الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله..صلى الله عليه وعلى آله وصحبه و سلم تسليماً..أما بعد فاتقوا الله عباد الله وتوبوا إليه ..
أيها الأحبة..إذا كان توحيد الله وعدم الإشراك به هو الإسلام فإن جوهره الخلق الحسن والمعاملة والأزمة اليوم بالخلل في المعاملة والأخلاق فيما بيننا،فإذا اختلفنا بالرأي أطلقنا الاتهامات..فسادٌ في التعاملات وعقوقٌ بالوالدين وقطيعةٌ للأرحامِ واختلافٌ بين الإخوةِ والأقاربِ على الأموالِ.وقسوةٌ في التعامل وسوءُ ظنٍ.غيبةٌ ونميمة وغيرها. مما يبيّن أن أزمتَنا اليوم أزمةُ أخلاقٍ[سئل صلى الله عليه وسلم ما الدين؟! قال.. حسن الخلق،وسئل ما الشؤم؟قال..سوء الخلق!]ولذلك ربَّى صلى الله عليه وسلم صحابته على الأخلاق من خلال الكتاب والسنة فربّوا مَنْ بعدهم لينشروا في الناس الخلقَ والمعاملة فدخلَ الناس في دين الله أفواجاً أكثر من الفتوحات العسكرية..يمر عمر ببيت فيسمعُ الأمَّ تقول لابنتها امزجي اللبن بالماء فإن عمر لا يرانا فترد البنت..إن كان عمر لا يرانا فإن ربَّ عمر يرانا ويجلس عمر قاضياً في المدينة بخلافةِ أبي بكر لمدة سنة لم يتقدم له أحد في خصومة لأنهم قومٌ تمثلوا أخلاق الإسلام..
أحدُ المفكرين بالعالم أراد تجريب الأديان كلّها ليبحث عن الحقيقة حتى اهتدى للإسلام أنه أفضلها عقيدةً وأصولاً فأسلم بعد أن عرف حقيقته وروعته..المؤلم أنه يقول بحمد الله أنّي عرفت حقيقة الإسلام قبل أن أشاهد بعضَ تعاملات المسلمين وأحوالهم!!
هناك إهمالٌ كبير بأبسط مفاهيم الأخلاق وأعظمها من نظافةٍ وأمانةٍ وعدلٍ وصدقٍ ووفاءٍ وحماية بيئة وغيرها من أخلاقٍ قام عليها الإسلام فرسول الله صلى الله عليه وسلم بُعثَ لِيُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاق،ليُعزَّ الأمم ونحن نحتاج لتمثّل أخلاق الإسلام من تعاملات صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الأخيار حتى اليوم فالإسلام نهجٌ يجمعُ العقيدةَ والفقهَ والأخلاقَ والعمل..والمتأمِّلُ في حياةِ بعضِ المسلمِين يلحَظُ انفصالاً وانفصامًا بين ما نعرفه ونقرأه وبين ما نفعله ونتعامل به..والواجب أن يكونا مرتبطين يقول صلى الله عليه وسلم..(أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا)واجبٌ أن تصلَ من قطعك وتعطيَ من حرمَك وتعفوَ عمّن ظلمَك،الإسلام برٌّ والدين وصلة أرحام وحسن جوار وإحسان لليتامى والمساكين وابنِ السبيل،يَنهى عن الفخر والخُيَلاء والبغي والاستطالةِ على الخلق بحقّ أو بغير حقّ،ويأمرُ بمعالي الأخلاقِ وتنهى عن سفاسِفها"هكذا أخلاقُ من آمن به..فلا فصل بين الدين ومظهره وتعاليمه وبين الأخلاق وتعاملاتها..عناصرُ متماسِكة،التفريط بها يؤدي للهلكة وهو المفلس..الذي يأتي بصلاة وزكاةٍ وصيام وحسناتٍ أمثال الجبال لكنه يأتي وقد شتَم هذا وقذَف هذا وأكلَ مالَ هذا وسفك دمَ هذا وضرَب هذا، فيُعطى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه،فإن فنيَت حسناتُه قبل أن يٌقضَى ما عليه أخِذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثمّ طُرح في النار]رواه مسلم
الأخلاقُ فرقُ الإنسان عن الحيوان!تمثلُ تصرفاته في سلوكه وأحواله كلِّها في جدِّه وهزله،وفرحه وحزنه ورضاه وسَخَطه،وخطئِه وصوابِه،والسعادةُ لا تُدرك بالمنصِب ولا بالجاه ولا تُنال بالشّهوات ومُتَع الحياة ولا بِجمال المظهَر وحسن اللّباس، لكنها تُنال بلباسِ التّقوى ورِداء الخُلُق، عملٌ صالح وقول حسَن (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)أزمتُنا اليوم أصبحت بين من اختصر الإسلام بالمظهر وأهمل الخلقَ والمخبر أو بين من أهملَ تعاليمَ الإسلام وشرعَه وأصوله بدعوى جمع الناس فلا ديناً أبقى ولا كلمةً اجتمعوا عليها..
فاحرصوا إخوتي على أصولِ الأخلاق ومُزكّيات النّفوس،تأمّلوا في الأمانةِ والصّدق والعفّة والمروءة والحِلم والصّبر والاعتراف بالحقّ لأهله والجميلِ لأصحابه، قدّروا ما عند غيركم مِن فضلٍ وعِلمٍ وخِبرة ولا تنالوا منهم أو تحتقروهم لجنسيّة أو فقرٍ أو لون أو منصب..احترم الكبير وارحم الصغير،آثِر الحقَّ وأحِبَّ أهلَه وخُذ بالرّحمة وفروعِها وقوّة الإرادة وضبطِها والصّبر ومظاهِره وسماحةِ النّفس علوّ الهمّة والاحترامِ المتبادل وما أحوجنا لأن نحسن الظَنَّ ببعضِنا ونعتذرَ عن خطاء غيرنا .
لمحاسنِ الأخلاق في ديننا مكانةً عالية،تُقرّب للنبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول..(إنّ من أحبِّكم إليّ وأقربِكم منّي مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا)رواه البخاري ويقول أيضاً(إنّ من خيارِكم أحسنَكم أخلاقًا)رواه البخاري،والكلمة الطيّبةُ صدقة، وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة(وإن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم الذي لا يفتر من صيام و القائم لا يفتر من قيام)
آياتُ كتابِ الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم كُلُّها تتحدث عن جوامع الأخلاق في معاملةِ الخالقِ جلَّ وعلا أو معاملةِ المخلوقين،أو في إقامةِ حدودِ الشّرع حتّى مع الحيوان في قتلِه أو ذبحه بالحديث(إنّ الله كتب الإحسانَ على كلّ شيء،فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة،وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة،وليحِدَّ أحدكم شفرتَه،وليرِح ذبيحتَه)رواه مسلم ولنعرفَ عظمةَ الأخلاق تأمَّلوا قول الله..(هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ)(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)(وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)(خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ)(وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ)وفي السنّة..(ليس الغِنى عن كثرةِ العَرَض،ولكن الغِنى غِنى النّفس)،و(ليس الشّديد بالصُرَعَة،إنّما الشديد الذي يملِك نفسَه عندَ الغضب)و(من لا يشكر الناسَ لا يشكر الله)،و(لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه)،و(أحسن الناسِ إسلامًا وإيمانًا أحسنُهم خلقًا)،و(ما من شيء أثقلُ في ميزان المؤمن يومَ القيامة من خلُق حسن) آياتٌ وأحاديث كثيرة تُبيّنُ أنَّ الإسلامَ كما هو عقيدةٌ فهو أخلاقٌ عظيمة..فكيف بمن يعرف تلك النصوص التي تُقرأُ بالليل والنهار ثم لا تُطبق؟!الأخلاقُ تكاليفُ مطلوبَة كسائر العباداتِ والمطلوباتِ الشرعيّة فرضًا وسنّة،وذمها منهيٌّ عنه تحريمًا وكراهة..فحسن المعاملة والأمانة أهمُّ من السنة وقراءة القرآن والصدقُ وحسنُ الظن أفضلُ من الصدقة واتباع الجنائز..والغيبةُ والنميمة أشدُّ إثماً من حَلْقِ اللحى والفسادِ في المال،وعدمُ إنجاز معاملات الناس أشدُّ إثماً من الأخطاء الشخصية الخاصة هذا الدين وأولوياته تقديم الأهم فالمهم هذا هو فهم الدين الصحيح!!وعباداتُ الإسلام الكبرى وأركانه العظمى ارتبطت بالأخلاق،فالصّلاة تنهى عن الفحشاءِ والمنكر،والزّكاة صدقةٌ تطهِّر المسلمَ وتزكّيه،وفي الصيام..(من لم يدع قولَ الزور والعمل به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامه وشرابَه)والحجّ أشهر معلومات،(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)ويقول صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن،والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله؟!قال..مَن لا يأمَن جاره بوائقَه) (ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرِم ضيفَه،ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمت) (والحياء شعبة من الإيمان) وطوبى لمن شغَله عيبُه عن عيوبِ النّاس،وتعرَّف على أخلاقك عند غضبِك وإذا خلوتَ لوحدك وإذا احتجتَ وإذا استغنيتَ وإذا قدرتَ وإذا عجزتَ،وإذا عاملت بالمال وإذا سافرت،وإذا صاحب الأخلاقَ إخلاصٌ لله ثبتت وعَظُم أثرها،والنفس السيئة تثير الفوضى بأفضل الأنظمة،والنّفسُ الكريمَة تسترُ الأخطاءَ والعيوبَ،والقاضِي النزيهُ يُكمِّل بعدلِه نقصَ النّظام، والقاضي الجائرُ،يفسدُ أفضلَ الأنظمة،وإذا لم تصلُحِ النّفوس بالأخلاق أظلمتِ الآفاق وبرزَت الفِتن..هذه أهمية الأخلاق وذلك دورُها فليست شعارات ترفع أو مظاهر لا تطبَّق لأن أثرها على الدين والمجتمع كبير..بالحديث قالوا يا رسول الله إن فلانة تكثر من صلاتها و صيامها وصدقتها لكنها تؤذي جيرانها بلسانها قال..هي في النار قال..فإن فلانة تصلي فرضها و تصوم شهرها و تتصدق بالقليل من الإقط و تحسن إلى جيرانها قال هي في الجنة رواه أحمد..
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق وارزقنا الصدق والاستقامة في الأمر كله(يا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)وأقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية .. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..وبعد فاتقوا الله واعلموا أن حُسنَ الخلُق بابٌ عظيم لو أقمناه أفراداً ودولاً ومجتمعات سنعالج كثيراً مما أصاب الأمم وإنّ دروسَ التاريخ وعبَر الزمن لتبيِّن أنّ كلَّ أمّة نهضت وكلّ حضارة ازدَهرت إنما هو بعد فضلِ الله بأخلاقٍ عاليةٍ قامت وسيرةٍ فاضلةٍ طُبقت وتعاملٍ حسنٍ فرضَ نفسَه فمَلَكَ وعَدَلَ وأصبحت الكلمةُ قائمة..وهكذا كان تاريخنا..أخلاقُ بامتياز يذكرها العدو قبل الصديق..فلم تكن سعادة الأمّة ولا عزّة الدّيار بكثرةِ الأموال ولا بجمَالِ المباني ولكن السّعادة والعزّة برجالٍ تثقّفت عقولهم وحسُنت أخلاقهم وصحّت عقائدُهم واستقامت تربيّتهم واستنارت بصائرُهم، أولئك هم رجالُ الأخلاقِ والقوّة، وذلكم هو بإذن الله مصدرُ العزّة.
أحبُّ مكارمَ الأخلاقِ جَهدي وأكرهُ أن أَعيب وأن أُعابا
وأصفحُ عن سبابِ الناسِ حلماً وشرُّ الناس من يَهوى السِّبَابَا
والطرفُ يرتدُّ كسيراً حينما تذهب لبلادٍ يظهرون الخلق تعاملاً من نظافةٍ واحترامٍ وصدقٍ والتزامٍ بالنظام وحماية المستهلك وحرصٍ على البيئة وغير ذلك من أخلاق..أليس المسلمون بها أولى منهم وديننا يأمر بكل ذلك؟!سؤال يثير الحيرة والقلق..ويحثّ الهمم على مزيد النصح والتوعية عن الأخلاق فنحن أهلها وديننا يؤكدها..اللهم أحسن أخلاقنا وأحسن خاتمتنا وارزقنا الخلق الجميل وحسنَ التعامل مع الجميع و نجنا من حقوق الغير ومن الظلم يا أرحم الراحمين..اكفنا الوباء والبلاء والغلاء عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين وفق ولاة أمورنا واحم حدودنا واكفنا الشرور والمنكرات يا رب العالمين وصلى الله وسلم...
أيها الأحبة..إذا كان توحيد الله وعدم الإشراك به هو الإسلام فإن جوهره الخلق الحسن والمعاملة والأزمة اليوم بالخلل في المعاملة والأخلاق فيما بيننا،فإذا اختلفنا بالرأي أطلقنا الاتهامات..فسادٌ في التعاملات وعقوقٌ بالوالدين وقطيعةٌ للأرحامِ واختلافٌ بين الإخوةِ والأقاربِ على الأموالِ.وقسوةٌ في التعامل وسوءُ ظنٍ.غيبةٌ ونميمة وغيرها. مما يبيّن أن أزمتَنا اليوم أزمةُ أخلاقٍ[سئل صلى الله عليه وسلم ما الدين؟! قال.. حسن الخلق،وسئل ما الشؤم؟قال..سوء الخلق!]ولذلك ربَّى صلى الله عليه وسلم صحابته على الأخلاق من خلال الكتاب والسنة فربّوا مَنْ بعدهم لينشروا في الناس الخلقَ والمعاملة فدخلَ الناس في دين الله أفواجاً أكثر من الفتوحات العسكرية..يمر عمر ببيت فيسمعُ الأمَّ تقول لابنتها امزجي اللبن بالماء فإن عمر لا يرانا فترد البنت..إن كان عمر لا يرانا فإن ربَّ عمر يرانا ويجلس عمر قاضياً في المدينة بخلافةِ أبي بكر لمدة سنة لم يتقدم له أحد في خصومة لأنهم قومٌ تمثلوا أخلاق الإسلام..
أحدُ المفكرين بالعالم أراد تجريب الأديان كلّها ليبحث عن الحقيقة حتى اهتدى للإسلام أنه أفضلها عقيدةً وأصولاً فأسلم بعد أن عرف حقيقته وروعته..المؤلم أنه يقول بحمد الله أنّي عرفت حقيقة الإسلام قبل أن أشاهد بعضَ تعاملات المسلمين وأحوالهم!!
هناك إهمالٌ كبير بأبسط مفاهيم الأخلاق وأعظمها من نظافةٍ وأمانةٍ وعدلٍ وصدقٍ ووفاءٍ وحماية بيئة وغيرها من أخلاقٍ قام عليها الإسلام فرسول الله صلى الله عليه وسلم بُعثَ لِيُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاق،ليُعزَّ الأمم ونحن نحتاج لتمثّل أخلاق الإسلام من تعاملات صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الأخيار حتى اليوم فالإسلام نهجٌ يجمعُ العقيدةَ والفقهَ والأخلاقَ والعمل..والمتأمِّلُ في حياةِ بعضِ المسلمِين يلحَظُ انفصالاً وانفصامًا بين ما نعرفه ونقرأه وبين ما نفعله ونتعامل به..والواجب أن يكونا مرتبطين يقول صلى الله عليه وسلم..(أكملُ المؤمنين إيمانًا أحسنُهم خلقًا)واجبٌ أن تصلَ من قطعك وتعطيَ من حرمَك وتعفوَ عمّن ظلمَك،الإسلام برٌّ والدين وصلة أرحام وحسن جوار وإحسان لليتامى والمساكين وابنِ السبيل،يَنهى عن الفخر والخُيَلاء والبغي والاستطالةِ على الخلق بحقّ أو بغير حقّ،ويأمرُ بمعالي الأخلاقِ وتنهى عن سفاسِفها"هكذا أخلاقُ من آمن به..فلا فصل بين الدين ومظهره وتعاليمه وبين الأخلاق وتعاملاتها..عناصرُ متماسِكة،التفريط بها يؤدي للهلكة وهو المفلس..الذي يأتي بصلاة وزكاةٍ وصيام وحسناتٍ أمثال الجبال لكنه يأتي وقد شتَم هذا وقذَف هذا وأكلَ مالَ هذا وسفك دمَ هذا وضرَب هذا، فيُعطى هذا من حسناتِه وهذا من حسناتِه،فإن فنيَت حسناتُه قبل أن يٌقضَى ما عليه أخِذ من خطاياهم فطُرحت عليه ثمّ طُرح في النار]رواه مسلم
الأخلاقُ فرقُ الإنسان عن الحيوان!تمثلُ تصرفاته في سلوكه وأحواله كلِّها في جدِّه وهزله،وفرحه وحزنه ورضاه وسَخَطه،وخطئِه وصوابِه،والسعادةُ لا تُدرك بالمنصِب ولا بالجاه ولا تُنال بالشّهوات ومُتَع الحياة ولا بِجمال المظهَر وحسن اللّباس، لكنها تُنال بلباسِ التّقوى ورِداء الخُلُق، عملٌ صالح وقول حسَن (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)أزمتُنا اليوم أصبحت بين من اختصر الإسلام بالمظهر وأهمل الخلقَ والمخبر أو بين من أهملَ تعاليمَ الإسلام وشرعَه وأصوله بدعوى جمع الناس فلا ديناً أبقى ولا كلمةً اجتمعوا عليها..
فاحرصوا إخوتي على أصولِ الأخلاق ومُزكّيات النّفوس،تأمّلوا في الأمانةِ والصّدق والعفّة والمروءة والحِلم والصّبر والاعتراف بالحقّ لأهله والجميلِ لأصحابه، قدّروا ما عند غيركم مِن فضلٍ وعِلمٍ وخِبرة ولا تنالوا منهم أو تحتقروهم لجنسيّة أو فقرٍ أو لون أو منصب..احترم الكبير وارحم الصغير،آثِر الحقَّ وأحِبَّ أهلَه وخُذ بالرّحمة وفروعِها وقوّة الإرادة وضبطِها والصّبر ومظاهِره وسماحةِ النّفس علوّ الهمّة والاحترامِ المتبادل وما أحوجنا لأن نحسن الظَنَّ ببعضِنا ونعتذرَ عن خطاء غيرنا .
لمحاسنِ الأخلاق في ديننا مكانةً عالية،تُقرّب للنبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول..(إنّ من أحبِّكم إليّ وأقربِكم منّي مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا)رواه البخاري ويقول أيضاً(إنّ من خيارِكم أحسنَكم أخلاقًا)رواه البخاري،والكلمة الطيّبةُ صدقة، وتبسُّمك في وجه أخيك صدقة(وإن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة الصائم الذي لا يفتر من صيام و القائم لا يفتر من قيام)
آياتُ كتابِ الله وأحاديث رسوله صلى الله عليه وسلم كُلُّها تتحدث عن جوامع الأخلاق في معاملةِ الخالقِ جلَّ وعلا أو معاملةِ المخلوقين،أو في إقامةِ حدودِ الشّرع حتّى مع الحيوان في قتلِه أو ذبحه بالحديث(إنّ الله كتب الإحسانَ على كلّ شيء،فإذا قتلتم فأحسِنوا القِتلة،وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة،وليحِدَّ أحدكم شفرتَه،وليرِح ذبيحتَه)رواه مسلم ولنعرفَ عظمةَ الأخلاق تأمَّلوا قول الله..(هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ)(وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)(وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)(خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ)(وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ)وفي السنّة..(ليس الغِنى عن كثرةِ العَرَض،ولكن الغِنى غِنى النّفس)،و(ليس الشّديد بالصُرَعَة،إنّما الشديد الذي يملِك نفسَه عندَ الغضب)و(من لا يشكر الناسَ لا يشكر الله)،و(لا يؤمِن أحدُكم حتّى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه)،و(أحسن الناسِ إسلامًا وإيمانًا أحسنُهم خلقًا)،و(ما من شيء أثقلُ في ميزان المؤمن يومَ القيامة من خلُق حسن) آياتٌ وأحاديث كثيرة تُبيّنُ أنَّ الإسلامَ كما هو عقيدةٌ فهو أخلاقٌ عظيمة..فكيف بمن يعرف تلك النصوص التي تُقرأُ بالليل والنهار ثم لا تُطبق؟!الأخلاقُ تكاليفُ مطلوبَة كسائر العباداتِ والمطلوباتِ الشرعيّة فرضًا وسنّة،وذمها منهيٌّ عنه تحريمًا وكراهة..فحسن المعاملة والأمانة أهمُّ من السنة وقراءة القرآن والصدقُ وحسنُ الظن أفضلُ من الصدقة واتباع الجنائز..والغيبةُ والنميمة أشدُّ إثماً من حَلْقِ اللحى والفسادِ في المال،وعدمُ إنجاز معاملات الناس أشدُّ إثماً من الأخطاء الشخصية الخاصة هذا الدين وأولوياته تقديم الأهم فالمهم هذا هو فهم الدين الصحيح!!وعباداتُ الإسلام الكبرى وأركانه العظمى ارتبطت بالأخلاق،فالصّلاة تنهى عن الفحشاءِ والمنكر،والزّكاة صدقةٌ تطهِّر المسلمَ وتزكّيه،وفي الصيام..(من لم يدع قولَ الزور والعمل به والجهلَ فليس لله حاجةٌ في أن يدَع طعامه وشرابَه)والحجّ أشهر معلومات،(فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ)ويقول صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن،والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا من يا رسول الله؟!قال..مَن لا يأمَن جاره بوائقَه) (ومَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرِم ضيفَه،ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقُل خيرًا أو ليصمت) (والحياء شعبة من الإيمان) وطوبى لمن شغَله عيبُه عن عيوبِ النّاس،وتعرَّف على أخلاقك عند غضبِك وإذا خلوتَ لوحدك وإذا احتجتَ وإذا استغنيتَ وإذا قدرتَ وإذا عجزتَ،وإذا عاملت بالمال وإذا سافرت،وإذا صاحب الأخلاقَ إخلاصٌ لله ثبتت وعَظُم أثرها،والنفس السيئة تثير الفوضى بأفضل الأنظمة،والنّفسُ الكريمَة تسترُ الأخطاءَ والعيوبَ،والقاضِي النزيهُ يُكمِّل بعدلِه نقصَ النّظام، والقاضي الجائرُ،يفسدُ أفضلَ الأنظمة،وإذا لم تصلُحِ النّفوس بالأخلاق أظلمتِ الآفاق وبرزَت الفِتن..هذه أهمية الأخلاق وذلك دورُها فليست شعارات ترفع أو مظاهر لا تطبَّق لأن أثرها على الدين والمجتمع كبير..بالحديث قالوا يا رسول الله إن فلانة تكثر من صلاتها و صيامها وصدقتها لكنها تؤذي جيرانها بلسانها قال..هي في النار قال..فإن فلانة تصلي فرضها و تصوم شهرها و تتصدق بالقليل من الإقط و تحسن إلى جيرانها قال هي في الجنة رواه أحمد..
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق وارزقنا الصدق والاستقامة في الأمر كله(يا بُنَيَّ أَقِمْ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)وأقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية .. الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..وبعد فاتقوا الله واعلموا أن حُسنَ الخلُق بابٌ عظيم لو أقمناه أفراداً ودولاً ومجتمعات سنعالج كثيراً مما أصاب الأمم وإنّ دروسَ التاريخ وعبَر الزمن لتبيِّن أنّ كلَّ أمّة نهضت وكلّ حضارة ازدَهرت إنما هو بعد فضلِ الله بأخلاقٍ عاليةٍ قامت وسيرةٍ فاضلةٍ طُبقت وتعاملٍ حسنٍ فرضَ نفسَه فمَلَكَ وعَدَلَ وأصبحت الكلمةُ قائمة..وهكذا كان تاريخنا..أخلاقُ بامتياز يذكرها العدو قبل الصديق..فلم تكن سعادة الأمّة ولا عزّة الدّيار بكثرةِ الأموال ولا بجمَالِ المباني ولكن السّعادة والعزّة برجالٍ تثقّفت عقولهم وحسُنت أخلاقهم وصحّت عقائدُهم واستقامت تربيّتهم واستنارت بصائرُهم، أولئك هم رجالُ الأخلاقِ والقوّة، وذلكم هو بإذن الله مصدرُ العزّة.
أحبُّ مكارمَ الأخلاقِ جَهدي وأكرهُ أن أَعيب وأن أُعابا
وأصفحُ عن سبابِ الناسِ حلماً وشرُّ الناس من يَهوى السِّبَابَا
والطرفُ يرتدُّ كسيراً حينما تذهب لبلادٍ يظهرون الخلق تعاملاً من نظافةٍ واحترامٍ وصدقٍ والتزامٍ بالنظام وحماية المستهلك وحرصٍ على البيئة وغير ذلك من أخلاق..أليس المسلمون بها أولى منهم وديننا يأمر بكل ذلك؟!سؤال يثير الحيرة والقلق..ويحثّ الهمم على مزيد النصح والتوعية عن الأخلاق فنحن أهلها وديننا يؤكدها..اللهم أحسن أخلاقنا وأحسن خاتمتنا وارزقنا الخلق الجميل وحسنَ التعامل مع الجميع و نجنا من حقوق الغير ومن الظلم يا أرحم الراحمين..اكفنا الوباء والبلاء والغلاء عن بلدنا وسائر بلاد المسلمين وفق ولاة أمورنا واحم حدودنا واكفنا الشرور والمنكرات يا رب العالمين وصلى الله وسلم...