• ×

07:16 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

شيبتني هود

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله الذي أنزل الكتاب ولم يجعل له عِوجاً وأشهد ألا إله إلا الله شهادةً نرجو بها الجنة مدخلاً ومن النار مخرجاً وأشهد أن محمداً عبده ورسوله كانت رسالته نصراً وفرجاً صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً ..أما بعد..فاتقوا الله عباد الله واعلموا أن تقوى الله سبحانه عِزٌّ بعد ذل،ونَجاةٌ يومَ الهلاك،ما خاب من تمسّك بها،وما أفلحَ من تركها(فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ يٰأُوْلِى ٱلألْبَـٰبِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)القرآن الكريم خيرٌ وبركة كلُّه..وواقعنا معه مؤلمٌ فصلةُ بعضنا به يكتنِفها الهَجرُ والعقوق، بعضُهم تجرأَ على ثوابتِنا وانتقاد شرعنا وجاهر بإلحاده(وَمِنْهُمْ أُمّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ ٱلْكِتَـٰبَ إِلاَّ أَمَانِىَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ)يتخذون القرآن تلاوةً وترتيلاً،فلا يُجاوز حناجرَهم وتراقيَهم،بلا تدبّر،هم على قلوبٍ أقفالها إلاّ من رحم الله وكم صَحَتِ القلوبُ وانهمرت الدموع في رمضان لما أقبلت على القرآن قراءةً وتدبراً لآياته وعظاته والعلم موجود لكنه عند بعضنا كالعيس في البيداء يقتلها الظمأ والماء فوق ظهورها محمولُ..
عاش صلى الله عليه وسلم ثلاثةً وستّين عامًا،فلما رأى الشيب بادياً،عفةً وتقوى وهيبة ووقار وتجربة فيسألُه أبو بكر الصدّيق رضي الله تعالى عنه..يا رسول الله،ما شيّبك؟قال..(شيّبتني هودٌ وأخواتها)رواه الترمذي والحاكم وأبو يعلى لم تُشيبْهُ السنون وإنما قال أنها سورةٌ من القرآن فلماذا سورةُ هودٍ أيّها المسلمون؟وما تحويه لتُحدِثَ تغيّرًا في نفسه وحاله؟مما يدعونا للوقوف معها ومعرفة أخواتها التي قالوا أنها الحاقة والواقعة والمرسلات وعم والتكوير وغيرها وكل ما في القرآن عظيم..
يقول عبد الرحمن بن أبي ليلى دخلتُ على امرأةٍ وأنا أقرأ سورةَ هود،فقالت..يا عبد الرحمن،أهكذا تقرأ سورة هود؟!واللهِ إني فيها منذ ستّة أشهر وما فرغتُ من قراءتها يقول ابن مسعود رضي الله عنه(لا تهذُّوا القرآنَ هذّ الشّعر،ولا تنثروه نثرَ الدّقل،وقِفوا عند عجائبِه،وحرّكوا به القلوبَ،ولا يكن همُّ أحدِكم آخرَ السورة)إنَّها هود سورةٌ تُمجِّدُ قرآناً أُحكمْت آياتُه فلا خللَ فيه ولا نقص أُنزلت من حكيمٍ عليم لا تخفى عليه مصالح العباد(الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)والقرآنُ كلّه كتابٌ جليل القدر نُظمت آياته محكماً لا يَلْحَقُه تناقضٌ ولا خلَل يحتاجونه الناس كثيراً(أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ*وَأَنْ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ*إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)يحاجهم عن القرآن بعد إنكاره!!
عباد الله..سورةُ هود ثلاثٌ وعشرون ومائة آية تُعنى بالتوحيد والبعثِ والرسالاتِ نزلَت بعدَ يونس والإسراء،عامَ الحُزن بوفاة خديجة وعمه أبي طالب تسليةً وتثبيتًا له صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين معه،وتسريةً عما يُساوِرهم من وحشةٍ وضّيقٍ وغربَةٍ،بمجتمعاتٍ تكاد تجمِعُ على تكذيبهم والبَطش بهم،وتأتي الآيات مثبتةً لهم(وَكُـلاً نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء ٱلرُّسُلِ مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ)السورةُ عن الأنبياء مع أقوامهم،ثلاثة منهم من أولي العزمِ من الرّسل، يواجه اللاحقُ منهم مع قومه ما واجهه السابقُ منهم(حَتَّىٰ إِذَا ٱسْتَيْـئَسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّواْ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُواْ جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجّىَ مَن نَّشَاء وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ)ويشيرُ سبحانَه للتكذيب ثم بعده الفرج فلا عبادةَ إلا لله في الأرض،وعبادته ليست بِدْعًا من الدعوات،بل هي دعوةُ الرّسل من أوّلهم لآخرهم،كلّهم يقولون لأقوامهم..اعبُدوا الله ما لكم من إله غيره؛فالذبح لله،والرجاءُ بالله،والخوفُ من الله..وتتابعُ القَصَص فنوحٌ يقول له قومه(مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ ٱتَّبَعَكَ إِلاَّ ٱلَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ ٱلرَّأْى وَمَا نَرَىٰ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَـٰذِبِينَ)وقوم محمد يقولون مثلَ ما قال قوم نوح..(إِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ غَرَّ هَـؤُلاء دِينُهُمْ)احتقارٌ وازدراءٌ منهم كِبْراً وضغينة لصاحبِ الحقِ ولمن يُبدي وجهة نظرهِ مستمدّاً من دين الله..فلا يخفْ فإن وصيةَ الله باعثةٌ للأمل(فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ)
عباد الله..سورةُ هود كُلُّها تاريخٌ وقَصَصٌ حَقٌ وربِّ الكعبة،مليئةٌ بالدروسِ مشحونةٌ بالعبر،تسليةٌ للمستضعفين،ورسالةُ إنذارٍ للطغاةِ والمتجبرين،والمتجاوزين لحرماتِ اللهِ وحدودِه فأُمةٌ لم يُرَ مِثلُها في الطغيان والعناد والبطش والفساد،ظلموا أنفسهم وعلوا في الأرض،وما علموا أن الطغيانَ مَهْلَكةٌ للديار،مَفْسَدَةٌ للأمصار،مَسْخَطةٌ للجبار،نهايته ومآله خيبة ومذلة وخسار(وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا)فقومُ عادٍ!تزاهوا بالمال،وتباهوا بالقوة،وتطاولوا بالبنيان فأورثهم ذلك طغياناً وكفراً وعناداً وبطراً (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ *إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ(زادهم في الخلق بسطة فكانوا أقوى أهل زمانهم عسكراً واقتصاداً..وكانت لهم الخلافة بعد قوم نوح(وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ)كانوا أصحابَ رُقيٍّ وعُمران وحَضارة،فمساكنُهم آيةٌ روعةً وفناً(ذَاتِ الْعِمَادِ)وكانت أراضيهم جناتٍ وعيوناً،فزادت مواشيهم،وفاضت أموالهم،وكثر أبناؤهم(أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ*وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ)عاشوا حياةَ ترفٍ والتهاءٍ بالدنيا،كان الواحد يُطاول بنيانه ويُباهي به مفاخرةً(أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ)وتنافساً(وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ)ثم قابلوا نعمة الله بكفران،وفسقوا وجاوزوا الحدَّ..قابلوا آلاءَه بجحودٍ ونُكران،فعبدوا الأوثان،واعتقدوا فيها النفع والضر،فلم تُغن عنهم حضارتُهم وتقدمهم شيئاً فقد فشا فيهم الظلم(وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ)فيهم طغاة يُطاعون من دون الله(وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ)غرَّتهم حضارتُهم وقوتُهم فقالوا من أشدُّ مِنَّا قوة، فبعث الله لهم هوداً عليه السلام،دعا وذكر ونصح وأشفق فقال..(أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ)دعاهم لعبادة الله وحده ونبذ الأوثان(وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ)ذكَّرهم بنعمٍ لله متتالية عليهم(فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)حثهم على استغفارٍ وتوبةٍ وأن الرجوع لله يزيدهم خيراً(وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ)كان هوداً يُبيِّن لهم أنه لا يريد مصلحةً ولا مالاً(يَاقَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلَا تَعْقِلُونَ)ثم آمن مع هود قليل وكثيرٌ اختاروا طريق الهوى والعناد والإعراض فقابلوا دعوتَه الصادقة بالنكران احتقروه ورموه بالسفاهة والكذب ذلك قولهم(إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ)ظلموه فاتهموا عقله(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ)وادعوا عدم اقتناع بدعوته(قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ)ثم صارحوه بالكفر(وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)وادَّعوا أنهم على الحق وهو على ضلال(إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) أما هودٌ حاورَ قومَه..ناظرَهم وحاولَ إقناعَهم حتى مَلّ قومُه كِبْرَهُم وطغيانَهم فقالوا(سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ)ثم أعلنوها(أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا) ثم غرّهم فعلُهم فقالوا(فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ)،فيقول لهم نبيُّ الله هودٌ وهو هادئُ مشفقُ خائفٌ ناصحُ(قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ*مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ*إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)..
إخوتي..أتتوقعون بعد كُلِّ ذلك أن الله يتركُ الظالمين ومجاهرتَهم؟!وجرأَتهم؟يقولُ من لا ينطقُ عن الهوى صلى الله عليه وسلم(إن الله ليُملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته)،وهكذا قومُ عاد!!أمر الله سماءَه فأمسكت وأرضَه فأجدبَت فعاشت عادٌ تتشوفُ غيثَ السماءَ وتتحيّنُ،فبينما هم في لهوهم سادرون وفي غيهِّم لاهون،أَذِن الله لجندِه أن يتحرك، هواءٌ ساكنٌ اضطرَب وهاجَ وثارَ وساقَ السحاب سوقاً، فلما رأوها سحابةً مقبلةً مقبلة لأوديتهم استبشروا وقالوا هذا عارض ممطرنا، قال الله (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ)ريحٌ باردةٌ عاتيةٌ(مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ)ريحٌ عقيم( تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ)يا ألله..يا ألله!!سخَّرها عليهم الجبار سبعَ ليالٍ وثمانيةَ أيامٍ حسوماً كما القرآن فتراهم صرعى،من قوتها كانت تحملهم إلى أعلى،فتتصاعدُ أجسادهم للسماءِ ثم تُنكسِّهِمُ على رؤوسهم،فتندقُّ أعناقُهم،وهذا جزاء المستكبرين في الدنيا تراهم صرعي..الله أكبر..الله أكبر..هي آيات الله باقية!!ويالقوة الله التي يعاندها من يُخالف أمره!!كانوا يقولون..من أشدُّ منا قوة؟!فأفٍ لمن يتعالى على أمرِ الله..وأفٍّ لمن يَضَلُّ سَعيه في حياتِه الدنيا..وأُفٍّ لمن يَظنُّ أنَّ قُوتَّه باقية!!(وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمْ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)وفي سورةِ هودٍ قصةٌ عظيمة عن علاقةِ الإخوةِ بمبادئَ راسخةٍ لقوتها وعمقِها(وَيٰقَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِىَ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ وَمَا أَنَاْ بِطَارِدِ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ إِنَّهُمْ مُّلاَقُو رَبّهِمْ وَلَـٰكِنّى أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ*وَيٰقَوْمِ مَن يَنصُرُنِى مِنَ ٱللَّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ)المسلمُ الحقُّ ينأى بنفسه عن حسدٍ وتَشفِّي أو اجتهادٍ خاطئ وهيهات أن ينجحَ شيء دنيا وآخرة يُهمل ُالدين وتعاليمه..واحذر ثم احذر من تعاطف مع الظلمة(وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمْ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لا تُنصَرُونَ)واعلموا أنَّ المصلحين سَببُ نجاةٍ للأمم(فَلَوْلا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ*وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ)سورة هود عظيمة وكفى تدبروها!!يارب احمنا من الشرور والفتن ما ظهر منها وما بطن..أقول ماتسمعون ...
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده ..وبعد..
سورةُ هود رسالةٌ للقدوات وأهلِ الرأي انتبهوا من تتبعِ الرُّخصِ والتشوِّفِ للزلاتِ والثغراتِ والفُرصِ فشعيبٌ قالَ لقومِه(وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَىٰ مَا أَنْهَـٰكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ ٱلإِصْلَـٰحَ مَا ٱسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِى إِلاَّ بِٱللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)والرسلُ جميعاً دعوا أقوامهم فمنهم من أرسلَ الله عليه حاصباً ومنهم من أَخذتْهُ الصيحة ومنهم من خسف الله بهم الأرض ومنهم من أغرق وبعد تمامِ السردِ يقول اللهُ لنبيِّهِ صلى الله عليه وسلم (ذٰلِكَ مِنْ أَنْبَاء ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ)ثم يقول(وكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِىَ ظَـٰلِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)الله أكبر الله أكبر ثُمَّ يقولُ الله لنبيِّهِ مُحمداً(فَلاَ تَكُ فِى مِرْيَةٍ مّمَّا يَعْبُدُ هَـؤُلاء مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَمَا يَعْبُدُ ءابَاؤهُم مّن قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنقُوصٍ)يا ناس هذا القرآن نذيرٌ مقلِق،وإنّ خوفَه صلى الله عليه وسلم على مستقبلِ أمّته وقومِه جعلَ الشيبَ يتسلّل لرأسِه، ما يُحبُّ أن يكونَ لهم مَصيرٌ مُهلك يقول صلى الله عليه وسلم لصحبِه(كلّ أمّتي يدخل الجنّة إلا من أبى قالوا.. ومن يأبى يا رسول الله؟ قال.. من أطاعني دخل الجنّة، ومن عصاني فقد أبى(..
اللهم استعملنا في طاعتك وجنبنا غضبك ومعصيتك وارحمنا برحمتك واعف عن تقصيرنا وزللنا ولا تؤاخذنا بعقوبتك ولا بما يفعله السفهاء منا..يارب اجمع كلمتنا على الحق وادفع عنا الفتن وأهلها ما ظهر منها وما بطن..يارب..هذا البلد بلدك والحرم حرمك هنا أرض الحرمين يريد أعداؤنا مؤامرةً فاكفنا شرّهم واجمع كلمتنا نحن وولاة أمورنا على الخير والدين..






 0  0  650

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.