الحمد لله جعل التوحيد مفزعاً لعبادهِ وحصناً،وجعل البيت الحرام مثابة للناس وأمنا،وحرزاً على أعدائه وحصنا،وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له نرجو بها في الجنة سُكنى،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى أزواجه وأصحابه،رضي الله عنهم وعنّا. أما بعد، فاتقوا الله عباد الله..واعلموا أن الله خلق الخلق لعبادته(وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)كي لا يشركوا به((فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)والتوحيدُ أساسُ وجود الخلق،وسببُ قبول العمل حتى لأفضل الخلق عليه الصلاة والسلام(وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ)فالشركُ لا يصح معه عمل،ولا تقبلُ منه عبادة،وكل الرسل كان هدف رسالتهم(وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً)ولأجل التوحيد ونبذ الشرك دعوا أقوامهم وعذَّب الله من كفر به..ورغم أهمية التوحيد ترى ضعفاً له في الأمة فانحرف بعضهم وأشركوا بالله بطرقٍ صوفيةٍ تغلو بالأئمة وتعظيم الأضرحة وتحريفٍ لمعنى التوحيد وتحريف صفاتِ الله وأسمائه،وكأنَّ التوحيدَ أصبحَ شعاراً يخلو من معناه وليس تطبيقاً لمحتواه وبعد أن انتهت شعائر الحج بخيرٍ وسلام بحمد الله وعاد أكثر الحجيج فرحين مغتبطين بفضل الله أن منَّ الله عليهم حجَّ بيته العتيق سالمين بفضل الله من الأوبئةِ والحوادثَ مستمتعين بما رأوه من تسابق لتقديم الخدمات لهم من الجميع ونقف اليوم على معنى عظيم من خلال الحج جديرٍ بالتأمل..
عباد الله..التوحيدُ الحقيقي جاء في القرآن عبرَ شعائر الإسلام نعرفه من خلال العبادات ورأيناه في مشاعر الحج وعباداته التي هي لتوحيد الله..لكن السؤالَ هل نعرف معنى التوحيد حقاً؟!فهو ليس شعاراتٍ لا تُطبَّق..ولا يُختصر بدعوات أهملت التعامل والخُلقَ والرفقَ..أو حاربت البشر وصنَّفت الخَلْق..وليس تعظيماً للبشر وتقبيل أرض الأسياد من دون الله..وليس رقصاً ولا غناءً باسم ذكر الله...
عباد الله..شعائر الإسلامِ ومناسكِهُ والعبادات المشروعة لتحقيقِ الوحدانية لله عز وجل وعدم صرف العبادة لغيره فالحجُ نزل فيه سورة كلُّها تتحدث عن التوحيد وتنعي على من يعبدون غير الله تعالى أو يعبدون من دونه ما لا يضرهم ولا ينفعهم والمسجد الحرام إنما وضع لنبذ الشرك(وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي)هو لتحقيق التوحيد ومحاربة الشرك،والمناسكُ حوله باجتناب الرجس من الأوثان واجتناب قول الزور(حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)الحجُّ لتحقيق عبودية الله تعالى وحده والبراءةِ من الشرك وأهله،فالحاج لا يدعو وثناً ولا شخصاً ولا نبياً ولا وليَّاً ولا كعبةً ولا قبراً ولا حجراً ولاطريقةً ينحرف بها،ولكنه يدعو الله وحده ويردّد:[لبيك اللهم لبيك،لبيك لا شريك لك لبيك،إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك]يُلبي بها كمظهرٍ لذكر الله وحده لا غيره،قال صلى الله عليه وسلم :[إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل] أخرجه الترمذي..وبيت الله مطهرٌ من الشرك،وأُسِّس على التوحيد((إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هذا)..ولما دخله صلى الله عليه وسلم فاتحاً هدمَ الأصنام حوله وأمر بها أن تُخرجَ وتُحرق ويُزال ما في الكعبة من صور،لأنها قبلةُ المسلمين وفيه حجُّهم،وعمرتهم،وملتقى قلوبهم وأبدانهم،يأتونه من كل فجٍّ عميق،فيجب أن يكون مصدرُ التوحيد،ومنبعُ العقيدة الصحيحة على مرِّ الأزمان وتعاقب الأجيال،طاهراً من الشرك بكل أنواعه وسالماً من البدع والخرافات وغلوِّ التصوّف..خالصاً(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)فالتلبيةُ إفرادٌ لله عز وجل بكل شيءٍ،وخيرُ الدعاءِ للأنبياء يومُ عرفة،[لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير]والطوافُ لايجوز بغير الكعبة لا ضريح ولا قبرٍ ولا شجرةٍ أو حجرٍ،حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره وكذلك السعيُ بين الصفا والمروة..ورميُ الجمار ذكرٌ لله وحده،وذبحُ الهدي والأُضحية عبادةٌ يقوم به الحاج والمُضحِّي مُكبِّراً لله،ولا يجوز الذبح لغير الله حتى بعد انتهاء المناسك أُمرَ بذكر الله ونهاه عن تعظيم غيره وعن المفاخرة بالنسب(فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ*ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ*فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ*وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)إذاً فالحجُّ رسالةٌ للأمة جمعاء عبر الزمن بتعظيم جانب التوحيد والحذر من الشرك ومظاهره التي قد تخفى على كثيرٍ من الناس..هذا هو التوحيد الحقيقي لا توحيد العمائم والقبور والرقص والطبول وتعظيم الأولياء ودفع الآتاوات للقبور توحيد يحرّر الإنسان لعبادة الخالق بينما الطرقُ والفِرقُ والأحزاب تريد أن نكون عبيداً لأسيادها وقبورها..وتنظيماتها..أفلا يستفيدون من حجٍّ يجمع الأمَّة ويُقدِّمُ عِبَراً ودروساً عمليَّةً للعقيدةِ الصحيحةِ ونبذاً للعقائد الجاهلية،الحجُّ أدلةٌ دافعةٌ وآيةٌ بينة باقية على كلِّ من يدَّعون الوثنية أو يدعون إليها ولذلك رأينا عبر التاريخ علماءَ ناصحين انبروا ولازالوا يُجدِّدونَ لهذه الأمة دينها وتعاليم توحيدها التي تضعف لدى الناس ويحذِّرون من الشرك..الذي يتسرب مع الأسف في قلوب البعض وتراه في بعض ممارساتهم بالحجِّ من زيارات لأماكن غير مشروعة وتعظيمها أو أدعية وتمسح وتبرك غير مشروعة..وليس لها دليل من كتاب أو سنة وإنما يُروّجُ لها المتصوُّفَةُ وطرقُهم والمرتزقةُ،وغيرهم..ممن لا يخاف الله ولا يُقيمُ حدودهَ!!أليس مؤلماً رؤية فئامٍ من المسلمين يدّعون طريقةً للأئمة يتعبَّدون بها وينتسبون إليها يُوالون ويُعادون عليها ويرون دينَهم ناقصاً دونها..وأن العبادة لاتصلح إلا بواسطة سيّدهم المزعوم فما أمرهم به فعلوه وما نهاهم عنه اجتنبوه ولو كان مخالفاً للإسلام أو يُعطون أسيادَهم من صفاتِ البركة والإجلال..ما لا يليقُ إلا بربِّ العزة والجلال!!بعضُهم يحلفُ بالله كذباً ولا يحلف بسيّده لأنه أشدَّ خشية عنده من الله؟!ويستعبدون أنفسهم والله حرّرَهم عياذاً بالله،يتبرَّكُون بالقبور ويَدْعُون أصحابَها مُشركين بالله جهلاً وخرافة..ولا حول ولا قوة إلا بالله..عبر آلاف الأضرحة في العالم الإسلامي!! ويعظمون مناسباتٍ لم تُشرع ويعلقون التمائمَ الضالَّة ودعاءُ غير الله والطواف بغير البيت وغيرها من مظاهر للشرك والبدع..ينبري لها من يؤيدها ويدافع عنها جهلاً وتعصباً وارتزاقاً أو باسمِ التصوّفِ وباسم محبة النبي الذي قال وهو يحتضر صلى الله عليه وسلم[لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ]رواه أبو داوود ..
إننا نحتاج إخوتي..لتجديد التوحيد في نفوسنا دوماً انطلاقاً من كتاب الله وسنته فإذا كان الله سمانا مسلمين موَّحدين (مخلصين له الدين حنفاء)فكيف نفترق لطوائف ونترك توحيداً ميّز ديننا ودعى به نبينا صلوات الله وسلامه عليه فاتقوا الله عباد الله وجدِّدوا التوحيد واجعلوا عباداتكم خالصة لوجه الله وصواباً مع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم واحذروا عباداتٍ تتحول لعادات وتخلو من معنى التوحيد تُؤدَّى بغير تدبّر وعيٍّ ولا بصيرةٍ أو علم..وإنما هي بالجهل أو للرياء والمظاهر..فالتزموا بالعقيدة فهي الأساس..وتركها أو ضعفها تفرق وخلاف..والله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وصالحاً أريد به وجهه،فهو يقول(أنا أغنى الشركاء عن الشرك،من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)اللهم اجعلنا لك موحدين وبك مؤمنين ولنبينا صلى الله عليه وسلم متبعين..اللهم تقبل منا أعمالنا واجعلها خالصةً لوجهه الكريم..أقول ماتسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة و السلام على من لا نبي بعده وبعد..
اللهم لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أن حققت لحجاج بيتك المعظّم حجَّهم ومن كلِ شرٍّ سلمتهم ولديارهم أرجعتهم وأمّنتهم لقد رأينا الدموع والعبرات تُسكب من الحجيج بعد أداء فرضِ الحجِّ العظيم ووداعاً للبيت العتيق الذي جعله الله مثابةً للناس وأمنا فلنعرف قدره ولنُعظم أمره ونحافظ عليه من كلٍّ شرٍّ ومُنكرٍ وفتنةٍ باجتماعٍ للكلمة ونبذٍ للفرقةِ فالحجُ نعمةٌ عُظمى تحتاجُ لأن نهتم كُلنا بأنظمتهِ ونحترمها مما يؤدي لتسهيل على حجاج بيت الله الحرام والمنظمين لهم ..ومن يرى جُموع الحجيج وكثرتهم وظروفهم وأعمارهم واختلاف بيئاتهم وعلمهم يدركُ الجهود العظيمة التي يحتاجها موسم الحج في التنظيم والإعداد..جهود تقدمها الدولة بأجهزتها شرف الفوز بخدمة الحجيج والتيسير عليهم من قائد البلاد وولي أمرها وولي عهده الذي يتقدمهم وغيرهم حتى أصغر جندي وموظف وطالب ومتطوّع رجالاً ونساءً..أياماً معدودات وزحامٌ لكننا بحمد الله نجحنا بالإكمال والتمام فشكراً لله أولاً ثم لكل من بذل جهده وطاقته لخدمة الحجيج فذلك شرفٌ عظيم وأجرٌ كبير والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..إن مشاهدة الرحمة بين الحجاج في تعاطفهم وتراحمهم تبين مدى المحبة والإخوة بين المسلمين متجاوزة الأعراف والأجناس والألوان والطبقية والعصبية والحدود الجغرافية(إنما المؤمنون إخوة)ليتعاونوا فيما بينهم ومع الكوادر العاملة إطعام للطعام وسقاية للحاج وتعليم وفتيا وإسعاف للمرضى..وهذا ديننا يأمرنا بذلك ونراه متجليَّاً في الحج كتب الله أجر كل من بذل وشارك وشكر سعيهم وتقبل حجَّهم ..
اللهم اجمع كلمتنا على الحق والدين ووفق ولي أمرنا سلمان لما تحب وترضى وولي عهده محمد بن سلمان وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة..ووفقنا والمسلمين جميعاً للخير والبر والتقوى يا أرحم الراحمين ..
عباد الله..التوحيدُ الحقيقي جاء في القرآن عبرَ شعائر الإسلام نعرفه من خلال العبادات ورأيناه في مشاعر الحج وعباداته التي هي لتوحيد الله..لكن السؤالَ هل نعرف معنى التوحيد حقاً؟!فهو ليس شعاراتٍ لا تُطبَّق..ولا يُختصر بدعوات أهملت التعامل والخُلقَ والرفقَ..أو حاربت البشر وصنَّفت الخَلْق..وليس تعظيماً للبشر وتقبيل أرض الأسياد من دون الله..وليس رقصاً ولا غناءً باسم ذكر الله...
عباد الله..شعائر الإسلامِ ومناسكِهُ والعبادات المشروعة لتحقيقِ الوحدانية لله عز وجل وعدم صرف العبادة لغيره فالحجُ نزل فيه سورة كلُّها تتحدث عن التوحيد وتنعي على من يعبدون غير الله تعالى أو يعبدون من دونه ما لا يضرهم ولا ينفعهم والمسجد الحرام إنما وضع لنبذ الشرك(وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي)هو لتحقيق التوحيد ومحاربة الشرك،والمناسكُ حوله باجتناب الرجس من الأوثان واجتناب قول الزور(حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنْ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ)الحجُّ لتحقيق عبودية الله تعالى وحده والبراءةِ من الشرك وأهله،فالحاج لا يدعو وثناً ولا شخصاً ولا نبياً ولا وليَّاً ولا كعبةً ولا قبراً ولا حجراً ولاطريقةً ينحرف بها،ولكنه يدعو الله وحده ويردّد:[لبيك اللهم لبيك،لبيك لا شريك لك لبيك،إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك]يُلبي بها كمظهرٍ لذكر الله وحده لا غيره،قال صلى الله عليه وسلم :[إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل] أخرجه الترمذي..وبيت الله مطهرٌ من الشرك،وأُسِّس على التوحيد((إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هذا)..ولما دخله صلى الله عليه وسلم فاتحاً هدمَ الأصنام حوله وأمر بها أن تُخرجَ وتُحرق ويُزال ما في الكعبة من صور،لأنها قبلةُ المسلمين وفيه حجُّهم،وعمرتهم،وملتقى قلوبهم وأبدانهم،يأتونه من كل فجٍّ عميق،فيجب أن يكون مصدرُ التوحيد،ومنبعُ العقيدة الصحيحة على مرِّ الأزمان وتعاقب الأجيال،طاهراً من الشرك بكل أنواعه وسالماً من البدع والخرافات وغلوِّ التصوّف..خالصاً(وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)فالتلبيةُ إفرادٌ لله عز وجل بكل شيءٍ،وخيرُ الدعاءِ للأنبياء يومُ عرفة،[لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير]والطوافُ لايجوز بغير الكعبة لا ضريح ولا قبرٍ ولا شجرةٍ أو حجرٍ،حتى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكيف بغيره وكذلك السعيُ بين الصفا والمروة..ورميُ الجمار ذكرٌ لله وحده،وذبحُ الهدي والأُضحية عبادةٌ يقوم به الحاج والمُضحِّي مُكبِّراً لله،ولا يجوز الذبح لغير الله حتى بعد انتهاء المناسك أُمرَ بذكر الله ونهاه عن تعظيم غيره وعن المفاخرة بالنسب(فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ*ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ*فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ*وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)إذاً فالحجُّ رسالةٌ للأمة جمعاء عبر الزمن بتعظيم جانب التوحيد والحذر من الشرك ومظاهره التي قد تخفى على كثيرٍ من الناس..هذا هو التوحيد الحقيقي لا توحيد العمائم والقبور والرقص والطبول وتعظيم الأولياء ودفع الآتاوات للقبور توحيد يحرّر الإنسان لعبادة الخالق بينما الطرقُ والفِرقُ والأحزاب تريد أن نكون عبيداً لأسيادها وقبورها..وتنظيماتها..أفلا يستفيدون من حجٍّ يجمع الأمَّة ويُقدِّمُ عِبَراً ودروساً عمليَّةً للعقيدةِ الصحيحةِ ونبذاً للعقائد الجاهلية،الحجُّ أدلةٌ دافعةٌ وآيةٌ بينة باقية على كلِّ من يدَّعون الوثنية أو يدعون إليها ولذلك رأينا عبر التاريخ علماءَ ناصحين انبروا ولازالوا يُجدِّدونَ لهذه الأمة دينها وتعاليم توحيدها التي تضعف لدى الناس ويحذِّرون من الشرك..الذي يتسرب مع الأسف في قلوب البعض وتراه في بعض ممارساتهم بالحجِّ من زيارات لأماكن غير مشروعة وتعظيمها أو أدعية وتمسح وتبرك غير مشروعة..وليس لها دليل من كتاب أو سنة وإنما يُروّجُ لها المتصوُّفَةُ وطرقُهم والمرتزقةُ،وغيرهم..ممن لا يخاف الله ولا يُقيمُ حدودهَ!!أليس مؤلماً رؤية فئامٍ من المسلمين يدّعون طريقةً للأئمة يتعبَّدون بها وينتسبون إليها يُوالون ويُعادون عليها ويرون دينَهم ناقصاً دونها..وأن العبادة لاتصلح إلا بواسطة سيّدهم المزعوم فما أمرهم به فعلوه وما نهاهم عنه اجتنبوه ولو كان مخالفاً للإسلام أو يُعطون أسيادَهم من صفاتِ البركة والإجلال..ما لا يليقُ إلا بربِّ العزة والجلال!!بعضُهم يحلفُ بالله كذباً ولا يحلف بسيّده لأنه أشدَّ خشية عنده من الله؟!ويستعبدون أنفسهم والله حرّرَهم عياذاً بالله،يتبرَّكُون بالقبور ويَدْعُون أصحابَها مُشركين بالله جهلاً وخرافة..ولا حول ولا قوة إلا بالله..عبر آلاف الأضرحة في العالم الإسلامي!! ويعظمون مناسباتٍ لم تُشرع ويعلقون التمائمَ الضالَّة ودعاءُ غير الله والطواف بغير البيت وغيرها من مظاهر للشرك والبدع..ينبري لها من يؤيدها ويدافع عنها جهلاً وتعصباً وارتزاقاً أو باسمِ التصوّفِ وباسم محبة النبي الذي قال وهو يحتضر صلى الله عليه وسلم[لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ]رواه أبو داوود ..
إننا نحتاج إخوتي..لتجديد التوحيد في نفوسنا دوماً انطلاقاً من كتاب الله وسنته فإذا كان الله سمانا مسلمين موَّحدين (مخلصين له الدين حنفاء)فكيف نفترق لطوائف ونترك توحيداً ميّز ديننا ودعى به نبينا صلوات الله وسلامه عليه فاتقوا الله عباد الله وجدِّدوا التوحيد واجعلوا عباداتكم خالصة لوجه الله وصواباً مع سنة رسوله صلى الله عليه وسلم واحذروا عباداتٍ تتحول لعادات وتخلو من معنى التوحيد تُؤدَّى بغير تدبّر وعيٍّ ولا بصيرةٍ أو علم..وإنما هي بالجهل أو للرياء والمظاهر..فالتزموا بالعقيدة فهي الأساس..وتركها أو ضعفها تفرق وخلاف..والله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وصالحاً أريد به وجهه،فهو يقول(أنا أغنى الشركاء عن الشرك،من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه)اللهم اجعلنا لك موحدين وبك مؤمنين ولنبينا صلى الله عليه وسلم متبعين..اللهم تقبل منا أعمالنا واجعلها خالصةً لوجهه الكريم..أقول ماتسمعون..
الخطبة الثانية ..الحمد لله وحده والصلاة و السلام على من لا نبي بعده وبعد..
اللهم لك الحمد لا نحصي ثناءً عليك أن حققت لحجاج بيتك المعظّم حجَّهم ومن كلِ شرٍّ سلمتهم ولديارهم أرجعتهم وأمّنتهم لقد رأينا الدموع والعبرات تُسكب من الحجيج بعد أداء فرضِ الحجِّ العظيم ووداعاً للبيت العتيق الذي جعله الله مثابةً للناس وأمنا فلنعرف قدره ولنُعظم أمره ونحافظ عليه من كلٍّ شرٍّ ومُنكرٍ وفتنةٍ باجتماعٍ للكلمة ونبذٍ للفرقةِ فالحجُ نعمةٌ عُظمى تحتاجُ لأن نهتم كُلنا بأنظمتهِ ونحترمها مما يؤدي لتسهيل على حجاج بيت الله الحرام والمنظمين لهم ..ومن يرى جُموع الحجيج وكثرتهم وظروفهم وأعمارهم واختلاف بيئاتهم وعلمهم يدركُ الجهود العظيمة التي يحتاجها موسم الحج في التنظيم والإعداد..جهود تقدمها الدولة بأجهزتها شرف الفوز بخدمة الحجيج والتيسير عليهم من قائد البلاد وولي أمرها وولي عهده الذي يتقدمهم وغيرهم حتى أصغر جندي وموظف وطالب ومتطوّع رجالاً ونساءً..أياماً معدودات وزحامٌ لكننا بحمد الله نجحنا بالإكمال والتمام فشكراً لله أولاً ثم لكل من بذل جهده وطاقته لخدمة الحجيج فذلك شرفٌ عظيم وأجرٌ كبير والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ..إن مشاهدة الرحمة بين الحجاج في تعاطفهم وتراحمهم تبين مدى المحبة والإخوة بين المسلمين متجاوزة الأعراف والأجناس والألوان والطبقية والعصبية والحدود الجغرافية(إنما المؤمنون إخوة)ليتعاونوا فيما بينهم ومع الكوادر العاملة إطعام للطعام وسقاية للحاج وتعليم وفتيا وإسعاف للمرضى..وهذا ديننا يأمرنا بذلك ونراه متجليَّاً في الحج كتب الله أجر كل من بذل وشارك وشكر سعيهم وتقبل حجَّهم ..
اللهم اجمع كلمتنا على الحق والدين ووفق ولي أمرنا سلمان لما تحب وترضى وولي عهده محمد بن سلمان وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة..ووفقنا والمسلمين جميعاً للخير والبر والتقوى يا أرحم الراحمين ..