الحمد لله؛أبهج بالعيد نفوسنا،وشرع لنا أضحيتنا،وأكمل لنا ديننا،وأتم نعمته علينا،ومن كل خير أنالنا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله؛حفيد إبراهيم وإسماعيل الذين رفع الله ذكرهم في العالمين..اللهم صلي وسلم وبارك عليهم أجمعين وعلى من تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين..
الله أكبر عدد ما وقف الحجاج في عرفات، الله أكبر عدد ما رفعوا من الدعوات،الله أكبر عدد ما سكبوا من العبرات،الله أكبر عدد ما رموا من الجمرات..
الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر؛ كم من داع بالأمس قد استجيب؟! والله أكبر؛ كم من واقف بعرفة قد قُبِل؟! والله أكبر؛ كم من حاج خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه؟! والله أكبر؛ كم يراق في هذا اليوم العظيم من الدماء تقرباً لله فلله الحمد على ما هدى، ولله الحمد على ما أعطى، ونسأله سبحانه القبول والزلفى.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
إنه يومٌ عظيم يوم الحج الأكبر،أفضل أيام السنة،أكبر العيدين وأفضلهما،وخاتمة أفضل عشر في العام، أيام معلومات ومعدودات فيها ذكرٌ وتكبير ((وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَات)فما أعظم فضل الله تعالى علينا! وما أشد رحمته بنا! إذ هدانا إلى ما يقربنا إليه، فله الحمد دائماً وأبداً..
إنه يومُ الذكر والشكر،يوم الذبح والنحر قال صلى اللّه صلى الله عليه وسلم[ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى اللّه من هراقة دم،وإنها لتأتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من اللّه عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسًا عملاً]فتقربوا إخوتي لله تعالى بضحاياكم،اذبحوها باسمه،وقرباناً له عز وجل، وانتفعوا بلحمها،تؤجروا على نَسْكِها(لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) عند ذبحها،لأنه الخالق الرازق،لا يناله شيء من لحومها ولا دمائها، فإنه تعالى هو الغني عما سواه،وعن الْبَرَاءِ رضي الله عنه قال:"خَطَبَنَا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النَّحْرِ فقال: "إِنَّ أَوَّلَ ما نَبْدَأُ بِهِ في يَوْمِنَا هذا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا" متفق عليه.. وضحى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-بكبشين سمينين أملحين، ذبحهما بيده في المصلى بعد صلاة العيد،وكان -عليه الصلاة والسلام- إذا فعل أمرًا أشهد الناس عليه؛ لأنه يريد أن يشيع وأن يكون مشروعًا لهذه الأمة،ومن رحمته بأمته كان يقول عند الذبح[بسم الله والله وأكبر،هذا عني وعمّن لم يذبح من أمتي]رواه مسلم..فضحّوا تقبل الله تعالى ضحاياكم، وكبروا الله تعالى كما هداكم، واشكروه على ما أعطاكم؛ فإن ربكم غني عنكم، وأنتم فقراء إليه، فاطلبوا مغفرته ورحمته، وسلوه من فضله، وأظهروا فقركم له، وابتغوا الوسيلة إليه..فحمداً لله أن أكرم الله حجاج بيته بشعيرة عظيمة كالحج والحمد لله أن أكرمنا الله جميعاً بعبادة عظيمة وشريعة كريمة نتقرب بها إلى الله وهي التي شرعت تذكيراً بنعمة جليلة..
الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الأضحية عباد الله نتذكر بها أبانا إبراهيم ذلك الشيخ الكبير عمره ستة وثمانون عاماً يرزق بعد كبر بابنه إسماعيل فلما بلغ معه السعي رأى في المنام أنه يذبحه ورؤيا الأنبياء وحي فصدّق الرؤيا واستجاب الغلام فعوضهم الله بذبحٍ عظيم الله ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ*فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ*وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ*وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ((إنه الإيمان بأقصى معانيه والتوكل على الله بكل ما فيه ولو كان تضحيةً بالولد وكل غالٍ ونفيس..فإن الله يعوّض ويرزق من يشاء بغير حساب..فكانت الأضحية تذكيراً لنا جميعاً بأهدافها ومقاصدها كل عام بأهمية التوحيد والاستجابة لله سبحانه بشرط أن تكون خالصةً لله وكذلك الذبح تعبّداً لله وحده وإلا كانت شركاً مع الله كما يفعله من يذبحون لغير الله لضريحٍ أو قبرٍ أو سحرٍ وكهانة عياذاً بالله((قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ))..
الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله من نعمة دين الإسلام أن الأضحية التي يتقرب بها إلى الله وشعيرة في الإسلام هي من بهيمة الأنعام وهذا فرق ديننا وشريعتنا عن غيرنا من الأديان أو حتى بعض أهل البدع ممن يرون أن العبادة تضحية بعذاب البدن وجلده حتى يخرج الدم من ضلالهم عياذاً بالله..أما المسلم فيشتري أضحيته من أطيب ماله ويقدمها طيبةً بها نفسه لأن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً والأضحية سنةٌ باقية في العالمين،وسنة مؤكدة للقادرين من المسلمين إلى يوم الدين،وخلَّد الله ذكرى حادثة إبراهيم وإسماعيل في كتابه، لبيان حقيقة الإيمان، وأثر الطاعة، وكمال التسليم؛ ولتعرف الأمةُ حقيقة أبيها إبراهيم الذي تتبع ملته، وترثُ عقيدتَه؛ولبيان أن الإسلام دينُ الرسلِ جميعاً،وهو الاستسلامُ لأوامر الله، بدون تردد أو تلكُّؤ،ولو كانت على خلاف مراد النفس وشهواتها؛ولِيوقن العبد أن الله لا يريد عذابه وإيذاءه بالابتلاء،بل يريده طائعاً ملبياً، لا يتألَّى عليه،ولا يُقدِّم بين يديه، فإذا عرف منه الصدق، أعفاه من الآلام والتضحيات، واحتسبها كما لو أداها،وأكرمه كما أكرم إبراهيم من قبل..والأضحية من شعائر الإسلام العظيمة،ومن أعظم القربات والطاعات، وهي شعارُ إخلاص العبادة لله وحده، وامتثال أوامره ونواهيه،ومن هنا جاءت مشروعيتها؛ بل هي من العبادات المشروعة في كل الملل، كما قال الله تعالى))وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ((قال ابن كثير،لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعاً في جميع الملل؛((وَلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مّن شَعَائِرِ اللَّهِ، لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ، فَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ، فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَلْمُعْتَرَّ، كَذلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ((هنا يمتن الله سبحانه على عباده بما خلق لهم من البُدْن وبهيمة الأنعام، وجعَلها من شعائره؛وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم وضعوا عليها من لحوم قرابينهم، ونضحوا عليها من دمائها، فقال لهم الله((لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا))ومن الواجب على المسلم أن يستشعر في ذبح الأضاحي التقرب والإخلاص لله تعالى، بعيداً عن الرياء والسمعة والمباهاة،وأنها تعظيمٌ لشعائر الله ((وَمَن يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب))ففي تعظيم أحكام الله وحرماته الثواب الجزيل،والخير في الدنيا والآخرة؛ ومن تعظيمها محبة أدائها،واستشعار العبودية فيها،والحرص على حضور ذبحها وعلى ذلك عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، ولو كانت الصدقة بقيمة الأضحية أفضل لعدلوا إليها؛ قال عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: "أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة عشر سنين يضحِّي" أخرجه أحمد والترمذي..
العيد عباد الله فرصة لتجديد الأخوة والمحبة مع الأقارب والجيران والأصدقاء..اتركوا عنكم الحساسية وحساب كل شيءٍ في صلاتكم مع أقاربكم وعلاقاتكم مع الناس فخير الناس الذي يصبر على أقاربه وأصدقائه وجيرانه ويتحمّلُ منهم وعنهم لينال الأجر والثواب بتواصلهم واجتماعهم فيما بينهم..فخير الناس أنفعهم للناس..
الله أكبر الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
نتذكر مع شعيرة الأضحية ونحرها ما يفعله البعض بعد توافر النعم في أيديهم من إسرافٍ وتبذيرٍ أصبح ظاهرةً في مجتمعنا يمارسه البعض ويلبسونه غير اسمه إما بالكرم أو بالتمتع بنعم الله كما يقولون نراهم يسرفون في ولائمهم بشكلٍ مبالغٍ به ثم ينتهي هذا الإسراف إما للرمي وإهانة النعمة أو للبحث عمّن يأخذ البواقي ممن لديهم بقية خير..أصبحنا نحن بإتلاف الأطعمة الأول عالمياً برمي 34% مما يُشترى ويؤكل والأسوأ من هؤلاء من أصبحوا يمارسون الإسراف في كل شيء في مشترياتهم وتصرفاتهم ..سفرهم وحضرهم..ويصورون لنا إسرافَهم وتبذيرَهم ويُهايطون به أمام الكل ممّن يُتابعهم في وسائل التواصل أو بصورهم التي ينشرونها للتباهي والتفاخر وهذا شرٌ عظيم وأثره جسيم لاسيما عند الفقراء والمساكين..ممن لا يملكون مثل ما يملك هؤلاء المسرفون فيزدرون ما عندهم من نعم ثم يذهبون يقلّدونهم فتقع المصيبة..ديون تزيد وأخلاقٌ وقيم تتغيّر وفسادٌ يضربُ المجتمع بسبب هذه المنافسات والله على ما أقول شهيد..
أخي يا من أغناك الله..استمتع بنعم الله من غير إسرافٍ ولا مخيلة كما قال صلى الله عليه وسلم..لاتصور لنا تصرفاتك وتبذيرك على أصحابك وسيارتك وملابسك وأكلك وصيدك ولا تعبث بعقولنا بأن هذا حقٌ لك فحينما تصور ذلك العبث والإسراف وتنشره أشركتنا معك..وأغريت ضعفاء العقول به..إنهم رجال ونساء عبر السناب وغيره من وسائل التواصل أنعم الله عليهم فأشغلونا بتصوير تصرفاتهم ومهايطهم بما حباهم الله من نعم وبعضُهم لم يتعب بها هدانا الله وإياهم..ورسالتي لهم ولغيرهم ممن يتابعهم يا قومنا اتقوا الله فيما حباكم من نعم كونوا كما قال الله((وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا))..ولن تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه..والله إنكم عن النعم ستسألون..أنتم اليوم تجدون وتأكلون وتشربون وتسافرون وغيركم كثيرون..لا يجدون ولا يستطيعون..وأرهقتهم الديون..إن أولادنا وأسرنا يتابعونكم ويقلدونكم فيما تفعلون ولنعمة الله يزدرون فاتقوا الله فيما وهبكم من مال أنسيتم أجدادكم كيف كانوا يجوعون..وللبلدان يسافرون..في العراق والهند يَكدّون..وللقمةِ عيشٍ لأجل أولادهم يعيشون..فلا تسرفوا أيها المترفون فإن الله لا يحب المسرفين وسبب هلاك الأمم وتدمير القرى إسرافُ وفسقُ المترفين..وأعظم الفسوق والإسراف ازدراء النعم..
إذا كنتَ فِي نعمةٍ فارْعها. فإن المعاصي تزيلُ النِعمْ
وحُطْها بطاعة ربِّ العباد. فربُّ العباد سريعُ النقم
والله ثم والله إنه ليس بيننا وبين الله نسب كي نضمنَ دوامَ هذه النعم فما بال هؤلاء إذن نسأل الله ألا يؤاخذنا بما يفعلون..وأن يهدي أولادنا وأسرنا لكي يعرفوا أنهم بمتابعتهم برؤية مثل هذه التصرفات هم لنعم الله يزدرون..سواءً شعروا أم لا يشعرون((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ*أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ*أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ))
اللهم لا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا واغفر لنا وارحمنا يا أكرم الأكرمين..
الله أكبر الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله..تذكروا في هذا اليوم ضعفاء المسلمين في العراق واليمن والشام وفلسطين تذكروا مسلموا الروهنجا وهم يبادون والمسلمون عنهم غافلون ساهون..تذكروا التسلط على بلادنا وغيرها من بلاد المسلمين..نتذكّرُ جنودنا في الحدود وتمرد الحوثيين..نتذكر الضعفاء ومن يحتاجون للأمن والغذاء والكساء والدواء..فيا عباد الله اذكروا حالهم..واستحضروهم بدعائكم فهذا أقل الواجب لهم..نسأل الله جل وعلا أن يردّهم لديارهم سالمين غانمين..ويكفيهم شر الطغاة أجمعين..اللهم احم حدودنا وانصر جنودنا ووفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى اللهم اقبل عملنا، واشكر سعينا، واغفر ذنبنا،وتجاوز عن جهلنا،فنحن عبيدك وأنت ربنا..اللهم اقبل من حجاج بيتك الكريم واحفظهم كل سوء ومكروه، وردهم إلى بلادهم سالمين غانمين الأجر والثواب.. اللهم اجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا،اللهم احفظ بلادنا بحفظك وأمنها بأمنك وأبعد عنها الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم من أراد مقدساتنا وبلادنا بسوء فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره يارب العالمين اللهم أدم علينا الاستقرار والأمان يارب العالمين اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا اللهم لا تؤخذنا بما فعل السفهاء منا يارب العالمين ..
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر عدد ما وقف الحجاج في عرفات، الله أكبر عدد ما رفعوا من الدعوات،الله أكبر عدد ما سكبوا من العبرات،الله أكبر عدد ما رموا من الجمرات..
الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الله أكبر؛ كم من داع بالأمس قد استجيب؟! والله أكبر؛ كم من واقف بعرفة قد قُبِل؟! والله أكبر؛ كم من حاج خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه؟! والله أكبر؛ كم يراق في هذا اليوم العظيم من الدماء تقرباً لله فلله الحمد على ما هدى، ولله الحمد على ما أعطى، ونسأله سبحانه القبول والزلفى.
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
إنه يومٌ عظيم يوم الحج الأكبر،أفضل أيام السنة،أكبر العيدين وأفضلهما،وخاتمة أفضل عشر في العام، أيام معلومات ومعدودات فيها ذكرٌ وتكبير ((وَيَذْكُرُوا اسْمَ الله فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَات)فما أعظم فضل الله تعالى علينا! وما أشد رحمته بنا! إذ هدانا إلى ما يقربنا إليه، فله الحمد دائماً وأبداً..
إنه يومُ الذكر والشكر،يوم الذبح والنحر قال صلى اللّه صلى الله عليه وسلم[ما عمل ابن آدم يوم النحر عملاً أحب إلى اللّه من هراقة دم،وإنها لتأتى يوم القيامة بقرونها وأظلافها وأشعارها، وإن الدم ليقع من اللّه عز وجل بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسًا عملاً]فتقربوا إخوتي لله تعالى بضحاياكم،اذبحوها باسمه،وقرباناً له عز وجل، وانتفعوا بلحمها،تؤجروا على نَسْكِها(لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ) عند ذبحها،لأنه الخالق الرازق،لا يناله شيء من لحومها ولا دمائها، فإنه تعالى هو الغني عما سواه،وعن الْبَرَاءِ رضي الله عنه قال:"خَطَبَنَا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النَّحْرِ فقال: "إِنَّ أَوَّلَ ما نَبْدَأُ بِهِ في يَوْمِنَا هذا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ ذلك فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا" متفق عليه.. وضحى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-بكبشين سمينين أملحين، ذبحهما بيده في المصلى بعد صلاة العيد،وكان -عليه الصلاة والسلام- إذا فعل أمرًا أشهد الناس عليه؛ لأنه يريد أن يشيع وأن يكون مشروعًا لهذه الأمة،ومن رحمته بأمته كان يقول عند الذبح[بسم الله والله وأكبر،هذا عني وعمّن لم يذبح من أمتي]رواه مسلم..فضحّوا تقبل الله تعالى ضحاياكم، وكبروا الله تعالى كما هداكم، واشكروه على ما أعطاكم؛ فإن ربكم غني عنكم، وأنتم فقراء إليه، فاطلبوا مغفرته ورحمته، وسلوه من فضله، وأظهروا فقركم له، وابتغوا الوسيلة إليه..فحمداً لله أن أكرم الله حجاج بيته بشعيرة عظيمة كالحج والحمد لله أن أكرمنا الله جميعاً بعبادة عظيمة وشريعة كريمة نتقرب بها إلى الله وهي التي شرعت تذكيراً بنعمة جليلة..
الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
الأضحية عباد الله نتذكر بها أبانا إبراهيم ذلك الشيخ الكبير عمره ستة وثمانون عاماً يرزق بعد كبر بابنه إسماعيل فلما بلغ معه السعي رأى في المنام أنه يذبحه ورؤيا الأنبياء وحي فصدّق الرؤيا واستجاب الغلام فعوضهم الله بذبحٍ عظيم الله ((فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ*فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ*وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ*قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ*إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ*وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ((إنه الإيمان بأقصى معانيه والتوكل على الله بكل ما فيه ولو كان تضحيةً بالولد وكل غالٍ ونفيس..فإن الله يعوّض ويرزق من يشاء بغير حساب..فكانت الأضحية تذكيراً لنا جميعاً بأهدافها ومقاصدها كل عام بأهمية التوحيد والاستجابة لله سبحانه بشرط أن تكون خالصةً لله وكذلك الذبح تعبّداً لله وحده وإلا كانت شركاً مع الله كما يفعله من يذبحون لغير الله لضريحٍ أو قبرٍ أو سحرٍ وكهانة عياذاً بالله((قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ))..
الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله من نعمة دين الإسلام أن الأضحية التي يتقرب بها إلى الله وشعيرة في الإسلام هي من بهيمة الأنعام وهذا فرق ديننا وشريعتنا عن غيرنا من الأديان أو حتى بعض أهل البدع ممن يرون أن العبادة تضحية بعذاب البدن وجلده حتى يخرج الدم من ضلالهم عياذاً بالله..أما المسلم فيشتري أضحيته من أطيب ماله ويقدمها طيبةً بها نفسه لأن الله طيبٌ لا يقبل إلا طيباً والأضحية سنةٌ باقية في العالمين،وسنة مؤكدة للقادرين من المسلمين إلى يوم الدين،وخلَّد الله ذكرى حادثة إبراهيم وإسماعيل في كتابه، لبيان حقيقة الإيمان، وأثر الطاعة، وكمال التسليم؛ ولتعرف الأمةُ حقيقة أبيها إبراهيم الذي تتبع ملته، وترثُ عقيدتَه؛ولبيان أن الإسلام دينُ الرسلِ جميعاً،وهو الاستسلامُ لأوامر الله، بدون تردد أو تلكُّؤ،ولو كانت على خلاف مراد النفس وشهواتها؛ولِيوقن العبد أن الله لا يريد عذابه وإيذاءه بالابتلاء،بل يريده طائعاً ملبياً، لا يتألَّى عليه،ولا يُقدِّم بين يديه، فإذا عرف منه الصدق، أعفاه من الآلام والتضحيات، واحتسبها كما لو أداها،وأكرمه كما أكرم إبراهيم من قبل..والأضحية من شعائر الإسلام العظيمة،ومن أعظم القربات والطاعات، وهي شعارُ إخلاص العبادة لله وحده، وامتثال أوامره ونواهيه،ومن هنا جاءت مشروعيتها؛ بل هي من العبادات المشروعة في كل الملل، كما قال الله تعالى))وَلِكُلّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لّيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مّن بَهِيمَةِ الأنْعَامِ((قال ابن كثير،لم يزل ذبح المناسك وإراقة الدماء على اسم الله مشروعاً في جميع الملل؛((وَلْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مّن شَعَائِرِ اللَّهِ، لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ، فَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ، فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْقَانِعَ وَلْمُعْتَرَّ، كَذلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ، لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ((هنا يمتن الله سبحانه على عباده بما خلق لهم من البُدْن وبهيمة الأنعام، وجعَلها من شعائره؛وقد كانوا في جاهليتهم إذا ذبحوها لآلهتهم وضعوا عليها من لحوم قرابينهم، ونضحوا عليها من دمائها، فقال لهم الله((لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا))ومن الواجب على المسلم أن يستشعر في ذبح الأضاحي التقرب والإخلاص لله تعالى، بعيداً عن الرياء والسمعة والمباهاة،وأنها تعظيمٌ لشعائر الله ((وَمَن يُعَظّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب))ففي تعظيم أحكام الله وحرماته الثواب الجزيل،والخير في الدنيا والآخرة؛ ومن تعظيمها محبة أدائها،واستشعار العبودية فيها،والحرص على حضور ذبحها وعلى ذلك عمل النبي -صلى الله عليه وسلم- والمسلمين، ولو كانت الصدقة بقيمة الأضحية أفضل لعدلوا إليها؛ قال عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما: "أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة عشر سنين يضحِّي" أخرجه أحمد والترمذي..
العيد عباد الله فرصة لتجديد الأخوة والمحبة مع الأقارب والجيران والأصدقاء..اتركوا عنكم الحساسية وحساب كل شيءٍ في صلاتكم مع أقاربكم وعلاقاتكم مع الناس فخير الناس الذي يصبر على أقاربه وأصدقائه وجيرانه ويتحمّلُ منهم وعنهم لينال الأجر والثواب بتواصلهم واجتماعهم فيما بينهم..فخير الناس أنفعهم للناس..
الله أكبر الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
نتذكر مع شعيرة الأضحية ونحرها ما يفعله البعض بعد توافر النعم في أيديهم من إسرافٍ وتبذيرٍ أصبح ظاهرةً في مجتمعنا يمارسه البعض ويلبسونه غير اسمه إما بالكرم أو بالتمتع بنعم الله كما يقولون نراهم يسرفون في ولائمهم بشكلٍ مبالغٍ به ثم ينتهي هذا الإسراف إما للرمي وإهانة النعمة أو للبحث عمّن يأخذ البواقي ممن لديهم بقية خير..أصبحنا نحن بإتلاف الأطعمة الأول عالمياً برمي 34% مما يُشترى ويؤكل والأسوأ من هؤلاء من أصبحوا يمارسون الإسراف في كل شيء في مشترياتهم وتصرفاتهم ..سفرهم وحضرهم..ويصورون لنا إسرافَهم وتبذيرَهم ويُهايطون به أمام الكل ممّن يُتابعهم في وسائل التواصل أو بصورهم التي ينشرونها للتباهي والتفاخر وهذا شرٌ عظيم وأثره جسيم لاسيما عند الفقراء والمساكين..ممن لا يملكون مثل ما يملك هؤلاء المسرفون فيزدرون ما عندهم من نعم ثم يذهبون يقلّدونهم فتقع المصيبة..ديون تزيد وأخلاقٌ وقيم تتغيّر وفسادٌ يضربُ المجتمع بسبب هذه المنافسات والله على ما أقول شهيد..
أخي يا من أغناك الله..استمتع بنعم الله من غير إسرافٍ ولا مخيلة كما قال صلى الله عليه وسلم..لاتصور لنا تصرفاتك وتبذيرك على أصحابك وسيارتك وملابسك وأكلك وصيدك ولا تعبث بعقولنا بأن هذا حقٌ لك فحينما تصور ذلك العبث والإسراف وتنشره أشركتنا معك..وأغريت ضعفاء العقول به..إنهم رجال ونساء عبر السناب وغيره من وسائل التواصل أنعم الله عليهم فأشغلونا بتصوير تصرفاتهم ومهايطهم بما حباهم الله من نعم وبعضُهم لم يتعب بها هدانا الله وإياهم..ورسالتي لهم ولغيرهم ممن يتابعهم يا قومنا اتقوا الله فيما حباكم من نعم كونوا كما قال الله((وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا))..ولن تزولا قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه..والله إنكم عن النعم ستسألون..أنتم اليوم تجدون وتأكلون وتشربون وتسافرون وغيركم كثيرون..لا يجدون ولا يستطيعون..وأرهقتهم الديون..إن أولادنا وأسرنا يتابعونكم ويقلدونكم فيما تفعلون ولنعمة الله يزدرون فاتقوا الله فيما وهبكم من مال أنسيتم أجدادكم كيف كانوا يجوعون..وللبلدان يسافرون..في العراق والهند يَكدّون..وللقمةِ عيشٍ لأجل أولادهم يعيشون..فلا تسرفوا أيها المترفون فإن الله لا يحب المسرفين وسبب هلاك الأمم وتدمير القرى إسرافُ وفسقُ المترفين..وأعظم الفسوق والإسراف ازدراء النعم..
إذا كنتَ فِي نعمةٍ فارْعها. فإن المعاصي تزيلُ النِعمْ
وحُطْها بطاعة ربِّ العباد. فربُّ العباد سريعُ النقم
والله ثم والله إنه ليس بيننا وبين الله نسب كي نضمنَ دوامَ هذه النعم فما بال هؤلاء إذن نسأل الله ألا يؤاخذنا بما يفعلون..وأن يهدي أولادنا وأسرنا لكي يعرفوا أنهم بمتابعتهم برؤية مثل هذه التصرفات هم لنعم الله يزدرون..سواءً شعروا أم لا يشعرون((أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ نَائِمُونَ*أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ*أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ))
اللهم لا تؤاخذنا بما يفعل السفهاء منا واغفر لنا وارحمنا يا أكرم الأكرمين..
الله أكبر الله أكبر،لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.
عباد الله..تذكروا في هذا اليوم ضعفاء المسلمين في العراق واليمن والشام وفلسطين تذكروا مسلموا الروهنجا وهم يبادون والمسلمون عنهم غافلون ساهون..تذكروا التسلط على بلادنا وغيرها من بلاد المسلمين..نتذكّرُ جنودنا في الحدود وتمرد الحوثيين..نتذكر الضعفاء ومن يحتاجون للأمن والغذاء والكساء والدواء..فيا عباد الله اذكروا حالهم..واستحضروهم بدعائكم فهذا أقل الواجب لهم..نسأل الله جل وعلا أن يردّهم لديارهم سالمين غانمين..ويكفيهم شر الطغاة أجمعين..اللهم احم حدودنا وانصر جنودنا ووفق ولاة أمرنا لما تحب وترضى اللهم اقبل عملنا، واشكر سعينا، واغفر ذنبنا،وتجاوز عن جهلنا،فنحن عبيدك وأنت ربنا..اللهم اقبل من حجاج بيتك الكريم واحفظهم كل سوء ومكروه، وردهم إلى بلادهم سالمين غانمين الأجر والثواب.. اللهم اجعل حجهم مبرورًا، وسعيهم مشكورًا، وذنبهم مغفورًا،اللهم احفظ بلادنا بحفظك وأمنها بأمنك وأبعد عنها الفتن ما ظهر منها وما بطن اللهم من أراد مقدساتنا وبلادنا بسوء فأشغله بنفسه ورد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميره يارب العالمين اللهم أدم علينا الاستقرار والأمان يارب العالمين اللهم لا تؤاخذنا بذنوبنا اللهم لا تؤخذنا بما فعل السفهاء منا يارب العالمين ..
الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.