• ×

02:30 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

كيف هانت الدماء

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله المبدئ المعيد،يحكم ما يشاء ويفعل ما يريد،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وهو على كل شيء شهيد،وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله أكرم الرسل وأشرف العبيد صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أولي النهج السديد وسلم تسليماً..أما بعد عباد الله اتقوا الله...
أيها الإخوة المؤمنون..ظهور الفتن والقتل ورخص الدماء من علامات الساعة التي أخبر عنها رسولنا صلوات الله وسلامه عليه وفي زمان الفتن لابد من حديثٍ واضحٍ بلا مجاملة،وحوار صادقٍ لا تطرفَ فيه ولا منابذة..وعودة الصادقة إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والاحتكام إلى شرعهما ونبذ ما خالفهما((وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ))
أيها الإخوة..لا تجدون نشرةً للأخبار إلا وتتصدرها أخبار القتلى والدماء حتى أصبح ذلك سمةً هذا العصر..لايقتلون بسبب كوارث طبيعية وإنما قتل غير مبرّر وهانت الدماء في هذا العصر بشكلٍ صرت تتساءل معه أين عقول البشر من كل هذا؟!وماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين حينما ضعفوا؟! والمصيبة تعظم نعم المصيبة تعظم- حين تنحصرُ أخبارُ القتلِ وهوان الدم في بلداننا المسلمة وفي شعوبنا المستضعفة وكأن دماءنا هانت فأريقت كما نراها تراق بأرض الشام منذ سنوات طغيان الظلمة أو الثورات والفتن فيما بيننا أو بتسلط عدوٍّ كالبوذيين في أرض الروهنجا أو بمن يزعم الانتساب للجهاد والمقاومة ثم تراه يستبيح القتل في عباد الله لايفرق بين قتلٍ وحشيٍّ للناس بمستشفى أو مراكز عسكرية أو تجد من يدّعي نصرة الإسلام ومقاومة اليهود كالشيعة الرافضة وهم يقتلوننا باسم الحسين رضي الله عنه وأرضاه..رأينا فرقهم القتالية من إيران والعراق وفي لبنان يذبحون السنة ورأينا الحوثيين الرافضة في اليمن وهم يعتدون على وطننا ويحاصرون دماج لقتل أهلها ومع كل ما يحصل من البوذيين والرافضة لا نرى العالم بمنظماته يتهمهم بالإرهاب لكنه يتهم السنة ومنظماتها بالإرهاب..
يا أمتي قيم الزمان جريحة
وعفافنا فتكت به الأحقاد

يستعرضون النصر فوق ربوعنا
ويدنسون الأرض كيف أرادو

عباد الله..أصبح القتلُ سمةً في عالمنا الإسلامي حتى كثر الهرْج الذي أخبر عنه صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح قالوا يا رسول الله وما الهرج؟قال:القتل وفي حديث بعده لا يدري القاتل لم قتل ولا المقتول فيما قتل عياذاًَ بالله..وترى استهانةً بالنفوس المعصومة والدماء المهدرة وتدمير الممتلكات والإفساد في الأمن في عددٍ من بلاد المسلمين حتى تأثرنا بهذا-نعم تأثرنا-بالإفساد في الدين وتشويه شريعة رب العالمين والتأثير السيء على التعليم ومجالات الدعوة والخير،وهو نتيجةٌ واضحة لتسلّط الكافرين أو لفساد التفكير وغلوٍّ التكفير..ونهجٍ إلى التفجير ينفيه كل صاحب عقل وتدبير..وإراقةٍ لدمٍ حرام،لذلك كلّه لنراجع طرحنا وبرامجنا حتى لانُؤتى من لدنّا ويُنال من ديننا وتعليمنا وذلك يدعونا للالتفافِ حول العلماء الصادقين والتشبّثِ بهدي سلفنا الكرام باجتناب الفساد والفتن وما ينشأ فيهما من أراجيف..وعدم التهاون بالفتن والتكاتف فيما بيننا قادةً وقيادة وأن يكون حديثُنا واضحاً ضد الخطأ من أي شخصٍ كان..لقد رأينا بعض شبابنا لم يأخذوا العبرة مما حدث سابقاً من تأثير التطرف الذي لا يُقرّه دينٌ ولا عقل ولا عاِلم مما أدى بهم إلى للوقوع بمخالفة الشرع بدعوى نُصرة الإسلام الذي يُنالُ منه هنا وهناك وبسبب أفعالهم يتهمُ ديننا بالإرهابِ والتطرف..إنه فكرٌ لا بد من مناقشته وبيانه بالحكمة والموعظة الحسنة والبيانُ لهم ولغيرهم ممن يظن سلامة طريقهم ومنهجهم هو واجب علينا، وهؤلاء الشباب أمانةٌ في أعناقنا جميعًا،والصراحةُ والصدقُ تقطع الطريق على كل دخيلٍ يتربص بالدين وأهله ويشوِّه سمعة الإسلام ويُغفلُ محاسنَه،وينتسبُ إلى الجهاد وهو منه براء والصراحة مع الشباب في مثل هذه الأمور من العوامل الأساسية في الإصلاح..والسكوتُ وعدم الوضوح شراكة في الجريمة بعد ظهورها..رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبره حبيبه ابن حبيبه أسامة بن زيد رضي الله عنه وعن أبيه أنه لحق رجلاً لقتله فنطق ذلك الرجل بالشهادة فقتله فغضب عليه صلى الله عليه وسلم وقال له(يا أُسامَة أَقَتَلْتَهُ بَعْدَما قَالَ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ،قُلْتُ كَانَ مُتَعَوِّذًا؛فَما زَالَ يُكَرِّرُها حَتّى تَمَنَّيْتُ أَنّي أَسْلَمْتُ يومئذ))وروى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم بعث خالدَ بن الوليد إلى قومٍ يدعوهم للإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولوا صبأنا صبأنا،فجعل خالد يقتل منهم ويأسر،ثم قتل الأسرى فلما أخبر صلى الله عليه وسلم رفع يديه وقال(اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين))..هذا هو الشرع في الجهاد والتعامل مع الغير ومن نيته الإصلاح ونصرة الدين فإن هذا لا يُعفيه من أخذ الدين بكماله وجماله وإعمال نصوص الشرع دون تعطيل بعضها((يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱدْخُلُواْ فِي ٱلسّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوٰتِ ٱلشَّيْطَـٰنِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ))لقد كان منهجه صلى الله عليه وسلم واضحًا في التعامل مع أعداء الدين،فلم يلجأ عليه الصلاة والسلام في يوم من الأيام إلى قتل بعض المسلمين من أجل قتل المشركين،وكان جهاد الصحابة والسلف رضي الله عنهم بضوابط لا يُسوِّغُ أن يأتي الشبابُ ويأخذوا الحُكمْ ويتركوا ضوابطه ويغيّروا موقعه بسبب حماس زائد أو قصور في التصور وغيره،وليعلم المشارك في هذه الأحداث والفتن والتساهل بإزهاق الأرواح وتأييد ذلك عافانا الله وإياكم وشبابنا منها أنه قد أقدم على أمر عظيم في دين الله عز وجل،هذا الأمر لا يسوغ عنه اعتذار ولا تبرير وضرره أكبر من نفعه((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا))فليت شعري من يسمع هذا الوعيد كيف يجرؤ على قتل نفسه أو قتل نفس حرم الله تعالى؟هل أصبحت النفس الإنسانية المسلمة بهذا الرخص ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول(ما أعظمك وما أطيب ريحك والذي نفسي بيده لدم المسلم أعظم وأطيب عند الله منك))قد يتعرض بعض الشباب لضغوطٍ نفسية وعاطفية وهو يرى دماء المسلمين تُراق مع ضعف نصرتهم وتخاذل القادر لكن هذا ليس مبرراً كي يتجاوز تعاليم دينه ويشوّه بلاده وإسلامه بتصرفه وتطرفه أو أن يشابه تطرف الروافض والظلمة..
يا أيها المعتز بدينه يا أيها الناصر لأمته من أن يهينها اليهود والنصارى أو الروافض،إن هذا أمر نشاركك فيه،ونرى معاناة المسلمين من قبل الأعداء والكافرين،لكن ضوابط الشريعة تمنعنا من التجاوز والتعدي،قد يتجاوز هؤلاء الكفرة والطغاة الروافض بالقتل لأن مذهبهم الباطل قام على معاداة أهل السنة ولكن إذا تجاوز من ينتسب للشرع الصحيح فإنه يُنبه ويُنصح فما نراه اليوم من تكفيرٍ وتفجيرٍ واستهانةٍ بالدماءِ في بلاد المسلمين بلا ضوابط أمرٌ مخالفٌ للشرع مضعف للأمة ومشوّه للجهاد وهم إما أن يعطلوا نصوص الشرع ويجعلوا أنفسهم في نجوة منها،وإما أن يتقحَّموها بتأويلات غالية،وتكفير للناس واتهام بالنفاق والعمالة وهذا قد يكون حماساً مغرياً لكنه في الحقيقة يفتقدُ الورعَ والخوفَ من وعيد الله تعالى،والذي عهدناه من العلماء والمجاهدين هو التزام الورع والوقوفُ عند حدود الله خوفًا من الله ومن تكفير عباد الله والتعدي على الدماء،أفلا يسع الشابَّ الناشئ ما وسع علماءه،يقول صلى الله عليه وسلم(لا يزال المرء في فُسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا))رواه البخاري.
أيها الأحبة..إن دين الله تعالى جاء بمراعاة المصالح والمفاسد في الجهاد والعمل لنصر هذا الدين،بناء على القاعدة العظيمة((وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ)) انتهج ذلك صلى الله عليه وسلم في سيرته الزكية،فترك قتلَ المنافقين الذين كفروا بعد إيمانهم،والقرآن يتنزل بأفعالهم وخيانتهم حتى قبيل موته ورأى في دين الله فسحة بترك قتلهم خشية من المفاسد المترتبة على هذا القتل وهي أن يقول الناس أن محمدًا يقتل أصحابه..ومخالفةُ سنته واتخاذُ غيره أسوة لا يورث إلا الفتنة والعذاب((فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))كما أنه صلى الله عليه وسلم رأى في دين الله فسحةً أن يؤجل قتال بعض الأعداء قبل التمكين في الأرض،وهذا من السياسة الشرعية،ويُهادنُ صلى الله عليه وسلم قبائل اليهود عندما أتى المدينة ويُصالح قريشًا في الحديبية،على شروط استغربها بعض الصحابة ورأوا فيها دنيَّة وينصرفُ عليه الصلاة و السلام عن ثقيف،ويستميل زعماء غطفان وغيرها بالعطاء،وكان إذا أراد غزوَ قومٍ ورّى بغيرهم،وإذا عاداه قوم حرص على مصالحة الآخرين ليتفرغ لهم،وإذا حالفته قبيلة مثلُ خُزاعة وهب مشركهَا لمسلمِها ولم يستعْدِه أو يُثيره،كي لا يخسر القبيلة كلها،وكان صلى الله عليه وسلم يُفرِّق بين من نصره وحماه من المشركين،وبين من عاداه وآذاه وآذى أصحابه،وعامةُ الأمة اليوم تعمل بهذا التفريق المحمدي،فهي تفرح بمقتل يهوديٍّ غاصبٍ في فلسطين أو صلبيٍّ محتلٍ أو نصرانيٍّ ظالم،وترى ذلك جهادًا في سبيل الله،لكنها تحزن إذا رضخَ البعض لقلة الحيلة،فحكّموا عاطفتهم وقدَّموها على الشرع،وابتعدوا عن العلم فقتلوا المسلمين أو المعاهدين في بلاد الإسلام الذين لا ناقة لهم ولا جمل..بآراءَ تكفيريةٍ غالية أو تجد تسرَّعاً في تطبيق أحكام الإسلام وحدوده حسب آرائهم بلا تدرّجٍ وبطريقةٍ تُنفر منها الناس وتبغضهم إياها إنه لمن المؤسف أن تغيب هذه الحقائق الشرعية عن البعض،نجدهم يستسلمون لأمواج الأحداث، ويدفعون بالشباب للذهاب لمواقع الفتن والسفر إليها بلا إعدادٍ علميٍّ ولاشرعي ومعرفة المصالح والمفاسد ليكونوا في براثن الغلو والانحراف والأسر والمذلة باسم الجهاد..ويدفعون بأنفسهم لارتكاب الكبائر المتُوعَّدُ عليها في القرآن بالوعيد الشديد بالقتل أو الخطف،وترى فيهم سرعة الاختلاف سرعة التكفير بين فصائل الجهاد رغم صراحة النصوص الواردة في أن المخالفين لنا في الدين ليسوا على حكم واحد،منهم المحارب المعتدي،ومنهم المسالم العادل،ومنهم المعاهد والمستأمن،والتفريق بينهم في التعامل ثابت بالقرآن والسنة ((وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً))ويقول صلى الله عليه وسلم(من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة،وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عامًا))أخرجه البخاري،إنه وعيدٌ شديدٌ لأن البعض بغلوه ربما استخف بحقوقهم لما فيهم من الكفر،فجاء ليردع ويبصره بنور العلم الشرعي..لقد كان العهد والجوار أيها الأحبة محترمًا بالدين حتى ولو كان المعاهِدُ للمشركين ضعيفَ الشأن،يقول صلى الله عليه وسلم( الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَلَا لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ وَلَا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِه))رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ ،ولما أجارت أم هانئ رضي الله عنها وهي امرأة رجلاً مشركًا عام الفتح وأراد أحد الصحابة قتله أخبرته صلى الله عليه وسلم فقال(قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ))متفقٌ عليه..
أيها المؤمنون..أيها الشباب،يجب على من يقاوم الطغاة ويجاهدهم تحكيم شرع الله والرجوع إلى نصوص الشريعة المحكمة،وفهم العلماء الناصحين وعدم مخالفتها بتأويلات خاطئة منزَّلة في غير محلها والله إننا نأسى لما نراه من تجاوزٍ في الدماء وخلافٍ بين من يريد الجهاد ثم يقعون ببعضهم بالقتل والتكفير والشقاق مما يضعفهم شوكتهم ويُسهل اختراق عدوهم لهم..
أيها المسلم،مبدأُ الجهاد علمٌ وعمل وليس عاطفة وجهل فاتق الله تعالى أن تلقاه وفي عنقك أنفسٌ مسلمةٌ معصومة..وأمنٌ متهاونٌ فيه في بلدك..وأموالٌ مسلمةٌ معصومة أو ذرائعُ أوجدتها للعدو ليتسلّط بها على أهل الإسلام أو أسبابَ يفرح بها أهل النفاق ليحارِبُوا بها أهل دينك والأمنَ في وطنك،ولا شيء حصَّلته وراء ذلك إلا إفساد مفهوم الجهاد والإخلال بالأمن والاستهانة بالدماء والمداومة على التكفير ثم يكون المرء قد ختم حياته بمجموعة من الكبائر المحرّمة في شرع الله،من فساد لدين الله وتمكين للمعتدي وترويع للآمنين فأيُّ مصالحَ حققوها بل أيُّ مفاسد أوجدوها لم تكن موجودة؟ولازلنا والله نستغرب كل يوم كيف يوجد من يتعاطف مع مثل هذا الفكر رغم خطأه ومجانبة الشرع نحن لا نعمم فإنه يوجد ضمن الفصائل الجهادية في أماكنها أناسٌ يراعون الأحكام الشرعية والمصالح الداخلية والخارجية واستشارةِ العلماء والرجوع إلى رأيهم والحرص على جمع الكلمة ونشر العلم واجبٌ على الدول دعم مثل هؤلاء حتى يكثروا ومقاومة الغلاة ليعودوا إلى صوابهم وجمع الأمة والكلمة المجتمعة..
أخي الشاب..والله إنها كلمات صادرة من قلبي الناصح لك لا أريد بها مجاملة وإنما دافعي النصح حسب ما رأيته والله من وراء القصد..إنّ هؤلاء الذين ألهبوا مشاعرك في الخارج أو في الداخل ثم وجهوها ذلك التوجيه الخاطئ لن يغنوا عنك من الله شيئًا،إن لم تعمل العمل وأنت على بصيرة واضحة في دين الله وحذرٍ شديدٍ من التعرض لمقت الله وغضبه بإراقة الدماء وإفساد الأمن والذهاب إلى مواقع الفتنِ والشقاقِ والتكفيرِ بلا بصيرةٍ أو روية وهذا ما حصل في بعض المواقع التي يذهب إليها بعض شبابنا ثم نسمع عنهم ومنهم التكفير وإثارة الفتن وطلب البيعة بغير وجهٍ شرعي والشقاق فيما بينهم إننا ندعو شبابنا ليتصف بالعقل والروّية والحذر من وسائل اتصالٍ خارجية وليرجعوا لمشاورة أهل العلم للحذر من تصرفاتٍ تحاربها مناهجُ التعليم لدَينا،و لا يرضاها العلماء الشرعيون الربانيون،ويحاربها مجتمعُنا ككلّ..والمناهجُ الدينيّة لدينا مبنيَّة على قولِ الله ورسوله الحقّ،والحقُّ خيرٌ كلّه للبشرية،ولا يترتّب عليه باطل،وإذا شذَّ في الفكر شاذّ فشذوذه على نفسه((وَمَن يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَىٰ نَفْسِهِ))أما ما يمارسه البعض بتشويه مبدأ الجهاد وتعاليم الإسلام ومجانبة العدل في كتاباتهم وتقييمهم وتطرفهم في الصحف وبعض القنوات باتهام مناهج التعليم عندنا والمراكز التربوية وحلقات العلم والتحفيظ بأنها امتداد للتطرف وهي منه براء فهذا أيضاً غلوٌ وتطرف لابد من علاجه والأخذ على يده..لا أن يتركوا في الصحافة والإعلام لينالوا من مجتمعنا ويبالغوا في رؤيتهم لمصالح دنياهم..إن شريعة الإسلام جاءت بالحفاظ على دماءِ الناس وأموالهم وحقوقِهم،ومقاومة المعتدي والتعايش بين الطوائف ونشر قيم الإسلام وتجنَّب منكرات الأخلاق والحرص على جمع الكلمة والالتفاف حول الراعي والرعيّة وحماية الأمن الذي به حياة الناس وعبادتهم والحذر من فكر يجنح للغلو في الدين بالتكفير والتبديع أو كذلك إلى تطرفٍ آخر مضاد بالإلحاد والاستهتار بقيم الدين وتعاليمه أو المجاهرة بفسادِ الأخلاق وكل ذلك يعالج بالعلمِ الشرعي الذي يطرح الحق ولا يجامل ويضع الرؤيةَ المناسبة للأمة بلا تخوّفٍ ولا مواربة فإذا ما عملت الأمة ذلك وحرصت على جمع الكلمة والجماعة فإن يد الله معها وهو ناصرها من طغيان الظالمين ومغالاة المتطرفين..اللهم أصلح أحوال المسلمين،وادفع عنا سوء الفتن ما ظهر منها وما بطن،وهيئ لشباب الإسلام دعوةً رشيدة وأفكارًا سديدة،تنوّرت بنور الوحي،وانضبطت بقيود الشرع،وانطلقت في نصرة هذا الدين وأهله..أقول ما تسمعون ...
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
إن المسلمين هانوا أفرادا وأمما ورخصت دماؤهم وتسلط عليهم أعداؤهم ومنافقيهم لما ابتعدوا عن دينهم وغابَ دور كثير من علمائِهم عن قضاياهم وتخاذل بعض قياداتهم عن نُصرة الضعفاء وصاروا يُعلّقون حلولهم على منظماتٍ ومؤتمراتٍ تُضعف المسلمين وتُطيل معاناتهم وتُريق دماءهم بلا ناصرٍ ولا مغيث وما لهؤلاء المسلمين الضعفة الذين نرى دماءهم تراق اليوم مالهم غير الله ناصراً ومعيناً ومؤيداً وظهيراً وبسبب هذا الخذلان وُجد قلةٌ من المسلمين أخطأوا باتخاذ التطرف والغلو والتساهل بالقتل حلاً لقضايا المسلمين وتشويهاً للجهاد وأضعفوا دور المجاهدين بحقٍ وعلم لنصرة قضايا المسلمين والمتضررين من كل ذلك هم ضعفة المسلمين الذين هانت دماؤهم وانتهكت أعراضهم ومات أطفالهم برداً وجوعاً وفي محيا أطفالهم سؤالٌ حائرٌ قلقٌ لا يجدُ الآباء له جواباً ولا حول ولا قوة إلا بالله..نعم حينما ضعف المسلمون أصابهم ما أصابهم..حينما ضعف المسلمون عن اتخاذ قرارٍ سليم رأينا مصائبنا تطول في بلاد المسلمين..أليس من المهين؟أليس من المذل أنك ترى الشام منذ ثلاث سنوات وهم يبادون ويقتلون وينتهك أعراضهم ،يقصفون بالراميل المتفجرة،ويتألب عليهم اليهود والرافضة والصلبيين الذي يؤيدون ذلك النظام ثم لا ترى العالم الإسلامي يحرك ساكناً..جرائم تصور وتعرض ويراها العالم بأجمعه تتسأل إن لم يكن للمسلمين دور فأين العقل البشري؟!..ولذلك يحق لهؤلاء الأطفال وهم يعيشون في مخيمات اللجوء وهم يموتون من البرد أن يتساءلون ويسألوا آباءهم..

نسبى ونطرد يا أبي ونباد
فإلى متى يتطاول الأوغاد

وإلى متى تدمي الجراح قلوبنا
وإلى متى تتقرح الأكباد

نصحوا على عزف الرصاص كأننا
زرع وغارات العدو حصاد

ونبيت يجلدنا الشتاء بسوطه
جلدا فما يغشى العيون رقاد

يتسامر الأعداء في أوطاننا
ونصيبنا التشريد والإبعاد

أين الأحبة يا أبي أوما دروا
أنا إلى ساح الفناء نقاد

أواه يا أبتي على أمجادنا
يختال فوق رفاتها الجلاد

دمع اليتامى فيها شاهد ذلة
وسواد أعينهن فيه حداد

يا ويحنا ماذا أصاب رجالنا
أوما لنا سعد ولا مقداد

نامت ليالي الغافلين وليلنا
أرق يذيب قلوبنا وسهاد

يا ليل أمتنا الطويل
متى نرى فجرا تغرد فوقه الأمجاد

اللهم يا مغيث المضطرين وجابر المنكسرين نسألك يا ألله كلمة حق تجمع بها قلوبنا وتنصر بها عبادك المستضعفين بأرض الشام وبورما وكل مكان وتجعل ولاية المسلمين فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك اللهم يا جبار يا منتقم عليك ببشار وجنوده من الرافضة ومن عاونهم وأيدهم ورد إخواننا بأرض الشام لبلادهم آمنين مطمئنين،وأدم علينا وعلى بلاد المسلمين الأمن والإيمان والسلامة والاطمئنان..


 0  0  1487

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.