• ×

06:21 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

أولادنا فلذاتنا

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً أما بعد فيا عباد الله اتقوا الله
الأولاد بنين وبنات زينةُ الحياة الدنيا:وتربيتهم والعناية بهم مسؤولية عظمى على الأسرة والمجتمع والدولة في توجيههم والأخذ بأيديهم لخدمة دينهم ومجتمعهم ونسبة الشباب لدينا حوالي (70%) وكما يلاحظ البعض عليهم خلل التصرفات فلدينا بحمد الله شباب نُفاخر بهم ممن فهم دوره ووزان حياته وخدم وطنه..
أولادنا فلذات أكبادنا والآباء والأمهات مسؤولون عن تربيتهم ليفاخروا بهم والتزامهم بدينهم بناةً للأوطان بارين بأسرهم وأقاربهم وحسن تعاملهم أما إن كانوا عبئاً على الأسر والأوطان وسبباً لإفساد الخلق والأمن والبنيان،فالخسارة كبيرة ولذلك فالبرامج والخطط المقدمة لهم مُهمّة ينبغي الاعتناء بها في الأسرة والمجتمع والتعليم والإعلام..
أيها الأب قد تكون الدولةُ مسؤولةً عنهم برعايتهم وتوظيفهم وإيجاد البرامج المناسبة لهم وتأديب المخطئ منهم: قد يكون للتعليم دورٌ وللقنوات أثر لكنك أنت!!نعم أنت! مسؤولٌ عن حمايتهم ورعايتهم وتسخير طاقاتهم ووضع البرامج لخدمة دينهم وأمتهم..إذا رأيت الخطر:فابحث عن دورك فيما تراه من خللٍ بأولادك ولا تلم غيرك فقط فالقرآن يحملنا المسؤولية(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه(علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم)فمن نشَّأ أولاده على الأخلاق الفاضلة والمُثل الكريمة في الصغر،سُرَّ وانتفعَ بهم في الكبر،والأولاد من بنين وبنات نعمةٌ كبرى،أنعم الله بها لأنهم(زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)ومن أوتي هذه النعمة يدركُ أن استقرارها والسعادة بها بتربيتهم على الخير مما أمر الله به:والبعد عن التساهل والتفريط والدلال المفسد: وكما أنهم نعمة فهم كذلك ابتلاء وفتنة(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ)إن ما نراه من مظاهر ومشاكل أسبابها أبٌ أهملَ وغفلَ وأُمٌ دلّلت ورحمت فأضاعت!!والعقلاء يهتمون بتربية أولادهم والعناية بهم،مع دعاءٍ بصلاحهم(رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً)لقمان الحكيم يعظُ ابنه(يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)ويزرع في قلبه الثقة ومراقبة الله جل جلاله منذ الصغر ويأمره وينهاه(يَابُنَيَّ أَقِمْ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِوَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍوَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ)الإمامُ سفيانُ الثوري رحمه الله تقول له أمه:"يا بني!اطلب العلم،وأنا أكفيك بمغزلي"فكانت تعمل وتصرف عليه ليتفرّغ للعلم،ثم تقول له"يا بني إذا كتبت عشرة أحرف، فانظر هل ترى في نفسك زيادة في خشيتك وحلمك ووقارك، فإن لم تر ذلك،فاعلم أنها تضرك،ولا تنفعك"وليس المطلوب زيادة الأولاد كماً وعدداً للمفاخرة وإهمالها كيفاً وعقلاً في التربية!!فهم مشروعُ عمرِ يبدأُ باختيارِ أمٍ صالحةٍ وبتحصين الأسرة ضدَّ مؤامرات مفسدة ليس منعاً بل إفهاماً وإقناعاً..ومن يهمل تربية الصغر يندم في الكبر..ليست التربية غذاء وكساء ومنزل فقط وإنما عناية وتوجيه وإصلاح ومشاركة..صحيح نعطيهم حرية تناسب لكن مسؤوليتَنا مراقبتهُم أيضاً..لاسيما مع تسلّط شياطين إنسٍ وجان أصبحوا خلال وسائل التواصل يشغلون بنين وبنات ويؤلبّونهم على الدين والآباء والدولة والمجتمع..وكذلك استهتار بعض الأولاد بالأنظمة خطير!!..
أيها الأخوة..ليست التربيةُ بالقسوة والغلظة ولا بالدلال والتساهل..كن وسطاً بينهما بحكمة وموعظة حسنة العنف الأسري والإهمال الأبوي عاقبتهما وخيمة..ابذل جهدك بحكمة ورحمة ثم قل(رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنْ الْمُسْلِمِينَ)
كن قدوةً لهم ما استطعت واستعن بالدعاء لهم كل وقت فليست التربية بتوفير ما يطلبون بل بالضروري مما يحتاجون..
وكز في صغرهم فكل مولودٍ يولد على الفطرة،ثم يأتي دورالأبوين، إما بغرس الفضائل والدين في قلبه أو بإهمال زرعه ليكون مُفسداً لا مبالياً وتفاهم الزوجين مهم مع تعاونهما المتبادل وبعدهما عن الخلافات المؤثرة..
وإذا والأب ابتلي بعادةٍ سيئة فليتب عنها ويبعد تأثيرها عن بيته..وغير القادر يستعين بالنصح من غيره قال عمرو بن عتبة لمعلم ولده (ليكن أولَ إصلاحك لولدي إصلاحُك لنفسك، فإن عيونهم معقودة بعينك،فالحسن عندهم ما صنعت،والقبيح عندهم ما تركت)متابعتهم في الصلاة خاصة الجماعة عبادةً لربهم وصلاح لقلوبهم،أمّا نهملهم ونتساهل ثم نقول الهادي الله فهذا تقصيرٌ لا تراه مثلاً في حرصنا على دراستهم ووظائفهم وعدم غيابهم عنها مع أن الرازق هو الله أيضاً!!اللبس والمظاهر لأولادنا مهمّةٌ أيضاً ينبغي الحرص عليها نومهم أكلهم صحتهم وصحبتهم الاهتمام بها يوفر كثيراً من العناء واحذروا ثم احذروا من الدعاء على أولادكم خاصةً عند الغضب فذلك منهيٌّ عنه..
لنفهم شخصية أولادنا حسب أعمارهم[علِّمه سبعاً ثم أدبه سبعاً ثم ناصحه سبعاً ثم صادقه بعد ذلك]البعض إما ثقة مفرطة أو تخوف زائد حتى وهم كبار!!،فلنتق الله في أولادنا ولنعلم أنهم فلذاتنا وأكبادُنا يمشون على الأرض لا تكن غليظاً فتُكسر ولا ليّناً فتعسر وخير الأمور الوسط محاضن تربوية ودروس علميّة وحلقات تحفيظ وبرامج تطوّع للمجتمع كلها تشرف عليها الدولة ويقوم عليها مربون فاضلون فزّغوا أوقاتهم وأعمارهم تعيننا لتربيتهم ونحن في إجازة الفراغ فيها بلا برامج مَضْيَعةُ وقتٍ وفسادُ عُمرٍ لا نُعذرُ فيه..اللهم اهد أولادنا للصراط المستقيم وأصلحهم للقيام بدينهم وخدمة أوطانهم والبرّ بآبائهم يارب العالمين ((وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ)أقول قولي.
الخطبة الثانية:الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:
أيها الأحبة:الاهتمام بالأبناء مسؤولية عظمى على الجميع وإن مظاهرَ سيئةٍ للشباب لا يُعمَّمُ فنحن بحمد الله نفاخر بأولاده أدركوا أهمية حياتهم..جادين منضبطين نرفع بهم رؤوسنا أوجدوا نماذج صالحة تبين لك أن الخير مغروس في هذه الأمة عبر شبابها وشيبها فنرى من يخترع ويبتكر ومن ينالُ الجوائز العلمية على مستوى العالم ونرى شباباً لايغيبون عن المساجد وصالح الأخلاق والتطوع بعمل الخير وجمعياته بنين وبنات ونرى بارّين بوالديهم صالحين في أوطانهم يظهرون صفات الخير في مجتمعنا نرى شباباً يمرضون فيعطون أمثلة عجيبة على الصبر ونرى أوفياء في الصداقة والفزعة الخير بينهم فنفخر بهم وندعو لهم ونرفع الرأس بهم ونرجو مزيداً من صلاحهم وعلوِّ شأنهم نسأل الله أن يديم عليهم وأن يسدد رأيهم ويجنبنا وإياهم الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن نكون جميعاً ممن يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ووفق ولاة أمور المسلمين

 0  0  332

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.