالباطل وبغير حق بهتانا وزوراً فإن هذا من الاعتداءِ المُبين والله عز وجل يقول (ولا تعتدوا إن الله لا يحبُ المعتدين) وقال صلى الله عليه وسلم(مَنْ خاصَم في باطلٍ وهو يعلم لم يَزلْ في سخطِ الله حتى ينزع ومن قال في مؤمن ما ليس فيه حُبسَ في ردْغة الخبال حتى يأتي بالمخرج مما قال)رواه أبو داود وأبغض الرجال إلى الله الألدُّ الخصِم فاتقوا الله أيها الناس واحذروا حقوقَ العباد فلأن تكونَ مُقصِّراً في معصية تنوي التوبةَ منها أهونُ من أن يكونَ بذمّتك حقوقاً للعباد نسأل الله أن يٌنجينا منها..
أيها الإخوة توفي قبل ثلاثة أيام باني هذا المسجد الجامع والذي تولّاه بناء وتوسعة وصيانة وإحساناً لجيرانه طوال ثلاثين سنة إضافة لمشاريع تنمويِّة أخرى قدمها لوطنه اثناء عمله لازال مستمرا نفعها نسأل الله أن يجعل كل ذلك بميزان حسناته وأن يغفر له ويرحمه ويُسكنه الفردوسَ الأعلى من الجنة وأن يخلفه في عقبه خيراً..إنه سميع مجيب
اللهم وفق ولاة أمورنا للخير واكفنا الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين والحمدلله رب العالمين