الحمدُ للهِ وَلا نَعُبُدْ إِلا إِياهُ،مُخلصِينَ لَهُ اَلْدينَ،وَأَشهَدُ أَلا إِله إِلا اللهُ وَحدهُ لا شَريكَ لَهُ إِلهُ الأَوَلِينَ وَالآخرينَ،وَأَشهَدُ أَنَ مُحَمَداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ،بَلَغَ البَلاغَ المبينَ صلى الله عليه وسلم وَبَارَكَ عَليهِ وَعَلى آلهِ وصحبه الطَيبينَ وَسَلَمَ تَسلِّيماً كَثيراً إِلى يَومِ الْدينِ ..أَمَا بَعدُ فَاتقوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ..
الأَنَبِيَاءُ كَمَا قَال عَنهُم رَسُولُنَا اَلَكَريمُ صلى الله عليه وسلم إِخوةٌ تَجمَعُهُم عَقيدةٌ وَاحِدةٌ.. وَإِنَمَا الاختِلافُ حَصَلَ بِتَحريفِ أَتبَاعِهِم..و(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)
وُلدَ عِيسى بن مَريم عَليهِ الْسَلام قَبلَ أَكثَرِ مِنْ أَلفي سَنَةٍ عَلَى أَرضِ فِلَسطِينَ )فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ( وليس شجرةً أخرى)وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّا( ولما ولد قال(إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً)والإنسان عَقلَهُ تَاهَ فِي ضَلالِ اَلَجَهَلِ وَأَودَت بِهِ اَلخُرَافَةُ إِلى اَلمهَالِكِ العَظِيمَةِ وَمِن ظُلمَاتِ اَلخرافَةِ والغلو تَنشَأُ الأَديانُ المحرَفةُ..(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)تحريفٌ ضلّ به النصارى فحرفوا كتاب ربهم(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)
وَتَتَنوعُ الخُرافَةُ عندهم ويرفعون الأصنام لديهم حتى تجاوزوا فزعموا أن عيسى ولدٌ لله كبرت كلمةً تخرج من أفواههم وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً*لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً *تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً* أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً*وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً*إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً)نعم..قرآنٌ يُتلى إلى يوم القيامة يرد على الضلال وبين الحقَّ للعالم والمسلمين..(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)
خُرافاتٌ أَغَارت على نبوَّةِ عيسى بن مَريم عليهِ السلام فبدلت سلامها ويلاً وردَّت نهارها ليلاً، وجعلت الوَحْدَةَ شَرِكةً بعقيدةِ التثليث وبحركاتها برسم اليد من الوجه إلى الكتفين التي أصبحت منتشرةً مع الأسف ونحن المسلمون واجبٌ علينا معرفةُ نبيِّ الله عيسى عليه السلام وعقيدته التي بعث بها ودعوته لقومه لأننا نؤمن به مع أنَّهم لا يؤمنون بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ولا رسالته والواجب على المسلم أن يتعرّف على المسيح عيسى عليه السلام من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، حتى نستطيع دعوة العالم للتعرّف على نور الإسلام وشموليته وأنه دين الحق الذي نزل لهداية البشرية جمعاء..وإنه إيمانٌ بالرسل عليهم صلوات الله( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)نظرةٌ لجميع الأنبياء باحترامٍ وتقديرٍ ومحبةٍ؛وولاء..جاؤوا برسالة واحدة وكلهم إخوةٌ في الدعوة إلى الله(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)وعيسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل(شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فيه)أما مريم البتول فا بسمها سورةٌ كاملة في القرآن،تتحدث عن عِفتها وطهارتِها وحوالي ثلاثٌ وثمانون آية من سورةِ آل عمران لها ولابنها(وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)وهي الصدِّيقةُ في قولها وفعلها(وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ)قال صلى الله عليه وسلم..(خير نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد)متفقٌ عليه،وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً..(كل مولود من بني آدم يمسه الشيطان بإصبعيه إلا مريمُ بنتُ عمران وابنُها عيسى عليهما السلام)رواه البخاري،يقول أبو هريرة اقرؤوا قولهَ تعالى(فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)
ولادة المسيح عليه السلام كانتْ معجزة كمثل آدم حين خلقه الله كانت ولادته بكلمة(كن)،لذلك يُسمَّى عيسى ابنَ مريم عليه السلام(إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ*وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ*قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)نعتقدُ أنَّ عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله،فلم يَدّعِ في يومٍ من الأيام أنه إله أو ابن الإله،حاشا لله،بل كانت أولُ كلماتهِ في المهد(إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ)حتى الأناجيلُ الأربعة بوضعها الحالي رغم تحريفها وافتقارها للتوثيق بالسند الصحيح المتصل لن تَجدَ فيها ما يُصرحُ بأنَّ المسيحَ إِلهً أو ابنُ إله،بل تحتوي على نصوصٍ كثيرةٍ تدل على بشريته،وقد وصف بالإنسان أو ابن الإنسان أكثر من سبعين مرة في الأناجيل..
اسمه الذي يميزه لقبًا هو المسيح مُعَرَّبٌ يَسوع،وهي كلمة يونانية معناها"مخلص"،ويرادفها "يشوع" بالمعجمة،يُكلّمُ الناسَ في المهد وهو صغير وكهل،وأنه من الصالحين،وأن الله يعلّمه الكتاب،أي الكتابة،والحكمة،وهي تهذيب الأخلاق والتوراةَ والإنجيل وأنه رسول إلى جميع بني إسرائيل،( إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ)جاءهم بعلامات من ربه(أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ)وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ*إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)ولكنهم كفروا،(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)الحواريون..طائفة من بني إسرائيل آمنت به،ونصروه وآزروه،وهم اثنا عشر،ثم قالوا(رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)ولكن بني إسرائيل اليهود مكروا بعيسى -عليه السلام- ليقتلوه،فوشوا به إلى ملكهم وطاردوه،(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)فأرادوا أن يقتلوه،ولكن الله -عز وجل- رفعه إليه وشبّه ذلك عليهم حتى ظنوا أنهم صلبوه،ولكن الله عز وجل رفعه إليه،إلى محل أوليائه ومواطن قدسه ليُنزله آخرَ الزمان بقدرة الله تعالى)إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ)ولما عُرِج بالنبي صلى الله عليه وسلم للسماء رأى عيسى عليه السلام فوصفه لنا،أنه رجلٌ رَبْعةٌ،ليس بطويل ولا قصير،عريضُ الصدرِ، أسمرُ جعدُ الشعر..نؤمن أنَّ من أشراط الساعة الكبرى نزولَ عيسى عليه السلام آخرَ الزمان لتواتر النقل عنه صلى الله عليه وسلم بذلك وهذا معلومٌ من الدين بالضرورة(وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)وقوله(يؤمنن به)أي حين ينزل قال ابن عباس..قبل موت عيسى، والله إنه الآن لحي ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون. ونقله عن أكثر أهل العلم..وقَالَ صلى الله عليه وسلم(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)متفق عليه وقَالَ صلى الله عليه وسلم(كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟!)متفق عليه..وعن حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ..اطَّلَعَ النَّبِيُّ عليه السلام عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ،فَقَالَ(مَا تَذَاكَرُونَ؟)قَالُوا..نَذْكُرُ السَّاعَةَ،قَال..(إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ..الدُّخَانَ،وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ،وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا،وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام،وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ..خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ،وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ،وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ،وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ)أخرجه مسلم.(نُزولُ عيسى عليه السلام كما في الحديث عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ،وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ،إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ،وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ أي..حبَّات الفضة،تشبيهًا لقطرات الماء التي تنحدر منه كَاللُّؤْلُؤِ فَلا يَحِلُّ أي..لا يمكن لأحدٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلا مَاتَ،وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ)أخرجه مسلم.وقال عليه الصلاة والسلام(لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلاً،فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ،وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ،والدجال ويخلص الناس من شرِّ يأجوج ومأجوج وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ،وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلاصُ فَلا يُسْعَى عَلَيْهَا،وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ،وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ) أخرجه مسلم.ثم يقوم بالحج أو العمرة أو يجمع بينهما؛لقوله صلى الله عليه وسلم..(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا))أخرجه مسلم(ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ*مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)اللهم صلِّ على أنبيائك ورسلك أجمعين واحشرنا في زمرة الأنبياء والصالحين مؤمنين بك وموحدين ولقرآنك مُعظِّمين ياربَّ العالمين..أقول
الخطبة الثانية الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد ..
نحن أولى بعيسى عليه السلام فديننا استكمالٌ لدينه ودعوته التي ضلّوا عنها ولذلك فإنها خللٌ بالعقيدة من يهنئ بضلالاتهم رغم بيانها بالقرآن أو يشاركهم بمناسباتٍ تثبت الشرك بالله،كمجاملةٍ مذمومة وهذا بلا شك لا يتنافى مع أهمية التعايشِ السلمي معهم والمشاركة بمناسباتٍ اجتماعية لمن اضطرّ لذلك أو جاورهم فهذا من أدب الإسلام وأخلاقه وهي دعوة لدين الإسلام وبيان قيمته وخلقه والعالم أحوجُ ما يكون إلى مبادئ الإسلام وأحكام القرآن والسنة لتحميه من الزيغ والضلال ولا نشك بقول أصدق القائلين(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) فلنتمسك بديننا وعقيدتنا إخوتي ففيها العزَّة والنصر والسؤدد والبركة من الله والرزق بإتباع دينه ونبذ الغلو والتطرف والحرص على جمع الكلمة نسأل الله جلَّ وعلا أن يُرينَا الحقَّ حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه..اللهم أعز الإسلام والمسلمين..
الأَنَبِيَاءُ كَمَا قَال عَنهُم رَسُولُنَا اَلَكَريمُ صلى الله عليه وسلم إِخوةٌ تَجمَعُهُم عَقيدةٌ وَاحِدةٌ.. وَإِنَمَا الاختِلافُ حَصَلَ بِتَحريفِ أَتبَاعِهِم..و(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ)
وُلدَ عِيسى بن مَريم عَليهِ الْسَلام قَبلَ أَكثَرِ مِنْ أَلفي سَنَةٍ عَلَى أَرضِ فِلَسطِينَ )فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ( وليس شجرةً أخرى)وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّا( ولما ولد قال(إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً)والإنسان عَقلَهُ تَاهَ فِي ضَلالِ اَلَجَهَلِ وَأَودَت بِهِ اَلخُرَافَةُ إِلى اَلمهَالِكِ العَظِيمَةِ وَمِن ظُلمَاتِ اَلخرافَةِ والغلو تَنشَأُ الأَديانُ المحرَفةُ..(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)تحريفٌ ضلّ به النصارى فحرفوا كتاب ربهم(فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ)
وَتَتَنوعُ الخُرافَةُ عندهم ويرفعون الأصنام لديهم حتى تجاوزوا فزعموا أن عيسى ولدٌ لله كبرت كلمةً تخرج من أفواههم وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً(وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً*لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً *تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً* أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً*وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً*إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً)نعم..قرآنٌ يُتلى إلى يوم القيامة يرد على الضلال وبين الحقَّ للعالم والمسلمين..(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)
خُرافاتٌ أَغَارت على نبوَّةِ عيسى بن مَريم عليهِ السلام فبدلت سلامها ويلاً وردَّت نهارها ليلاً، وجعلت الوَحْدَةَ شَرِكةً بعقيدةِ التثليث وبحركاتها برسم اليد من الوجه إلى الكتفين التي أصبحت منتشرةً مع الأسف ونحن المسلمون واجبٌ علينا معرفةُ نبيِّ الله عيسى عليه السلام وعقيدته التي بعث بها ودعوته لقومه لأننا نؤمن به مع أنَّهم لا يؤمنون بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ولا رسالته والواجب على المسلم أن يتعرّف على المسيح عيسى عليه السلام من خلال القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، حتى نستطيع دعوة العالم للتعرّف على نور الإسلام وشموليته وأنه دين الحق الذي نزل لهداية البشرية جمعاء..وإنه إيمانٌ بالرسل عليهم صلوات الله( آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ)نظرةٌ لجميع الأنبياء باحترامٍ وتقديرٍ ومحبةٍ؛وولاء..جاؤوا برسالة واحدة وكلهم إخوةٌ في الدعوة إلى الله(وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ)وعيسى عليه السلام من أولي العزم من الرسل(شَرَعَ لَكُمْ مِنْ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فيه)أما مريم البتول فا بسمها سورةٌ كاملة في القرآن،تتحدث عن عِفتها وطهارتِها وحوالي ثلاثٌ وثمانون آية من سورةِ آل عمران لها ولابنها(وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ)وهي الصدِّيقةُ في قولها وفعلها(وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ)قال صلى الله عليه وسلم..(خير نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد)متفقٌ عليه،وعن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً..(كل مولود من بني آدم يمسه الشيطان بإصبعيه إلا مريمُ بنتُ عمران وابنُها عيسى عليهما السلام)رواه البخاري،يقول أبو هريرة اقرؤوا قولهَ تعالى(فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ)
ولادة المسيح عليه السلام كانتْ معجزة كمثل آدم حين خلقه الله كانت ولادته بكلمة(كن)،لذلك يُسمَّى عيسى ابنَ مريم عليه السلام(إِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ*وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ*قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)نعتقدُ أنَّ عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله،فلم يَدّعِ في يومٍ من الأيام أنه إله أو ابن الإله،حاشا لله،بل كانت أولُ كلماتهِ في المهد(إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ)حتى الأناجيلُ الأربعة بوضعها الحالي رغم تحريفها وافتقارها للتوثيق بالسند الصحيح المتصل لن تَجدَ فيها ما يُصرحُ بأنَّ المسيحَ إِلهً أو ابنُ إله،بل تحتوي على نصوصٍ كثيرةٍ تدل على بشريته،وقد وصف بالإنسان أو ابن الإنسان أكثر من سبعين مرة في الأناجيل..
اسمه الذي يميزه لقبًا هو المسيح مُعَرَّبٌ يَسوع،وهي كلمة يونانية معناها"مخلص"،ويرادفها "يشوع" بالمعجمة،يُكلّمُ الناسَ في المهد وهو صغير وكهل،وأنه من الصالحين،وأن الله يعلّمه الكتاب،أي الكتابة،والحكمة،وهي تهذيب الأخلاق والتوراةَ والإنجيل وأنه رسول إلى جميع بني إسرائيل،( إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ)جاءهم بعلامات من ربه(أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ)وَأُحْيِي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللَّهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلِأُحِلَّ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُمْ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ*إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)ولكنهم كفروا،(فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)الحواريون..طائفة من بني إسرائيل آمنت به،ونصروه وآزروه،وهم اثنا عشر،ثم قالوا(رَبَّنَا آَمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ)ولكن بني إسرائيل اليهود مكروا بعيسى -عليه السلام- ليقتلوه،فوشوا به إلى ملكهم وطاردوه،(وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)فأرادوا أن يقتلوه،ولكن الله -عز وجل- رفعه إليه وشبّه ذلك عليهم حتى ظنوا أنهم صلبوه،ولكن الله عز وجل رفعه إليه،إلى محل أوليائه ومواطن قدسه ليُنزله آخرَ الزمان بقدرة الله تعالى)إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ)ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ)ولما عُرِج بالنبي صلى الله عليه وسلم للسماء رأى عيسى عليه السلام فوصفه لنا،أنه رجلٌ رَبْعةٌ،ليس بطويل ولا قصير،عريضُ الصدرِ، أسمرُ جعدُ الشعر..نؤمن أنَّ من أشراط الساعة الكبرى نزولَ عيسى عليه السلام آخرَ الزمان لتواتر النقل عنه صلى الله عليه وسلم بذلك وهذا معلومٌ من الدين بالضرورة(وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا)وقوله(يؤمنن به)أي حين ينزل قال ابن عباس..قبل موت عيسى، والله إنه الآن لحي ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون. ونقله عن أكثر أهل العلم..وقَالَ صلى الله عليه وسلم(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلاً، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)متفق عليه وقَالَ صلى الله عليه وسلم(كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟!)متفق عليه..وعن حُذَيْفَةَ بْنِ أَسِيدٍ الْغِفَارِيِّ قَالَ..اطَّلَعَ النَّبِيُّ عليه السلام عَلَيْنَا وَنَحْنُ نَتَذَاكَرُ،فَقَالَ(مَا تَذَاكَرُونَ؟)قَالُوا..نَذْكُرُ السَّاعَةَ،قَال..(إِنَّهَا لَنْ تَقُومَ حَتَّى تَرَوْنَ قَبْلَهَا عَشْرَ آيَاتٍ..الدُّخَانَ،وَالدَّجَّالَ، وَالدَّابَّةَ،وَطُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا،وَنُزُولَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عليه السلام،وَيَأَجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ..خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ،وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ،وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ،وَآخِرُ ذَلِكَ نَارٌ تَخْرُجُ مِنْ الْيَمَنِ تَطْرُدُ النَّاسَ إِلَى مَحْشَرِهِمْ)أخرجه مسلم.(نُزولُ عيسى عليه السلام كما في الحديث عِنْدَ الْمَنَارَةِ الْبَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ،وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ،إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ،وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ أي..حبَّات الفضة،تشبيهًا لقطرات الماء التي تنحدر منه كَاللُّؤْلُؤِ فَلا يَحِلُّ أي..لا يمكن لأحدٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلا مَاتَ،وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ)أخرجه مسلم.وقال عليه الصلاة والسلام(لَيَنْزِلَنَّ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَادِلاً،فَلَيَكْسِرَنَّ الصَّلِيبَ،وَلَيَقْتُلَنَّ الْخِنْزِيرَ،والدجال ويخلص الناس من شرِّ يأجوج ومأجوج وَلَيَضَعَنَّ الْجِزْيَةَ،وَلَتُتْرَكَنَّ الْقِلاصُ فَلا يُسْعَى عَلَيْهَا،وَلَتَذْهَبَنَّ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَالتَّحَاسُدُ،وَلَيَدْعُوَنَّ إِلَى الْمَالِ فَلا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ) أخرجه مسلم.ثم يقوم بالحج أو العمرة أو يجمع بينهما؛لقوله صلى الله عليه وسلم..(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُهِلَّنَّ ابْنُ مَرْيَمَ بِفَجِّ الرَّوْحَاءِ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا أَوْ لَيَثْنِيَنَّهُمَا))أخرجه مسلم(ذَلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ*مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ*وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ)اللهم صلِّ على أنبيائك ورسلك أجمعين واحشرنا في زمرة الأنبياء والصالحين مؤمنين بك وموحدين ولقرآنك مُعظِّمين ياربَّ العالمين..أقول
الخطبة الثانية الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده و بعد ..
نحن أولى بعيسى عليه السلام فديننا استكمالٌ لدينه ودعوته التي ضلّوا عنها ولذلك فإنها خللٌ بالعقيدة من يهنئ بضلالاتهم رغم بيانها بالقرآن أو يشاركهم بمناسباتٍ تثبت الشرك بالله،كمجاملةٍ مذمومة وهذا بلا شك لا يتنافى مع أهمية التعايشِ السلمي معهم والمشاركة بمناسباتٍ اجتماعية لمن اضطرّ لذلك أو جاورهم فهذا من أدب الإسلام وأخلاقه وهي دعوة لدين الإسلام وبيان قيمته وخلقه والعالم أحوجُ ما يكون إلى مبادئ الإسلام وأحكام القرآن والسنة لتحميه من الزيغ والضلال ولا نشك بقول أصدق القائلين(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) فلنتمسك بديننا وعقيدتنا إخوتي ففيها العزَّة والنصر والسؤدد والبركة من الله والرزق بإتباع دينه ونبذ الغلو والتطرف والحرص على جمع الكلمة نسأل الله جلَّ وعلا أن يُرينَا الحقَّ حقاً ويرزقنا إتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه..اللهم أعز الإسلام والمسلمين..