الحمدُ للهِ هدانا للإسلامِ وبين الأحكام،وأشهد أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شريكَ له الملك العلام وأشهد أن محمداً عبده ورسولهُ المبعوثُ رحمةً للأنامِ، صلى الله وسلم عليه وعلى آلهِ وصحبهِ البررة الأعلامِ، ومن تبعهم بإحسان ما تعاقبت الليالي والأيام..أما بعد فاتقوا الله عباد الله..واعلموا أن الله هدانا للإسلامِ وأَرسلَ إلينا أَفضلَ رُسُلِهِ وأَنزلَ عَلينا أَكملَ كُتُبِه،جَعلَ اتّباعَ شرعِه والإخلاصَ له مَناطَ القَبولِ عِندهُ،والشركُ به سببُ إحباط العمل.هذه قاعدةُ الإيمان والتوحيد لكنَّ بعض النَّاسِ من تهاونِهِ وجهلِه أو عياذاً بالله من ضعفِ يقينِه وخَللِ إيمانه يَتلقَّون نصوصَ الشرع بنوعِ تَردُّدٍ وتَقاعُسِ مع تَثاقُلٍ وحَرجٍ في الصدر أو يُحرّفون الأحكامَ الشرعية ويؤوّلون نُصُوصَ الشرعِ ويتحايلُون عليها.. وهذا لا يُستَغرب ممن ليسَ بمسلم فهم كما قال الله(وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً)لكنَ المستغربَ حين يفعلُ ذلك مسلمٌ فَرِحَ بعِلمٍ دنيويِّ عنده فأخذ يُقيّم أحكام الشريعةِ بِميزانِ عقله وهواه وشهوته فما وافقَه قَبلَه وما لم يوافقْه أَوَّلهُ وحَرّفهُ،وجعل عقله حاكماً مهيمناً على الشرع ومُستهيناً بِالقرآن والسنة. هم لا يعظمونَ نصوصَ الكتابِ والسُنَةِ في قلوبِهم ولا تَقديساً أو انقياداً..يُشوهونَ تفسيرَ آي القرآن ويَعترضونَ على الحديثِ النبويِّ عِياذاً بالله..وكما أننا ننتقدُ فهمَ التشدّدِ والغلوِّ للنصوص الشرعية والتطرف بها وكذلك الخوفَ من التيسير والسماحة في العلم والفتوى فسننتقدُ أيضاً قلةَ احترام النصِ الشرعيِّ..وانتقاصَ آراءِ علماءَ مبنيّةٍ على النَصِ والإِجماعِ..تجدُ بعضَهم يتطاولُ على أحكامَ شرعيّةٍ مُقرَّرة ويتكلّمُ بأُصُولَ فقهيةٍ معتبرةٍ للمصلحة والمفسدة كأنَّ المُنتقدَ فقيهٌ متَبَحِّرٌ..وهذا خطأ،بل تَطَاولٌ على الشرعِ وقواعدهِ..خاصةً من غير أَهلِ العلمِ..ممن يُجادلُ في أحَكامِ شرعيةٍ بلا دليلٍ ولا بيّنةٍ ولا دليل وإنما لمجرّدِ معارضةٍ وإثارةِ بلبلة.. والتهاونُ بنشر ذلك وإشاعته يُهوّنُ الشرعَ في نظر الباقين هدانا الله وإياهم..
أيها المؤمنون تعظيمُ الربِّ تعالى وتمجيدُهُ مقترنٌ بتعظيمِ أَحكامِهِ ونصُوصِ شرعِهِ بالقرآنِ والسُنةِ قال ابن القيمِ رحمه الله.."أولُ مراتبِ تَعظيمِ الحقِ عز وجل تعظيمُ أَمرهِ ونهيهِ،فذلكَ دَالٌ على تعظيمهِ لصاحبِ الأمرِ والنهي" وتَعظيمُ النُصُوصِ الشَرعيةِ له دَلالاتٌ وعلاماتٌ من افتقدها فهو على خطرٍ عَظيمٍ،منها القبولِ لحُكمِ الله تعالى والتَسليمُ الكَاملُ المطلَقُ دونِ تردّدٍ أو شك(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)في جميع الأمور ليسَ لأحدٍ مُخالفةُ حُكمِ اللهِ ورسولهِ ولا اختيار!!ومن عَلاماتِ تعظيمِ النصوصِ الشَرعيةِ عَدمُ وجودِ الحَرجِ عند سَماعِها ويتأكَّدُ هذا عند تطبيقهِا(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)دلالةٌ على وُجُوبِ الانقيادِ لحكمِ اللهِ ظَاهراً وباطناً بِرحابةِ صدرٍ وطُمأنينةِ نفس..وإن لم تلتزم بذلك فاعترف بِقصور فهمك ولاتُعارض حكماً ولانصاً شرعياً تبريراً لفعلك..أما مَنْ يتنطَّعُ بالبحث عن الحِكمَةِ من الأمر والنهي أَو ضَربِ الأحاديثِ ببعضها لنقضِها،فهذا يُنافي كَمالَ التَسليمِ والانقيادِ لله.ثم يستمرُّ بعضهم بغيّه حتى يعترضَ على بَعضِ أَحكَامٍ شرعيةٍ حَينَ لا يعلمُ حكمتها فأين إمساكُ المسلمِ وتأدبِه مع مقامِ التشريعِ..فالله عز وجلَّ (لا يُسأل عمَّا يفعلُ وهم يُسألون)ولم يَحكِ اللهُ سُبحَانهُ عن أُمَّةِ نبيٍّ صدّقت بِنبيِّها وآمنت بِما جاءَ بِه أَنها سألتهُ عن تفاصيلِ الحكمةِ فيما أَمَرَها بهِ ونَهاها عنه وبَلَّغها عن ربِها ولو فعلت ذلكَ لما كانَت مؤمنةً به.
أُناسٌ يتصدَّرُون المجالسَ ووسائلَ التواصلِ والإعلام مع تجاوزٍ خطيرٍ على نصوص الشرع وأحكامه بجرأةٍ غريبة ومناقشةٍ يحكمُها الهَوى والرغبة والمذهبيّة وتقليدُ الغير والانتقام منهم لا البحثِ عن الحق مع إهمالٍ للشرع والأحكامُ التي أصبحَت مرتْعاً لمَنْ هَبَّ ودبّ ليناقشها ويعترضُ عليها بدون وجه حق وبلا احترامٍ لتاريخٍ علميٍّ وشرعيٍّ للعلماءِ في نقاشها وبحثها..يستندُ بعضُهم لخلافِ العلماء ليترك العملَ بالأحكام!!ولايُمنعُ السؤالُ والاستئناسُ بِطلبِ الحِكمةِ لحُكمٍ شرعيِّ إن أمكنَ ظهورها مع الرضا والقبولِ التامِ أولاً. وكذلك لا بَأس للإنسانِ أن يتأَمَّلَ النصوصَ الشرعية ليُدركَ سبَبَ الأمرِ والنهيَ برأيٍّ علمي مُعتبر وليسَ بلويِ عُنقِ الآياتِ والأحكامِ الفقهيةِ!!وإنما ليستنبطَ الأحكامَ لنوازلِ العصر..ومطلوبٌ من العلماءِ وأَهلِ الاختصاصِ التبحُّرَ في البحوثِ العلميةِ والجَمعَ بين الآراءِ الفقهيةِ..وحَلَّ النوازلِ العَصْريَه بِفقهٍ وفَهْمٍ كي لا يكثُرَ الخلافُ بين الناس..ومن عَلاماتِ تَعظيمِ الله ونصوصه وأحكامه الشرعية الغضب إذا انتُهِكَت محارمُ اللهِ تقول عائشة رضي الله عنها..(ما خُيِّر صلى الله عليه وسلم بين أمرينِ إلا اختارَ أَيسرهُما ما لم يكن إثماً،فهو أبعدُ الناس منه،وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنتهك حرماتُ الله فينتقم لله بها)أخرجه البخاري. فتعظيمُ الله بالغيرةِ على محارمِه ونصوصِه وأحكامِه..والرأيُ والحوارُ لا يُقبلُ إذا نالَ من نصوص الشرع الواضحة أو تعدَّى على الثوابت المُحكمة..
أيُّها المسلمون..إن تعظيمَ الشريعةِ والسُنةِ أَوجبُ الواجبات(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)لقد كادت أن تَحبط أعمالُ بعضِ الصحابة فقط!!عندما رفعوا صوتهم عنده صلى الله عليه وسلم،فكيف بمن ينتقصُ الشريعةَ ولا يُعظِّم السنةَ(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) فمن يتهاون بالنصوص والأحكام ويستهزئ بها فسيحبطُ عملُه من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ..ومن أراد تعظيمَ الشرعِ ونصوصَه فليُمسكْ عَمَّا ليسَ لهُ بهِ عِلمٌ وليحذرِ الخوضَ في ذلكِ وليقرأْ قوله تعالى(وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) فالخوضُ في معاني النصوص الشرعيّة دونَ درايةٍ أو سُؤالٍ، من القولِ على الله بِلا عِلمٍ وهو ذنبٌ عظيم يجرّ للمفسدة..ومؤسفٌ جداً جعلُ نُصوصِ الشرعِ وأحكامِه مَيداناً للجدلِ بلِا علمٍ من أُناسٍ لايستوعبون العلمَ الشرعي في حُواراتٍ فيها سفهٌ وتأويلٌ وتحريفٌ للنصوصِ الشرعيةِ مما يُضعفُ تَعظيمهَا والانقيادَ لها في نفوسِ من يسمعُ ذلك في المجالسِ والفضائيات وقد لايهمُّ الحاضرَ ولا المشاهدَ سببُ هذا الجدل وموضعه..وهي كَثُرَتْ مُؤخَّراً بنشرِ مقاطِعِها ممن لايهتمُّ بالعلمِ أصلاً وإنما يبحثون عن الغرائب التي تُسبِّبُ التشكيكَ في دين الناس وعباداتهم عياذاً بالله لأن الناس بنشرها يستسهلون الأمر وينتشرُ القولُ على اللهِ بغيرِ علمٍ،وكأنَّ ما شرعهُ الله خاضعٌ للحوارِ كقضايا السياسة والأدب وعَلَى فرضِ التحذيرِ منها فأنتَ تُساهمُ بنشرِها وتسويقِها..
عباد الله..أَصَحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ضربوا أَروعَ الأَمثلةِ وأَصدَقَهَا في امتثالِ أَمرِ الله ورسولهِ وتعظيمِ نُصُوصِ الشرعِ والوقوفِ عندها والغضبِ عند مُخالفَتِها وانتِهاكِها..وحِرصُهم هذا وتَعظيمُهِم ليسَ مقصوراً على الواجبِ فحسب بل تعدّى ذلكَ للسنن،ويكفيهم شَرفاً وفَخراً تزكيةُ اللهِ لهم وثناؤُه عليهم..يقول ابن عثيمين رحمه الله[من كمال الإنقياد لله والإيمان به أنه إذا ورد النهي فلا تسلْ أهو للتحريم أم للكراهة وإذا صح الأمر بفعل فلا تسلْ هل هو للوجوب أم الاستحباب فلم يثبت أن الصحابة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاصد الأحكام والنهي وإنما يفعلون وينتهون مباشرة!!والحاجة لمعرفة الأحكام في حالة مخالفتها أو تركها ليُعرفَ الواجبَ نحوها(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) ولما كان أَمرُ مخالفتهِ صلى الله عليه وسلم خَطيراً وعاقِبتُهِ وخيمة. كان موقفُ الصحابةِ منها عظيماً(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه..(لستُ تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به وإني لأخشى إن تركت شيئاً من أمرهِ أن أزيغ) ومن تعظيم الفاروق رضي الله عنه لشأنِ النبي صلى الله عليه وسلم وأَمرهِ ما أَخرجَهُ أحمد بإسنادٍ حسن أنه قلع ميزاباً على ممَر الناسِ فقال له العباس رضي الله عنه.. أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي وضعه في مكانه، فأقسم عمر رضي الله عنه.. لتصعدَنَّ على ظهري ولتضعنَّهُ في موضعه..وأتى عبدُ الله بن رواحة للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يَخْطبُ فسَمِعَه يقول.. اجلسوا، فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ صلى الله عليه وسلم من خطبته، فبلغَ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال له..(زَادكَ الله حِرصاً على طَواعيةِ اللهِ ورسوله)أخرجه البيهقي..فإذا كان هذا فعل أبو بكر وعمر وباقي الصحابة فكيف في زماننا هذا نرى من يجلسُ متكأً على أريكتِه قليلَ علم..يُجادل في أحكام الله ونصوصه بجهل أو بعلمٍ ناقص..إذا كان أبو بكرٍ الذي لو وُزن إيمان الأمة بإيمانه لوزنهم يفعلُ ذلك فكيف بزمانٍ أضحى أهلهُ يَستهزئونَ بمحمدٍ وبأوامِرهِ ويتباهونَ بِمخَالفتهِ ويَسخرونَ بسنته..اتقوا الله..اتقوا الله.. عن عبد الله بن مغفِّل رضي الله عنه قال..(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخذف)وهو رمي الحجارةِ الصغيرةِ بأصابعِ اليد. وقال..(إنها لا تصطادُ صيْداً،ولا تنكأُ عدواً ولكنها تفقأُ العينَ وتكسرِ السن)فقال رجلٌ لعبد اللهِ وما بأس بهذا؟فقال عبد الله..(أُحدِّثك عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وتقولُ هذا والله لا أُكلِمُكَ أبداً) متفقٌ عليهِ..وأَمثلةُ ذلكَ عن الصحابةِ رضي الله عنهم كثيرةٌ جداً، وعلى نَهجِهم سار أَتباعُهم ومن تبعهم من أَئِمة السَلفِ إلى زماننا هذا!!
عباد الله..إن المسألةَ تَنتهي عندَ قولِ الله تعالى وقولِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم فإن كانَ نزاعٌ بعد ذلكَ فليحذرِ الإنسانُ على إيمانهِ وِإسلامهِ،فالإسلامُ مبنيٌ على تسليمٍ للنصوص الشرعية بتعظيم اللهِ ونَبيِّهِ وتَعظيمِ أَمرهِما ونَهيهِما،عن سالم بن عبد الله بن عمر..أن عبد الله بن عمر قال..سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول..(لا تمنعوا نِساءَكُم المسَاجد إذا استأذنَّ إليها).قال..فقال بلال بن عبد الله بن عمر..والله لنمنعهن.فغضب عليه عبد الله فسبَّه غضبا شديداً وقال..(أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول.. والله لنمنعهنَّ)رواه مسلم..هذا هو دَيدنُ أَهلِ الإسلامِ والإِيمانِ جُملةً وتفصيلاً ينقادونَ ويعظمونَ كلامَ اللهِ وكلامَ رسولهِ..وأن الدينَ يُسمعَ له وهو الحاكم عليهم..وبابُ الشبهةِ إذا انفتحَ على الإنسان ليس له حد..ويغذيهِ الشيطان والعجب بالرأي..فيُحبط عملَ الإنسان..والخلافاتُ بين أهل العلم كثيرة لو تتبعها الإنسان لضاع دينه وعلمه وهذا مردّه،إما لخفاءِ سُنةٍ أو حديث أو عدمِ بِلُوغَها لبعض العلماء أَو لقولِ مرجوحٍ لكن أن يُتهمَ رواةُ الدينِ وصحابةَ رسولِ ربِّ العالمين وأن يُستهزأ بهم ولا يُؤخذُ بِكَلامِهِم،فهذا أمره عظيم ويشتد أثره وإثمه إذا تعدى المسائلَ الفرعية للعظيمة!!
لقد تمادت الجرأةُ على نصوصِ الشرع حتى رأينا من ينادي بتحليل الربا ويناقشُ بوجوبِ الصلاةِ والحجابِ والأمرِ بالمعروفِ ويتجَاوزُ على آيات القرآن ويُنالُ من العلماء والشريعة..مما لضعفِ تعظيمِ الدينِ في القلوبِ..فاتقوا الله عباد الله واحفظوا ألسنتكم من الحديث في نصوص الشريعة واقبلوا الصحيح منها والثابتَ بالقبولِ والانقياد والتسليم فذلك والله أسلم ولو خالفت(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ*وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ))أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد ..
أيُّها الإخوة..مع كل هذه الدعوة لتعظيم نصوص الشرع من كتابٍ وأحاديثَ صحيحةٍ وردت في السنة النبويةِ وإجماعٍ لأهل العلم أو قولٍ لجمهورهم..فإنك لاتزال ترى أناسآ يتناولون أحكام الشرع حسب أمزجتِهم،وعقولهم ومناسباتهم ويُجاملون على حسابها ويتهاونون بمعناها الشرعي يناقشون أَحكام الشرع كأنها كلأٌ مباح وليسَ لهم نصيبٌ من العلمِ الشرعي،ولا احترامٌ لأهلِ العلم ممن سبقهم وعاصرهم بينما تراهم يحترمون أنظمةً مدنية وقانونية بكل مكان ولايجرؤون على انتقادها ولو لم يقتنعوا بها..أما التعدّي على أحكامِ اللهِ ورسولهِ ومناقَشَتِها حسبَ هواهُم فذلك انفتاحٌ وتجديدٌ وحريةٌ وتعبيرٌ عن الرأي رغم أنه خطأٌ كبيرٌ وتعدٍّ خطيرٍ على الدينِ نُحذِّرُ منه وكما أن الدين وأحكامَ نصوصِه الثابتةِ ليسَتْ حَسَبَ المزاجَ والمصالح فإنِّنا نرفضُ ضغوطً تمارسُ على بلادنا باسمِ منظماتِ حقوقِ الإنسانِ والأممِ المتحدة حسبَ أهوائِهم استغلالاً لبعض الحوادث وهي تريدُ فرضَ هيمنتِها على دينِنا ونظامِ بلدِنا..يهاجمونَ تطبيقَ الحدودِ الشرعيةِ أو حجابَ المرأةِ والقوامةِ عليها بشتَّى الدعاوى وبلادُنا وقادُتنا ومجتمعُنا ثابتون بإذن الله على الحقِّ وتطبيقِ أحكامِ الشريعة والمؤسفُ أن تجدَ ضِعافَ وضعيفاتِ نفوسٍ يلوون ألسنتهم معهم تأييداً لهم وما تُخفي صدورُهم أكبر،،وليحذْر من يعيشُ حياتَه على الجدلِ والمراء في النيلِ من سنةِ المصطفى صلى الله عليه وسلم والمناقشة بجهل لأحكام الشرع،،أنتَ بعافيةٍ من هذا كله..أنت بعافية فقد تقول كلمةً لا تُلقي لها بالاً تَهوي بها في النارِ سبعينَ خريفاً كما في الحديث..نسأل الله جلَّ وعلا أن يجعلنا وقافين عند أحكامِ كتابِ الله متبعينَ لسنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملين بمحكم الإسلامٍ مؤمنين بمتشابهه..وأن يُجنبَّنَا الجدال والمراءَ بغيرِ وجهِ حق ..ويُرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرزقنا الباطلَ باطلاً و يرزقنا اجتنابه اللهم وفق وليَّ أمرنا لما تحب وترضى وخذ بيده للبر والتقوى
أيها المؤمنون تعظيمُ الربِّ تعالى وتمجيدُهُ مقترنٌ بتعظيمِ أَحكامِهِ ونصُوصِ شرعِهِ بالقرآنِ والسُنةِ قال ابن القيمِ رحمه الله.."أولُ مراتبِ تَعظيمِ الحقِ عز وجل تعظيمُ أَمرهِ ونهيهِ،فذلكَ دَالٌ على تعظيمهِ لصاحبِ الأمرِ والنهي" وتَعظيمُ النُصُوصِ الشَرعيةِ له دَلالاتٌ وعلاماتٌ من افتقدها فهو على خطرٍ عَظيمٍ،منها القبولِ لحُكمِ الله تعالى والتَسليمُ الكَاملُ المطلَقُ دونِ تردّدٍ أو شك(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)في جميع الأمور ليسَ لأحدٍ مُخالفةُ حُكمِ اللهِ ورسولهِ ولا اختيار!!ومن عَلاماتِ تعظيمِ النصوصِ الشَرعيةِ عَدمُ وجودِ الحَرجِ عند سَماعِها ويتأكَّدُ هذا عند تطبيقهِا(فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)دلالةٌ على وُجُوبِ الانقيادِ لحكمِ اللهِ ظَاهراً وباطناً بِرحابةِ صدرٍ وطُمأنينةِ نفس..وإن لم تلتزم بذلك فاعترف بِقصور فهمك ولاتُعارض حكماً ولانصاً شرعياً تبريراً لفعلك..أما مَنْ يتنطَّعُ بالبحث عن الحِكمَةِ من الأمر والنهي أَو ضَربِ الأحاديثِ ببعضها لنقضِها،فهذا يُنافي كَمالَ التَسليمِ والانقيادِ لله.ثم يستمرُّ بعضهم بغيّه حتى يعترضَ على بَعضِ أَحكَامٍ شرعيةٍ حَينَ لا يعلمُ حكمتها فأين إمساكُ المسلمِ وتأدبِه مع مقامِ التشريعِ..فالله عز وجلَّ (لا يُسأل عمَّا يفعلُ وهم يُسألون)ولم يَحكِ اللهُ سُبحَانهُ عن أُمَّةِ نبيٍّ صدّقت بِنبيِّها وآمنت بِما جاءَ بِه أَنها سألتهُ عن تفاصيلِ الحكمةِ فيما أَمَرَها بهِ ونَهاها عنه وبَلَّغها عن ربِها ولو فعلت ذلكَ لما كانَت مؤمنةً به.
أُناسٌ يتصدَّرُون المجالسَ ووسائلَ التواصلِ والإعلام مع تجاوزٍ خطيرٍ على نصوص الشرع وأحكامه بجرأةٍ غريبة ومناقشةٍ يحكمُها الهَوى والرغبة والمذهبيّة وتقليدُ الغير والانتقام منهم لا البحثِ عن الحق مع إهمالٍ للشرع والأحكامُ التي أصبحَت مرتْعاً لمَنْ هَبَّ ودبّ ليناقشها ويعترضُ عليها بدون وجه حق وبلا احترامٍ لتاريخٍ علميٍّ وشرعيٍّ للعلماءِ في نقاشها وبحثها..يستندُ بعضُهم لخلافِ العلماء ليترك العملَ بالأحكام!!ولايُمنعُ السؤالُ والاستئناسُ بِطلبِ الحِكمةِ لحُكمٍ شرعيِّ إن أمكنَ ظهورها مع الرضا والقبولِ التامِ أولاً. وكذلك لا بَأس للإنسانِ أن يتأَمَّلَ النصوصَ الشرعية ليُدركَ سبَبَ الأمرِ والنهيَ برأيٍّ علمي مُعتبر وليسَ بلويِ عُنقِ الآياتِ والأحكامِ الفقهيةِ!!وإنما ليستنبطَ الأحكامَ لنوازلِ العصر..ومطلوبٌ من العلماءِ وأَهلِ الاختصاصِ التبحُّرَ في البحوثِ العلميةِ والجَمعَ بين الآراءِ الفقهيةِ..وحَلَّ النوازلِ العَصْريَه بِفقهٍ وفَهْمٍ كي لا يكثُرَ الخلافُ بين الناس..ومن عَلاماتِ تَعظيمِ الله ونصوصه وأحكامه الشرعية الغضب إذا انتُهِكَت محارمُ اللهِ تقول عائشة رضي الله عنها..(ما خُيِّر صلى الله عليه وسلم بين أمرينِ إلا اختارَ أَيسرهُما ما لم يكن إثماً،فهو أبعدُ الناس منه،وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنتهك حرماتُ الله فينتقم لله بها)أخرجه البخاري. فتعظيمُ الله بالغيرةِ على محارمِه ونصوصِه وأحكامِه..والرأيُ والحوارُ لا يُقبلُ إذا نالَ من نصوص الشرع الواضحة أو تعدَّى على الثوابت المُحكمة..
أيُّها المسلمون..إن تعظيمَ الشريعةِ والسُنةِ أَوجبُ الواجبات(ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)لقد كادت أن تَحبط أعمالُ بعضِ الصحابة فقط!!عندما رفعوا صوتهم عنده صلى الله عليه وسلم،فكيف بمن ينتقصُ الشريعةَ ولا يُعظِّم السنةَ(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) فمن يتهاون بالنصوص والأحكام ويستهزئ بها فسيحبطُ عملُه من صلاةٍ وصيامٍ وصدقةٍ..ومن أراد تعظيمَ الشرعِ ونصوصَه فليُمسكْ عَمَّا ليسَ لهُ بهِ عِلمٌ وليحذرِ الخوضَ في ذلكِ وليقرأْ قوله تعالى(وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) فالخوضُ في معاني النصوص الشرعيّة دونَ درايةٍ أو سُؤالٍ، من القولِ على الله بِلا عِلمٍ وهو ذنبٌ عظيم يجرّ للمفسدة..ومؤسفٌ جداً جعلُ نُصوصِ الشرعِ وأحكامِه مَيداناً للجدلِ بلِا علمٍ من أُناسٍ لايستوعبون العلمَ الشرعي في حُواراتٍ فيها سفهٌ وتأويلٌ وتحريفٌ للنصوصِ الشرعيةِ مما يُضعفُ تَعظيمهَا والانقيادَ لها في نفوسِ من يسمعُ ذلك في المجالسِ والفضائيات وقد لايهمُّ الحاضرَ ولا المشاهدَ سببُ هذا الجدل وموضعه..وهي كَثُرَتْ مُؤخَّراً بنشرِ مقاطِعِها ممن لايهتمُّ بالعلمِ أصلاً وإنما يبحثون عن الغرائب التي تُسبِّبُ التشكيكَ في دين الناس وعباداتهم عياذاً بالله لأن الناس بنشرها يستسهلون الأمر وينتشرُ القولُ على اللهِ بغيرِ علمٍ،وكأنَّ ما شرعهُ الله خاضعٌ للحوارِ كقضايا السياسة والأدب وعَلَى فرضِ التحذيرِ منها فأنتَ تُساهمُ بنشرِها وتسويقِها..
عباد الله..أَصَحابُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ضربوا أَروعَ الأَمثلةِ وأَصدَقَهَا في امتثالِ أَمرِ الله ورسولهِ وتعظيمِ نُصُوصِ الشرعِ والوقوفِ عندها والغضبِ عند مُخالفَتِها وانتِهاكِها..وحِرصُهم هذا وتَعظيمُهِم ليسَ مقصوراً على الواجبِ فحسب بل تعدّى ذلكَ للسنن،ويكفيهم شَرفاً وفَخراً تزكيةُ اللهِ لهم وثناؤُه عليهم..يقول ابن عثيمين رحمه الله[من كمال الإنقياد لله والإيمان به أنه إذا ورد النهي فلا تسلْ أهو للتحريم أم للكراهة وإذا صح الأمر بفعل فلا تسلْ هل هو للوجوب أم الاستحباب فلم يثبت أن الصحابة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاصد الأحكام والنهي وإنما يفعلون وينتهون مباشرة!!والحاجة لمعرفة الأحكام في حالة مخالفتها أو تركها ليُعرفَ الواجبَ نحوها(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ) ولما كان أَمرُ مخالفتهِ صلى الله عليه وسلم خَطيراً وعاقِبتُهِ وخيمة. كان موقفُ الصحابةِ منها عظيماً(فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه..(لستُ تاركاً شيئاً كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به وإني لأخشى إن تركت شيئاً من أمرهِ أن أزيغ) ومن تعظيم الفاروق رضي الله عنه لشأنِ النبي صلى الله عليه وسلم وأَمرهِ ما أَخرجَهُ أحمد بإسنادٍ حسن أنه قلع ميزاباً على ممَر الناسِ فقال له العباس رضي الله عنه.. أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي وضعه في مكانه، فأقسم عمر رضي الله عنه.. لتصعدَنَّ على ظهري ولتضعنَّهُ في موضعه..وأتى عبدُ الله بن رواحة للنبي صلى الله عليه وسلم وهو يَخْطبُ فسَمِعَه يقول.. اجلسوا، فجلس مكانه خارج المسجد حتى فرغ صلى الله عليه وسلم من خطبته، فبلغَ ذلك النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال له..(زَادكَ الله حِرصاً على طَواعيةِ اللهِ ورسوله)أخرجه البيهقي..فإذا كان هذا فعل أبو بكر وعمر وباقي الصحابة فكيف في زماننا هذا نرى من يجلسُ متكأً على أريكتِه قليلَ علم..يُجادل في أحكام الله ونصوصه بجهل أو بعلمٍ ناقص..إذا كان أبو بكرٍ الذي لو وُزن إيمان الأمة بإيمانه لوزنهم يفعلُ ذلك فكيف بزمانٍ أضحى أهلهُ يَستهزئونَ بمحمدٍ وبأوامِرهِ ويتباهونَ بِمخَالفتهِ ويَسخرونَ بسنته..اتقوا الله..اتقوا الله.. عن عبد الله بن مغفِّل رضي الله عنه قال..(نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخذف)وهو رمي الحجارةِ الصغيرةِ بأصابعِ اليد. وقال..(إنها لا تصطادُ صيْداً،ولا تنكأُ عدواً ولكنها تفقأُ العينَ وتكسرِ السن)فقال رجلٌ لعبد اللهِ وما بأس بهذا؟فقال عبد الله..(أُحدِّثك عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وتقولُ هذا والله لا أُكلِمُكَ أبداً) متفقٌ عليهِ..وأَمثلةُ ذلكَ عن الصحابةِ رضي الله عنهم كثيرةٌ جداً، وعلى نَهجِهم سار أَتباعُهم ومن تبعهم من أَئِمة السَلفِ إلى زماننا هذا!!
عباد الله..إن المسألةَ تَنتهي عندَ قولِ الله تعالى وقولِ رسولهِ صلى الله عليه وسلم فإن كانَ نزاعٌ بعد ذلكَ فليحذرِ الإنسانُ على إيمانهِ وِإسلامهِ،فالإسلامُ مبنيٌ على تسليمٍ للنصوص الشرعية بتعظيم اللهِ ونَبيِّهِ وتَعظيمِ أَمرهِما ونَهيهِما،عن سالم بن عبد الله بن عمر..أن عبد الله بن عمر قال..سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول..(لا تمنعوا نِساءَكُم المسَاجد إذا استأذنَّ إليها).قال..فقال بلال بن عبد الله بن عمر..والله لنمنعهن.فغضب عليه عبد الله فسبَّه غضبا شديداً وقال..(أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول.. والله لنمنعهنَّ)رواه مسلم..هذا هو دَيدنُ أَهلِ الإسلامِ والإِيمانِ جُملةً وتفصيلاً ينقادونَ ويعظمونَ كلامَ اللهِ وكلامَ رسولهِ..وأن الدينَ يُسمعَ له وهو الحاكم عليهم..وبابُ الشبهةِ إذا انفتحَ على الإنسان ليس له حد..ويغذيهِ الشيطان والعجب بالرأي..فيُحبط عملَ الإنسان..والخلافاتُ بين أهل العلم كثيرة لو تتبعها الإنسان لضاع دينه وعلمه وهذا مردّه،إما لخفاءِ سُنةٍ أو حديث أو عدمِ بِلُوغَها لبعض العلماء أَو لقولِ مرجوحٍ لكن أن يُتهمَ رواةُ الدينِ وصحابةَ رسولِ ربِّ العالمين وأن يُستهزأ بهم ولا يُؤخذُ بِكَلامِهِم،فهذا أمره عظيم ويشتد أثره وإثمه إذا تعدى المسائلَ الفرعية للعظيمة!!
لقد تمادت الجرأةُ على نصوصِ الشرع حتى رأينا من ينادي بتحليل الربا ويناقشُ بوجوبِ الصلاةِ والحجابِ والأمرِ بالمعروفِ ويتجَاوزُ على آيات القرآن ويُنالُ من العلماء والشريعة..مما لضعفِ تعظيمِ الدينِ في القلوبِ..فاتقوا الله عباد الله واحفظوا ألسنتكم من الحديث في نصوص الشريعة واقبلوا الصحيح منها والثابتَ بالقبولِ والانقياد والتسليم فذلك والله أسلم ولو خالفت(إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ*وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقِيهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَائِزُونَ))أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد ..
أيُّها الإخوة..مع كل هذه الدعوة لتعظيم نصوص الشرع من كتابٍ وأحاديثَ صحيحةٍ وردت في السنة النبويةِ وإجماعٍ لأهل العلم أو قولٍ لجمهورهم..فإنك لاتزال ترى أناسآ يتناولون أحكام الشرع حسب أمزجتِهم،وعقولهم ومناسباتهم ويُجاملون على حسابها ويتهاونون بمعناها الشرعي يناقشون أَحكام الشرع كأنها كلأٌ مباح وليسَ لهم نصيبٌ من العلمِ الشرعي،ولا احترامٌ لأهلِ العلم ممن سبقهم وعاصرهم بينما تراهم يحترمون أنظمةً مدنية وقانونية بكل مكان ولايجرؤون على انتقادها ولو لم يقتنعوا بها..أما التعدّي على أحكامِ اللهِ ورسولهِ ومناقَشَتِها حسبَ هواهُم فذلك انفتاحٌ وتجديدٌ وحريةٌ وتعبيرٌ عن الرأي رغم أنه خطأٌ كبيرٌ وتعدٍّ خطيرٍ على الدينِ نُحذِّرُ منه وكما أن الدين وأحكامَ نصوصِه الثابتةِ ليسَتْ حَسَبَ المزاجَ والمصالح فإنِّنا نرفضُ ضغوطً تمارسُ على بلادنا باسمِ منظماتِ حقوقِ الإنسانِ والأممِ المتحدة حسبَ أهوائِهم استغلالاً لبعض الحوادث وهي تريدُ فرضَ هيمنتِها على دينِنا ونظامِ بلدِنا..يهاجمونَ تطبيقَ الحدودِ الشرعيةِ أو حجابَ المرأةِ والقوامةِ عليها بشتَّى الدعاوى وبلادُنا وقادُتنا ومجتمعُنا ثابتون بإذن الله على الحقِّ وتطبيقِ أحكامِ الشريعة والمؤسفُ أن تجدَ ضِعافَ وضعيفاتِ نفوسٍ يلوون ألسنتهم معهم تأييداً لهم وما تُخفي صدورُهم أكبر،،وليحذْر من يعيشُ حياتَه على الجدلِ والمراء في النيلِ من سنةِ المصطفى صلى الله عليه وسلم والمناقشة بجهل لأحكام الشرع،،أنتَ بعافيةٍ من هذا كله..أنت بعافية فقد تقول كلمةً لا تُلقي لها بالاً تَهوي بها في النارِ سبعينَ خريفاً كما في الحديث..نسأل الله جلَّ وعلا أن يجعلنا وقافين عند أحكامِ كتابِ الله متبعينَ لسنةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم عاملين بمحكم الإسلامٍ مؤمنين بمتشابهه..وأن يُجنبَّنَا الجدال والمراءَ بغيرِ وجهِ حق ..ويُرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه ويرزقنا الباطلَ باطلاً و يرزقنا اجتنابه اللهم وفق وليَّ أمرنا لما تحب وترضى وخذ بيده للبر والتقوى