• ×

02:38 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

دروس وعبر من غزوة الأحزاب

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
الحمد لله لا شيء قبله.ولا شيء بعده.نصر عبده.وأعز جنده. وهزم الأحزاب وحده، أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له،وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، دعا وبلّغ، وبشّر وأنذر، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً. أما بعد فاتقوا الله عباد الله

أيها الأحبة..تكلمنا في الأسبوع الماضي عن غزوة أحد واليوم نعود إلى السيرة النبوية والعود أحمد..في أواخر شوال من السنةِ الخامسةِ هجرية وقعت غزوةُ الأحزاب، وهم قُريشٌ وحُلَفاؤُها وَقَبائلُ غَطَفَانَ وَمجموعُهم عشرةُ آلاف مقاتل أكثرُ ممَن في المدينةِ وقد ساهم اليهودُ في تأليبهم ثأراً لبني النضير وبني قينقاع كماقال الله((أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مّنَ ٱلْكِتَـٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّـٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَـؤُلاء أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ سَبِيلاً*أُوْلَـئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً))فخرجت قريش وغطفان بقيادة أبي سفيان بن حرب، ونزلت جوار المدينة((إِذْ جَاءوكُمْ مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ ٱلاْبْصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ-هُنَالِكَ ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً)) وكان الجوُّ شتاءً وظروفٌ اقتصاديةٌ سيئة لا يجد فيها صلى الله عليه وسلم ما يسدُّ حاجته يكشفُ أحدُهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن بطنه، وقد ربط عليه حجر من الجوع، فيكشف له عليه الصلاة والسلام عن حجرين على بطنه، أعداءٌ بالخارج وبالداخل المنافقون الذين مازال المسلمون عبر التاريخ منهم في محنةٍ وبليةٍ في موالاتهم للأعداء، ويهودُ بني قريظة ممن لا يؤمنُ جانبهم فهم أهل غدرٍ وخيانةٍ .

ولما بلغه عليه الصلاة والسلام خبرَ خروجِ قريشٍ شاورَ أصحابَه فاقترح سلمانُ الفارسي رضي الله عنه فكرةً لم تعرفْها العرب بحفرِ خندقٍ يمنعُ الوصولَ للمدينةِ وهو تأكيدٌ لمبدأ الشورى والأخذ بها.. فحفروه ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يشجعهم، وينقل معهم التراب حتى علا جلده الطاهر وهم يرددون مع رسول الله أناشيد الشجاعة كقول عبدالله بن رواحة..

والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينـة علينـــا. وثبت الأقدام إن لاقينا

إن الأُلى قد بغوا علــينا إذا أرادوا فتنـة أبيـــنا

وكانوا يرددون..

نحـن الذين بايعوا محمـداً على الجهـاد مـا بقينا أبـدا

ثم عَرَضَت لهم كما بالحديث الصحيح في بعضِ الخندق صخرةً لا تستطيعها المعاول،فاشتكوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءَ وأخذَ المعول فقال..بسم الله ثم ضربَ الصخرة ضربةً فصدَعها، وقال..الله أكبر،أُعطيتُ مفاتِيحَ الشام، والله إني لأنظرُ قصورَها الحمرَ الساعةَ، ثُمَّ ضربَ الثانية فصدعها، فقال..اللهُ أكبر، أعطيتُ فارسَ والله إني لأبصرُ قصرَ المدائن الأبيضَ الآن، ثُمَّ ضربَ الثالثةَ، فقال..بسم الله فقطعَ بقية الحجر، فَقَالَ..اللهُ أكبر، أُعطيتُ مَفاتِيحَ اليمن،والله إِني لأُبصرُ أَبوابَ صنعاءَ من مكاني)).. الله أكبر إخوتي هذا هو التفاؤل، مربوطٌ على بطنه وأصحابه الحجارة من الجوع وقلّة وخوف ويَعدُهم رسول الله بهذه الفتوحات ويُصدِّقُون،إنهُ الإيمانُ الذي يتجاوزُ حواجبَ الغيبِ فيجعلُها كأنَّهَا شهادة..يقول جابر رضي الله عنه((رأيتُ جوع النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت لامرأتي بحثاً عن الأكل فوجدت صاعاً من شعيرٍ وعناقاً وهي الماعز الصغيرة فطلبت إعداده ثم ذهبت لأدعوه صلى الله عليه وسلم للطعام لوحده لقلّته ففوجئت به يدعو المهاجرين والأنصار جميعاً فاستحييت حياءً لا يعمله إلا الله فلما جاؤوا إلى بيتي قال عليه الصلاة والسلام لأصحابه..لاتضاغطوا ثم برَك على التنور فجعلنا نأخذ من التنور والخبز ونغرف للقوم في الصحاف يجلس عليها سبعة أو ثمانية وهم ألف فأُقسم بالله لقد أكلوا حتى تركوه شِبعاً وإن القدر والخبز كما هو من بركته صلى الله عليه وسلم))رواه البخاري هذا موقف الصحابة وأما المنافقون في الأحزاب فيقولون..((مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً))لأن إيمانَهم لا يُرقّيهم لأن تشهد قلوبهم الحق.. وهذا طبع المنافقين الدائم لاسيما في الأزمات يتولّون الذين كفروا، يسوّقون أفكارهم وينشرون مشاريعهم كاليوم، وهم يحتاجون وقفة للحديث عن خطرهم!!

وكان المؤمنون مع رسول الله يعملون بجدٍ ونشاط وهمة عالية.. أما المنافقون فكان يُورِّي أحدُهم بقليلٍ من العملَ ليتسلّل في خفاء..((قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ))ونزل في المؤمنين((إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ))..ويتجهّزُ عليه الصلاة والسلام وأصحابهُ لمقابلة جموع الطغيان والشرك أمامَ معسكرِ الطهر والتوحيد يحجزُ بينهما الخندقُ وفي هذه الأثناءِ يصلُهم الخبرُ بنقض بني قريظة للعهد لتعظُم الفتنةُ ويشتدَّ البلاء والكرب، وأصبحت الحال كما وصف الله ((إِذْ جَاءوكُمْ مّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ)) ((وَإِذْ زَاغَتِ ٱلاْبْصَـٰرُ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ٱلْحَنَاجِرَ))أي من شدة الخوف ((وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ))أي الظنون المختلفة، وهذه حال ضعفة الإيمان.. أما المؤمنون الصادقون((هُنَالِكَ ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالاً شَدِيداً*وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَـٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً)) يقول أحدُ المنافقين..محمدٌ يعدُنا أن نأخذَ كنوزَ كسرى وقيصر، وأحدُنا لا يأمنُ على نفسِه أن يذهبَ للغائطِ!!ومنهم من وصف الله فعلَهم ((وَيَسْتَأْذِنُ فَرِيقٌ مّنْهُمُ ٱلنبي يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هي بِعَوْرَةٍ إِن يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً)) وعندما نقضت قريظةُ العهد،شاور صلى الله عليه وسلم الأنصار بالصلح مع غطفان بأن يُعطيهم ثلثَ ثمارِ المدينة على أن يرجعُوا بمنَ معهم من قومهِم، فقال سعدُ بنَ معاذ، وسعدُ بنَ عبادة.. يا رسولَ الله أمراً تحبُّه فتصنعُه؟أم شيئاً أمرك الله به لابدَّ لنا من العمل به؟أم شيئًا تصنعُه لنا؟قال..((بل شيءٌ أصنعُه لكم، لأنِّي رأيتُ العربَ رمْتكُم عن قوسٍ واحدة وكالبوكم من كلِّ جانب، فقال سعدُ بنُ معاذ.. يا رسول الله قد كنا نحن وإياهم على الشرك بالله،وعبادة الأوثان لا نعبد الله ولا نعرفه وهم لا يطمعون أن يأكلُوا منها تمرةً إلا قرىً أو بيعاً،أفحينَ أكرمَنا اللهُ بالإسلام وهدانا له وأعزَّنا بك وبه نُعطيهم أموالَنا؟!والله ما لَنا بهذا حاجةً ولا نعُطيهم إلا السيفَ حتى يحكُمَ الله بينَنا وبينَهم..فقال صلى الله عليه وسلم..(فأنتم وذاك) وحاولَ أحدُ المشركين وهو عمرو بن عبد ود اقتحامَ الخندق فتصدَّى له علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله وفَزِعَ صلى الله عليه وسلم إلى ربِّه يدعوه ويسأله النصرَ فقال..((اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب،اهزمهم وزلزلهم)) أخرجه البخاري.. وبلغت القلوب الحناجر فوجّه أصحابه..((قولوا .. اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا)).

ورُميَ سعدُ بن معاذ رضي الله عنه بسهمٍ قطع منه الأكحلَ وهو الذي عاش على الجهاد و أملاً بنصرِ دين الله ورسوله، فدعا سعد.. اللهم إنك تعلم أنه ليس أحد أحب إلي أن أُجاهدَهم فيك من قومٍ كذَّبُوا رسولَك وأخرجُوه، اللهم إن وضعتَ الحربَ بيننَا وبينَهم، فإِن كان بقيَ من حربِ قريشٍ شيءٌ فأبقني لهم، حتى أُجاهدُهم فيك، وإن كنت وضعتَ الحربَ فاجعل موتتي فيها ولا تُمْتني حتى تُقرَّ عيني من بني قريظة )واستجاب الله الدعاء وشتّتَ قُوى التحالف العظيم ومزَّقهم شرّ مُمَزَّق،..((وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً)) وهيَّأَ الله رجلاً من غطفان اسمه نعيمُ بنُ مسعود جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال .. إني أسلمت، وإن قومي لا يعلمون بإسلامي، فمُرني بما شئت وهذا أثر الإيمان عندما تخالط بشاشته القلب، بالتحرق لنصرة الإسلام والمسلمين فقال له.. إنما أنت رجل واحد،فخذّل عنا ما استطعت، فإن الحرب خدعة، فذهب يُخذّل بين قريش وغطفان وبني قريظة حتى اختلفوا بينهم.. وكان لموقفه هذا أثره في تخذيل العدو وهزيمتهم النفسية..

أما صفيّةُ بنت عبد المطلب رضي الله عنها فإنها رأت رجلاً من اليهود يطيفُ بالحصن، وفيه نساء وصبية لا أحد يدافع عنهم، وبنو قريظة نقضوا العهد،فخشيَت أن يدلّ اليهودي على عورات المسلمين، وقد شُغل صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخَذت عموداً، ثم نزلت من الحصن إليه،فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت ورمته إليهم فلم يجرؤ اليهود على اقتحام الحصن.

الله أكبر ليت في رجالنا كثير من مثل صفية بنت عبد المطلب!! بل ليت في شبابنا من يعرف مثل هذه المواقف ليكتسب الرجولة في حياته حمايةً لدينه ونبيه وأرضه و نسائه مشكلتنا اليوم بين شبابٍ غلاةٍ جنحوا للتكفير وتفجير أنفسهم وإثارة الفتن ببلدانهم لحساب جماعات التكفير أو بين شباب يستهترون بمبادئ الدين وقيمِه وأخلاقِه ليكونوا معول هدم في أمتهم بفسادهم الأخلاقي!

وبعد سنواتٍ طويلة من غزوة الأحزاب يقول رجلٌ من الكوفة لحذيفةَ بن اليمان رضي الله عنه..يا أبا عبد الله أرأيتم رسول الله وصحبتموه؟ قال له..نعم ، قال فكيف كنتم تصنعون!قال.. كنّا نجتهد، فقال لحذيفة..والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، ولحملناه على أعناقنا فقال حذيفة..يا ابن أخي، والله لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخندق وقد صَلَّى جزءً من الليل ثم التفت إلينا فقال..من رجلٌ يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع؟فأسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة فشرط له رسول الله الرجعةَ والجنة! فما قام رجل من القوم من شدة الخوف والجوع والبرد، فلما لم يقم أحد دعاني صلى الله عليه وسلم فلم يكن لي بدٌّ من القيام حين دعاني فقال.. يا حذيفة اذهب فادخل في القوم فانظر ما يصنعون ولا تُحدثنّ شيئاً)) قال..فذهبت فدخلت في القوم،والريح وجنود الله أي(الملائكة)تفعل بهم ما تفعل، لا تُقرُّ لهم ناراً ولا قدراً، ولا بناءً فقام أبو سفيان فقال..يا معشر قريش لينظرُ امرؤ جليسَه؟قال.. حذيفة، فأخذت بيد الذي إلى جنبي، فقلت..من أنت؟قال..فلان بن فلان،ثم قام أبو سفيان فقال..يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام، لقد هلك الكراع والخف، وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم ما نكره، ولقينا من شدة الريح ما ترون، فارتحلوا إني مرتحل، ثم قام إلى جمله وهو معقول، فجلس عليه ثم ضربه، وما أطلق عقاله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول لله صلى الله عليه وسلم إليَّ.. لا تُحدثنَّ شيئاً حتى تأتينا فلو شئت لقتلته، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائمٌ يُصَلِّي ،فلما رآني أدخلني وطرح علي طرف المرط، ثم ركع وسجد فلما سلم أخبرته الخبر)) ولما سمعت غطفان بما فعلت قريش انسحبوا راجعين إلى بلادهم فلمّا أصبح الصبح قال صلى الله عليه وسلم..((الآن نغزوهم ولا يغزونا))ولم تغزُ بعدَها قريشٌ المدينة حتى فتحِ مكة!

إنه نصرٌ تحقّق إخوتي بأمرٍ عظيم هو الصبر على المصائب والثباتِ على دين الله وتصديق موعوده وإتّباع نبيّه وهذه حلول الأزمات العظيمة نتذكرها مع مصاب المسلمين وحصارهم وقتلهم في عدد من البلدان نسأل الله جل وعلا أن ينصرهم ويكفيَ بلادَنا وسائر بلاد المسلمين كلّ شر وفتنة أقول ماتسمعون..

الخطبة الثانية الحمد لله و حده و الصلاة و السلام.. أما بعد..

لما انتهى عليه الصلاة والسلام من الأحزاب جاءه جبريل عند الظهر، وهو يغتسل في بيت أم سلمة فقال‏..‏أوقد وضعت السلاح‏؟‏فإن الملائكة لم تضع أسلحتها، فانهض بمن معك إلى بني قريظة، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم، وأقذف في قلوبهم الرعب، فأمر صلى الله عليه وسلم الناس‏..‏ من كان سامعاً مطيعاً فلا يصَلِّينَّ العصر إلا ببني قريظة وخَرَجَ مع المهاجرين والأنصار، فحاصر بني قريظة خمساً و عشرين ليلة حتى استسلم اليهود وطلبوا النزول على حكم سعد بن معاذ الذي دعا بأن يُقرّ عينه منهم، فحكم فيهم بقتَلِ مُقاتلَتِهم، وأن تُسبى ذراريهم، وأن تُقسَمَ أموالهم،فقال له عليه الصلاة والسلام.. ((حكمت عليهم بحكم الله من فوق سبع سموات)) لينتهي بذلك دورُ اليهودِ و خياناتهم في المدينة ..

عباد الله.. إن دروس السيرة تُغذّي الإيمانَ وتؤكّدُ محبته صلى الله عليه وسلم وتُوعَّي المؤمنين بمكائد أعداءٍ و صفهم الله بقوله..((وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَـٰلُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ))

أحبتي نذكر من لم يؤدّ فريضةَ الحج بأن التسجيل الالكتروني بدأ فليبادر ويختار ما يناسبه من حملات وسعر ولنبتعد جميعاً عن المخالفة والحج بفوضى ولنحذر من حملات الغش والاحتيال ممن لا يخاف الله حتى بالحج فيعلنون كذباً

اللهم احمِ أمّتك ودينَك وكتابَك من كلِّ سوء وكيدٍ وفتنة وعليك بمن يريدُ إيذاءَه وتشويهَه والنيلَ منه بإثارةِ الفتن والكيد للإسلام والمسلمين.. شُلّ أركانه واهدم بنيانه عليك به وأعوانه.. وانصر إخواننا المستضعفين بالشام والعراق وفلسطين واليمن..وجنب بلادنا وبلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن وانصر جندنا المرابطين ووفق للحق ولاة أمور المسلمين والحمدلله رب العالمين..



 0  0  909

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.