• ×

07:41 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

المرأة بين حريةٍ وقيود

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمدُ للهِ،أكرمنا للدين القويم وهَدانا صِراطه المستَقيم،وأَشهَد أن لا إلهَ إلاّ الله وحدَه لا شريكَ له يُحيِي العِظامَ وهي رَميم،وأشهَد أنّ محَمّدًا عبده ورَسوله بالمؤمنين رَؤوف رحيمٌ، صلّى الله عليه وعَلى آلِه وصحبِه أفضل صلاةً وأزكى تَسليم.أما بعد..فاتقوا الله عباد الله..
بعد جاهليةٍ جهلاء وضلالةٍ عمياءَ امتلأت بالشرك فلا غرابة أن يكون وضع المرأة قبل الإسلام مُهاناً لدى غالبهم امتداداً لجاهليات سابقة(وَإِذَا بُشّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلاْنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا وَهُوَ كَظِيمٌ*يَتَوَارَىٰ مِنَ ٱلْقَوْمِ مِن سُوء مَا بُشّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَىٰ هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى ٱلتُّرَابِ أَلاَ سَآء مَا يَحْكُمُونَ)أهانها الجاهليّون فكانت المرأة غالباً..ممزّقةَ النفس..لا رأي لها ولا كرامة يتشاءمون منها وتُحرمُ من أبسط حقوقها..فجاء الإسلام مُخلصاً للبشريةِ بتعاليمه الساميةِ..أكرم المرأة وجعلها حرّةً بمكانةٍ خاصةٍ ورعايةٍ كريمةٍ وحقوقٍ حمتها، تكلَّفُ كما الرجلُ إلا فيما اختصَّ به(مَنْ عَمِلَ صَـٰلِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَوٰةً طَيّبَةً)وفاوت بين الرجال والنساء في الخَلْقِ والخِلقة وما تقتضيه الأحكام..والشرع الإسلامي وسطٌ بين من أهانوا المرأة وبين من ادّعوا إكرامها فساووها بالرجل في كل شيء باسم حريةٍ مزعومةٍ امتلأت بمعاناةٍ وقيود وشقاء!!أما في الإسلام فهي حرةٌ عزيزةٌ كريمةٌ أُمَّاً وزوجةً وأُختاً وبنتاً،تقومُ بدورها جانب الرجل،تؤازره وتشدُّ من عزمِه،تناصرُه وتقوي همَّته، تحفظُه إن غاب وتسّره إن حضرَ وتبني معه أسرة وحياة..الإسلامُ حرّر المرأة من رقِّ الجاهلية وصان حقوقها، وحصّنها بما يناسب فطرتها..وكفَل حقوقَها بالرعاية والقوامةِ الواجبة على الرجل لها..وإذا كانوا يزعمون لها الحقوق والحرية في زمننا أكثر من دين ربِّ العالمين وتعاليمه فقد كذبوا بمؤامراتٍ عقدوها أو قُل مؤامرات..أنشأوا لها منظماتِ حريةٍ مزعومةٍ لوأدها ليس بالتراب كالجاهلية لكنه وأدٌ لرسالتِها،وفكرِها،وأدٌ لأخلاقها ووظيفتها الحقيقيّة، فتأثرت بعض النساء بهذه الهجماتِ الشرسة وانحرف دورها إلى منافسةِ الرجل في مهامه..فلم تصبح زوجة ولا أُماً ولا بنتاً بقدْرِ همَّها أن تكون عاملةً وموظفةً،واستُهلكت في العمل أهملت حجابها وحياءها وجعلها بعضهم رمزاً للذة والمتعة باسم تلك الحرية فضاعت المرأة لأنَّ مربية الأجيال أُهمل إعدادُها فأهملَت دورها.. ثم بُلينا بنساءٍ تأثَّرنَ بِدعواتٍ مشبوهةٍ ومؤامراتٍ معلومة ليُهملن تعليم دينهن ويزدرين قيماً وأوطاناً عاشُوا بها بدعوى حقوقٍ مسلوبةٍ وصار بعضُهُن يُجاهْرن بدعمٍ أجنبيٍّ لا يريدُ ببلادِنا ولا بنسائِنا خيراً..تحلَّلت بعضُ النساء من الروابط والقيم الأسرية تأثراً بدعواتِ تحريرٍ مشبوهةٍ وحُرّيَةٍ موهومةٍ،سُوقَ لها بتشويهِ تعاليمِ الأديانِ وقيم المجتمعات،وأفلامٍ ومسلسلات هم لا يقصدون إلغاءَ حجابها وتميّزها بقدرِ إلغاءِ هويةِ المرأةِ وتغيير طبيعتها..غاظَهم حالُ المرأة المسلمة وكيف حافظت على عفافها،وأنها حتى لو قصّرت في بعض فعلها استجابتْ لرَّبها وأقامتْ دينَها وأكملَتْ تعليمها،وجمعَتَ بين تعاليم الإسلام وآدابَ الدين،واستوعبت المفيدَ من علومِ العصر،وأخذت دورها لخدمةِ الوطن أُمّاً ومُربيةً وعالمةً ومثقفةً ومُدرَّسةً وساهمت بِعطائها في المجتمع فحافظت على ماحباها الله إياه من طَبْعٍ وطبيعة..هذا هو تميّز المرأة أما من يستغل المرأة ليُصوِّروا حجابَها أو تمسُّكَها بدينها وعيشها مع أسرتها في بلدها عائقاً عن تطويرها وأداءِ رسالتها سيندمون..لقد قدّموها لنا سافرةً مُتبرجةً متحلّلة من القيم والذوق واختصروا المرأة في مظاهر يطالبون بها وأهملوا وظيفتها الحقيقية بالتربية والتعليم وغيرها..انظروا تاريخَ بلدانٍ تبنّوا تحريرَ المرأة منذ عشرات السنين فهل حقّقوا لها تقدّماً أو تميّزاً؟!أم أنها زادت عبوديةً واستغلالاً..هُزموا في نفوسِهم وأُعجبوا بما رأوه من غثاء ففقدوا القدرةَ على التمييزِ بين الحقِ والباطلِ،وسعَوْا بكلِّ ما أُوتوا لإضاعة دور المرأة بأية فرصة وإثارتها على قيمها ووطنها بل وأهلها الذين لهم الفضل بولادتها وتربيتها..لبَّسوا الحقّ وغشُّوا الناسَ باسم إصلاحٍ أوحريّةٍ،في حيِن أنَّهم مفسدونَ،وهم لا يشعرون..يدعَّون الوطنيَّةَ وهم يسعْون لخراب الوطنِ..يُخفونَ كيدَهم تارةً ثم يظهرونه تارات،حسب الأجواء ويستققون بالأجنبي!!وتعجب لدوام كيدهم رغم أنهم خاسرون بإذن الله أمام سياجات متينةٍ من إيمان المجتمعِات وأخلاقها وحرص الدولة وثوابت قيادتها..وندم التائبين المستبصرين..وغيرة الجميع على نسائِهم وتعاونهم فيما بينهم لمعرفة كيدهم..مع فطرة للدين غالبةً بإذن الله..بعودةِ المرأةِ لحجابها والمحافظةِ على دينها فالله غالبٌ على أمره ولو كره المشركون والمنافقون وهنا تأتي أهمية تحصين المرأة بأصولٍ وثوابتٍ ضد المتغيرات للمساهمة في حفظها وتربيتها وتطوير عقلها وعلمها وثقافتها أمام فكرٍ ضالٍ وخُلقٍ ضار!!
ونحن بحمد الله نُفاخر بنساءٍ فضليات..أمهاتٍ وزوجاتٍ.. وبناتٍ وأخواتٍ..وهي مسؤوليةُ كُلٍّ أبٍّ وأخٍّ ووليٍّ بحفظ حقوقِ المرأة لإكرامها وعدم إهانتها وترك النظرة الجاهلية باحتقارها وهضم حقوقها أو أكل مالها وممارسةِ العنفِ معها فذلك مما يستغلّه دعاةُ الفتنة..
إنَّ تربيةَ المرأة إخوتي تحصينُها بدينٍ يحميها من كُلِّ شرٍّ وبجعلِها عُضواً فاعلاً ومؤثراً لتؤسَّسَ أجيالاً للحقِّ والخيِرِ والفضيلةِ لتُحِبَ العلمَ ومآثرَ الأخلاق ومعالي الأمورِ،نعدُّ أُماً تعرف قدْرَ نفسها وتعي دورَها ورسالتَها،يستمدُّ منها الطفلُ بتوفيق الله مفرداتِ اللسانِ وأركانَ الإيمانِ ومعالمَ الإسلامِ ومناهجَ السلوكِ..سالماً من تطرّفٍ وغلوٍّ..تحملُ همّاً للدين والأمة لتُؤدِّي دورَها في نصرة الدين والوطن..وكما أن الوالدين مسؤلان فالمجتمعُ مشارك بكلِّ جهاته بحفظ بيوتنا وأسرنا ليكونَ الوعيُ حاضراً والحذرُ موجوداً والحرصُ مُشتركاً بالتنبُّهِ للفساد وأهلهِ تطرّفاً وغلوّاً وضرراً وانحرافاً..عبر وسائلَ للتواصلِ تخترقُ كُلَّ الحواجزِ بِكُلِّ الطُرقِ المشروعةِ والمتاحةِ والمباحة، كما علينا مصارحَةُ كُلِّ مسئولٍ ومناصحتُهُ من مُنْطَلَقِ الحِرصِ وحُبِّ الخَيِرِ لا الحقد..ورغبة المصلحة وتجنب المفسدة فليست المسألة نزعاً للحجاب ولا تمرّدٌ على الأهل والأوطان بدعوى الحريّة عبر دعواتٍ متربّصةٍ وقنواتٍ مشبوهةٍ تحملُ في طيَّاتها برنامجَ إفسادٍ متكاملٍ مرتبطٌ بالغير لحرف هوية المرأة وإفساد خلقها ودينها وإلغاء دورها في بيتها..بل الألبسةُ والأزياءُ تغيّرت وانحرفَت..والمعاني العاطفية تشوّهَت..ضاعت قوامةُ الرجل..وتشبّه الرجلُ بالمرأةِ والمرأةُ بالرجل..أصبحَ عملُ المرأةِ في البيت عندهم عبثاً وقيامُها بالتربية جهلاً!!ونسوا أن استقرارَ المرأة في بيتها خيرٌ لها،ووظيفتُها في بيتِهَا من أشرفِ الوظائفِ في الوجودِ بل تعدل أجرَ الحج والعمرة والجهاد كما ورد بالحديث!!العجيب أن هناك من تصنف المرأةَ في بيتِها قعيدةً لا عملَ لها، وأنها عالَةٌ على أهلها،واختصروا وظيفتَها على الطهي والخدمةِ، بينما مهمَّتُها الأساسُ تربيةُ الأجيالِ والقيامُ عليها،وهي مهمةٌ تعدِلَ في الإسلامِ أعظم العبادات..وتستحق لأجله أعلى الأوسمةِ والشهادات!
إنَّ تاريخَ أمتِنا عامرُ بنساءٍ فضليات عَرَفْنَ حقاً معنى الحريّة جمعنَ الآدابَ والسترَ والوقارَ دُونَ تفريطٍ بحجابهن أوقبول دعاوى الماكرين..وفي شواهدِ عصرِنا نساءٌ مؤمنات متحجباتٍ ملتزماتٍ بهديِ السُنةِ والكتابِ مستمسكات،بمسؤولياتهنَّ قائمات..منهنّ الأم المربية والعالِمةُ والمخترعة والطبيبةُ والمدرّسة، هذه نماذج برزت حين أُعدّت المرأةُ ورُبّيت على الدين والخلق فعادت مكانتها..وهذه المرأة تساوي عندنا كلَّ الخيرات مجتمعة..
أيها الإخوة نحن مع هذه الهجمات والكيد أحوج ما نكون للعودة للبيت والأسرة وإعدادها للمنافسة وحمايتها من الفساد فكلُّكم راعٍ ومسؤول عن رعيته..كَمْ من امرأةٍ وبنتٍ اغترَّت بدعواتٍ مشبوهةٍ من نسوياتٍ ومنظماتٍ أجنبيّةٍ لتحويلهن إلى ناقماتٍ على دينهنٍ وأهلهن وأوطانهن ليكتشفن بعد كُلِّ ذلك غشَّ تلك الدعوات وأنها تتآمرُ على الدينِ والأوطانِ وهُنا مسؤوليةُ الأنظمةِ بالحذرِ من هذه الدعوات ثم حرص الآباء والأولياء بعدم ترك الفرصة للمتربصين بممارسة النظام وهضم الحقوق التي كفلها الله للمرأة وإكرامها وإعزازها حمايةٌ لها(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) اللهم احفظ علينا ديننا الذي هو عصمة أمرنا وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا وأصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا أقول ما تسمعون...
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام
يستغربُ البعضُ الحديثَ عن المرأة والتحذيرَ من تحريفِ دورها ويتَّهمُ المنبّهين بالمبالغة والتهويل وإنَّ نجاحَ البيوت يبدأ بامرأة تُصلحه أو تُهمله وحجمُ الهجمات التي تُراد بالمرأة زادت مؤخراً مما يُؤثر على بعض ضعاف العقول والدين.. وكذلك وجود العنف على المرأة وهضمِ حقوقها يفسدُ شعورهَا ولذلك فالقلق العاقل والفاعل لحماية الأسرة والمرأة مهم فالكيدُ للأسر والبيوت اليوم يتخذُ وسائلَ شتى قد تكون بدايته تسليةً وترفيهاً لكن نهايته على المجتمع مريراً..قد يكون بدعوى حريةٍ وحقوق وهو يريد فساداً وفجور!!وإذا كنا لا نرضى المبالغةَ والتهويل واتهام نيات الناس والتكفير فإننا ندعو العقلاء والخيرين،وأهل الغيرة والدين، ليكون لنا نصيب راجح في الحفاظ على الأسرة والمرأة فهذا همّ ديني ووطني مشترك ((وَٱتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً)) والنبيُّ صلى الله عليه وسلم قال..((اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت بالنساء)) ويقول كذلك.. ((ما تركت فتنةً أضر على الرجال من النساء)) فلا تراخي ولا إهمال كما أننا نكره المبالغةَ والتهويل.. والحذر الحذر من شدةٍ ذميمة في التربية وعُنفاً أسريّا يُفسد ولا يُصلح فرفقاً بالقوارير..!!نسأل الله جل وعلا أن يحمي مجتمعنا ونساءَنا من غوائل السوء ومن مكر الكيد والفسوق ومن التطرف والغلو والفجور..وأن يجعلنا جميعاً رجالاً ونساءً حماةً للدين والأوطان متكاتفين على الخير والإيمان.. اللهم أعز الإسلام والمسلمين


 0  0  254

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.