الحمد لله رب العالمين أمر بزينة الأخلاق،وأشهد أن لا إله إلا الله الكريم الوهاب،وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله دلنا على الخيرات وحذرنا الشرور والآثام صلى الله عليه وعلى الآل والأصحاب وسلَّم تسليماً ..أما بعد..فاتقوا الله عباد الله..
لقد شمل الإسلامُ أحكاماً ووصايا،وأوامر وتوجيهات مرتبطةٍ بالفضيلة بجميع أنواعها. ومن أعظم مقاصد الدين؛إقامةُ مجتمعٍ طاهر،الخلقُ سياجه،والعفة طابعه،والحشمةُ شعاره،والوقارُ دثاره،مجتمعٌ لا تُهاج فيه الشهوات، ولا تُثارُ فيه عواملُ الفتنة،تضيق فيه فرصُ الغوايةِ..للرجال والنساء وخُصَّت النساء بتوجيهات ظاهرة،ووصايا جليلة..فعفةُ المرأةِ المؤمنة نابعةٌ من دينها،ظاهرةٌ في سلوكها،والانضباطُ في اللباس سترٌ واحتشامٌ،ورفضٌ للعبث وقلة الحياء..فشرعُ الحجاب ليحفظَ هذه العفة ويحافظَ عليها وليصونها ممن في قلوبهم مرض..والحديثُ عن العورات وسترها له أثر عظيم,ومهمٌ بمسيرة المجتمعات, خاصة النساء,لدفع الفتنةِ عنهن وعن الرجال,وعلى المجتمع بأسره,وحمايتُها حمايٌة للمجتمع, وقد حذر صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء فقال..(واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) فالله تعالى أراد للمرأة أن تكون عزيزةً مصونةً, ففرض الحجاب, لتكون في حمىً منيع,وحصن حصين, وليست حقًا مشاعًا تستمتع بجمالها كل عين,بل هي جوهرةٌ مصونة,ودرةٌ مكنونة تكونُ محفوظة من العبث، ومستورةً من سهامٍ مسمومةٍ,حين تتمسّكُ بأمر ربها. وتصونُ حجابها..وأنعم من بنت صالحة, وأخت ناصحة, وزوج حافظة, وأم مربية, تُظْهرُ بصماتِ الخيرِ نورًا على جيلٍ تخرج على يديها..ووالله لو أن النساء تدركُ حكمةَ الحجابِ لعلمْنَ أنه خيرٌ لهم وأجر وعبادة وطهرٌ وصيانة ولقد أدرك إبليسُ وجندُه أثرَ اللباسِ الساتر والحجاب للرجال والنساء,ووقوفه عائقًا أمامَ سوءِ الأخلاقِ شهوةً وشبهة, فسعوا جاهدين في نزعه وإحلال السفور مكانه.ولذلك أغرى الشيطانُ آدمَ وحواءَ وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين من الجنة بأن ينزع عنهما لباسهما لتبدو سوءاتهما فيخرجان من الجنة(إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)يزينون القول ويُنمقونه فلا تراهم يدعون إلى السفور صراحةً,ولكنَ يدّعون تقدماً وحضارةً وحريةً شخصية وتقليداً ذميماً ومساواةَ الرجل بالمرأة لينساق ضعاف الإيمان معهم..
وأحكامُ الحجاب في كتاب الله،وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم صريحةٌ في دعوتها،واضحةٌ في دلالته،ليست مقصورة على عصر دون عصر،ولا مخصوصة بفئة دون فئة(يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لاِزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)تقول أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما..(لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية)والجلباب..كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم، من ملاءة وعباءة، وكل ما تلتحف به المرأةُ فوقَ درعها وخمارها.وإدناءُ الجلباب يعني.. سدلُه وإرخاؤه على جميع بدنها،بما في ذلك وجهها..قال ابن عباس رضي الله عنهما.. هو تغطية الوجه من فوق رأسها،وما خوطب به أمهات المؤمنين أزواج النبي مطالب به جميع نساء المؤمنين(يٰانِسَاء ٱلنَّبِىّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً*وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلاْولَى) فنهى عن الخضوع بالقول وتبرج الجاهلية الأولى،ونساء المؤمنين في ذلك كنساء النبي صلى الله عليه وسلم،بل هو في حق نساء المؤمنين آكدُ وأولى كما لا يخفى.وما قوله سبحانه..(لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء) إلا تأكيداً لهذا؛ إذ المقصودُ بيانُ أنهنَّ محلَّ الأسوة والامتثال الأول،وفي هذا يقول أحد العلماء..وهذا الحكم وإن ذُكر في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فالمعنى فيه عام فيه وفي غيره. ويقول الله عز وجل..(وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءابَائِهِنَّ أَوْ ءابَاء بُعُولَتِهِنَّ) وقد ذكر الله بالآية زينتان.. إحداهما لا يمكن إخفاؤها(وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)ولم يقل إلا ما أظهرن منها، فعُلم بهذا..أن الزينة الأولى الثياب،أما الزينة الثانية، فزينة باطنة يباح إظهارها(وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءابَائِهِنَّ)والأطفال..والوجهُ مجمعُ الحسن ومحطُّ الفتنة،ولذلك قال الله(وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)فإذا كان صوت الخلخال بالرِّجل بريداً إلى الفتنة،فكيف بوجهٍ يحكي الجمال والشباب والنضارة؟!وصوت الخلخال يصدر من فتاة وعجوز،ومن الجميلة والدميمة. أما الوجه فلا يحتمل إلا صورة واحدة..يقول أبو حنيفة رحمه الله..وتُمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال لخوف الفتنة، وإن أُمن الفتنة. وقال أحد العلماء والمرأة الشابة مأمورة بستر وجهها، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج؛ لئلا يطمع فيها أهل الريب..وفي السنة حين أبيح للخاطب النظر من أجل الخطبة، فغير الخاطب ممنوع من النظر. والمقصود الأعظم من النظر هو الوجه؛ ففيه يتمثل جمال الصورة..وحينما قال عليه الصلاة والسلام..(من جر ثَوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) قالت أم سلمة رضي الله عنها.. فكيف يصنع النساء بذيولهن؟أي..أطراف الجلباب والرداء قال..(يرخين شبراً)قالت..إذن تنكشف أقدامهن.قال..(فيرخينه ذراعاً، ولا يزدن عليه)فإذا كان هذا في القدم فالوجه أكثر فتنة..ومهما قيل في الحجاب،في كيفيته وصفته،فما كان يوماً عثرةً تمنعُ واجباً،أو تحولُ دون وصولٍ إلى حق،بل كان ولا يزال سبيلاً قويماً يمكِّنُ المرأة من أداء وظيفتها بعفةٍ وحشمةٍ وطهرٍ ونزاهةٍ على خير وجهٍ وأتم حال.وتاريخُ الأمة شاهدُ صدقٍ لنساءٍ فُضْلَيات جمعن في الإسلام أدباً وحشمةً وستراً ووقاراً وعملاً مبروراً،دون أن يتعثرن بفضول حجابهن،أو سابغ ثيابهن.فعائشة وأسماء..وأم عمارة والخنساء كتبن التاريخ بماء الذهب..وفي شواهد عصرنا فتيات مؤمنات،متحجبات بحجاب الإسلام، متمسكات بهدي السنة والكتاب قائمات بمسؤولياتهن،مع الحجاب إبداع واختراع وتفوق وإنجاز خير ثم خيرٌ من قرينات لهن،ظنوا التطور بتبرج وسفور تبرج الجاهلية الأولى كما قال الله.. والمؤسف أن بعضَ النساء اليومَ تعدَّينَ مسائل الخلاف في الحجاب ليظهرن شعورهن وبعض أجسادهن بممارسة للحرام لا يُقرّه الإسلام..وليعلم دعاة السفور،أن التقدَّمَ والتخلفَ له عواملهُ وأسبابهُ،وإقحامُ السترِ والاحتشام والخلق والالتزام كعائقٍ تخلفٌ وخدعة،لا تنطلي إلا على من يعيش غفلة في فكره دخل، أو مرضاً في قلبه وإن دعاة السفور ليسوا قدوة كريمة في الدين والأخلاق، وهم دعاة للفتن ومواقع الريب(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ*وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ)
لقد جعلوا الحجاب للمرأة وكأنه حاجزاً أمام الإبداع والإنجاز فانساق البعضُ وراءَهم وما علموا أن الحجاب للمرأة عبادة وليس عادة فحجابُ المرأة وسترها أولويةٌ في كثير من قضاياها ونزعه وتشويهه سببٌ لهزِّ المجتمعات الإسلامية حتى قالَ بعضهم.. "لا تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة, ويُغطَّى به القرآن".وبذلوا جهودهم ومخططاتهم لتشويه ديننا وقيمنا وأوطاننا وولاة أمرنا وعلمائنا ونشروا صوراً ضد حجابنا الشرعي الذي عرفته أمهاتنا وأخواتنا وأهلنا ونساؤنا بنشر ثقافة سفور ومقاطع سفور وقلة حجاب تقليداً للغير والله وليس اقتناعاً وإنما لتقديم نماذج لا تُمثِّلُ ديناً ولا قيماً ولا وطناً وأهلاً والخيرُ وولله الحمد موجودٌ بنساءٍ فضْليات تميَّزنَ ديناً وحجاباً ووطناً وقيماً ويقدمْنَ أنموذجاً رائعاً نسأل الله أن يحفظهن من غوائل السوء..إن وظيفةَ المرأة الكبرى، ومهمتَها العظمى ببيتها وأسرتها وأولادها وكل ما تتحلى به من علم ووعي لبيتها فالرجلُ كادحٌ في الأسواق مسؤولٌ عن الإنفاق، والمرأة مُرَبٍّ حانٍ،وظلٍّ وارفٍ للحياة،وإن انسلاخَ الفطرة والأخلاق؛تمردٌ على سنة الله،واعوجاجٌ عن الطريق المستقيم. وهو خللٌ واضطرابٌ وفساد وما لُعن المتشبهون من الرجال بالنساء ولا المتشبهات من النساء بالرجال،إلا من أجل هذا واللعنة والابعاد عن مواقع الرحمة لكل من خالف أمر الله،وتمرَّدَ على فطرةِ اللهِ والخير والأمن والذين في اتباع شرع الله..اللهم إنا نسألك أن تهدينا رجالاً ونساءً للحق والصواب ومحافظة نسائنا على الحجاب واكفنا الشرور والفتن ماظهر منها ومابطن..أقول ما تسمعون
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
أيها المؤمنون،لقد أُمرت المؤمنة بلزوم الحجاب عند خروجها ومقابلة غير المحارم والقرار ببيتها خيرٌ لها،ووظيفتها في بيتها من أشرف الوظائف في الوجود،وما يُحسنها ولا يتأهل لها إلا من استكمل أزكى الأخلاق،وأنقى الأفكار..ومن الخطأ في الرأي والفساد في التصور،الزعمُ بأن المرأة في بيتها قعيدة لا عمل لها،فما هذا إلا جهل مركب،وسوء فهم غليظ،بمعنى الأسرة، وجهلٌ بطبيعة المجتمع الإنساني والتركيب البشري..والأشد والأنكى الظن بأن هذه الوظيفة قاصرة على الطهي والخدمة..إنها تربية الأجيال والقيام عليها؛حتى تنبت نباتاً حسناً ذكوراً وإناثاً،وهي بالإسلامِ تعدلُ شهود الجُمَع والجماعات في حق الرجال،وتعدل حج التطوع والجهاد كما ورد بالحديث. اللهم أصلحنا واهدنا لصراطك المستقيم..اهد رجالنا ونساءنا وشبابنا لكل ما فيه الخير والصلاح وامنن علينا وعلى بلادنا بالأمن والإيمان والسلامة والاطمئنان وانصر جنودنا واحم حدودنا ..ووفق ولاة أمورنا
لقد شمل الإسلامُ أحكاماً ووصايا،وأوامر وتوجيهات مرتبطةٍ بالفضيلة بجميع أنواعها. ومن أعظم مقاصد الدين؛إقامةُ مجتمعٍ طاهر،الخلقُ سياجه،والعفة طابعه،والحشمةُ شعاره،والوقارُ دثاره،مجتمعٌ لا تُهاج فيه الشهوات، ولا تُثارُ فيه عواملُ الفتنة،تضيق فيه فرصُ الغوايةِ..للرجال والنساء وخُصَّت النساء بتوجيهات ظاهرة،ووصايا جليلة..فعفةُ المرأةِ المؤمنة نابعةٌ من دينها،ظاهرةٌ في سلوكها،والانضباطُ في اللباس سترٌ واحتشامٌ،ورفضٌ للعبث وقلة الحياء..فشرعُ الحجاب ليحفظَ هذه العفة ويحافظَ عليها وليصونها ممن في قلوبهم مرض..والحديثُ عن العورات وسترها له أثر عظيم,ومهمٌ بمسيرة المجتمعات, خاصة النساء,لدفع الفتنةِ عنهن وعن الرجال,وعلى المجتمع بأسره,وحمايتُها حمايٌة للمجتمع, وقد حذر صلى الله عليه وسلم من فتنة النساء فقال..(واتقوا النساء, فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) فالله تعالى أراد للمرأة أن تكون عزيزةً مصونةً, ففرض الحجاب, لتكون في حمىً منيع,وحصن حصين, وليست حقًا مشاعًا تستمتع بجمالها كل عين,بل هي جوهرةٌ مصونة,ودرةٌ مكنونة تكونُ محفوظة من العبث، ومستورةً من سهامٍ مسمومةٍ,حين تتمسّكُ بأمر ربها. وتصونُ حجابها..وأنعم من بنت صالحة, وأخت ناصحة, وزوج حافظة, وأم مربية, تُظْهرُ بصماتِ الخيرِ نورًا على جيلٍ تخرج على يديها..ووالله لو أن النساء تدركُ حكمةَ الحجابِ لعلمْنَ أنه خيرٌ لهم وأجر وعبادة وطهرٌ وصيانة ولقد أدرك إبليسُ وجندُه أثرَ اللباسِ الساتر والحجاب للرجال والنساء,ووقوفه عائقًا أمامَ سوءِ الأخلاقِ شهوةً وشبهة, فسعوا جاهدين في نزعه وإحلال السفور مكانه.ولذلك أغرى الشيطانُ آدمَ وحواءَ وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين من الجنة بأن ينزع عنهما لباسهما لتبدو سوءاتهما فيخرجان من الجنة(إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ)يزينون القول ويُنمقونه فلا تراهم يدعون إلى السفور صراحةً,ولكنَ يدّعون تقدماً وحضارةً وحريةً شخصية وتقليداً ذميماً ومساواةَ الرجل بالمرأة لينساق ضعاف الإيمان معهم..
وأحكامُ الحجاب في كتاب الله،وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم صريحةٌ في دعوتها،واضحةٌ في دلالته،ليست مقصورة على عصر دون عصر،ولا مخصوصة بفئة دون فئة(يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ قُل لاِزْوٰجِكَ وَبَنَـٰتِكَ وَنِسَاء ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَـٰبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً)تقول أم سلمة وعائشة رضي الله عنهما..(لما نزلت هذه الآية خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من الأكسية)والجلباب..كل ساتر من أعلى الرأس إلى أسفل القدم، من ملاءة وعباءة، وكل ما تلتحف به المرأةُ فوقَ درعها وخمارها.وإدناءُ الجلباب يعني.. سدلُه وإرخاؤه على جميع بدنها،بما في ذلك وجهها..قال ابن عباس رضي الله عنهما.. هو تغطية الوجه من فوق رأسها،وما خوطب به أمهات المؤمنين أزواج النبي مطالب به جميع نساء المؤمنين(يٰانِسَاء ٱلنَّبِىّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِى فِى قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً*وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَـٰهِلِيَّةِ ٱلاْولَى) فنهى عن الخضوع بالقول وتبرج الجاهلية الأولى،ونساء المؤمنين في ذلك كنساء النبي صلى الله عليه وسلم،بل هو في حق نساء المؤمنين آكدُ وأولى كما لا يخفى.وما قوله سبحانه..(لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ ٱلنّسَاء) إلا تأكيداً لهذا؛ إذ المقصودُ بيانُ أنهنَّ محلَّ الأسوة والامتثال الأول،وفي هذا يقول أحد العلماء..وهذا الحكم وإن ذُكر في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فالمعنى فيه عام فيه وفي غيره. ويقول الله عز وجل..(وَقُل لّلْمُؤْمِنَـٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَـٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءابَائِهِنَّ أَوْ ءابَاء بُعُولَتِهِنَّ) وقد ذكر الله بالآية زينتان.. إحداهما لا يمكن إخفاؤها(وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)ولم يقل إلا ما أظهرن منها، فعُلم بهذا..أن الزينة الأولى الثياب،أما الزينة الثانية، فزينة باطنة يباح إظهارها(وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ ءابَائِهِنَّ)والأطفال..والوجهُ مجمعُ الحسن ومحطُّ الفتنة،ولذلك قال الله(وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ)فإذا كان صوت الخلخال بالرِّجل بريداً إلى الفتنة،فكيف بوجهٍ يحكي الجمال والشباب والنضارة؟!وصوت الخلخال يصدر من فتاة وعجوز،ومن الجميلة والدميمة. أما الوجه فلا يحتمل إلا صورة واحدة..يقول أبو حنيفة رحمه الله..وتُمنع المرأة الشابة من كشف الوجه بين الرجال لخوف الفتنة، وإن أُمن الفتنة. وقال أحد العلماء والمرأة الشابة مأمورة بستر وجهها، وإظهار الستر والعفاف عند الخروج؛ لئلا يطمع فيها أهل الريب..وفي السنة حين أبيح للخاطب النظر من أجل الخطبة، فغير الخاطب ممنوع من النظر. والمقصود الأعظم من النظر هو الوجه؛ ففيه يتمثل جمال الصورة..وحينما قال عليه الصلاة والسلام..(من جر ثَوبه خُيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة) قالت أم سلمة رضي الله عنها.. فكيف يصنع النساء بذيولهن؟أي..أطراف الجلباب والرداء قال..(يرخين شبراً)قالت..إذن تنكشف أقدامهن.قال..(فيرخينه ذراعاً، ولا يزدن عليه)فإذا كان هذا في القدم فالوجه أكثر فتنة..ومهما قيل في الحجاب،في كيفيته وصفته،فما كان يوماً عثرةً تمنعُ واجباً،أو تحولُ دون وصولٍ إلى حق،بل كان ولا يزال سبيلاً قويماً يمكِّنُ المرأة من أداء وظيفتها بعفةٍ وحشمةٍ وطهرٍ ونزاهةٍ على خير وجهٍ وأتم حال.وتاريخُ الأمة شاهدُ صدقٍ لنساءٍ فُضْلَيات جمعن في الإسلام أدباً وحشمةً وستراً ووقاراً وعملاً مبروراً،دون أن يتعثرن بفضول حجابهن،أو سابغ ثيابهن.فعائشة وأسماء..وأم عمارة والخنساء كتبن التاريخ بماء الذهب..وفي شواهد عصرنا فتيات مؤمنات،متحجبات بحجاب الإسلام، متمسكات بهدي السنة والكتاب قائمات بمسؤولياتهن،مع الحجاب إبداع واختراع وتفوق وإنجاز خير ثم خيرٌ من قرينات لهن،ظنوا التطور بتبرج وسفور تبرج الجاهلية الأولى كما قال الله.. والمؤسف أن بعضَ النساء اليومَ تعدَّينَ مسائل الخلاف في الحجاب ليظهرن شعورهن وبعض أجسادهن بممارسة للحرام لا يُقرّه الإسلام..وليعلم دعاة السفور،أن التقدَّمَ والتخلفَ له عواملهُ وأسبابهُ،وإقحامُ السترِ والاحتشام والخلق والالتزام كعائقٍ تخلفٌ وخدعة،لا تنطلي إلا على من يعيش غفلة في فكره دخل، أو مرضاً في قلبه وإن دعاة السفور ليسوا قدوة كريمة في الدين والأخلاق، وهم دعاة للفتن ومواقع الريب(إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلوٰةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ*وَمَن يَتَوَلَّ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فَإِنَّ حِزْبَ ٱللَّهِ هُمُ ٱلْغَـٰلِبُونَ)
لقد جعلوا الحجاب للمرأة وكأنه حاجزاً أمام الإبداع والإنجاز فانساق البعضُ وراءَهم وما علموا أن الحجاب للمرأة عبادة وليس عادة فحجابُ المرأة وسترها أولويةٌ في كثير من قضاياها ونزعه وتشويهه سببٌ لهزِّ المجتمعات الإسلامية حتى قالَ بعضهم.. "لا تستقيم حالة الشرق ما لم يرفع الحجاب عن وجه المرأة, ويُغطَّى به القرآن".وبذلوا جهودهم ومخططاتهم لتشويه ديننا وقيمنا وأوطاننا وولاة أمرنا وعلمائنا ونشروا صوراً ضد حجابنا الشرعي الذي عرفته أمهاتنا وأخواتنا وأهلنا ونساؤنا بنشر ثقافة سفور ومقاطع سفور وقلة حجاب تقليداً للغير والله وليس اقتناعاً وإنما لتقديم نماذج لا تُمثِّلُ ديناً ولا قيماً ولا وطناً وأهلاً والخيرُ وولله الحمد موجودٌ بنساءٍ فضْليات تميَّزنَ ديناً وحجاباً ووطناً وقيماً ويقدمْنَ أنموذجاً رائعاً نسأل الله أن يحفظهن من غوائل السوء..إن وظيفةَ المرأة الكبرى، ومهمتَها العظمى ببيتها وأسرتها وأولادها وكل ما تتحلى به من علم ووعي لبيتها فالرجلُ كادحٌ في الأسواق مسؤولٌ عن الإنفاق، والمرأة مُرَبٍّ حانٍ،وظلٍّ وارفٍ للحياة،وإن انسلاخَ الفطرة والأخلاق؛تمردٌ على سنة الله،واعوجاجٌ عن الطريق المستقيم. وهو خللٌ واضطرابٌ وفساد وما لُعن المتشبهون من الرجال بالنساء ولا المتشبهات من النساء بالرجال،إلا من أجل هذا واللعنة والابعاد عن مواقع الرحمة لكل من خالف أمر الله،وتمرَّدَ على فطرةِ اللهِ والخير والأمن والذين في اتباع شرع الله..اللهم إنا نسألك أن تهدينا رجالاً ونساءً للحق والصواب ومحافظة نسائنا على الحجاب واكفنا الشرور والفتن ماظهر منها ومابطن..أقول ما تسمعون
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد..
أيها المؤمنون،لقد أُمرت المؤمنة بلزوم الحجاب عند خروجها ومقابلة غير المحارم والقرار ببيتها خيرٌ لها،ووظيفتها في بيتها من أشرف الوظائف في الوجود،وما يُحسنها ولا يتأهل لها إلا من استكمل أزكى الأخلاق،وأنقى الأفكار..ومن الخطأ في الرأي والفساد في التصور،الزعمُ بأن المرأة في بيتها قعيدة لا عمل لها،فما هذا إلا جهل مركب،وسوء فهم غليظ،بمعنى الأسرة، وجهلٌ بطبيعة المجتمع الإنساني والتركيب البشري..والأشد والأنكى الظن بأن هذه الوظيفة قاصرة على الطهي والخدمة..إنها تربية الأجيال والقيام عليها؛حتى تنبت نباتاً حسناً ذكوراً وإناثاً،وهي بالإسلامِ تعدلُ شهود الجُمَع والجماعات في حق الرجال،وتعدل حج التطوع والجهاد كما ورد بالحديث. اللهم أصلحنا واهدنا لصراطك المستقيم..اهد رجالنا ونساءنا وشبابنا لكل ما فيه الخير والصلاح وامنن علينا وعلى بلادنا بالأمن والإيمان والسلامة والاطمئنان وانصر جنودنا واحم حدودنا ..ووفق ولاة أمورنا