الحمدُ لله مُجزِل العطايا مسبِل النِّعَم،رافِع البلايا دافِع النِّقم وأشهد أن لا إله إلا الله يعلَم الخفايا ويرى ما في الظُّلم،وأشهد أن محمداً عبد الله الرسولُ العَلَم،صلى الله عليه وعلى آله وصحبِه ومن سار على نهجِه الأقوَم..أما بعد فاتقو الله عباد الله..واعلموا أن حكمةَ الله تعالى ابتلاءُ بعضِ عباده،بالأمراض في أبدانهم لحطِّ خطاياهم بالحديث(فما يُصيبُ المؤمنَ من نصَب ولا وصَب حتّى الشوكة يُشاكها إلا كفَّر الله بِها من خطاياه)رواه البخاري،والأمرُ بيَد الله(قُل لا أَمْلِكُ لِنَفْسِى نَفْعًا وَلاَ ضَرّا إِلاَّ مَا شَاء ٱللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ ٱلْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِىَ ٱلسُّوء)والابتلاءُ يُظهرُ صدقُ إيمان العبد بما قضى الله وقدَّر عليه،وغيره يُظهرُ التّسخّط وعدمُ الرّضا،بالحديث(إذا أرادَ الله بعبده خيرًا عجَّل له العقوبةَ في الدنيا،وإن أراد به غَيْر ذلك أمسَك عنه حتى يُوافي به يوم القيامة..وإنَّ عِظمَ الجزاء مع عِظم البلاء،وإنَّ الله إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم،فمن رضِي فله الرّضا،ومن سخط فعليه السّخط)والعلاجُ الشرعي من الكتاب والسنة سببٌ للشفاء بإذن الله،فلا تحزن وافعل السبب لتُعالج قدرَ الله بكلام الله الذي قدَّر المرضَ وشرع لك الدواء..وهذا التوكّلُ نوع من كمالِ الإيمان(وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرّ فَلاَ كَـٰشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلّ شَىْء قَدُيرٌ)أما العلاج المحرم،فنهانا عنه صلى الله عليه وسلم(تداوَوا عبادَ الله،ولا تتداوَوا بحرام)وقال(ما أنزل الله من داءٍ إلا أنزل له دواء،علِمَه من علِمه،وجهله مَن جهله)والناس يتفاوتون في توفيقهم للعلاج،والمسلم الصابر إذا نزلت به الكروبُ والهموم لجأ لربّه وخالقِه يسألُه تفريج هَمِّه وكشفِ كَرْبَه وإعانته على أموره،وهناك سبعون ألفاً يدخلون الجنة بغير حساب قيل من يا رسول الله قال(هم الذين لا يسترقون ولايتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)رواه البخاري وكتابُ الله والمأثور من السنة علاجٌ لأمراض القلوب والأبدان(وَنُنَزّلُ مِنَ ٱلْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ ٱلظَّـٰلِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا)والقرآن(لِلَّذِينَ ءامَنُواْ هُدًى وَشِفَاء)لأمراض القلوب من شِّرك وشبهاتٍ وهمومٍ وأمراضٌ وشهوات لمَن صَدقت نيّته وعظُمت رغبته فيما عند الله بالرقية الشرعية..مع فعل السبب بالعلاج الطبي،ورسولنا صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه، يأتيه جبريل فيقول..يَا مُحَمَّدُ،اشْتَكَيْتَ؟فَقَالَ(نَعَمْ)قَالَ..بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ،مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ،مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ،اللَّهُ يَشْفِيكَ،بِاسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ)رواه مسلم
الرقيةُ بضوابط شرعيةٍ لها أَجرٌ عظيم لمن احتسب،قَال صلى الله عليه وسلم(مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ)رواه مسلم والرقية سببٌ للمريض للتوبة من التقصير في دينه وخلقه،لكن وضع الرقية الآن وانتشارُ الراقين بكثرةٍ عجيبةٍ وأمكنةٍ مُخصصة ويُحدّدون للمرضى أياماً للمعاودة لم يكن ذلك معروفًا زمنَ النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا في عهد السلف الصالح،بل تعدَّى الحال ليَفَتتنَ الناسُ بهم ويُقبلوا عليهم..والمريضُ معذورٌ فهو مسكينٌ يبحث عن العلاج بشتى الطرق،ومؤسفٌ استغلالُ بعض الرقاة حاجتَهم في الكذب على الناس وجمعِ أموالهم وبعضُهم فقراء أو التساهل بالتعامل مع النساء وتحويل الرقية تجارةً وعلاقةً مع الأغنياء إلا من رحم الله،وبعض الرقاة بحجة إخراج الجن أو إبطال السحر يقعُ بمصائب،وتجاوزات وربما بعضهم ليس على عقيدةٍ سليمة،أو تعاطَوْا السحرَ وخلَطوه مع القرآن واستعانوا بالجان..تلبيسٌ يمارسُ باسمِ الدين لخدعة الناس والتلبيس عليهم ولهم قنواتٌ ودعاياتٌ وللتأثير على ضعافِ العقولِ والدين..لذا كان التنبيه عنهم مطلوبٌ،لاسيما وقد وُجدت أخطاءٌ أقلقت الجهات المسؤولة وممارساتٌ تسبّبُ إشكالاتٍ من الرقاة ومن المراجعين لهم!!..
بعضُ الناس لأيِّ ألمٍ يصيبُه وهمٍّ يأتيه أول تفكيره البحث عن راقٍ يرقيه ولو أرعبه وخوَّفه،كما يفعله بعضهم فيعدُّ عليه أمراضاً هو بريءٌ منها،تُضعِفُ كيانه و قوّته،فيُصدّق المريض تشخيصَه ويرتبطُ ويعتقد به كأنه طبيب بأن فيه مسٌّ أو عين وسحر وفيك عَين وفيكَ سِحر وفيك وفيك،فيمتلئ قلبُه رُعبًا وهمًّا وخوفًا وحزنًا وقلقًا نفسيًّا..ثم تضعف عزيمته ويقلّ صبره فيلجأُ لطلبِ العِلاج ممّن هَبَّ ودَبَّ،ساحر أو مشعوذ أو راقٍ جاهل،يظنُّ الشفاءَ والعلمَ والطبَّ عندَه بل وُجد بعض الرُّقاة من يشترطُ المبالغ له هذا واقعهم مع الأسف..ثم يدفع المريض الآلاف للزيت والدهانات متعلقاً بمن يعالجُه ويخلِّصه من بلاياه،وغافلاً عن إلهٍ كما أنَّهُ أمرضه فهو الذي يُشفيه ويُميتُه ويُحيه..
أما السحرةُ عياذاً بالله فلا علمَ عندهم،ولا خيرَ يُرجَى من ورائِهم؛فالخرافةُ والدجل بالمسلم بضاعتُهم،وربّما أمروا المريضَ بالشّرك بالله،بذبحٍ لغير الله،أو بدعاءِ غير الله والاستغاثة بهم،لصوصٌ يأكلون أموالَ النّاس ظلمًا وعدوانًا،لا خيرَ فيهم..أما ممارسة الرقاة بالضربِ فهذا خطأ وبيع الأدوية والخلطات خطرٌ..ومسارعتهم بالتشخيص غرور وغرر ومن غرور الراقي بنفسه القراءة على خزان المياه لتوزيعهم..أو لا يُظهر بالقراءةِ صوتَه ليُعلَمَ ما يقرأ مع وجوب تقيّده بالضوابط الشرعية عندَ رقيته للمرأة بلباسها وحجابها الشرعي الإسلامي،وعدم الخلوة بها أو النظر إليها أو مسها في أي موضع مما يؤدي لمفاسد عظيمة حصلت مع الأسف أما من يتفرّغُ للرقيةِ ويتجّرُ بها فهذا لم يرد فالرقية الشرعية بقراءة القرآن مع النفث مع قراءة أدعيةٍ ثابتةٍ بالسنة أما ما يفعله بعض الرقاة بتحديد أيامٍ وأوقاتٍ للرقية فخطأ..واستزراقٌ بالمال باسم الرقية!!ومتى كانت الرقية الشرعية محصورة في أناس معينين؟!ولما غاب الاحتساب قلّ أثرُ رقيتهم..وبعضهم يدّعي قدرته على تحديد مكان الجن وعددهم في المريض وزاد البلاء بالنشر والتصويرِ بل تجاوزوا إلى الرقية عن بعد أو عبر مُكبِّر صوتٍ،أو بهاتفٍ،أو جماعيّاً مع مغالاة الناس ببعض الرقاة وذلك فيه محاذيرُ وأخطاء كثيرة،كتكشّف النساء،والاختلاط بين الرجال والنساء،وربما تلبس الجانُّ بآخرين،وغير ذلك من ممارسات تشوّه الرقيةَ والراقين!!وهي من تلبيس الشياطين،وتصديقُها يؤدي لزرع الضغينة والعداء بين الأقارب والأرحام والمسلمين؛بحجة أنهم هم من تسبب في المرض أو العين!!ولاحول ولا قوة إلا بالله..
عباد الله لقد ذكر العلماء أن شروط الرقية الشرعية ثلاثة منها أن تكون من القرآن الكريم والسنة النبوية.وثانيها..أن تكون باللغة العربية.وثالثها..أن يعتقدَ الرَّاقي والمُسترقي أنَّ الشفاءَ من الله حقيقةً باستشعار عظمة آيات الله والتوكل على الله جل وعلا،أثناء الرقية واليقين أن الشفاءَ بيد الله وحده،وكذلك قوةُ إيمانِ الراقي والمَرْقِي بالله وحدَه وثقتهُم أنَّ النفعَ والضُرَّ بيده سبحانه فمن الناس من يتخذ عِلاجاً كيميائياً ثم يقول بشكٍ..أُجرِّب الرقية الشرعية،وهذا خطأٌ يُضعفُ أثرَها والجمعُ بينهما أحسن،والأفضلُ للمريض أنْ يَقرأ على نفسه ولا يطلبُ ذلك من غيره،وليحذرْ من راقين يسلبونَ نقودَه لا يعرف حالهم فعُثْمَانُ الثَّقَفِيِّ شَكَا لرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ،فَقَالَ لَهُ(ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّم مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ.. بِاسْمِ اللَّهِ، ثَلَاثًا،وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ)رواه مسلم فأمره صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هو على نفسه؛وهذا أصدق في اللجوء إلى الله فالمريضُ هو مَنْ يُقاسي الألم ويُعانيه وليس الراقي،فدعاؤه أقربُ لكونِه يُظهرُ حاجةً وفقراً لمولاه سبحانه،وكلما كان العبد في حالةِ ذُلٍّ وفقرٍ وحاجةٍ إلى مولاه كان أقربَ للإجابة..وهناك أدعيةٌ تحفظُ الإنسانَ فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعالج نفسَه بالورد، فإذا أوى إلى فراشه جمع يديه، فقرأ فيهما(قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ)و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ ٱلْفَلَقِ )و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ ٱلنَّاسِ)ثلاثًا،ثم يمسح بها رأسه ووجهَه وما أقبل من جسدِه، ثم ينام] وكان يرقي الحسنَ والحسين(أعيذكم بكلمات الله التامّة، من كلّ شيطان وهامّة، ومن كلِّ عين لامّة)وقال صلى الله عليه وسلم..((من قال في الصباح ثلاثَ مرّات.. بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يصبه ضررٌ في يومه، ومن قالها في المساء لم يصِبه ضرَر في ليلته)ودخل عبد الله بن مسعود على زوجته وكانت عندها امرأةً ترقيها فرأى في رقبتها خيطًا فقال.. ما هذا؟ قالت.. خيط رُقي لي فيه،قالت.. فأخذه وقطّعه وقال..لأنتم أغنياءُ عن الشرك، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(إنّ التمائمَ والرُّقى والتِّوَلة شِرك)،والتمائمُ هي الحُروز التي تعلَّق على الأطفال أو غيرهم،وهي منتشرة مع الأسف في بلداننا الإسلامية جهلاً، والرُّقى عزائمُ تُكتب أو تنفَث على المريض،والتِّوَلةُ شيء يصنعه السّحرة، يزعمون أنّ المرأة إذا تعاطته جَلبت محبّة زوجِها لها،وأن الزوجَ إذا تعاطاه جلب محبّةَ زوجته له وهذا حرامٌ عظيم..وكان صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذا زار المريض يَمْسَحُ بيدِهِ اليُمْنى ويقولُ(اللَّهُمَّ ربَّ النَّاسِ،أَذْهِب الْبَأسَ،واشْف،أَنْتَ الشَّافي لا شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ،شِفاءً لا يُغَادِرُ سقَماٍ)متفقٌ عليه..فاحرص على التوكل على الله وارقِ نفسك بنفسك وتعلّمها ولايمنعْكَ تقصيرُك بالذنوب من علاج نفسك..فالبعض تمنعه ذنوبه من اللجوء إلى ربه ورقيةِ نفسهِ إذا مسَّه الضر وهذا خطأ فالله أرحم الراحمين..واحرصوا على الأوراد مما يحفظكم صباح مساء،وفي سفركم وحلّكم وترحالكم وداخل بيوتكم وأولادكم بإذن الله..نسأل الله جل وعلا الحفظ من شرِّ الأمراض والأحزان ومن كيد الإنس والجان ونسأله الشفاء والمعافاة والصبر والسلوان أقول ما تسمعون....
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده..
عبادَ الله، فاتحة الكتاب..(ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ)هي أمّ القرآن، وهي السَّبع المثاني أوتيَها صلى الله عليه وسلم،وما نزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور أفضل منها، فهي أمُّ القرآن، جَمع الله فيها معاني الأديان وفيها(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)وهي رُقية للمرَض وشِفاء من الأمراض لمن يَرْقي بها نفسَه،فينفثُ على نفسهِ بفاتحةِ الكتاب، فيجِد فيها راحة وعافية وشفاءً برحمة أرحم الراحمين.في البخاري أن الصحابة قرأوا بها على مريض فشفي فأعطوهم جُعلاً على الرقية فأقرّهم عليه الصلاة والسلام على ذلك..فلو أخذَ القارئ شيئًا على القراءة بلا طلبٍ منه ولارجاء لا مانعَ منه، ولكن ليتّقوا ربَّهم، وليدَعوا عنهم هذا الجشَع،والمبالغات والمبيعات من زيتٍ وعسلٍ وماء،واشتراط النقود والهدايا واستغلال حاجات المرضى وليدَعوا عنهم الأراجيفَ وتخويفَ الناس وإمراضَهم فليتَّقوا الله، وليعلَموا أنّ علمَ الغيب عند الله، وإنّما هي أسباب، والله جل وعلا من وراء القصد..وبحمد الله هناك من الرقاة من عُرف بدينه وصلاحه ويخلو من المخالفات،ولايتخذ مكاناً يأتيه الناس متبعاً كطريقةٍ السلف فهؤلاء على أجر عظيم في خدمة الناس نسأل الله أن يكافيهم على بذلهم ونسأل الله الشفاء لكل مريض ونسأله تعالى التوفيق والهدايةَ لكلّ خير،إنه على كل شيء قدير، اللهم احفظنا من الأمراض والأسقام وأحفظ أولادنا من كل سوء وفرج همنا وأزل كربنا وانصرنا على من ظلمنا واعتدى علينا..
اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان..اللهم احفظ جنودنا بحفظك وكلأهم برعايتك وكن لهم مؤيداً ونصيراً وحامياً وظهيرا..اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ..
الرقيةُ بضوابط شرعيةٍ لها أَجرٌ عظيم لمن احتسب،قَال صلى الله عليه وسلم(مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ)رواه مسلم والرقية سببٌ للمريض للتوبة من التقصير في دينه وخلقه،لكن وضع الرقية الآن وانتشارُ الراقين بكثرةٍ عجيبةٍ وأمكنةٍ مُخصصة ويُحدّدون للمرضى أياماً للمعاودة لم يكن ذلك معروفًا زمنَ النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه ولا في عهد السلف الصالح،بل تعدَّى الحال ليَفَتتنَ الناسُ بهم ويُقبلوا عليهم..والمريضُ معذورٌ فهو مسكينٌ يبحث عن العلاج بشتى الطرق،ومؤسفٌ استغلالُ بعض الرقاة حاجتَهم في الكذب على الناس وجمعِ أموالهم وبعضُهم فقراء أو التساهل بالتعامل مع النساء وتحويل الرقية تجارةً وعلاقةً مع الأغنياء إلا من رحم الله،وبعض الرقاة بحجة إخراج الجن أو إبطال السحر يقعُ بمصائب،وتجاوزات وربما بعضهم ليس على عقيدةٍ سليمة،أو تعاطَوْا السحرَ وخلَطوه مع القرآن واستعانوا بالجان..تلبيسٌ يمارسُ باسمِ الدين لخدعة الناس والتلبيس عليهم ولهم قنواتٌ ودعاياتٌ وللتأثير على ضعافِ العقولِ والدين..لذا كان التنبيه عنهم مطلوبٌ،لاسيما وقد وُجدت أخطاءٌ أقلقت الجهات المسؤولة وممارساتٌ تسبّبُ إشكالاتٍ من الرقاة ومن المراجعين لهم!!..
بعضُ الناس لأيِّ ألمٍ يصيبُه وهمٍّ يأتيه أول تفكيره البحث عن راقٍ يرقيه ولو أرعبه وخوَّفه،كما يفعله بعضهم فيعدُّ عليه أمراضاً هو بريءٌ منها،تُضعِفُ كيانه و قوّته،فيُصدّق المريض تشخيصَه ويرتبطُ ويعتقد به كأنه طبيب بأن فيه مسٌّ أو عين وسحر وفيك عَين وفيكَ سِحر وفيك وفيك،فيمتلئ قلبُه رُعبًا وهمًّا وخوفًا وحزنًا وقلقًا نفسيًّا..ثم تضعف عزيمته ويقلّ صبره فيلجأُ لطلبِ العِلاج ممّن هَبَّ ودَبَّ،ساحر أو مشعوذ أو راقٍ جاهل،يظنُّ الشفاءَ والعلمَ والطبَّ عندَه بل وُجد بعض الرُّقاة من يشترطُ المبالغ له هذا واقعهم مع الأسف..ثم يدفع المريض الآلاف للزيت والدهانات متعلقاً بمن يعالجُه ويخلِّصه من بلاياه،وغافلاً عن إلهٍ كما أنَّهُ أمرضه فهو الذي يُشفيه ويُميتُه ويُحيه..
أما السحرةُ عياذاً بالله فلا علمَ عندهم،ولا خيرَ يُرجَى من ورائِهم؛فالخرافةُ والدجل بالمسلم بضاعتُهم،وربّما أمروا المريضَ بالشّرك بالله،بذبحٍ لغير الله،أو بدعاءِ غير الله والاستغاثة بهم،لصوصٌ يأكلون أموالَ النّاس ظلمًا وعدوانًا،لا خيرَ فيهم..أما ممارسة الرقاة بالضربِ فهذا خطأ وبيع الأدوية والخلطات خطرٌ..ومسارعتهم بالتشخيص غرور وغرر ومن غرور الراقي بنفسه القراءة على خزان المياه لتوزيعهم..أو لا يُظهر بالقراءةِ صوتَه ليُعلَمَ ما يقرأ مع وجوب تقيّده بالضوابط الشرعية عندَ رقيته للمرأة بلباسها وحجابها الشرعي الإسلامي،وعدم الخلوة بها أو النظر إليها أو مسها في أي موضع مما يؤدي لمفاسد عظيمة حصلت مع الأسف أما من يتفرّغُ للرقيةِ ويتجّرُ بها فهذا لم يرد فالرقية الشرعية بقراءة القرآن مع النفث مع قراءة أدعيةٍ ثابتةٍ بالسنة أما ما يفعله بعض الرقاة بتحديد أيامٍ وأوقاتٍ للرقية فخطأ..واستزراقٌ بالمال باسم الرقية!!ومتى كانت الرقية الشرعية محصورة في أناس معينين؟!ولما غاب الاحتساب قلّ أثرُ رقيتهم..وبعضهم يدّعي قدرته على تحديد مكان الجن وعددهم في المريض وزاد البلاء بالنشر والتصويرِ بل تجاوزوا إلى الرقية عن بعد أو عبر مُكبِّر صوتٍ،أو بهاتفٍ،أو جماعيّاً مع مغالاة الناس ببعض الرقاة وذلك فيه محاذيرُ وأخطاء كثيرة،كتكشّف النساء،والاختلاط بين الرجال والنساء،وربما تلبس الجانُّ بآخرين،وغير ذلك من ممارسات تشوّه الرقيةَ والراقين!!وهي من تلبيس الشياطين،وتصديقُها يؤدي لزرع الضغينة والعداء بين الأقارب والأرحام والمسلمين؛بحجة أنهم هم من تسبب في المرض أو العين!!ولاحول ولا قوة إلا بالله..
عباد الله لقد ذكر العلماء أن شروط الرقية الشرعية ثلاثة منها أن تكون من القرآن الكريم والسنة النبوية.وثانيها..أن تكون باللغة العربية.وثالثها..أن يعتقدَ الرَّاقي والمُسترقي أنَّ الشفاءَ من الله حقيقةً باستشعار عظمة آيات الله والتوكل على الله جل وعلا،أثناء الرقية واليقين أن الشفاءَ بيد الله وحده،وكذلك قوةُ إيمانِ الراقي والمَرْقِي بالله وحدَه وثقتهُم أنَّ النفعَ والضُرَّ بيده سبحانه فمن الناس من يتخذ عِلاجاً كيميائياً ثم يقول بشكٍ..أُجرِّب الرقية الشرعية،وهذا خطأٌ يُضعفُ أثرَها والجمعُ بينهما أحسن،والأفضلُ للمريض أنْ يَقرأ على نفسه ولا يطلبُ ذلك من غيره،وليحذرْ من راقين يسلبونَ نقودَه لا يعرف حالهم فعُثْمَانُ الثَّقَفِيِّ شَكَا لرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَجَعًا يَجِدُهُ فِي جَسَدِهِ،فَقَالَ لَهُ(ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّم مِنْ جَسَدِكَ وَقُلْ.. بِاسْمِ اللَّهِ، ثَلَاثًا،وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ أَعُوذُ بِاللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ)رواه مسلم فأمره صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هو على نفسه؛وهذا أصدق في اللجوء إلى الله فالمريضُ هو مَنْ يُقاسي الألم ويُعانيه وليس الراقي،فدعاؤه أقربُ لكونِه يُظهرُ حاجةً وفقراً لمولاه سبحانه،وكلما كان العبد في حالةِ ذُلٍّ وفقرٍ وحاجةٍ إلى مولاه كان أقربَ للإجابة..وهناك أدعيةٌ تحفظُ الإنسانَ فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعالج نفسَه بالورد، فإذا أوى إلى فراشه جمع يديه، فقرأ فيهما(قُلْ هُوَ ٱللَّهُ أَحَدٌ)و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ ٱلْفَلَقِ )و(قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ ٱلنَّاسِ)ثلاثًا،ثم يمسح بها رأسه ووجهَه وما أقبل من جسدِه، ثم ينام] وكان يرقي الحسنَ والحسين(أعيذكم بكلمات الله التامّة، من كلّ شيطان وهامّة، ومن كلِّ عين لامّة)وقال صلى الله عليه وسلم..((من قال في الصباح ثلاثَ مرّات.. بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، لم يصبه ضررٌ في يومه، ومن قالها في المساء لم يصِبه ضرَر في ليلته)ودخل عبد الله بن مسعود على زوجته وكانت عندها امرأةً ترقيها فرأى في رقبتها خيطًا فقال.. ما هذا؟ قالت.. خيط رُقي لي فيه،قالت.. فأخذه وقطّعه وقال..لأنتم أغنياءُ عن الشرك، سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول(إنّ التمائمَ والرُّقى والتِّوَلة شِرك)،والتمائمُ هي الحُروز التي تعلَّق على الأطفال أو غيرهم،وهي منتشرة مع الأسف في بلداننا الإسلامية جهلاً، والرُّقى عزائمُ تُكتب أو تنفَث على المريض،والتِّوَلةُ شيء يصنعه السّحرة، يزعمون أنّ المرأة إذا تعاطته جَلبت محبّة زوجِها لها،وأن الزوجَ إذا تعاطاه جلب محبّةَ زوجته له وهذا حرامٌ عظيم..وكان صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذا زار المريض يَمْسَحُ بيدِهِ اليُمْنى ويقولُ(اللَّهُمَّ ربَّ النَّاسِ،أَذْهِب الْبَأسَ،واشْف،أَنْتَ الشَّافي لا شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ،شِفاءً لا يُغَادِرُ سقَماٍ)متفقٌ عليه..فاحرص على التوكل على الله وارقِ نفسك بنفسك وتعلّمها ولايمنعْكَ تقصيرُك بالذنوب من علاج نفسك..فالبعض تمنعه ذنوبه من اللجوء إلى ربه ورقيةِ نفسهِ إذا مسَّه الضر وهذا خطأ فالله أرحم الراحمين..واحرصوا على الأوراد مما يحفظكم صباح مساء،وفي سفركم وحلّكم وترحالكم وداخل بيوتكم وأولادكم بإذن الله..نسأل الله جل وعلا الحفظ من شرِّ الأمراض والأحزان ومن كيد الإنس والجان ونسأله الشفاء والمعافاة والصبر والسلوان أقول ما تسمعون....
الخطبة الثانية الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده..
عبادَ الله، فاتحة الكتاب..(ٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ)هي أمّ القرآن، وهي السَّبع المثاني أوتيَها صلى الله عليه وسلم،وما نزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور أفضل منها، فهي أمُّ القرآن، جَمع الله فيها معاني الأديان وفيها(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)وهي رُقية للمرَض وشِفاء من الأمراض لمن يَرْقي بها نفسَه،فينفثُ على نفسهِ بفاتحةِ الكتاب، فيجِد فيها راحة وعافية وشفاءً برحمة أرحم الراحمين.في البخاري أن الصحابة قرأوا بها على مريض فشفي فأعطوهم جُعلاً على الرقية فأقرّهم عليه الصلاة والسلام على ذلك..فلو أخذَ القارئ شيئًا على القراءة بلا طلبٍ منه ولارجاء لا مانعَ منه، ولكن ليتّقوا ربَّهم، وليدَعوا عنهم هذا الجشَع،والمبالغات والمبيعات من زيتٍ وعسلٍ وماء،واشتراط النقود والهدايا واستغلال حاجات المرضى وليدَعوا عنهم الأراجيفَ وتخويفَ الناس وإمراضَهم فليتَّقوا الله، وليعلَموا أنّ علمَ الغيب عند الله، وإنّما هي أسباب، والله جل وعلا من وراء القصد..وبحمد الله هناك من الرقاة من عُرف بدينه وصلاحه ويخلو من المخالفات،ولايتخذ مكاناً يأتيه الناس متبعاً كطريقةٍ السلف فهؤلاء على أجر عظيم في خدمة الناس نسأل الله أن يكافيهم على بذلهم ونسأل الله الشفاء لكل مريض ونسأله تعالى التوفيق والهدايةَ لكلّ خير،إنه على كل شيء قدير، اللهم احفظنا من الأمراض والأسقام وأحفظ أولادنا من كل سوء وفرج همنا وأزل كربنا وانصرنا على من ظلمنا واعتدى علينا..
اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان..اللهم احفظ جنودنا بحفظك وكلأهم برعايتك وكن لهم مؤيداً ونصيراً وحامياً وظهيرا..اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ..