الحمدُ لله جعَل الزكاةَ قرينةَ الصلاةِ،وجعَلَها لأهلِ الإيمانِ من أَجلِّ الأعمالِ وأكرَمِ الصفاتِ.وأَشهدُ أن لا إِله إِلاَّ الله وحدَهُ لا شريكَ له،وأشهدُ أَنَّ مُحمَدًا عبدُهُ ورسولُه كان يُعطِي عَطاءَ مَن لا يَخشَى الفقر،ويحثُ على بذلِ الفضلِ في العُسر واليُسر،صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا.
أما بعد..أيها المسلمون،لقد اعتاد غالبُ المسلمين،أن يؤدوا زكاة أموالهم،في شهر رمضان المبارك،شهر الجود والإحسانِ وكان رسول الله فيه أجود بالخير من الريح المرسلة ولذلك اعتاد الناس إخراج زكاة أموالهم فيه عبادةً لله والرغبة في زيادة الأجر وإسعاد الفقراء في رمضان والعيد. الزكاة عباد الله..ركن عظيم من أركان الإسلام ثابتٌ في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،وأجمع المسلمون على ذلك وقت الزكاة في 26 آية من كتاب الله بالصلاة(وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتُواْ ٱلزَّكَاة)وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال..(بني الإسلام على خمس،شهادة أن لا إله إلا الله،وأن محمداً رسول الله،وإقام الصلاة،وإيتاء الزكاة،وصوم رمضان، وحج البيت)ومن جحد وجوب الزكاة،فقد كفر،ومن منعها بُخلاً وتهاوناً مع اعتقاد وجوبها،كان فاسِقاً مُخالفاً لدينه مُستَحِقَاً للعقوبةِ تحتَ مشيئةِ اللهِ ومن أدَّاها،مُعتَقِداً وُجوبها،راجياً ثوابها،فليٌبْشر بالخير،والخلف العاجل والبركة(وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ)يقول الله(مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَـٰعِفُ لِمَن يَشَاء وَٱللَّهُ وٰسِعٌ عَلِيمٌ)
الزكاةُ إخوتي هي النماء الحاصل من بركة الله تعالى وهي نماءٌ وطهارةٌ ونقاءٌ وهي حقٌ مالي لله في زمنٍ مخصوصٍ،على وجهٍ مخصوصٍ تكونُ بديلاً عن ضَرائبَ ومُكوس تُثقل كما نراه يحصل بالدولِ الغربيةِ أو المبالغةِ بها كما يفعله المبتدعةُ الرافضةُ بوضعِ الخُمس بينما الزكاة بنسبتِها البسيطةِ تنميةٌ للمجتمعِ وسُميت بذلك؛لأنَّها مِمَّا يُرجى به زكاءُ المال،أي زيادتُه ونَمَاؤُه،وطهارتُه وبركتُه.فَأحكامُ الشريعة خيرٌ محضٌ للإنسانِ،وللهِ الحمدُ والمنة.والزكاةُ،فرقٌ بين الكفر والإيمان(وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ*الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ)وبعضُ المسلمين يتساهلونَ في أداءَ الزكاةِ،فيؤخرونَها بلا سبب،أو يُطفِّفون ويُخرجون أقلَّ من الواجبِ عليهم،أو يتحايلون عليها بل إنَّ بعضهم لا يؤدون زكاة أموالهم مُطلقا -والعياذ بالله-وكأنهم ما سمعوا(وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ )وما سمعوا قول تعالى(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ*يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)وقال صلى الله عليه وسلم"..من آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته؛مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع "له زبيبتان يطوقه يوم القيامة،ثم يأخذ بلهزمتيه-أي شدقيه-ثم يقول..أنا مالك،أنا كنزك رواه البخاري وبالحديث ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها،إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار،فأحمي عليها في نار جهنم،فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة،حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله؛إما إلى جنة، وإما إلى نار"[رواه مسلم نسأل الله أن ينجينا من عذابه ويُخلِّصَ ذِمَمَنا من حقوقِه وحقوق عباده.
أيها الإخوة..جاءت النصوصُ عامةً مطلقة،في وجوب الزكاة في الذهب والفضة..ففي الذهب إذا بلغ عشرين ديناراً وفي الفضة،مائتي درهم فما كان أقل منه فلا زكاة فيه،والأكثر فيه ربع العشر،والأوراقُ النقدية التي نتعامل بها،بديل عما يساويها ذهباً وفضة فلها نفس الحكم ففيها ربع العشر واختلف العلماء في الزكاة على الحُليِّ المُستعمل للُبُسٍ وإعارة على قولٍ لأغلب العلماء بعدم الزكاة عليه وبعضهم يرى وجوب الزكاة وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين رحمه الله..ومما تجب فيه الزكاة أيضاً،عروض التجارة،مما أعده الإنسان للبيع،والاتجار من حيوانٍ وعقار وأثاث وأغذيه وغير ذلك،للتجارة إذا حال عليها الحول،فقّومْه كم يُساوي،ثم أخرج ربع عشر قيمته ومنها..الإبلُ والبقر والغنم،التي تُربَّى للبيع،وأمَا العقاراتُ التي أعدها الإنسانُ له،ليسكنها،فليس فيها زكاة،ولا الأواني والفرش ونحوها،ولا في آلات المصانع والمزارع ونحوها والخلاصة أن الزكاة فيما أعددته للاتجار والتكسب،والعقارات المؤجرة الزكاة على ريعها بعد مضي حولٍ عليه وأما العقارات المعدّة للبيع تقوّم كل سنة ثم تزكي عنها ولا زكاة على الديون فزكاتها بعد تحصليها سنة إلا إن كانت على مليء وسدادها متروك بالخيار فتعتبر كأنها عندك..
وأما زكاة الزروع والثمار،فهي كل ما يُقتاتُ ويُدَّخَرُ ففيه زكاة قال صلى الله عليه وسلم..(ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)هذا هو نصاب زكاة الزروع،أي قرابة ستمائة وخمسة وسبعون كيلو جرام،فمن ملك هذه الكمية فإن كان هو يسقيها ففيها نصف العشر5% إما ثمراً أو نقداً من قيمة بيعها وإن كانت تُسقى بالمطر ففيها 10%ولا يشترط الحول في زكاة الزروع والثمار وإنما زكاته مرة واحـدة فقـط(وَءاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ(أما زكاة الأسهم فإذا كانت للمضاربة فتقوم بعد مضي الحول ثم تزكى وإن كانت للاستثمار فالشركات تزكي عنها وتزكى على أرباحها بعد مضي حول عليها..
أيها الأحبة..إن الزكاة لا تنفع، ولا تبرأ بها الذمة، حتى يخرجها الإنسان على وجهٍ مشروع،في المواضع الذي وضعها الله فيه، وهم أصناف ثمانية التي ذكرها الله(إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرّقَابِ وَٱلْغَـٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)فهؤلاء ثمانية أصناف هم أهل الزكاة..
الفقراء، وهم الذين لا يجدون من كفايتهم، إلا شيئاً قليلاً لايكفي حاجته فيعطي ما يكفيه لسنة..وهناك المساكين،ممن يجدون كفايتَهم النصف فأكثر، فيحتاجون إكمال نفقتهم سنة. وأما العاملون عليها،فهم الذين يوكلهم الحاكم العام للدولة، بجبايتها من أهلها، وتصريفها إلى مستحقها، وحفظها، ونحو ذلك فيعطون من الزكاة بقدر عملهم وإن كانوا أغنياء..وهؤلاء اليوم تقوم الجهات الرسمية والجمعيات الخيرية بإدارتهم وهناك المؤلفةُ قلوبهم،ولهم أحكام خاصة وحِكَماً في الدين لتأليفِ قلوبهم ولدعم الإسلام والداخلين فيه الخامس كشراء الرقيق من الزكاة وإعتاقه، ومعاونة المكاتبين، وفك أسرى من المسلمين.
السادس..الغارمون،وهم المدينون،إذا لم يكن لهم ما يمكن أن يوفوا منه ديونهم فهؤلاء يعطون من الزكاة، ما يوفون به ديونهم..ما لم يكن فيها مبالغة أو تلاعب
السابع..في سبيل الله،ويشملُ الجهادَ العسكري لنصرة الإسلام وجهاد العلم والبيان ونشره ودعم دور العلم والدعاة كما بين ذلك العلماء بأنه جهادٌ أيضاً
الثامن..ابن السبيل، وهو مسافرٌ انقطع به السفر،فيعطى من الزكاة،ما يوصله إلى بلده.
إذا أعطيت زكاتك شخصاً يغلب على ظنك أنه مستحق،فتبين لك فيما بعد أنه غير مستحق، أجزأت عنك،والإثم عليه،حيث أخذ ما لا يستحق..وإذا كان أقاربك مستحقين للزكاة ومن هذه الأصناف فإنهم أولى بالمعروف..ويجوز أن تدفعها لشخص محتاج للزواج،إذا لم يكن عنده ما يتزوج به..أو لعلاج مريض ورعاية يتيم وتعليم بشرط الفقر ..
أيها المسلمون،ولا زكاة في مال،حتى يحول عليه الحول، فلو تلف المال قبل تمام الحول أو نقص النصاب، فلا زكاة فيه، ولو مات المالك قبل تمام الحول، فلا زكاة عليه ولا على الورثة، فلو ورث الشخص مالاً فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول عنده..نسأل الله جل وعلا أن يعيننا على أداء فروضه والحقوق ويجنبنا البخل والشرك والفسق والعقوق ..أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
أيها المسلمون.. كيف سيكون حال الأمة لو أخرجت الزكاة بحق؛ هل يبقى فقير؟ هل يبقى محتاج؟ هل يظل لاجئون وجوعى وفقراء بلا مأوى؟!وحسب إحصائية اقتصادية قبل أربع سنوات أن مبالغ الزكاة في العالم العربي للأموال المستثمرة بالخارج والشركات التجارية 400 مليار هذا غير زكاة الأموال الخاصة للناس التي لو دفعت ورتبت فالفقر سيقلُّ كثيراً في أمتنا!!
.والخاسر الحقيقي، هو الممسك الذي يناله التلف بدعاء الملك كل يوم.. "اللهم أعط ممسكا تلفا".أما وقت الوفاة وقت لا ينفع الندم، فقد قال تعالى(وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ )
وهنا حديثٌ عمن يَتَكسّبُ من أموال الزكاة أو يأخذها بغير وجه حق ويعتبرها عادة لا بأس بأخذها ويكثر من السؤال بدعوى الحاجة ويكذب فهذا لا يجوز وهو يأخذ حراماً بالحديث(من سألَ الناسَ أموالَهم تكثرًا،فإنما يسأل جمرًا؛ فليستقل أو ليستكثر)رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم (أيما رجلٌ سأل الناس بغير وجه حقٍّ جاء يوم القيامة وما في وجهه مُزعةُ لحم)متفق عليه واليوم نرى كثرة سؤال إما لغير حاجة أو لكماليات أو تلاعب وتساهل بالديون إلا المحتاج فعلاً الذي يسعد بإعطائه المزكي والمنفق..
اللهم وفقنا لأداء زكاة أموالنا كاملة طيبة بها نفوسنا وأن تجعلها خالصة لوجهك، وأن تنفعنا بها يوم نلقاك يا أكرم الأكرمين، اللهم وفقنا لما يرضيك، وباعد بيننا وبين ما لا يرضيك، يا أرحم الراحمين تقبل صلاتنا، ودعاءنا، وصيامنا، وذكرنا، يا أرحم الراحمين أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح لنا الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
أما بعد..أيها المسلمون،لقد اعتاد غالبُ المسلمين،أن يؤدوا زكاة أموالهم،في شهر رمضان المبارك،شهر الجود والإحسانِ وكان رسول الله فيه أجود بالخير من الريح المرسلة ولذلك اعتاد الناس إخراج زكاة أموالهم فيه عبادةً لله والرغبة في زيادة الأجر وإسعاد الفقراء في رمضان والعيد. الزكاة عباد الله..ركن عظيم من أركان الإسلام ثابتٌ في كتاب الله عز وجل، وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم،وأجمع المسلمون على ذلك وقت الزكاة في 26 آية من كتاب الله بالصلاة(وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءاتُواْ ٱلزَّكَاة)وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال..(بني الإسلام على خمس،شهادة أن لا إله إلا الله،وأن محمداً رسول الله،وإقام الصلاة،وإيتاء الزكاة،وصوم رمضان، وحج البيت)ومن جحد وجوب الزكاة،فقد كفر،ومن منعها بُخلاً وتهاوناً مع اعتقاد وجوبها،كان فاسِقاً مُخالفاً لدينه مُستَحِقَاً للعقوبةِ تحتَ مشيئةِ اللهِ ومن أدَّاها،مُعتَقِداً وُجوبها،راجياً ثوابها،فليٌبْشر بالخير،والخلف العاجل والبركة(وَمَا أَنفَقْتُمْ مّن شَىْء فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ)يقول الله(مَّثَلُ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلّ سُنبُلَةٍ مّاْئَةُ حَبَّةٍ وَٱللَّهُ يُضَـٰعِفُ لِمَن يَشَاء وَٱللَّهُ وٰسِعٌ عَلِيمٌ)
الزكاةُ إخوتي هي النماء الحاصل من بركة الله تعالى وهي نماءٌ وطهارةٌ ونقاءٌ وهي حقٌ مالي لله في زمنٍ مخصوصٍ،على وجهٍ مخصوصٍ تكونُ بديلاً عن ضَرائبَ ومُكوس تُثقل كما نراه يحصل بالدولِ الغربيةِ أو المبالغةِ بها كما يفعله المبتدعةُ الرافضةُ بوضعِ الخُمس بينما الزكاة بنسبتِها البسيطةِ تنميةٌ للمجتمعِ وسُميت بذلك؛لأنَّها مِمَّا يُرجى به زكاءُ المال،أي زيادتُه ونَمَاؤُه،وطهارتُه وبركتُه.فَأحكامُ الشريعة خيرٌ محضٌ للإنسانِ،وللهِ الحمدُ والمنة.والزكاةُ،فرقٌ بين الكفر والإيمان(وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ*الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ)وبعضُ المسلمين يتساهلونَ في أداءَ الزكاةِ،فيؤخرونَها بلا سبب،أو يُطفِّفون ويُخرجون أقلَّ من الواجبِ عليهم،أو يتحايلون عليها بل إنَّ بعضهم لا يؤدون زكاة أموالهم مُطلقا -والعياذ بالله-وكأنهم ما سمعوا(وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ )وما سمعوا قول تعالى(وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ*يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ)وقال صلى الله عليه وسلم"..من آتاه الله مالاً فلم يؤدِّ زكاته؛مُثِّل له يوم القيامة شجاعًا أقرع "له زبيبتان يطوقه يوم القيامة،ثم يأخذ بلهزمتيه-أي شدقيه-ثم يقول..أنا مالك،أنا كنزك رواه البخاري وبالحديث ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها،إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار،فأحمي عليها في نار جهنم،فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة،حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله؛إما إلى جنة، وإما إلى نار"[رواه مسلم نسأل الله أن ينجينا من عذابه ويُخلِّصَ ذِمَمَنا من حقوقِه وحقوق عباده.
أيها الإخوة..جاءت النصوصُ عامةً مطلقة،في وجوب الزكاة في الذهب والفضة..ففي الذهب إذا بلغ عشرين ديناراً وفي الفضة،مائتي درهم فما كان أقل منه فلا زكاة فيه،والأكثر فيه ربع العشر،والأوراقُ النقدية التي نتعامل بها،بديل عما يساويها ذهباً وفضة فلها نفس الحكم ففيها ربع العشر واختلف العلماء في الزكاة على الحُليِّ المُستعمل للُبُسٍ وإعارة على قولٍ لأغلب العلماء بعدم الزكاة عليه وبعضهم يرى وجوب الزكاة وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين رحمه الله..ومما تجب فيه الزكاة أيضاً،عروض التجارة،مما أعده الإنسان للبيع،والاتجار من حيوانٍ وعقار وأثاث وأغذيه وغير ذلك،للتجارة إذا حال عليها الحول،فقّومْه كم يُساوي،ثم أخرج ربع عشر قيمته ومنها..الإبلُ والبقر والغنم،التي تُربَّى للبيع،وأمَا العقاراتُ التي أعدها الإنسانُ له،ليسكنها،فليس فيها زكاة،ولا الأواني والفرش ونحوها،ولا في آلات المصانع والمزارع ونحوها والخلاصة أن الزكاة فيما أعددته للاتجار والتكسب،والعقارات المؤجرة الزكاة على ريعها بعد مضي حولٍ عليه وأما العقارات المعدّة للبيع تقوّم كل سنة ثم تزكي عنها ولا زكاة على الديون فزكاتها بعد تحصليها سنة إلا إن كانت على مليء وسدادها متروك بالخيار فتعتبر كأنها عندك..
وأما زكاة الزروع والثمار،فهي كل ما يُقتاتُ ويُدَّخَرُ ففيه زكاة قال صلى الله عليه وسلم..(ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة)هذا هو نصاب زكاة الزروع،أي قرابة ستمائة وخمسة وسبعون كيلو جرام،فمن ملك هذه الكمية فإن كان هو يسقيها ففيها نصف العشر5% إما ثمراً أو نقداً من قيمة بيعها وإن كانت تُسقى بالمطر ففيها 10%ولا يشترط الحول في زكاة الزروع والثمار وإنما زكاته مرة واحـدة فقـط(وَءاتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ(أما زكاة الأسهم فإذا كانت للمضاربة فتقوم بعد مضي الحول ثم تزكى وإن كانت للاستثمار فالشركات تزكي عنها وتزكى على أرباحها بعد مضي حول عليها..
أيها الأحبة..إن الزكاة لا تنفع، ولا تبرأ بها الذمة، حتى يخرجها الإنسان على وجهٍ مشروع،في المواضع الذي وضعها الله فيه، وهم أصناف ثمانية التي ذكرها الله(إِنَّمَا ٱلصَّدَقَـٰتُ لِلْفُقَرَاء وَٱلْمَسَـٰكِينِ وَٱلْعَـٰمِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى ٱلرّقَابِ وَٱلْغَـٰرِمِينَ وَفِى سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)فهؤلاء ثمانية أصناف هم أهل الزكاة..
الفقراء، وهم الذين لا يجدون من كفايتهم، إلا شيئاً قليلاً لايكفي حاجته فيعطي ما يكفيه لسنة..وهناك المساكين،ممن يجدون كفايتَهم النصف فأكثر، فيحتاجون إكمال نفقتهم سنة. وأما العاملون عليها،فهم الذين يوكلهم الحاكم العام للدولة، بجبايتها من أهلها، وتصريفها إلى مستحقها، وحفظها، ونحو ذلك فيعطون من الزكاة بقدر عملهم وإن كانوا أغنياء..وهؤلاء اليوم تقوم الجهات الرسمية والجمعيات الخيرية بإدارتهم وهناك المؤلفةُ قلوبهم،ولهم أحكام خاصة وحِكَماً في الدين لتأليفِ قلوبهم ولدعم الإسلام والداخلين فيه الخامس كشراء الرقيق من الزكاة وإعتاقه، ومعاونة المكاتبين، وفك أسرى من المسلمين.
السادس..الغارمون،وهم المدينون،إذا لم يكن لهم ما يمكن أن يوفوا منه ديونهم فهؤلاء يعطون من الزكاة، ما يوفون به ديونهم..ما لم يكن فيها مبالغة أو تلاعب
السابع..في سبيل الله،ويشملُ الجهادَ العسكري لنصرة الإسلام وجهاد العلم والبيان ونشره ودعم دور العلم والدعاة كما بين ذلك العلماء بأنه جهادٌ أيضاً
الثامن..ابن السبيل، وهو مسافرٌ انقطع به السفر،فيعطى من الزكاة،ما يوصله إلى بلده.
إذا أعطيت زكاتك شخصاً يغلب على ظنك أنه مستحق،فتبين لك فيما بعد أنه غير مستحق، أجزأت عنك،والإثم عليه،حيث أخذ ما لا يستحق..وإذا كان أقاربك مستحقين للزكاة ومن هذه الأصناف فإنهم أولى بالمعروف..ويجوز أن تدفعها لشخص محتاج للزواج،إذا لم يكن عنده ما يتزوج به..أو لعلاج مريض ورعاية يتيم وتعليم بشرط الفقر ..
أيها المسلمون،ولا زكاة في مال،حتى يحول عليه الحول، فلو تلف المال قبل تمام الحول أو نقص النصاب، فلا زكاة فيه، ولو مات المالك قبل تمام الحول، فلا زكاة عليه ولا على الورثة، فلو ورث الشخص مالاً فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول عنده..نسأل الله جل وعلا أن يعيننا على أداء فروضه والحقوق ويجنبنا البخل والشرك والفسق والعقوق ..أقول ما تسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
أيها المسلمون.. كيف سيكون حال الأمة لو أخرجت الزكاة بحق؛ هل يبقى فقير؟ هل يبقى محتاج؟ هل يظل لاجئون وجوعى وفقراء بلا مأوى؟!وحسب إحصائية اقتصادية قبل أربع سنوات أن مبالغ الزكاة في العالم العربي للأموال المستثمرة بالخارج والشركات التجارية 400 مليار هذا غير زكاة الأموال الخاصة للناس التي لو دفعت ورتبت فالفقر سيقلُّ كثيراً في أمتنا!!
.والخاسر الحقيقي، هو الممسك الذي يناله التلف بدعاء الملك كل يوم.. "اللهم أعط ممسكا تلفا".أما وقت الوفاة وقت لا ينفع الندم، فقد قال تعالى(وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ )
وهنا حديثٌ عمن يَتَكسّبُ من أموال الزكاة أو يأخذها بغير وجه حق ويعتبرها عادة لا بأس بأخذها ويكثر من السؤال بدعوى الحاجة ويكذب فهذا لا يجوز وهو يأخذ حراماً بالحديث(من سألَ الناسَ أموالَهم تكثرًا،فإنما يسأل جمرًا؛ فليستقل أو ليستكثر)رواه مسلم وقال صلى الله عليه وسلم (أيما رجلٌ سأل الناس بغير وجه حقٍّ جاء يوم القيامة وما في وجهه مُزعةُ لحم)متفق عليه واليوم نرى كثرة سؤال إما لغير حاجة أو لكماليات أو تلاعب وتساهل بالديون إلا المحتاج فعلاً الذي يسعد بإعطائه المزكي والمنفق..
اللهم وفقنا لأداء زكاة أموالنا كاملة طيبة بها نفوسنا وأن تجعلها خالصة لوجهك، وأن تنفعنا بها يوم نلقاك يا أكرم الأكرمين، اللهم وفقنا لما يرضيك، وباعد بيننا وبين ما لا يرضيك، يا أرحم الراحمين تقبل صلاتنا، ودعاءنا، وصيامنا، وذكرنا، يا أرحم الراحمين أعنا على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين، اللهم آمنا في الأوطان والدور، وأصلح لنا الأئمة وولاة الأمور، واغفر لنا يا عزيز يا غفور، سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.