• ×

07:05 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

نتعبّدُ الله بالفعل والترك والأمر والنهي

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
.الحمد لله الذي أكرمنا بالعودة إلى بيوته نسألك يارب أن تُتمِّمَ لنا نعمتك كما أكرمتنا بالدخول إلى بيتك أن تكرمنا بدخول جنتك وأن تكرمنا بالقبول وأن تكرمنا يارب بدفع البلاء والوباء وعدم تسلط الأعداء أن تكرمنا بعزِّ الدين وأهله فلك الحمد أولاً وآخرا ولك الحمد ظاهراً وباطنا ولك الحمد كما ترضى وحتى ترضى ونسألك الرضى والعفو عما مضى ونسألك التوفيق والإخلاص ودوام النعم وحسن الختام..
أيها الإخوة المؤمنون..كم من نعمة أنعمها الله علينا فعميت أبصارنا عنها ولم يعرفها العبد إلا بعد أن فقدها فنشهد ألا اله إلا الله الذي بيده ملكوت كل شيء ونشهد أن محمداً رسول الله الذي دلَّنا على كل خير وإن من الخير الذي دلنا عليه رسول الله ومن النعم التي أنعهما الله علينا نعمة المساجد التي أَذِنَ الله أن تُرفعَ ويُذكرَ فيه اسمُه ووصفَ الداخلين إليها(يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ*رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ)(أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ)أي تُرفعَ العبادةُ فيها وتشهر ويؤذن لها بالآذان حي على الصلاة حي على الفلاح ومن أذن الله له بالعبادة وأمره بها فقد وفقه ومن قبله الله تعالى في محراب العبادة فذلك القبول الحسن والله فيا من وفقك الله لتوحيده وإقامِ الصلاة ووفقك الله للصيام وإيتاء الزكاة ويامن وفقك الله لتربية أبنائك تربية صالحة..احمد الله على نعمة الهداية والصلاح والصحة والفراغ وتلذّذْ بطاعة الله واجعلها دوماً خالصةً لوجه الله سبحانه متابعاً فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم واعلم أن الله جل وعلا هو الذي يثيب بالأمر كما يُثيبُ عندما ينهاك عن أمر إذا استجبت له..
لقد أتينا إلى بيوت الله حيث أُمرنا وغبنا عن بيوت الله حيث أمرنا الصلاة في بيوتكم نعم فإن حفظ النفوس هو من الضروريات الشرعية التي نتعبدُّ اللهَ تَعالى من خلالِها حفظُ الدين وحفظ النفس وحفظ العرض وحفظ العقل وحفظ المال كُليَّاتٌ شرعية فمن فضل الله عز وجل التخفيف والمسامحة والغفران مع وجود أسبابها لذلك فالقاعدة الشرعية [المشقةُ تجلب التيسر]في السفر يُخفف الله على المسافر المشقة بقصر الصلاة وغيره من الأحكام كرماً وتفضلاً..أذن للمريض وللمسافر بالفطر رحمةً وتيسيراً طالبك فقط بربع العشر أي 2.5% من مالك تدفعها زكاةً عن مالك ونفسك للفقير والمسكين ولم يطالبك بكل مالك فضلاً من الله..
وإن الله عز وجل تَعبّدنَا باليُسر وتفضل علينا به ووعد به ووعد عليه بالأجر مرتين (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً*إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً )ولذلك نحن بحمد لله نفرح بالتيسير ونفعله عبادة فهنيئًا لمن غاب من المسجد وصحيفة أعماله تُكتب أنه من أهل المسجد يقول صلى الله عليه وسلم(إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا))؛رواه البخاري..وأهل صلاة الجماعة الذين غابوا عن صلاة الجماعة كتبت لهم صلاة الجماعة لأنهم ما تركوها وما توانوا عنها إنما أذن الله لهم أن يتركوها حفظاً للنفوس وما كانت الفتوى من جمهور علماء المسلمين إلا بناءً على حفظ النفس التي بها قوامُ الدين فلا تستطيعُ أن تصليَ إلا بالنفس ولن تصوم إلا بالنفس ولا تستطيع أن تجاهد إلا بالنفس ولا أن تحج إلا بالنفس وعندما تحفظُ نفسَك يقومُ دينُك وتعيشُ حياتكَ..غبتم عن المسجد ولكن ما غاب الأجر فلقد تحوَّلَت بحمدِ الله بيوتُ المسلمين إلى مُصليات وقامت في البيوت الجماعات وصار الرجل والولد في البيت إماماً(وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا)فالصبر محتاج الفرج ونحن كما علينا أن نعبدَ الله بالفعلِ علينا أن نعبدَه بالترك المقرونِ بالحكمةِ والفتوى الشرعية لقد أمرنا ففعلنا وأُمرنا أن نتركَ فتركنا أمام شريعة الله التي تتماشى مع الحياة شريعةٌ لله لا تتعارضُ مع حياتنا بل تتماشى معها لأن الشريعة تسعى لمصالح العباد..هذا مبدأٌ عقدي عظيم يُصلح كثيراً من الأمور..ولذلك كانت الذكرى من الله بالتنبيه عند كُلِّ مصيبة وهزيمة وبلاء ووباء بالتذكير للرجوع إلى الله وترك معاصيه والخوف من عقوبته ذكرى للمؤمنين..
أيها الإخوة..ينبغي أن ننتبه من أن تتحول لدينا العبادة إلى عادة إذا فقدها الإنسان لعذر شرعي حزن وغضب فالعابد المخلص لله من يكون أمام الأمر والنهي واحد وإن العبادة أن يجدك الله حيث أمرك وأن يفقدك الله حيث نهاك تفعل الأوامر وتتجنب النواهي ..
عباد الله..لما عادت المساجد عدنا اشتقنا إلى رؤيتكم في بيوت الله اشتاقت جباهنا لتسجد في بيوت الله اشتقنا إليها..هذا الشوقُ ينظُره الله ويرحمُ الله المشتاق إلى بيته شوقاً يجازيه بالأجر العظيم..نشتاق للمساجد لتعلقنا ببيوت الله أكثر ونسأل الله أن يُظلَّنا في ظِلِّه يوم لا ظِلَّ إلا ظلُّه تألمَّت بعض القلوب لأنها حُرمت المجيءَ إلى بيوت الله ولكن يا أيها القلب المتألم عليك أن تثق أن ثواب الله لك حاصلٌ بإذن الله..نحسبُ أنه لم ينقص منه شيء لأن قلبَك تَعلّق ببيت الله شوقاً وطمعاً بثوابه ولأن الله لا يضيع أجر المحسنين..وكما تعبَّدْنا الله بالفعل نتعبّدْه بالترك فالحمد لله على العودِ والعودُ أحمد..كتب الله الأجر قبل رمضان وفيه فقدنا الصلاة بالعيد جماعات واجتماعات فاجتمعنا الآن بالمساجد فلله الحمد والمنة أن الأجر مكتوب لعُمار المساجد والمتعلقين بها..قال صلى الله عليه وسلم(ما تَوَطَّنَ رجلٌ مسلمٌ المساجِدَ للصلاةِ والذكْرِ،إلَّا تَبَشْبَشَ اللهُ لَهُ منْ حينِ يَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهِ ، كَمَا يتَبَشْبَشُ أهلُ الغائِبِ بغائِبِهِمْ ، إذا قدِمَ علَيْهم) أخرجه ابن ماجه..اللهم لك الحمد كما جمعتنا ببيتك وتفضّلت علينا برحمتك وعفوك فأتمم علينا توفيقك بدفع البلاء والوباء يا أرحم الراحمين.
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
أيا الإخوة..كان توفيق الله لنا كبيراً والجهدُ المبذول حثيثاً بعنايةٍ ربانية وبإجراءات وقائية وكان وعياً للناس قائماً والتزاماً منضبطاً ساهم بحمد الله في تخفيف أثر الوباء كما رأينا..وهذا كله يستحق الحمد والشكر لله على عنايته أولاً ثم شكر جهاتٍ صحيّة وأمنية وقرارات حكوميّة ساهمت في تخفيف الأزمة بحمد الله على الناس ووعيٍّ لمواطنين ومُقيمين تعانُوا على مصيبة الوباء فأبدلهم الله حُسناً والعاقبة بإذن الله خيراً..ولا زال في المسألة بقيّةُ وعيٍ مطلوب وتعاونٍ محسوب والتخويف الزائد غيرُ مرغوب..ولاشك أنَّ ما نمر به والعالم أجمع من صعوباتٍ وتحدّياتٍ اقتصاديه واجتماعية يدعونا ليُعيدَ كل واحدٍ حساباته مع أسرته واستهلاكه وعاداته ليُصلح أموره ويستعين بالله باللجوء إليه..فما رأيناه في جائحة كورونا من تغيرات وأحوال تُعرف بها قدرة الله حقاً وهذه جائحة(لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ)
فاللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العُلا أن تمنَّ علينا بالأمن والأمان والسلامة والاطمئنان وأن تدفع عنا البلاء والوباء والغلاء وأن تجمع كلمتنا على الحق والدين وتوفيق ولاة أمور المسلمين لكل ما فيه الخير والصلاح والفلاح ..
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه...


 0  0  362

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.