الحمد لله،مكور النهار على الليل ومكور الليل على النهار،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الفغار،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله سيد الأبرار،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أولي الأقدار،وسلم تسليماً كثيراً ما تعاقب الليل والنهار..أما بعدُ..فيا عباد الله..اتقوا الله العزيز الغفار..
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال..{اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ-أي البرد-}رواه البخاري..هذه النار تشتكي عباد الله من بعضها فكيف بمن في داخلها يعذبُ فيها ومُخلّدٌ بها؟ نسأل الله العافية ونسأله النجاة من النار..
أيها المؤمنون,الدهور والأعوام سننُ الله تتعاقب بهذه الدنيا ولن تجد لسنة الله تبديلاً،وبتعاقبِها وسيرِها تتعاقبُ الفصولُ على الناس،ذلك ففصل للصيف وبعده الخريف وآخر للشتاء ثم الربيع وخصَّ الله كلَّ موسمٍ بما يناسبُه من زروع وثمار ونوّع الأعمال،لدَفْعِ السآمةِ عن الإنسان,والإيمان بتدبير هذه النعمةِ وشُكرِ الله لأجلِها قولاً وعملاً،وفي فصل الشتاء يقول صلى الله عليه وسلم..(الشتاءُ ربيعُ المؤمن)أخرَّجه البيهقيُّ،وزاد فيه..(طال ليلهُ فقامَه وقصر نهاره فصامه)نسأل الله أن يوفقنا لها يقول..ابن مسعود رضي الله عنه..(مرحباً بالشتاء تنزل فيه البركة,ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام)وبكى معاذ رضي الله عنه عند موته،فلما سُئلَ عن ذلك قال..إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيامِ ليل الشتاء ومزاحمةِ العلماء بالركب عندَ حِلَقِ الذكر"ومن فضائل الشتاء أنه يُذكِّرُ بالخوف من جهنم،والاستعاذةِ منها,قال ابن عباس رضي الله عنهما..(يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يُصدِّعُ العظامَ بردُها فيسألونَ الحرَّ مرةً أخرى ويستغيثون بحرِّ جهنم) نسأل الله أن ينجينا ووالدينا وجميع المسلمين من حرِّ جهنم وزمهريرها وأن يسكننا الجنة ونعيمها.
الشتاءُ إخوتي خصّه الله ببعض الثمرات كما هو الصيف فكيف بنعمة الله لنا ونحن يُجلب إلينا ثمرات كُلِّ شيء طوال العام فالشكر والحمد لله،وقد تجد البعض يتأفَّفُ من الأجواء بل ويسبُّها وهذا خطأٌ وغفلةٌ عن حُكم الله في تغيير الأجواء،وتسخّط في الحال فبعضهم يسبُّ البرد أو الحرَّ ويتداولون ذلك وكلها مواسم يُقلِّبها الله جل جلاله وفعلهم هذا تعدٍّ وتجاوز عن حكم الله سبحانه وتعالى في تغيير الأجواء!!والأسوأ من يُرجع تَقلّبُ الأجواء لعواملَ مناخيّة ودوران الكرة الأرضية مُهملاً ذكر تقدير الله سبحانه وتعالى وعلمه وحكمته بآياتٍ بيناتٍ واضحاتٍ في عظمةِ قيومِ الأرضِ والسمواتِ سبحانَه وتعالى..
أيها الإخوة..أحكامٌ يحتاجها المؤمنُ لدينه في الشتاء،ينبغي معرفتها كالمسح على الخفين،وهذا من تيسير الله على عباده،ويلزمُ الإنسانَ عند لبس الخفين أو الشُرَّاب ونحوه أن يكون متوضئاً،ثم إذا توضَّأ بعد اللبس مسح،إن كان مقيماً يوماً وليلة،وإن كان مسافراً ثلاثة أيام بلياليهن،وتبدأُ حساب مدةُ المسحِ من أولِ مسحةٍ عليهما,فإن لبسَ الإنسانُ خفيه عندَ صلاة الفجرِ ومسحَ عليهِما في صلاةِ الظهر فيحسب المدة من صلاة الظهر يوماً كاملاً للمقيم وثلاثة أيام للمسافر،وإذا تمت المدة،وهو على طهارته،فطهارتُه باقية حتى ينتقضَ وضوؤه،وإذا انتقضَ بعدَ تمام المدة وجبَ عليه غسلَ رجليه إذا توضأ،ثم يلبسُ من جديد،ومن تمَّت مدَّتُه فنسيَ ومسحَ بعدَ تمامِ المدة فيُعيدُ صلاتَه،والمسحُ بأن يبلَّ يديَه بالماء ثم يُمرِّهُما على ظهرِ الخفين من أطرافهِ مما يلي الأصابع إلى الساق مرةً واحدة،ومن رحمةِ الله بالعباد أنَّ من احتاجَ إلى ربطِ شيءٍ على جرحٍ أو بجبيرةٍ فإنه يمسحُ عليها كلَّها بدلاً من غسلِهَا في الوضوءِ والغسلِ حتى تبرأ,ويقومُ مسحُها مقامَ غسلها تيسيراً من الله وتسهيلاً على عباده ولله الحمد والمنة..ومما يردُ على الإنسان في الشتاء وجودُ الأمطار،وهي نعمةُ الله جل جلاله،وخيرٌ للبلادِ والعبادِ،يستغيثون الناس بالله ليمطرهم ويسألونه الغيث وهي نعمة تستحقُّ منا الشكر،ووقتُ نزولِ المطر من أوقاتِ الاستجابةِ للدعاء،ومن الدعاء عندَ نزولِ المطر..(مُطرْنا بفضلِ الله ورحمته)،وكذلك..(اللهم اجعلْه صيباً نافعاً)،وغير ذلك من أدعيةِ وسنن،وفي تصريفِ الأمطارِ ببعضِ الأمصارِ وحبسِها عن بعضِ الديار عبرةٌ لأولي الأبصار وعظةٌ للعصاة الفجار..(وَهُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَـٰحَ بُشْرَىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء طَهُوراً لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهِ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَـٰماً وَأَنَاسِىَّ كَثِيراً وَلَقَدْ صَرَّفْنَـٰهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً)وكما أن المطر نعمة فإن الله عذب به أقواماً بالغرق كقوم نوح ..وعذب بالريح الباردة قوم عاد(سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً)..
أيها الأحبة..وفي نهايةِ الشتاءِ تخضرُّ الأرضُ،وتُخرجُ بركاتِها بفضلِ اللهِ ومنته،فيُكثرُ الناس من الخروجِ إلى البراري للنزهة وللتخييم لكن المؤسف وقوع مخالفاتٍ من بعضهم كسوء تنظيم أوقاتهم في المخيمات وما يتبعه من إضاعةٍ للوقت بغيرِ المفيد بالسهر والتهاونِ بالصلاةِ أو أدائها في غير وقتها،كذلك تدميرُ البيئة بالإسرافِ والتبذيرِ وعبثٍ بالسياراتِ والدراجاتِ الناريةِ واستهتارٍ بأرواحِ الناس يُمارس كهواياتٍ غيرِ منضبطةٍ في البراري وبعد الأمطار؟وتهاونُ بعضُ الأولياءِ في الخروجِ بالعوائلِ للبراري في أماكن غير مناسبة لهم والتعدي على الأشجار بالاحتطاب الجائر وعدمِ نظافةِ المحلات التي يتنزَّهُون بها فيُفسدون في الأرض بعد إصلاحها عن طريق ترك مخلفاتهم وهذا ليس من شكر الله على نعمة المطر والأمن وسائر النعم..
عباد الله..كُلُّ ما في الدنيا يذكِّر بالآخرة،ودليلٌ عليه،فإنباتُ الأرض واخضرارُها بعد يبسها،يدلُّ على بعث الموتى من الأرض..(وَتَرَى ٱلأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاء ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءاتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى ٱلْقُبُورِ)ويقول تعالى(وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء مُّبَـٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّـٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ وَٱلنَّخْلَ بَـٰسِقَـٰتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رّزْقاً لّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذٰلِكَ ٱلْخُرُوجُ)قال أبو رزين للنبي صلى الله عليه وسلم..كيف يحيي الله الموتى وما آية ذلك في خلقه؟قال..((أما مررت بواد أهْلِكَ مَحْلاً,-أي وادٍ يابسا-قال..بلى,قال..أما مررت به يهتز خَضِراً قال..قلت بلى،قال..ثم مرَرَت به محلاً,قال..بلى,قال..فكذلك يحيي الله الموتى,وذلك آيته في خلقه)خَرَّجه الإمام أحمد.
تفكَّر في نباتِ الأرضِ وانظرْ
إلى آثارِ ما صنَع المليـكُ
عيونٌ من لجيـنٍ ناظـراتٌ
بأحداقٍ هي الذهبُ السبيكُ
على قُضُبِ الزبرجدِ شاهداتٌ
بأنَّ الله لَيس لـه شريـك
أيها الأحبة..فصولُ السُنَّةِ تذكِّرُ بالآخرة,فشدةُ الحر تذكِّرُ بحرِّ جهنم،وهو من سَمومِها،وشدةُ بردِ تذكِّرُ بزمهريرِ جهنم،وهو من نفسها،والخريفُ يكمُل فيه اجتناءُ الثمراتِ التي تُدَّخَرُ في البيوت،فهو منبِّه على اجتناءِ ثمار الأعمالِ في الآخرةِ،وأما الربيعُ فهو أطيبُ فصولِ السنة وهو يذكِّرُ بنعيمِ الجنة،وطيب عيشها,فهذه التنقلاتُ توجبُ للعاقلِ الدهشَ والتعجبَ من صُنع وقدرةِ خالقهِ تعالى..نسأل الله جل علا أن يرزقنا شكر نعمته ويدفئ قلوبنا بطاعته ويبرد علينا برحمته..((وَهُوَ ٱلَّذِى أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَىْء فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوٰنٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّـٰتٍ مّنْ أَعْنَـٰبٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَـٰبِهٍ ٱنْظُرُواْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِى ذٰلِكُمْ لأَيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعده..
أيها الأحبة..كم من أناس يأتي عليهم البردُ بثلوجه ثم يعقبه الحر ولا أمنَ يظلِّهم ولا بيتَ يؤويهم ولا سقفَ يُغطّيهم أو طعامٌ يدفئُهم فهل نتذكَّرُ الفقراء والمحتاجين مع هذا البرد؟!تذكَّروا مع البرد جنودَنا ورجال أمننا المرابطين ممن يسهرون في السهول والجبال لحماية البلاد والعباد..تذكَّروا عمَّالاً ألجأهم طلب الرزق للعمل في كل الأجواء كالفلّاح وعامل النظافة وغيرهم!!انظروا من حولكم في بلاد قريبة خائفون..جائعون..يهانون ويقتلون..يمرُّ عليهم الشتاءَ ولا دفء..ولا أمنَ..ولا غذاءَ ولا دواءَ..فإلى الله المشتكى..فلا تنسوهم ولو بالدعاء تذكروا نعمةَ الدفء المتوفرةِ في البيوتِ والسياراتِ والمساجدِ فهل شكرْنا نعمَ الله وعرفنا قدرها كذلك مع البرد اهتموا بالحيوانات والطيور فهي رحمة بالحيوان تؤجرون عليها والويل للمهمل وهو يربيها ثم لا يهتم بها..ومن أراد دوامَ النعم فليشكرْ واهبهَا سبحانه وتعالى اللهم اجعلنا من عبادِك الشاكرين..وارزقنَا حسنَ الحمدِ والثناءِ عليك ياربَّ العالمين..اللهم وكن لإخواننا المستضعفين والفقراء والمحتاجين احفظهم بحفظك واكلأهم برعايتك واجمع كلمة المسلمين في كل مكان على الحق والدين،وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن،وأدم الأمن والإيمان والسلامة والاطمئنان على بلادنا خاصة وعلى جميع بلاد المسلمين..
الاستغاثة ..وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،،
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال..{اشْتَكَتْ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَقَالَتْ يَا رَبِّ أَكَلَ بَعْضِي بَعْضًا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ نَفَسٍ فِي الشِّتَاءِ وَنَفَسٍ فِي الصَّيْفِ فَهُوَ أَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الْحَرِّ وَأَشَدُّ مَا تَجِدُونَ مِنْ الزَّمْهَرِيرِ-أي البرد-}رواه البخاري..هذه النار تشتكي عباد الله من بعضها فكيف بمن في داخلها يعذبُ فيها ومُخلّدٌ بها؟ نسأل الله العافية ونسأله النجاة من النار..
أيها المؤمنون,الدهور والأعوام سننُ الله تتعاقب بهذه الدنيا ولن تجد لسنة الله تبديلاً،وبتعاقبِها وسيرِها تتعاقبُ الفصولُ على الناس،ذلك ففصل للصيف وبعده الخريف وآخر للشتاء ثم الربيع وخصَّ الله كلَّ موسمٍ بما يناسبُه من زروع وثمار ونوّع الأعمال،لدَفْعِ السآمةِ عن الإنسان,والإيمان بتدبير هذه النعمةِ وشُكرِ الله لأجلِها قولاً وعملاً،وفي فصل الشتاء يقول صلى الله عليه وسلم..(الشتاءُ ربيعُ المؤمن)أخرَّجه البيهقيُّ،وزاد فيه..(طال ليلهُ فقامَه وقصر نهاره فصامه)نسأل الله أن يوفقنا لها يقول..ابن مسعود رضي الله عنه..(مرحباً بالشتاء تنزل فيه البركة,ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام)وبكى معاذ رضي الله عنه عند موته،فلما سُئلَ عن ذلك قال..إنما أبكي على ظمأ الهواجر وقيامِ ليل الشتاء ومزاحمةِ العلماء بالركب عندَ حِلَقِ الذكر"ومن فضائل الشتاء أنه يُذكِّرُ بالخوف من جهنم،والاستعاذةِ منها,قال ابن عباس رضي الله عنهما..(يستغيث أهل النار من الحر فيغاثون بريح باردة يُصدِّعُ العظامَ بردُها فيسألونَ الحرَّ مرةً أخرى ويستغيثون بحرِّ جهنم) نسأل الله أن ينجينا ووالدينا وجميع المسلمين من حرِّ جهنم وزمهريرها وأن يسكننا الجنة ونعيمها.
الشتاءُ إخوتي خصّه الله ببعض الثمرات كما هو الصيف فكيف بنعمة الله لنا ونحن يُجلب إلينا ثمرات كُلِّ شيء طوال العام فالشكر والحمد لله،وقد تجد البعض يتأفَّفُ من الأجواء بل ويسبُّها وهذا خطأٌ وغفلةٌ عن حُكم الله في تغيير الأجواء،وتسخّط في الحال فبعضهم يسبُّ البرد أو الحرَّ ويتداولون ذلك وكلها مواسم يُقلِّبها الله جل جلاله وفعلهم هذا تعدٍّ وتجاوز عن حكم الله سبحانه وتعالى في تغيير الأجواء!!والأسوأ من يُرجع تَقلّبُ الأجواء لعواملَ مناخيّة ودوران الكرة الأرضية مُهملاً ذكر تقدير الله سبحانه وتعالى وعلمه وحكمته بآياتٍ بيناتٍ واضحاتٍ في عظمةِ قيومِ الأرضِ والسمواتِ سبحانَه وتعالى..
أيها الإخوة..أحكامٌ يحتاجها المؤمنُ لدينه في الشتاء،ينبغي معرفتها كالمسح على الخفين،وهذا من تيسير الله على عباده،ويلزمُ الإنسانَ عند لبس الخفين أو الشُرَّاب ونحوه أن يكون متوضئاً،ثم إذا توضَّأ بعد اللبس مسح،إن كان مقيماً يوماً وليلة،وإن كان مسافراً ثلاثة أيام بلياليهن،وتبدأُ حساب مدةُ المسحِ من أولِ مسحةٍ عليهما,فإن لبسَ الإنسانُ خفيه عندَ صلاة الفجرِ ومسحَ عليهِما في صلاةِ الظهر فيحسب المدة من صلاة الظهر يوماً كاملاً للمقيم وثلاثة أيام للمسافر،وإذا تمت المدة،وهو على طهارته،فطهارتُه باقية حتى ينتقضَ وضوؤه،وإذا انتقضَ بعدَ تمام المدة وجبَ عليه غسلَ رجليه إذا توضأ،ثم يلبسُ من جديد،ومن تمَّت مدَّتُه فنسيَ ومسحَ بعدَ تمامِ المدة فيُعيدُ صلاتَه،والمسحُ بأن يبلَّ يديَه بالماء ثم يُمرِّهُما على ظهرِ الخفين من أطرافهِ مما يلي الأصابع إلى الساق مرةً واحدة،ومن رحمةِ الله بالعباد أنَّ من احتاجَ إلى ربطِ شيءٍ على جرحٍ أو بجبيرةٍ فإنه يمسحُ عليها كلَّها بدلاً من غسلِهَا في الوضوءِ والغسلِ حتى تبرأ,ويقومُ مسحُها مقامَ غسلها تيسيراً من الله وتسهيلاً على عباده ولله الحمد والمنة..ومما يردُ على الإنسان في الشتاء وجودُ الأمطار،وهي نعمةُ الله جل جلاله،وخيرٌ للبلادِ والعبادِ،يستغيثون الناس بالله ليمطرهم ويسألونه الغيث وهي نعمة تستحقُّ منا الشكر،ووقتُ نزولِ المطر من أوقاتِ الاستجابةِ للدعاء،ومن الدعاء عندَ نزولِ المطر..(مُطرْنا بفضلِ الله ورحمته)،وكذلك..(اللهم اجعلْه صيباً نافعاً)،وغير ذلك من أدعيةِ وسنن،وفي تصريفِ الأمطارِ ببعضِ الأمصارِ وحبسِها عن بعضِ الديار عبرةٌ لأولي الأبصار وعظةٌ للعصاة الفجار..(وَهُوَ ٱلَّذِى أَرْسَلَ ٱلرّيَـٰحَ بُشْرَىً بَيْنَ يَدَىْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء طَهُوراً لّنُحْيِىَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً وَنُسْقِيَهِ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَـٰماً وَأَنَاسِىَّ كَثِيراً وَلَقَدْ صَرَّفْنَـٰهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُواْ فَأَبَىٰ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً)وكما أن المطر نعمة فإن الله عذب به أقواماً بالغرق كقوم نوح ..وعذب بالريح الباردة قوم عاد(سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً)..
أيها الأحبة..وفي نهايةِ الشتاءِ تخضرُّ الأرضُ،وتُخرجُ بركاتِها بفضلِ اللهِ ومنته،فيُكثرُ الناس من الخروجِ إلى البراري للنزهة وللتخييم لكن المؤسف وقوع مخالفاتٍ من بعضهم كسوء تنظيم أوقاتهم في المخيمات وما يتبعه من إضاعةٍ للوقت بغيرِ المفيد بالسهر والتهاونِ بالصلاةِ أو أدائها في غير وقتها،كذلك تدميرُ البيئة بالإسرافِ والتبذيرِ وعبثٍ بالسياراتِ والدراجاتِ الناريةِ واستهتارٍ بأرواحِ الناس يُمارس كهواياتٍ غيرِ منضبطةٍ في البراري وبعد الأمطار؟وتهاونُ بعضُ الأولياءِ في الخروجِ بالعوائلِ للبراري في أماكن غير مناسبة لهم والتعدي على الأشجار بالاحتطاب الجائر وعدمِ نظافةِ المحلات التي يتنزَّهُون بها فيُفسدون في الأرض بعد إصلاحها عن طريق ترك مخلفاتهم وهذا ليس من شكر الله على نعمة المطر والأمن وسائر النعم..
عباد الله..كُلُّ ما في الدنيا يذكِّر بالآخرة،ودليلٌ عليه،فإنباتُ الأرض واخضرارُها بعد يبسها،يدلُّ على بعث الموتى من الأرض..(وَتَرَى ٱلأرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَاء ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ذٰلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَأَنَّهُ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدِيرٌ وَأَنَّ ٱلسَّاعَةَ ءاتِيَةٌ لاَّ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ ٱللَّهَ يَبْعَثُ مَن فِى ٱلْقُبُورِ)ويقول تعالى(وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء مُّبَـٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّـٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ وَٱلنَّخْلَ بَـٰسِقَـٰتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ رّزْقاً لّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذٰلِكَ ٱلْخُرُوجُ)قال أبو رزين للنبي صلى الله عليه وسلم..كيف يحيي الله الموتى وما آية ذلك في خلقه؟قال..((أما مررت بواد أهْلِكَ مَحْلاً,-أي وادٍ يابسا-قال..بلى,قال..أما مررت به يهتز خَضِراً قال..قلت بلى،قال..ثم مرَرَت به محلاً,قال..بلى,قال..فكذلك يحيي الله الموتى,وذلك آيته في خلقه)خَرَّجه الإمام أحمد.
تفكَّر في نباتِ الأرضِ وانظرْ
إلى آثارِ ما صنَع المليـكُ
عيونٌ من لجيـنٍ ناظـراتٌ
بأحداقٍ هي الذهبُ السبيكُ
على قُضُبِ الزبرجدِ شاهداتٌ
بأنَّ الله لَيس لـه شريـك
أيها الأحبة..فصولُ السُنَّةِ تذكِّرُ بالآخرة,فشدةُ الحر تذكِّرُ بحرِّ جهنم،وهو من سَمومِها،وشدةُ بردِ تذكِّرُ بزمهريرِ جهنم،وهو من نفسها،والخريفُ يكمُل فيه اجتناءُ الثمراتِ التي تُدَّخَرُ في البيوت،فهو منبِّه على اجتناءِ ثمار الأعمالِ في الآخرةِ،وأما الربيعُ فهو أطيبُ فصولِ السنة وهو يذكِّرُ بنعيمِ الجنة،وطيب عيشها,فهذه التنقلاتُ توجبُ للعاقلِ الدهشَ والتعجبَ من صُنع وقدرةِ خالقهِ تعالى..نسأل الله جل علا أن يرزقنا شكر نعمته ويدفئ قلوبنا بطاعته ويبرد علينا برحمته..((وَهُوَ ٱلَّذِى أَنزَلَ مِنَ ٱلسَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلّ شَىْء فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُّتَرَاكِباً وَمِنَ ٱلنَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوٰنٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّـٰتٍ مّنْ أَعْنَـٰبٍ وَٱلزَّيْتُونَ وَٱلرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَـٰبِهٍ ٱنْظُرُواْ إِلِىٰ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِى ذٰلِكُمْ لأَيَـٰتٍ لّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعده..
أيها الأحبة..كم من أناس يأتي عليهم البردُ بثلوجه ثم يعقبه الحر ولا أمنَ يظلِّهم ولا بيتَ يؤويهم ولا سقفَ يُغطّيهم أو طعامٌ يدفئُهم فهل نتذكَّرُ الفقراء والمحتاجين مع هذا البرد؟!تذكَّروا مع البرد جنودَنا ورجال أمننا المرابطين ممن يسهرون في السهول والجبال لحماية البلاد والعباد..تذكَّروا عمَّالاً ألجأهم طلب الرزق للعمل في كل الأجواء كالفلّاح وعامل النظافة وغيرهم!!انظروا من حولكم في بلاد قريبة خائفون..جائعون..يهانون ويقتلون..يمرُّ عليهم الشتاءَ ولا دفء..ولا أمنَ..ولا غذاءَ ولا دواءَ..فإلى الله المشتكى..فلا تنسوهم ولو بالدعاء تذكروا نعمةَ الدفء المتوفرةِ في البيوتِ والسياراتِ والمساجدِ فهل شكرْنا نعمَ الله وعرفنا قدرها كذلك مع البرد اهتموا بالحيوانات والطيور فهي رحمة بالحيوان تؤجرون عليها والويل للمهمل وهو يربيها ثم لا يهتم بها..ومن أراد دوامَ النعم فليشكرْ واهبهَا سبحانه وتعالى اللهم اجعلنا من عبادِك الشاكرين..وارزقنَا حسنَ الحمدِ والثناءِ عليك ياربَّ العالمين..اللهم وكن لإخواننا المستضعفين والفقراء والمحتاجين احفظهم بحفظك واكلأهم برعايتك واجمع كلمة المسلمين في كل مكان على الحق والدين،وجنبهم الفتن ما ظهر منها وما بطن،وأدم الأمن والإيمان والسلامة والاطمئنان على بلادنا خاصة وعلى جميع بلاد المسلمين..
الاستغاثة ..وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،،