الحمدُ للهِ جَعلَ الوَفَاءَ مِن صِفَاتِ الأَنْبِياءِ،وَعَلامَاتِ المُتَّقِينِ،وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وَحَدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأشهدُ أنَّ مُحمَّدًا عبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ الصَّادِقُ البَرُّ الأمِينُ،صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَليهِ وَعلى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ ومَن تَبِعَهُم بِإحسَانٍ وإيمَانٍ إلى يومِ الدِّينِ، أَمَّا بَعْدُ..فاتقوا الله عباد الله..
الوفَاءُ قيمةٌ إنسانيةٌ وأَخلاقيةٌ عُظمى تُؤكد الثِقْةَ في الأَفرادِ،وتَدعُو للتقاربِ بين المجتمعِ،وإِلاَّ فُقِدَتْ الثقة وحَلَّت الخيانةُ مكانَ الأَمانةِ..فَالوفَاءُ باِلعهدِ أَدبٌ ربَّانيٌّ كبير،وخُلُقٌ نَبويٌّ حَميدٌ وسلوكٌ إسلاميٌّ نبيلٌ،أَمر الله به في كتابهِ(وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) وجعلَ الله صَاحِبهَا مَسؤولاً عَنها يَوم القيامة(وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً(وما يَضعهُ النَّاس بينهم من عُقودٍ وعُهودٍ ووعُودٍ ليسَ إِنشاءً،فوعدُ الحُرِّ دينٌ عليه ولكنّها قِيمٌ ومَبادئُ لا يَجوزُ نَكثُها وإِخْلَافُها،وهَكذا نَهجُ الأَنبياءِ فَالخليل إبراهيم عليه السلام وصفه الله(وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى)وابتلاه الله بكلماتٍ فأَتمهُنَّ،والوفاءُ بالوعدِ صِفةُ إِسماعيل عليه الصلاة والسلام(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً)كمَا أنَّ الوفاءَ بالعهودِ صفةٌ للمؤمنين(وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء)
الوفَاءُ بِالعهدِ قيامُ المُسلمِ وحتى غير المسلم بما التزمَ به،مِن عُقودٍ وعُهودٍ وشُروطٍ قَولاً كانَ أَم كِتابةً،لا يَبرأُ إِلا بِالوفاءِ به،وعِندما يُخلفُ عهدَه المسلمُ عَن قصدٍ فسيخرجُ عن نطاقِ الإيمانِ ويقعُ في دائرةِ النفاقِ؛فلا إِيمانَ لِمن لا أَمانةَ لَه،ولا دينَ لمن لا عهد له)كما ورد وفي الصحيحين[ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيهِ فَهُو مُنافِقٌ وإِن صَامَ وصَلَّى وزَعم أَنَّهُ مُسلم،إذا حدَّث كذب،وإِذا وَعد أَخلف،وإذا اُئتُمنَ خان]والعُهودُ أَنواعٌ فمِنها مِن اللهِ للنَّاسِ..قال ابن عباس"كُلُّ مَا أَحلَّ اللهُ وما حرَّمَ وما فَرضَ في القرآن فهو عهد(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا)فالإحسانُ بالقولِ والفعلِ عَهدٌ،وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ عَهدٌ(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ)العدلُ مع النفسِ والأَهلِ والزوجةِ والنَّاسِ من موظفين وعمال وذلك عهد(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى)فياله من دينٍ عظيمٍ يحثنا على العدل والوفاء بالعهد مع الأقربين والأبعدين..
عُهودُ وعقودُ النَّاسِ مع بعضُهم بَعضًا كَثيرةٌ يَختَارُها النَّاسُ،فهيَ مَواثيقُ ووعودٌ والتزاماتٌ بحاجةٍ للوفاءِ،كَي لا تَخْتَلَّ مَوازين التعامل بين النّاس،ولذلكَ أَرشدنا صلى الله عليه وسلم لقيمةِ الوفاءِ،وضمن الجَنَّة لِمن أَداه؛فقال"اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنَّة..اصدقوا إذا حدثتم،وأوفوا إذا وعدتم،وأدُّوا إذا ائتُمنتم،واحفَظُوا فروجَكم،وغُضُّوا أبصاركَم،وكفُّوا أيديكم"رواه أحمد..وناكثُ العهدِ خصمُهُ ربُّ العالمين عزَّ وجلَّ حيث يقول[ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة..رجل أَعطى بي ثم غدر -أي حلف باسم الله وعهده-ورجلٌ باعَ حُرًا وأَكل ثمنه،عن الاتجار بالبشر بأنواعه ورجلٌ اِستأجرَ أَجيرًا فَاستوفَى مِنه ولم يُعطه أجره]والله كَفيلٌ ومعين..لمن عَاهد وواعد وعزم على الوفاء وصدق في عهده فالله سيؤدي عنه كما وعده..
أيها الإخوة..من صورِ الوفاء بالعقود اتفاقُ أصحابِ العملِ فيما بينهم بينَ عاملٍ وكفيلٍ لابد أن يفيا بما تعاقدا عليه،وأن يلتزما به ما دامت عقودهما موافقةً لدين الله)يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)فصاحبُ العملِ مُلتزمٌ بالأجرةِ ونوعِ العملِ ومقداره وزمنه حسب الاتفاق،والعاملُ عليه الالتزام بالقيام بما وُكِلَ إليه على أحسن وجه،فيؤمِّنُ صاحبُ العمل حقَّه ويأمنُ العاملُ لوضعه والنجاحُ للجميع بإذن الله،قال صلى الله عليه وسلم(إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه)وليحذر من يستخدم العمال من مخالفةِ الأنظمةِ وظُلمِ العمالة فالظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة،حدثني أحدهم يشكو أن عدد 7 عمال استدعاهم صاحب مزرعة هنا قبل فترة ثم قاموا بالعمل لديه بالتمور ليل نهار لمدة أسبوع ثم فتح الباب وأخرجهم وإلا سيبلغ عنهم دون أن يصرف لهم ريال واحد هم لا يستطيعون الشكوى لأنهم أيضاً خالفوا النظام وصاحب المزرعة ويله من الله لظلمهم!!وقد لحقه الآن في عقوبتهم وقد لا يستطيع ردَّ حقوقهم بعد موت بعضهم!!إنَّ في بلادنا قِطاعًا عَريضًا من البَشر لا يُبالونَ مِن أَيِّ المالِ أَكلوا أو أَطعموا أبناءَهم،أَمِنْ كَدِّ الفقير وتعبه،أم مِنْ حقِّ العاملِ وسَعْيهِ،لا يُبالونَ في أيِّ أودية النار هلكوا،لذا تراهم يتطاولون على موظفيهم وعُمَّالِهم كأنهم مَلَكُوا الدنيا بلا حسابٍ ولا عقابٍ،فيمنعون أصحابَ الحقوقِ حقوقَهم،ويُحمِّلونهم فوق طاقتهم،ويُماطلونَ في أَداءِ ما لهم من رواتبَ وأموالٍ.لقد تعامل َكثيرٌ من الناس مع العمال وكأنهم آلات لا رحمةَ ولا شفقةَ ولا إحسان،وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين..“إخوانكم خوَلكم،جعلهم الله تحت أيديكم،فمن كان أخوه تحت يده فَلْيُطْعمْهُ مما يأكلْ،وليُلبسه مما يَلبس،ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلَّفتمُوهم فأعينوهم” فيا مَن تظلمُ العُمَّالَ وتستوفي العمل منهم وتَبْخَسهم حقَّهم،فتمنعهم الحقَّ كُلَّه أو بعضه،اعْلَم أنَّ خَصْمَك الله يوم القيامة، فخِبْتَ وخَسِرت إن متّ على ذلك،فبادرْ للتوبة،ورُدَّ المظالم وتحلَّلْ منهم،ومن صور ظلم العمال إكلالهم وإتعابهم في العمل مالا يطيقون،وتغيير عقودهم لأعمال رديئة غير المتفق عليها،وبيع الفيز والتأشيرات على العمال بمبالغ باهظة،لا يستطيعها الموظَّف فضلًا عن عامل فقير غريب، واستقدامهم وإلقاؤهم في الشوارع والطرقات،ومطالبتهم بدخل شهري،ولا يوفّر لهم الكفيل أو المؤسسة السكنَ المناسب،كأنهم يتاجرون بالبشر ولا أقلَّ من الخدماتِ الضروريةِ التي ينصُّ عليها نظام العمل والعمال في المملكة،بل يُجْمَعون في غرف ضيقة لا تفي بأدنى متطلبات الحياة،مما يُهيئُ الفرصَ لحصولِ الجرائم الاجتماعية والأخلاقية،ومن صور ظلمهم التسلّطُ عليهم واحتقارهم وسبُّهم وشتمهم،بل ضربهم في بعض الأحيان دون مخافة الله،وكل ذلك مخالفة للدين وخرقٌ للأنظمة الموضوعة(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)ثم أنت يا أخي الموظف العامل..اتق الله في نفسك،اتق الله في عملك، اتق الله فيما تعمل،وتأخذ من مال،فإن الله سائلك من أين اكتسبته،واعلم أنها أمانة في عنقك وأنت مسؤول عنها،قال تعالى(إن الله يأمركم أت تؤدوا الأمانات إلى أهلها)وانتبه من مخالفات لأنظمة العمل أنت تظنُّها فائدةً لك لكنَّها بالواقعِ لك خسارة ومخالفةٌ للأنظمة..فهناك أضرار ومفاسد(ياأيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)بعض العمال يخون ويغشُّ يظن أنه كسباً وهو يخسر الدنيا والآخرة بعمله..
وإن تشغيلَ عمالةٍ غير نظاميّةٍ أو عند غير من استقدموا له،وإيوائهم والتستر عليهم،ممن يخالف الأنظمة جنايةٌ على الوطن والمواطنين والمقيمين،ومخالفةٌ لتوجيهاتٍ عامةٍ بالدين والعمالةُ السائبة تؤدِّى لفسادٍ وكسادِ سوق العمل ونشر الفوضى وحرمانُ من يستحقُّ العمل..وإننا نسمع عن مخالفاتٍ لأنظمة العمل غريبة تتجاوزُ حدَّ المعقول مما يؤثر على سوق العمل ويُفسدُ على الجميع وهم يظنون أنهم مستفيديون!!..
أيها المسلمون..إن أَوَّلُ مَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ عَمَلِهِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ طَبِيعَةَ العَمَلِ بِصَغِيرِ أَمْرِهِ وجَلِيلِهِ، فَالوُضُوحُ صِفَةٌ أَسَاسِيَّةٌ فِي الحَيَاةِ،فَهَذا نَبِيُّ اللهِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لَمَّا ذَهَبَ إِلَى الرُّجُلِ الصَّالِحِ قَالَ لَهُ..(إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)،هَذَا عقد كامل واضح يُثْمِرُ عملاً منتجاً رابح(والله على ما نقول وكيل)الله أكبر ضمير حي يراقب نفسه وعمله إن العامل حِينَ قَبُولِهِ لِلْعَمَلِ يَعْلَمُ طَاقَاتِهِ،وبِالوُضُوحِ يُدْرِكُ وَاجِبَاتِهِ ومَسؤولِيَّاتِهِ،والعَقْدُ شَرِيعَةُ المُتَعاقِدَينَ،وأَيُّ تَعْدِيلٍ أَو إِضَافَةٍ فِي بُنُودِهِ يكون بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ،فَتَغْييرُ مِهنَةِ العَامِلِ إِلَى مِهْنَةٍ أَشَقَّ مِنْهَا،أَو أَدنَى مِنْ مُستَواهَا،يكون برضاه وقُواهُ،وَرَبُّ العَمَلِ يَحْسِبَ،لِيُجَنِّبَ نَفْسَهُ والعَامِلينَ مَعَهُ الأَزَمَاتِ والصِّعَابَ، فَلاَ يختار عاملاً إلا لما يناسب له ويستطيع الإنفاق عليه وإعطائه أجرته-صلى الله عليه وسلم- ((أعطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ))إضافة إلى توفير سكنه وغذائه وأمانه وتأمينه وكذلك سلامته من الأخطار التي قد تؤذيه إما في صحته أو في عمره الذي لا يناسب عمله وغير ذلك وتلك من رحمة الإسلام وعظمته..أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..و بعد..
النظام في الحياة وضعه الإسلام ديناً ووافقه العقل تنظيماً وهكذا تعارف العقلاء عليه واتفقوا كي يعيشوا حياتهم..النظامُ وسطٌ بين الناس إذا خُولف صار فوضى وإذا قسا صار ظلماً..ومن الواجب الالتزامُ أولاً ثم التعاونُ مع الجهاتِ المعنيِّةِ في كلِّ ما من شأنِه تحقيقُ المصالح ودفعُ المفاسد،ومخالفةُ أنظمة الإقامة والعمل فيها مفاسدُ كثيرةٍ وخسائرُ متنوعةٍ،وكذلك المبالغة في الضغط عليهم بما لا يطيقون مشاكلُ أمنيةً،واجتماعيةً واقتصاديةً تشملُ الموظفَ والعاملَ والكفيلَ فهي سببٌ لضياع الحقوق على الجميع وهي حقوقٌ شرعَها الدين وكفَلَها النظام للجميع..وما يُضيرُ الكفيلَ لو التزم هو ومكفوله بالأنظمة المُحدَّدة وفق العقودِ والعهودِ التي أبرموها فيما بينهم ومع غيرهم والالتزام بها سببٌ لبركة الرزق والسلامةِ من المضارِ،وراحةِ القلبِ والشعورِ بالأمان وشؤونُ التعاملات في الحياة وبين الناس لا تسير بلا نظامٍ ولذلك هناك بابٌ كامل في دين الله اسمه المعاملات وضع له شروطاً وأنظمة وكفالاتٍ نحتاجُ أن نعرفَها ونُطبِقّهُا كي تسيرَ أمورُ حياتنا بنظامٍ وتوافقٍ والجميع يبحث عن ذلك اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا الّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك،وبطاعتك عن معصيتك،وبفضلك عمن سواك..
الوفَاءُ قيمةٌ إنسانيةٌ وأَخلاقيةٌ عُظمى تُؤكد الثِقْةَ في الأَفرادِ،وتَدعُو للتقاربِ بين المجتمعِ،وإِلاَّ فُقِدَتْ الثقة وحَلَّت الخيانةُ مكانَ الأَمانةِ..فَالوفَاءُ باِلعهدِ أَدبٌ ربَّانيٌّ كبير،وخُلُقٌ نَبويٌّ حَميدٌ وسلوكٌ إسلاميٌّ نبيلٌ،أَمر الله به في كتابهِ(وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا) وجعلَ الله صَاحِبهَا مَسؤولاً عَنها يَوم القيامة(وَأَوْفُواْ بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً(وما يَضعهُ النَّاس بينهم من عُقودٍ وعُهودٍ ووعُودٍ ليسَ إِنشاءً،فوعدُ الحُرِّ دينٌ عليه ولكنّها قِيمٌ ومَبادئُ لا يَجوزُ نَكثُها وإِخْلَافُها،وهَكذا نَهجُ الأَنبياءِ فَالخليل إبراهيم عليه السلام وصفه الله(وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى)وابتلاه الله بكلماتٍ فأَتمهُنَّ،والوفاءُ بالوعدِ صِفةُ إِسماعيل عليه الصلاة والسلام(وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً)كمَا أنَّ الوفاءَ بالعهودِ صفةٌ للمؤمنين(وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ) (وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء)
الوفَاءُ بِالعهدِ قيامُ المُسلمِ وحتى غير المسلم بما التزمَ به،مِن عُقودٍ وعُهودٍ وشُروطٍ قَولاً كانَ أَم كِتابةً،لا يَبرأُ إِلا بِالوفاءِ به،وعِندما يُخلفُ عهدَه المسلمُ عَن قصدٍ فسيخرجُ عن نطاقِ الإيمانِ ويقعُ في دائرةِ النفاقِ؛فلا إِيمانَ لِمن لا أَمانةَ لَه،ولا دينَ لمن لا عهد له)كما ورد وفي الصحيحين[ثلاثٌ مَنْ كُنَّ فيهِ فَهُو مُنافِقٌ وإِن صَامَ وصَلَّى وزَعم أَنَّهُ مُسلم،إذا حدَّث كذب،وإِذا وَعد أَخلف،وإذا اُئتُمنَ خان]والعُهودُ أَنواعٌ فمِنها مِن اللهِ للنَّاسِ..قال ابن عباس"كُلُّ مَا أَحلَّ اللهُ وما حرَّمَ وما فَرضَ في القرآن فهو عهد(وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا)فالإحسانُ بالقولِ والفعلِ عَهدٌ،وإقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ عَهدٌ(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مِّعْرِضُونَ)العدلُ مع النفسِ والأَهلِ والزوجةِ والنَّاسِ من موظفين وعمال وذلك عهد(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى)فياله من دينٍ عظيمٍ يحثنا على العدل والوفاء بالعهد مع الأقربين والأبعدين..
عُهودُ وعقودُ النَّاسِ مع بعضُهم بَعضًا كَثيرةٌ يَختَارُها النَّاسُ،فهيَ مَواثيقُ ووعودٌ والتزاماتٌ بحاجةٍ للوفاءِ،كَي لا تَخْتَلَّ مَوازين التعامل بين النّاس،ولذلكَ أَرشدنا صلى الله عليه وسلم لقيمةِ الوفاءِ،وضمن الجَنَّة لِمن أَداه؛فقال"اضمنوا لي ستًّا من أنفسكم أضمن لكم الجنَّة..اصدقوا إذا حدثتم،وأوفوا إذا وعدتم،وأدُّوا إذا ائتُمنتم،واحفَظُوا فروجَكم،وغُضُّوا أبصاركَم،وكفُّوا أيديكم"رواه أحمد..وناكثُ العهدِ خصمُهُ ربُّ العالمين عزَّ وجلَّ حيث يقول[ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة..رجل أَعطى بي ثم غدر -أي حلف باسم الله وعهده-ورجلٌ باعَ حُرًا وأَكل ثمنه،عن الاتجار بالبشر بأنواعه ورجلٌ اِستأجرَ أَجيرًا فَاستوفَى مِنه ولم يُعطه أجره]والله كَفيلٌ ومعين..لمن عَاهد وواعد وعزم على الوفاء وصدق في عهده فالله سيؤدي عنه كما وعده..
أيها الإخوة..من صورِ الوفاء بالعقود اتفاقُ أصحابِ العملِ فيما بينهم بينَ عاملٍ وكفيلٍ لابد أن يفيا بما تعاقدا عليه،وأن يلتزما به ما دامت عقودهما موافقةً لدين الله)يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)فصاحبُ العملِ مُلتزمٌ بالأجرةِ ونوعِ العملِ ومقداره وزمنه حسب الاتفاق،والعاملُ عليه الالتزام بالقيام بما وُكِلَ إليه على أحسن وجه،فيؤمِّنُ صاحبُ العمل حقَّه ويأمنُ العاملُ لوضعه والنجاحُ للجميع بإذن الله،قال صلى الله عليه وسلم(إن الله يحب أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه)وليحذر من يستخدم العمال من مخالفةِ الأنظمةِ وظُلمِ العمالة فالظلمُ ظلماتٌ يوم القيامة،حدثني أحدهم يشكو أن عدد 7 عمال استدعاهم صاحب مزرعة هنا قبل فترة ثم قاموا بالعمل لديه بالتمور ليل نهار لمدة أسبوع ثم فتح الباب وأخرجهم وإلا سيبلغ عنهم دون أن يصرف لهم ريال واحد هم لا يستطيعون الشكوى لأنهم أيضاً خالفوا النظام وصاحب المزرعة ويله من الله لظلمهم!!وقد لحقه الآن في عقوبتهم وقد لا يستطيع ردَّ حقوقهم بعد موت بعضهم!!إنَّ في بلادنا قِطاعًا عَريضًا من البَشر لا يُبالونَ مِن أَيِّ المالِ أَكلوا أو أَطعموا أبناءَهم،أَمِنْ كَدِّ الفقير وتعبه،أم مِنْ حقِّ العاملِ وسَعْيهِ،لا يُبالونَ في أيِّ أودية النار هلكوا،لذا تراهم يتطاولون على موظفيهم وعُمَّالِهم كأنهم مَلَكُوا الدنيا بلا حسابٍ ولا عقابٍ،فيمنعون أصحابَ الحقوقِ حقوقَهم،ويُحمِّلونهم فوق طاقتهم،ويُماطلونَ في أَداءِ ما لهم من رواتبَ وأموالٍ.لقد تعامل َكثيرٌ من الناس مع العمال وكأنهم آلات لا رحمةَ ولا شفقةَ ولا إحسان،وقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين..“إخوانكم خوَلكم،جعلهم الله تحت أيديكم،فمن كان أخوه تحت يده فَلْيُطْعمْهُ مما يأكلْ،وليُلبسه مما يَلبس،ولا تكلِّفوهم ما يغلبهم، فإن كلَّفتمُوهم فأعينوهم” فيا مَن تظلمُ العُمَّالَ وتستوفي العمل منهم وتَبْخَسهم حقَّهم،فتمنعهم الحقَّ كُلَّه أو بعضه،اعْلَم أنَّ خَصْمَك الله يوم القيامة، فخِبْتَ وخَسِرت إن متّ على ذلك،فبادرْ للتوبة،ورُدَّ المظالم وتحلَّلْ منهم،ومن صور ظلم العمال إكلالهم وإتعابهم في العمل مالا يطيقون،وتغيير عقودهم لأعمال رديئة غير المتفق عليها،وبيع الفيز والتأشيرات على العمال بمبالغ باهظة،لا يستطيعها الموظَّف فضلًا عن عامل فقير غريب، واستقدامهم وإلقاؤهم في الشوارع والطرقات،ومطالبتهم بدخل شهري،ولا يوفّر لهم الكفيل أو المؤسسة السكنَ المناسب،كأنهم يتاجرون بالبشر ولا أقلَّ من الخدماتِ الضروريةِ التي ينصُّ عليها نظام العمل والعمال في المملكة،بل يُجْمَعون في غرف ضيقة لا تفي بأدنى متطلبات الحياة،مما يُهيئُ الفرصَ لحصولِ الجرائم الاجتماعية والأخلاقية،ومن صور ظلمهم التسلّطُ عليهم واحتقارهم وسبُّهم وشتمهم،بل ضربهم في بعض الأحيان دون مخافة الله،وكل ذلك مخالفة للدين وخرقٌ للأنظمة الموضوعة(وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ)ثم أنت يا أخي الموظف العامل..اتق الله في نفسك،اتق الله في عملك، اتق الله فيما تعمل،وتأخذ من مال،فإن الله سائلك من أين اكتسبته،واعلم أنها أمانة في عنقك وأنت مسؤول عنها،قال تعالى(إن الله يأمركم أت تؤدوا الأمانات إلى أهلها)وانتبه من مخالفات لأنظمة العمل أنت تظنُّها فائدةً لك لكنَّها بالواقعِ لك خسارة ومخالفةٌ للأنظمة..فهناك أضرار ومفاسد(ياأيها الذين آمنوا لاتخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون)بعض العمال يخون ويغشُّ يظن أنه كسباً وهو يخسر الدنيا والآخرة بعمله..
وإن تشغيلَ عمالةٍ غير نظاميّةٍ أو عند غير من استقدموا له،وإيوائهم والتستر عليهم،ممن يخالف الأنظمة جنايةٌ على الوطن والمواطنين والمقيمين،ومخالفةٌ لتوجيهاتٍ عامةٍ بالدين والعمالةُ السائبة تؤدِّى لفسادٍ وكسادِ سوق العمل ونشر الفوضى وحرمانُ من يستحقُّ العمل..وإننا نسمع عن مخالفاتٍ لأنظمة العمل غريبة تتجاوزُ حدَّ المعقول مما يؤثر على سوق العمل ويُفسدُ على الجميع وهم يظنون أنهم مستفيديون!!..
أيها المسلمون..إن أَوَّلُ مَا يَجِبُ لِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ عَمَلِهِ أَنْ يُبَيِّنَ لَهُ طَبِيعَةَ العَمَلِ بِصَغِيرِ أَمْرِهِ وجَلِيلِهِ، فَالوُضُوحُ صِفَةٌ أَسَاسِيَّةٌ فِي الحَيَاةِ،فَهَذا نَبِيُّ اللهِ مُوسَى -عَلَيْهِ السَّلاَمُ- لَمَّا ذَهَبَ إِلَى الرُّجُلِ الصَّالِحِ قَالَ لَهُ..(إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ، قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)،هَذَا عقد كامل واضح يُثْمِرُ عملاً منتجاً رابح(والله على ما نقول وكيل)الله أكبر ضمير حي يراقب نفسه وعمله إن العامل حِينَ قَبُولِهِ لِلْعَمَلِ يَعْلَمُ طَاقَاتِهِ،وبِالوُضُوحِ يُدْرِكُ وَاجِبَاتِهِ ومَسؤولِيَّاتِهِ،والعَقْدُ شَرِيعَةُ المُتَعاقِدَينَ،وأَيُّ تَعْدِيلٍ أَو إِضَافَةٍ فِي بُنُودِهِ يكون بِرِضَا الطَّرَفَيْنِ،فَتَغْييرُ مِهنَةِ العَامِلِ إِلَى مِهْنَةٍ أَشَقَّ مِنْهَا،أَو أَدنَى مِنْ مُستَواهَا،يكون برضاه وقُواهُ،وَرَبُّ العَمَلِ يَحْسِبَ،لِيُجَنِّبَ نَفْسَهُ والعَامِلينَ مَعَهُ الأَزَمَاتِ والصِّعَابَ، فَلاَ يختار عاملاً إلا لما يناسب له ويستطيع الإنفاق عليه وإعطائه أجرته-صلى الله عليه وسلم- ((أعطُوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ قَبلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ))إضافة إلى توفير سكنه وغذائه وأمانه وتأمينه وكذلك سلامته من الأخطار التي قد تؤذيه إما في صحته أو في عمره الذي لا يناسب عمله وغير ذلك وتلك من رحمة الإسلام وعظمته..أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنبٍ..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..و بعد..
النظام في الحياة وضعه الإسلام ديناً ووافقه العقل تنظيماً وهكذا تعارف العقلاء عليه واتفقوا كي يعيشوا حياتهم..النظامُ وسطٌ بين الناس إذا خُولف صار فوضى وإذا قسا صار ظلماً..ومن الواجب الالتزامُ أولاً ثم التعاونُ مع الجهاتِ المعنيِّةِ في كلِّ ما من شأنِه تحقيقُ المصالح ودفعُ المفاسد،ومخالفةُ أنظمة الإقامة والعمل فيها مفاسدُ كثيرةٍ وخسائرُ متنوعةٍ،وكذلك المبالغة في الضغط عليهم بما لا يطيقون مشاكلُ أمنيةً،واجتماعيةً واقتصاديةً تشملُ الموظفَ والعاملَ والكفيلَ فهي سببٌ لضياع الحقوق على الجميع وهي حقوقٌ شرعَها الدين وكفَلَها النظام للجميع..وما يُضيرُ الكفيلَ لو التزم هو ومكفوله بالأنظمة المُحدَّدة وفق العقودِ والعهودِ التي أبرموها فيما بينهم ومع غيرهم والالتزام بها سببٌ لبركة الرزق والسلامةِ من المضارِ،وراحةِ القلبِ والشعورِ بالأمان وشؤونُ التعاملات في الحياة وبين الناس لا تسير بلا نظامٍ ولذلك هناك بابٌ كامل في دين الله اسمه المعاملات وضع له شروطاً وأنظمة وكفالاتٍ نحتاجُ أن نعرفَها ونُطبِقّهُا كي تسيرَ أمورُ حياتنا بنظامٍ وتوافقٍ والجميع يبحث عن ذلك اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنا الّتِي إِلَيْهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.. اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك،وبطاعتك عن معصيتك،وبفضلك عمن سواك..