الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبيّ بعده وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً أما بعد فأن أهمَّ العلوم وأنفعَها سيرةُ النبي صلى الله عليه وسلم وتاريخُ حياته وكيف تعامل مع أزماته!
في ذي القعدة من السنة السادسة من الهجرة خرج صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة للعمرة معه من أصحابه ألف وأربعمائة، فأحرم من ذي الحُليفة لإيضاح قصدهم لقريش أنهم خرجوا عُبّاداً مخبتين لا غزاةً منتقمين،وساق أمامه الهدي للعمرة وهذا دلالة على سنة الهدي بالعمرة..لكنّ قريشاً جمعوا له جموعاً لصدّه عن البيت ومقاتلته، فسار صلى الله عليه وسلم مُحرماً حتى إذا كان في الثنية بركت ناقته القصواء،فقالوا..خلأت القصواء،أي حرَنت فقال صلى الله عليه وسلم..(ما خلأت القصواء،وما ذاك لها بخُلقٍ ولكن حبسها حابس الفيل، والذي نفسي بيده لا يسألوني خُطةً يُعَظِّمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلا أعطيتُهم إياها)ثم زجرها فوثبت فعدَلَ عن قريش لينزلَ بأقصى الحديبيَّة ثم بعث عثمانَ بن عفان رضي الله عنه لمكة يخبرهم بالعمرة ويدعوهم إلى الإسلام،فبلّغهم عثمان ذلك، ثم عرضت عليه قريش أن يطوف لوحده بالبيت فرفض حتى يطوف به صلى الله عليه وسلم، فاحتبست قريشٌ عثمان عندها،ثم أشيع مقتله فدعا صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى البيعة على القتال وعدم الفرار تحت شجرةِ سَمُرة في الحديبيَّة (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل النار أحدٌ بايع تحت الشجرة عن جابربن عبدالله رضي الله عنهما قال..قال صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية..(أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفاً وأربعمائة ولو كنت أبصرُ اليوم لأريتكم مكان الشجرة) رواه البخاري..وحاول بعض عقلاء قريش إقناعَ أهلِ مكةَ بالسماح لهم للعمرة وعدم ردّهم لكن حميّة الجاهلية جعلتهم يتعنّتون(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)ثم بعثت قريش سهيلَ بن عمرو خطيبَ قريش ليُصالح فدعا صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه وقال..اكتب باسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل..اكتب باسمك اللهم لأنهم ينكرون اسم الرحمن،فأطاعه رسول الله ثم قال..هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله،فقال سهيل.. لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال عليه الصلاة والسلام إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله وتساهلُه صلى الله عليه وسلم تعظيماً لحرماتِ الله بحقن الدماء بالصلح حيث قال..(لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)ثم جرى الصلحُ العظيم الذي سماه الله فتحاً على ألا يدخلَ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه مكةَ هذا العام ويُؤجّلَ عمرته للعام المقبل،فيُخلُّوا بينه وبين مكة ثلاثة أيامٍ ليس معه سلاح،وعلى أن من جاء من قريش للمسلمين ردّوه إلى قريش وإن كان مسلماً،ومن جاء لقريش من المسلمين لم يردّوه، وعلى وضعِ الحرب بينهم عشر سنين، وعلى من أحب من قبائل العرب أن يدخل في عهده صلى الله عليه وسلم دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عهد قريش دخل فيه..خمسة شروط ظاهرها الضعف فراجع المسلمون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في ذلك مستغربين التنازلات فقال..((نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً))رواه مسلم فقال عمر.. يا رسول الله ألسنا على حق وعدوُّنا على الباطل قال.. بلى، قال.. فلم نُعطِ الدنيّةَ في ديننا؟ فقال صلى الله عليه وسلم..(إني رسول الله ولستُ أعصيه وهو ناصري ولن يُضيَّعَني)قلتُ..أولستَ كنتَ تُحدِّثُنا أنا سنأتي البيتَ فنطوفُ به؟!فقال عليه الصلاة والسلام..بلى،أفأخبرتك أنا نأتيه هذا العام؟قلت.. لا قال..فإنك آتيه ومُطوّفٌ به، وراجعَ عمرُ أبا بكر فردّ عليه ياعمر استمسك بغرزه فو الله إنه على الحق،يقول عمر..فما زلت نادماً على اعتراضي هذا فعملتُ لذلك أعمالاً وما زلتُ أصومُ وأُصلي وأتصدقُ وأُعتقُ من الذي صنعتُ مخافةَ كلامي يومئذٍ))رواه البخاري وقد ركبَ الصحابةَ همٌ عظيمٌ لهذه الشروط والرجوع عن العمرة رغم أنّه صلى الله عليه وسلم أخبرهم بدخول مكة والطواف بالبيت العتيق..وبينما هم هكذا جاء أبو جندل ابن سهيل بن عمرو يريد المسلمين ، وهومربوط بقيود الحديد فرأى سهيلٌ ابنَه فقام إليه يضرب وجهه،آخذاً بتلابيبه يجرّه إلى قريش تنفيذاً للشرط، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته (يا معشر المسلمين، أأرَدُّ إلى المشركين يفتونني في ديني) فزاد همُّ الناس إلى ما بهم، وقال صلى الله عليه وسلم..يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعلٌ لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاَ إنا قد عقدنا بيينا وبين القوم صُلحاً وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهدَ الله وإنا لانغدرُ بهم!! الله أكبر إخوتي ما أعظمه من ثباتٍ ووفاءٍ التزم به صلى الله عليه وسلم متفائلاً بنتائجَ أفضل لدينه ودعوته ولم يعتمد على عاطفته! وفي ذلك درس عظيم لأزماتنا وتسلّط عدوّنا وخيانة صفّنا بعدم استعجال النتائج أوالتساهل بالفتن أو الاستهانة بالدماء..وإفساد البلاد!فأين نحن من فهمه عليه الصلاة والسلام لواقعه حين رأى بثاقب نظره نتائجَ فاضلةٍ ومستقبَلةٍ وأن الأفضل في مقاومة الأعداء قد يكون جهاداً عسكرياً تارةً وقد يكون بالدعوة أو مسالمةً من غير ذلة!! ثم أمر صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بالنْحَرِ والحلق وحلِّ الإحرام" فَمَا قَامَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،مهموماً لعدمِ استجابتهم، فَقَالَتْ.. يَا رَسُولَ اللَّهِ، اذْهَبْ فَانْحَرْ هَدْيَكَ،وَاحْلِقْ رَأْسَكَ،فَإِنَّ النَّاسَ يَنْحَرُون وَيَحْلِقُونَ) فلما رأوه الصحابة بادروا مثله خوفآ من إثم مخالفته حتى كادوا يقتتلون من الزحام للنحر ويمضي الوقت على الصلح ليُثبتَ للجميع أن نيّة الخير من المسلمين والشر من المشركين تؤتي ثمارها مع الصبر فلم تمر أيامٌ طوال على إبرامه حتى كان تشدّد المشركين فيه وبالاً عليهم فأخذوا يتشكّون من شروطهم والمسلمون مبهورون من تسامحٍ أبدوه في صلح الحديبية فوجدوا من بركاته ما ألهج ألسنتهم بالحمد فانفرط عقدُ الكفار في الجزيرة منذ الصلح لأن قريشاً كانت رأسَ الكفر والتمرّد وعندما شاع نبأَ تعاهدِها مع المسلمين قلّت فتنُ المنافقين المتآمرين معها وتبعثرت القبائل الوثنية في أنحاء الجزيرة واتسع نشاطُ المسلمين الثقافي والسياسي والعسكري ونجح دعاتُهم في تأليف قبائل غفيرة وإدخالها في الإسلام حتى قال الصحابة[كنا نعدّ الفتح صُلحَ الحديبيَة]لأنّ أكثر العرب أسلمت بعده حتى كان المسلمون بفتح مكة عشرةُ آلاف،أما المعذّبون في مكة فقد فرّ منهم أبو بصير عُبيد بن أُسيد و هاجر للمدينة فأرادت مكة استرجاعه ووافقهم رسول الله لكنه فرّ منهم ثم عاد للمدينة وهو يقول يا رسول الله..وفيتَ ذمّتك وأدَّى الله عنك أسلمتني بيد القوم وامتنعت بديني أن أفتن فيه أو يُعبث بي فقال عليه الصلاة والسلام..(ويلَ أمه مِسْعرُ حرب لو كان معه رجال) فانطلق أبوبصير ناحيةَ العيص وشرع يُهدِّدُ قوافلَ قريش المارة بطريق الساحل وسمع المسلمون بمكة عن مقامه فتلاحقوا به يشدُّون أزره حتى اجتمع إليه مضطهدوا مكةَ منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو و ألَّفوا جيشاً ضيّق الخناق على قوافلِ قريش حتى ناشدته صلى الله عليه وسلّم الرحمةَ بإيواءِ هؤلاء فلا حاجة لها بهم تنازلاً عن الشرط الذي أمْلتْه تعنتاً وقبله المسلمون كارهين أما أبو بصير ومقاومته التي اتخذها خدمةً للمدينة وللإسلام عامة-ولاحظ هنا- فما أن جاء الأمر منه صلى الله عليه وسلم بإنهاء جهادهم والانضمام للمدينة حتى بادروا بطاعته، فليس هدفهم قتال ورفع سلاح وأسماء ورايات بل نصرةٌ للإسلام ومحافظةٌ على دينهم ليس عصياناً ولا غلوّاً!
وقد أبى المسلمون عقب صلح الحديبية أن يردّوا النسوة المهاجرات بدينهن لأوليائهن خشيةَ الفتنةِ عليهنّ ونزل القرآن مؤيداً لدفع عوض لأزواجهم إن أسلموا معهن( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)
هذه الحديبية وصلحُها سمّاهُ الله فتحاً مبيناً بسورة الفتح قال عنها صلى الله عليه وسلم(سورةٌ أحبُّ إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ إنا فتحنا لك فتحاً مبينا) رواه البخاري وأخبرهم بالعوض (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً* وَلَوْقَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) ثم طمأنهم بقوله(لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاتَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)بارك الله لي ولكم بالقرآن!
الخطبة الثانية الحمد لله وحده ..
أيها الناس اتقوا الله تعالى..واعلموا أنَّ أوضحَ دروس الحديبية أهميةُ اليقين بموعود الله بالنصر والتمكين لدينه وأوليائه وهذا ما آمن به صلى الله عليه وسلم عند الصلح تفاؤلٌ وعمل!! وهو درسٌ لنا أن لا نفقدَ وعد الله بالنصر والتمكين لأمة الإسلام رغم مصابٍ جللٍ يحيط بنا وعدوٍ يتربّصّ بنا! يقينٌ نحتاجه كثيراً زماننا هذا..فلقد رأينا في الحديبيَّة كيف تنازل صلى الله عليه وسلم عن مُسمّاه [رسول الله] بورقة الصلح رغبةً في الصلح وهو مُرسلٌ من ربِّه فكيف بخلافة مزعومة وراياتٍ وجماعاتٍ كلٌ يدّعي الحقّ لنفسه ويُخرجُ من الدين مَن يُخالفه وهم بتلك الأسماء يوالون ويعادون ويصنّفون بل ويتقاتلون تعصّباً وغلوّاً ولا حول ولا قوة إلا بالله..
من دروس الحديبية وجوبُ فهمِ الواقع والقدرات ومراحلِ العملِ!فالأمةُ تَكفُّ عن القتال مادامَ الحوارُ قائماً فالقتالُ لمجرد شهوته عبثٌ وتدميرٌ ما لم تدعمْهُ نصوصٌ شرعية ورؤيا سياسية ومعرفةٌ دقيقة بالمصالح والمفاسد مع رأيٍ للعلماء والخبراء..فأمّتُنا اليوم تشكو من فعل متعجّلين بفهمٍ مختزلٍ للدين وتجنيبٍ لرأي علماءِ الشرع المتين وبضغط مصابِ المسلمين فيحاولون نقض الإسلام وتشويهَه وإفسادِ كلِّ إنجاز!! لقد رأينا كيف تحقق الفتح في غزوة الحديبية كما سماه الله بلاقتال وذلك يُعلّمنا الكثير..رأينا في الحديبية كيف تناقش الصحابة وتشاوروا معه صلى الله عليه وسلم ثم أبان لهم ما يراه حتى استجابوا لما قرّره طاعةً والتزاماً وهل تُضبط الأمم إلا بالتشاور والطاعة ومنع الظلم واحترام الرأي الآخر بلا تعدٍّ للحدود الشرعية والعقلية..
من دروس الحديبية ضبطُ النفس ساعة الاستفزاز وانتشار المنكر وعلوِّ صوتِ الباطل وأيُّ استفزازٍ أعظمُ من أن تخرجَ معتمراً معك الهدي ثم ترجعَ بلا عمرة بشروط رأوها مجحفةً لكنهم توكلّوا على ربهم واستجابوا لنبيهم الذي قال(ويحَ قريش لقد أكلتهم الحرب ماذا لو خلّوا بيني و بين سائر العرب فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين)أخرجه البخاري وأهمية ضبط النفس والصبر يتأكّدُ مع أحداثٍ مؤلمة وتسلّط وظلم فالقرارات المستعجلة ضررُها أكبرُ من المصالح المتوقعة ولذلك خاطبَ اللهُ تعالى الرسول وصحابته(هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ)) فمراعاةُ أولئك الضعفاء في مكة كانت مطلوبة ولم يوصفوا بأنهم تترسوا بالعدو فتُستباحُ دماؤهم كما يفعله ضالُّوا الفكر ومتطرّفوا الغلوِّ.
اللهم احفظ على هذه البلاد أمنها وأمانها واستقرارها وعلى جميع بلاد المسلمين..اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام واكتب لهم حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً واكفهم شرّ المؤامرات والفتن وأعدهم الى ديارهم سالمين مقبولين..اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان احفظ عليهم دينهم وأموالهم وأعراضهم ياسميع الدعاء..اللهم احم حدودنا وجنودنا وسدد رجال امننا وكف هذه البلاد وسائر
في ذي القعدة من السنة السادسة من الهجرة خرج صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة للعمرة معه من أصحابه ألف وأربعمائة، فأحرم من ذي الحُليفة لإيضاح قصدهم لقريش أنهم خرجوا عُبّاداً مخبتين لا غزاةً منتقمين،وساق أمامه الهدي للعمرة وهذا دلالة على سنة الهدي بالعمرة..لكنّ قريشاً جمعوا له جموعاً لصدّه عن البيت ومقاتلته، فسار صلى الله عليه وسلم مُحرماً حتى إذا كان في الثنية بركت ناقته القصواء،فقالوا..خلأت القصواء،أي حرَنت فقال صلى الله عليه وسلم..(ما خلأت القصواء،وما ذاك لها بخُلقٍ ولكن حبسها حابس الفيل، والذي نفسي بيده لا يسألوني خُطةً يُعَظِّمون فيها حُرُماتِ اللهِ إلا أعطيتُهم إياها)ثم زجرها فوثبت فعدَلَ عن قريش لينزلَ بأقصى الحديبيَّة ثم بعث عثمانَ بن عفان رضي الله عنه لمكة يخبرهم بالعمرة ويدعوهم إلى الإسلام،فبلّغهم عثمان ذلك، ثم عرضت عليه قريش أن يطوف لوحده بالبيت فرفض حتى يطوف به صلى الله عليه وسلم، فاحتبست قريشٌ عثمان عندها،ثم أشيع مقتله فدعا صلى الله عليه وسلم أصحابه إلى البيعة على القتال وعدم الفرار تحت شجرةِ سَمُرة في الحديبيَّة (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً)وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه لا يدخل النار أحدٌ بايع تحت الشجرة عن جابربن عبدالله رضي الله عنهما قال..قال صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية..(أنتم خير أهل الأرض وكنا ألفاً وأربعمائة ولو كنت أبصرُ اليوم لأريتكم مكان الشجرة) رواه البخاري..وحاول بعض عقلاء قريش إقناعَ أهلِ مكةَ بالسماح لهم للعمرة وعدم ردّهم لكن حميّة الجاهلية جعلتهم يتعنّتون(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً)ثم بعثت قريش سهيلَ بن عمرو خطيبَ قريش ليُصالح فدعا صلى الله عليه وسلم عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه وقال..اكتب باسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل..اكتب باسمك اللهم لأنهم ينكرون اسم الرحمن،فأطاعه رسول الله ثم قال..هذا ما قاضى عليه محمدٌ رسول الله،فقال سهيل.. لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال عليه الصلاة والسلام إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله وتساهلُه صلى الله عليه وسلم تعظيماً لحرماتِ الله بحقن الدماء بالصلح حيث قال..(لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)ثم جرى الصلحُ العظيم الذي سماه الله فتحاً على ألا يدخلَ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه مكةَ هذا العام ويُؤجّلَ عمرته للعام المقبل،فيُخلُّوا بينه وبين مكة ثلاثة أيامٍ ليس معه سلاح،وعلى أن من جاء من قريش للمسلمين ردّوه إلى قريش وإن كان مسلماً،ومن جاء لقريش من المسلمين لم يردّوه، وعلى وضعِ الحرب بينهم عشر سنين، وعلى من أحب من قبائل العرب أن يدخل في عهده صلى الله عليه وسلم دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عهد قريش دخل فيه..خمسة شروط ظاهرها الضعف فراجع المسلمون رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في ذلك مستغربين التنازلات فقال..((نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاء منهم فسيجعل الله له فرجاً ومخرجاً))رواه مسلم فقال عمر.. يا رسول الله ألسنا على حق وعدوُّنا على الباطل قال.. بلى، قال.. فلم نُعطِ الدنيّةَ في ديننا؟ فقال صلى الله عليه وسلم..(إني رسول الله ولستُ أعصيه وهو ناصري ولن يُضيَّعَني)قلتُ..أولستَ كنتَ تُحدِّثُنا أنا سنأتي البيتَ فنطوفُ به؟!فقال عليه الصلاة والسلام..بلى،أفأخبرتك أنا نأتيه هذا العام؟قلت.. لا قال..فإنك آتيه ومُطوّفٌ به، وراجعَ عمرُ أبا بكر فردّ عليه ياعمر استمسك بغرزه فو الله إنه على الحق،يقول عمر..فما زلت نادماً على اعتراضي هذا فعملتُ لذلك أعمالاً وما زلتُ أصومُ وأُصلي وأتصدقُ وأُعتقُ من الذي صنعتُ مخافةَ كلامي يومئذٍ))رواه البخاري وقد ركبَ الصحابةَ همٌ عظيمٌ لهذه الشروط والرجوع عن العمرة رغم أنّه صلى الله عليه وسلم أخبرهم بدخول مكة والطواف بالبيت العتيق..وبينما هم هكذا جاء أبو جندل ابن سهيل بن عمرو يريد المسلمين ، وهومربوط بقيود الحديد فرأى سهيلٌ ابنَه فقام إليه يضرب وجهه،آخذاً بتلابيبه يجرّه إلى قريش تنفيذاً للشرط، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته (يا معشر المسلمين، أأرَدُّ إلى المشركين يفتونني في ديني) فزاد همُّ الناس إلى ما بهم، وقال صلى الله عليه وسلم..يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعلٌ لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاَ إنا قد عقدنا بيينا وبين القوم صُلحاً وأعطيناهم على ذلك وأعطونا عهدَ الله وإنا لانغدرُ بهم!! الله أكبر إخوتي ما أعظمه من ثباتٍ ووفاءٍ التزم به صلى الله عليه وسلم متفائلاً بنتائجَ أفضل لدينه ودعوته ولم يعتمد على عاطفته! وفي ذلك درس عظيم لأزماتنا وتسلّط عدوّنا وخيانة صفّنا بعدم استعجال النتائج أوالتساهل بالفتن أو الاستهانة بالدماء..وإفساد البلاد!فأين نحن من فهمه عليه الصلاة والسلام لواقعه حين رأى بثاقب نظره نتائجَ فاضلةٍ ومستقبَلةٍ وأن الأفضل في مقاومة الأعداء قد يكون جهاداً عسكرياً تارةً وقد يكون بالدعوة أو مسالمةً من غير ذلة!! ثم أمر صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بالنْحَرِ والحلق وحلِّ الإحرام" فَمَا قَامَ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ،فَدَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا،مهموماً لعدمِ استجابتهم، فَقَالَتْ.. يَا رَسُولَ اللَّهِ، اذْهَبْ فَانْحَرْ هَدْيَكَ،وَاحْلِقْ رَأْسَكَ،فَإِنَّ النَّاسَ يَنْحَرُون وَيَحْلِقُونَ) فلما رأوه الصحابة بادروا مثله خوفآ من إثم مخالفته حتى كادوا يقتتلون من الزحام للنحر ويمضي الوقت على الصلح ليُثبتَ للجميع أن نيّة الخير من المسلمين والشر من المشركين تؤتي ثمارها مع الصبر فلم تمر أيامٌ طوال على إبرامه حتى كان تشدّد المشركين فيه وبالاً عليهم فأخذوا يتشكّون من شروطهم والمسلمون مبهورون من تسامحٍ أبدوه في صلح الحديبية فوجدوا من بركاته ما ألهج ألسنتهم بالحمد فانفرط عقدُ الكفار في الجزيرة منذ الصلح لأن قريشاً كانت رأسَ الكفر والتمرّد وعندما شاع نبأَ تعاهدِها مع المسلمين قلّت فتنُ المنافقين المتآمرين معها وتبعثرت القبائل الوثنية في أنحاء الجزيرة واتسع نشاطُ المسلمين الثقافي والسياسي والعسكري ونجح دعاتُهم في تأليف قبائل غفيرة وإدخالها في الإسلام حتى قال الصحابة[كنا نعدّ الفتح صُلحَ الحديبيَة]لأنّ أكثر العرب أسلمت بعده حتى كان المسلمون بفتح مكة عشرةُ آلاف،أما المعذّبون في مكة فقد فرّ منهم أبو بصير عُبيد بن أُسيد و هاجر للمدينة فأرادت مكة استرجاعه ووافقهم رسول الله لكنه فرّ منهم ثم عاد للمدينة وهو يقول يا رسول الله..وفيتَ ذمّتك وأدَّى الله عنك أسلمتني بيد القوم وامتنعت بديني أن أفتن فيه أو يُعبث بي فقال عليه الصلاة والسلام..(ويلَ أمه مِسْعرُ حرب لو كان معه رجال) فانطلق أبوبصير ناحيةَ العيص وشرع يُهدِّدُ قوافلَ قريش المارة بطريق الساحل وسمع المسلمون بمكة عن مقامه فتلاحقوا به يشدُّون أزره حتى اجتمع إليه مضطهدوا مكةَ منهم أبو جندل بن سهيل بن عمرو و ألَّفوا جيشاً ضيّق الخناق على قوافلِ قريش حتى ناشدته صلى الله عليه وسلّم الرحمةَ بإيواءِ هؤلاء فلا حاجة لها بهم تنازلاً عن الشرط الذي أمْلتْه تعنتاً وقبله المسلمون كارهين أما أبو بصير ومقاومته التي اتخذها خدمةً للمدينة وللإسلام عامة-ولاحظ هنا- فما أن جاء الأمر منه صلى الله عليه وسلم بإنهاء جهادهم والانضمام للمدينة حتى بادروا بطاعته، فليس هدفهم قتال ورفع سلاح وأسماء ورايات بل نصرةٌ للإسلام ومحافظةٌ على دينهم ليس عصياناً ولا غلوّاً!
وقد أبى المسلمون عقب صلح الحديبية أن يردّوا النسوة المهاجرات بدينهن لأوليائهن خشيةَ الفتنةِ عليهنّ ونزل القرآن مؤيداً لدفع عوض لأزواجهم إن أسلموا معهن( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمْ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ)
هذه الحديبية وصلحُها سمّاهُ الله فتحاً مبيناً بسورة الفتح قال عنها صلى الله عليه وسلم(سورةٌ أحبُّ إلي مما طلعت عليه الشمس ثم قرأ إنا فتحنا لك فتحاً مبينا) رواه البخاري وأخبرهم بالعوض (وَأُخْرَى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْهَا قَدْ أَحَاطَ اللَّهُ بِهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً* وَلَوْقَاتَلَكُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوْا الأَدْبَارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً) ثم طمأنهم بقوله(لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لاتَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً)بارك الله لي ولكم بالقرآن!
الخطبة الثانية الحمد لله وحده ..
أيها الناس اتقوا الله تعالى..واعلموا أنَّ أوضحَ دروس الحديبية أهميةُ اليقين بموعود الله بالنصر والتمكين لدينه وأوليائه وهذا ما آمن به صلى الله عليه وسلم عند الصلح تفاؤلٌ وعمل!! وهو درسٌ لنا أن لا نفقدَ وعد الله بالنصر والتمكين لأمة الإسلام رغم مصابٍ جللٍ يحيط بنا وعدوٍ يتربّصّ بنا! يقينٌ نحتاجه كثيراً زماننا هذا..فلقد رأينا في الحديبيَّة كيف تنازل صلى الله عليه وسلم عن مُسمّاه [رسول الله] بورقة الصلح رغبةً في الصلح وهو مُرسلٌ من ربِّه فكيف بخلافة مزعومة وراياتٍ وجماعاتٍ كلٌ يدّعي الحقّ لنفسه ويُخرجُ من الدين مَن يُخالفه وهم بتلك الأسماء يوالون ويعادون ويصنّفون بل ويتقاتلون تعصّباً وغلوّاً ولا حول ولا قوة إلا بالله..
من دروس الحديبية وجوبُ فهمِ الواقع والقدرات ومراحلِ العملِ!فالأمةُ تَكفُّ عن القتال مادامَ الحوارُ قائماً فالقتالُ لمجرد شهوته عبثٌ وتدميرٌ ما لم تدعمْهُ نصوصٌ شرعية ورؤيا سياسية ومعرفةٌ دقيقة بالمصالح والمفاسد مع رأيٍ للعلماء والخبراء..فأمّتُنا اليوم تشكو من فعل متعجّلين بفهمٍ مختزلٍ للدين وتجنيبٍ لرأي علماءِ الشرع المتين وبضغط مصابِ المسلمين فيحاولون نقض الإسلام وتشويهَه وإفسادِ كلِّ إنجاز!! لقد رأينا كيف تحقق الفتح في غزوة الحديبية كما سماه الله بلاقتال وذلك يُعلّمنا الكثير..رأينا في الحديبية كيف تناقش الصحابة وتشاوروا معه صلى الله عليه وسلم ثم أبان لهم ما يراه حتى استجابوا لما قرّره طاعةً والتزاماً وهل تُضبط الأمم إلا بالتشاور والطاعة ومنع الظلم واحترام الرأي الآخر بلا تعدٍّ للحدود الشرعية والعقلية..
من دروس الحديبية ضبطُ النفس ساعة الاستفزاز وانتشار المنكر وعلوِّ صوتِ الباطل وأيُّ استفزازٍ أعظمُ من أن تخرجَ معتمراً معك الهدي ثم ترجعَ بلا عمرة بشروط رأوها مجحفةً لكنهم توكلّوا على ربهم واستجابوا لنبيهم الذي قال(ويحَ قريش لقد أكلتهم الحرب ماذا لو خلّوا بيني و بين سائر العرب فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين)أخرجه البخاري وأهمية ضبط النفس والصبر يتأكّدُ مع أحداثٍ مؤلمة وتسلّط وظلم فالقرارات المستعجلة ضررُها أكبرُ من المصالح المتوقعة ولذلك خاطبَ اللهُ تعالى الرسول وصحابته(هُمْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ)) فمراعاةُ أولئك الضعفاء في مكة كانت مطلوبة ولم يوصفوا بأنهم تترسوا بالعدو فتُستباحُ دماؤهم كما يفعله ضالُّوا الفكر ومتطرّفوا الغلوِّ.
اللهم احفظ على هذه البلاد أمنها وأمانها واستقرارها وعلى جميع بلاد المسلمين..اللهم احفظ حجاج بيتك الحرام واكتب لهم حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً واكفهم شرّ المؤامرات والفتن وأعدهم الى ديارهم سالمين مقبولين..اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان احفظ عليهم دينهم وأموالهم وأعراضهم ياسميع الدعاء..اللهم احم حدودنا وجنودنا وسدد رجال امننا وكف هذه البلاد وسائر