الحمدُ للهِ وحده أَحمدهُ سُبْحَانَهُ وَأَشكُرُهُ وأتوب إليه وأستغفره،وَأَشهدُ أَلا إِله إِلا الله وَحدهُ لا شَريكَ لَهُ،وَأَشهدُ أَن سَيّدنَا ونَبِيّنَا مُحَمَداً عَبْدُهُ وَرَسُولُه صَلِّى الله وَسلَّمَ وبَاركَ عَليهِ وَعَلى آلهِ وَصحبِهِ وسلم تسليماً..أَما بَعدُ فَاتقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ..اللهُم صَلّ وَسلّمْ وَزِد وَبَارِك عَلى عَبْدِكَ وَنَبِيّكَ وَخَلِيلكَ مُحَمدٍ صَفوةِ الرُسلِ أَجمعينَ وَخَاتِم الأَنبِيَاءِ وَالمرسلينَ..
نورٌ من الرحمن أرسلَه هدىً
للناس فازدهرَ الزمانُ وأينعا
دع عنك إيواناً لكسرى عندمالا
هتفوا بمولده هوى وتصدّعا
واذكره كيف أتى شعوباً فُرِّقَ
أهواؤها كلٌّ يصحِّحُ ما ادّعا
فهداهمُ للحقِّ حتى أصبحوا
في الله إخواننا تراهم ركعاً
عِبَاد اللهِ..سِيرَةُ الحبِيبِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ نَحْتَاجُهَا لِلعِبْرَةِ ونَحفَظُهَا مِن التشويه ونُعَلِّمُهَا لِلأَجْيَال..ونعرف بها تاريخنا في رمضان..لنستحضر تاريخاً من العزة مع ما نراه من مصاب المسلمين اليوم..ولنُصحّح مفهوم الجهاد الذي شوّهه المرجفون الغلاة بتطرفهم والجهاد بريء من أفعال الخوارج والروافض هؤلاء الذين نسمع تشويههم للإسلام كفانا الله شرهم!!
في السَنَةِ الثَامِنَةِ مِن الهِجرَةِ نقضت قريش بنود صلح الحدِيبِيَة المعقودِ في السَنَةِ السَادِسَةِ..فأراد النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ الحرب على قريش نُصرَةً للمظلومِ وَوَفَاءً بِالعهدِ وسَرْعَانَ مَا أَحسَّت قُريشٌ بِخَطَئِهَا وَغَدْرِهَا,فَبَعَثَتْ قَائِدَهَا أَبَا سُفيَانَ لِيُجَدِّدَ الصُلحَ,فدخل المدِينَةَ حَتَى أَتى رَسُولَ الله صَلى الله عليه وسلّمَ فَكلَّمَهُ فَلم يَردَّ عَليهِ شيء,ثُمَّ ذَهبَ إِلى أَبِي بَكرٍ وعمر وعلي بن أبي طالب لِيُكَلِّموا رَسُولَ اللهِ فأبوا.. حِينَهَا أَظلَمتِ الدُنيا فِي عَينَي أَبِي سُفيانَ,فَعَادَ أَدْرَاجَهُ إِلى مَكَّةَ لَم يُصِبْ مَطْلُوبَهُ,وَبَعدَ ذَلكَ تَجَّهَزَّ صَلّى الله عليه وسلّم,وأَعلَمَهُم أَنَّهُ سَائِرٌ إِلى مَكةَ,وَقَالَ..((اللَّهم خُذْ العُيُونَ والأَخبَارَ عَن قُريشٍ حَتى نَبْغَتَهَا في بلادِها))وأَخَذَ اللهُ العُيونَ,فَلَم يَبْلُغ إِلى قُريشٍ خَبَرُ خُرُوجِ المسلمينَ إِلَيهِم,وَفي العَاشِرِ مِن شَهَرِ رَمَضَانَ لِلسَنَةِ الثَامِنَةِ مِن الهجرةِ غَادرَ صلى الله عليه وسلم المدينةَ مُتَجِهًا إِلى مَكَةَ,في عَشرَةِ آلافٍ مِن الصَحَابَةِ,ولَمَا كَانَ في الجحفَةِ أَو فَوقَ ذَلِكَ لَقِيَهُ عَمُهُ العَبَاسُ بِن عَبد المطلبِ,وَكَانَ قَد خَرَجَ بِأَهلِهِ وَعِيَالِهِ مُسلِمًا مُهَاجِرًا.
ولقيه كذلك بِالأَبواءِ اِبنُ عَمِّهِ أَبُو سُفيَان بِن الحارثِ واِبنُ عَمتِهِ عَبْدُ اللهِ بِن أَبِي أُمَّيَةَ,فَأَعرضَ عَنْهُمَا,لِمَا كَانَ يَلْقَاهُ مِنْهُمَا مِن شِدَّةِ الأَذَى,فَقَالت لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ..لا يَكُن اِبنُ عَمِكَ وَاِبنُ عَمَتِكَ أَشَقَى النَّاسِ بِكَ,وَقَالَ عَليٌّ لأَبِي سُفيَانَ..اِئتِ رَسُولَ اللهِ مِن قِبَلِ وَجْهِهِ فَقُل لَهُ مَا قَالَ إِخوَةُ يُوسُفَ..((تا الله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين))فَإِنَّهُ لا يَرضَى أَن يَكُونَ أَحدٌ أَحسنَ مِنهُ قَولاً فَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفيَان فقالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم((لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)) فأنشده أبو سفيان..
لَعَمرُكَ إِنّي حِينَ أَحمِلُ رَايَةً
لتغلِبَ خيلُ اللاتِ خَيلَ مُحَمد
لكا لمدلجِ الحيرانِ أَظلَم ليلُه
فهذا أواني حين أُهدىَ فَأهتدي
هداني هادٍ غيَر نفسِي ودلَّني
على اللهِ من طرَّدتُه كلَّ مطرَّدِ
فضرب صلى الله عليه وسلم على صدره وقال له لائماً((أنت طرّدتني كل مطرّد؟!))ثم أَسلّمَ وَحَسُنَ إِسلامُهُ,ويُقَالُ..إِنَّهُ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنذَ أَسلَمَ حَيَاءً مِنهُ, وَكَانَ رَسُولُ اللهِ يُحِبُهُ,وَشَهِدَ لَهُ بِالجنَّةِ..وَواصَلَ رَسُولُ اللهِ سَيرَهُ وَهُوَ صِائِمٌ وَالنَّاسُ صِيَامٌ حَتَى بَلَغَ القديدَ فأفطرُوا,وَأفَطرَ النَّاسُ رخصة ثُمَّ وَاصلَ حَتَى بَلَغَ مُرَّ الظهران،نَزَلَهُ عِشَاءً,فَأَمَرَ الجيشَ,فَأَوقدُوا النَّيرَانَ,فَأُوقِدت عَشرةُ آلافِ نار,وفي الصَبَاحِ مِن يَومِ الثُلاثَاءِ السَابِعِ عَشر من شهرِ رَمَضَانَ غَادرَ عليه الصلاة والسلام إِلى مَكَةَ,وَأَمَرَ العَبَاسَ أَن يَحْبِسَ أَبَا سُفيَان بِن حَرب وَقَد جَاءَ إِلى النَّبي صلى الله عليه وسلم بمضيقِ الوَادِي عِندَ خَطَم الجبل,حتى تمرَّ بِهِ جُنُودُ اللهِ فَيَرَاهَا,فَفَعل,فمرَّت القِبائلُ عَلى راياتها,كلَّما مرَّت قبيلةٌ قال أبو سفيان..يا عباس مِن هَؤلاء؟فَيقولُ..قبيلة كَذا,فَيقُول..مالي ولَهَا حَتَى نَفِدَت القَبَائِلُ,فَمرَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ في كَتِيبَتِهِ الخضراء,فيها المهاجرونَ والأنصار,لا يَرى منهم إلا الحدُقُ من الحديدِ,قال..سبحان الله يَا عَباس,مَنْ هَؤُلاء؟قال..هذا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار,فقال..مَا لأَحدٍ بِهَؤُلاء قَبلٌ وَلا طَاقة,ثُمَّ قَالَ..واللهِ يَا أَبَا الفَضْلِ لَقد أَصبحَ مُلكُ اِبن أَخيّكَ اليَومَ عَظِيمًا,قَالَ العَبَاسُ..يَا أَبا سُفيان,إِنَّهَا النَّبُوَةُ,قَالَ..فَنَعم إِذاً وأكرم النبي أبا سفيان بقوله..(( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن))فَأَسرَعَ أَبُو سُفيانُ بِنُ حَربٍ حَتى دَخلَ مَكةَ فَصَرخ بِأَعَلى صَوتِهِ,يَا مَعشَرَ قُريشٍ,هَذا مُحَمَدٌ قَدْ جَاءَكُم فِيمَا لا قِبَلَ لَكُم بِهِ,فَمن دَخلَ دَارَ أَبِي سُفيَانَ فَهُوَ آمن،وَمن أَغْلَقَ عَليهِ بَابَهُ فَهُوَ آمنٌ,ومن دَخلَ المسجدَ فَهُوَ آمنٌ,فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلى دُورِهِم وَفِي المسجدِ,وتجمَّعَ بعض فتيان قُريشٍ مع عِكْرِمَةَ بن أبي جهل وصفوانَ بنِ أُميّةَ وَسُهَيلٍ بِنُ عَمروٍ بِالخندمةِ ليُقَاتِلُوا المسلمين..ودخل صلى الله عليه وسلم مكة بِذي طِوىَ فاتحاً وَكَانَ يَضَعُ رَأسَهُ تَوَاضُعًا حِينَ رِأى مَا أَكْرّمَهُ اللهُ بِهِ مِن الفَتحِ حَتَى إِنَّ شَعرَ لِحيَتِهِ لَيَكَادُ يَمسُّ وَاسِطَةِ الرَّحلِ,وكان يقرأ((إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ *وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً))وَهُنَاكَ جعل خالد بن الوليد,ليَدْخُلَ مَكةَ مِن أَسفَلِهَا,ويقاتل من قاومه ويوافونه بالصفا،وَجعل الزبير بن العوام وكان معه راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل مكة من أعلاها من كداء,وأن يَغْرِزَ رَايَتَهُ بِالحجُونِ,ولا يَبْرَحُ حَتَى يَأتِيَهُ,وَكَانَ أَبُو عُبيدَةَ عَلى الرجالة ولا سِلاحَ لَهُم,في بطن الوادي جهة مكة وتحرك الجيش الفاتح الذي لم يجد إلا مقاومة يسيرة وتم نصب الراية في الحجون ثم دخل صلى الله عليه وسلم المسجد فَأَقبلَ إِلى الحجرِ الأَسودِ فَاسْتَلَمَهُ,ثُمَّ طَافَ بِالبيتِ وفي يَدِهِ قَوسٌ,وَحول البيت وعليهِ ثَلاثُمِائةٍ وَسِتُونَ صَنَمًا,فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِالقَوسِ وَيَقُولُ..((وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً)) ((قل جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد))والأَصنامُ تَتَسَاقَطُ عَلى وَجْهِهَا وَهِيَ التي كَانت تُعبدُ مِن دُونِ اللهِ قَبلَ ذَلكَ..بِأَبِي أَنت وَأُمي يَا رَسُولَ الله,ألا كم مِن صَنَمٍ فِي هَذَا الزمَانِ لا يُسْجَدُ لَهُ ولا يُتَمَسَحُ بِهِ,لَكِنَّهُ أَشدُّ عَلى الإِسلامِ مِن أَلفِ صَنَمٍ وَحَجَرٍ نحتاج لمن يعرفها ويزيلها من قلبه وعقله ولاحول ولاقوة إلا بالله.
وَكَانَ طَوَافُهُ عَلى رَاحِلَتِهِ,فَلَمَا أَتَمهُ دَعَا عُثمَانَ بِن طَلحَة مِن بَنِي شَيبَهَ,فَأَخَذَ مِنهُ مِفْتَاحَ الكَعبَةِ,فَأَمَرَ بِهَا فَفُتِحَت ثم ردَّ المفتاح لبني شيبة ليبقى لهم طول الزمان فلا يأخذها منهم إلا ظالم كما قاله عليه الصلاة والسلام ثم دخل الكعبة فَدَخَلَهَا,وَأَمَرَ بإِخراجِ الصُوَرِ مِنهَا لَمَا رآهَا,وَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إِبراهيم وَإِسماعيل عليهما السلام يَسْتَقْسِمَانِ بِالأَزلام,فَقَالَ..قَاتَلَهُم الله وَاللهِ مَا اِسْتَقَسَمَا بِهَا قط,وَرَأَى فِي الكَعبَةِ حَمَامَةً مِن عِيدانِ فَكَسَرَهَا بِيَدِهِ,وأَمرَ بِالصُور فَمُحِيَت,ثُمَّ أَغلَقَ عَليهِ البَابَ وَمَعَهُ أُسَامَةَ وَبِلال..وصَلَّى فِي الكَعبَةِ ثُمَّ دَار في البيتِ وَكَبَرَ فِي نَواحِيهِ وَوَحَدَ الله,ثُمَّ فَتَحَ البَابَ كل هذا وَقُريشٌ قَد مَلأَت المسجدَ صُفُوفًا يراقبونه ويَنْتَظِرُونَ مَاذَا يَصنَعُ وهم يتذكرون تعذيبهم لأصحابه وآذاهم له فَخطب قائلآ..((لا إِلهَ إِلا الله وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ,صَدَقَ وَعدهُ ونَصرَ عبدهُ,وهَزَمَ الأَحزابَ وَحدهُ,أَلا كُل مَأْثَرةٍ أَو مَالٍ أَو دَمٍ فَهُوَ تَحت قَدمَيَ هَاتينِ إِلا سَدَانَةَ البَيتِ وَسِقَايَةَ الحاجِ,يَا مَعشرَ قُريش إِنَّ الله قَد أَذْهَبَ عَنْكُم نخوة الجاهليةِ وتعظمها بِالآباء,النَّاسُ مِن آدم, وَآدمُ من تراب,((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير))ثم قال..((يا معشر قريش, ما ترون أني فاعل بكم؟)) قالوا.. خيرًا, أخ كريم وابن أخ كريم قال.. ((فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته ((لا تثريب عليكم اليوم)) اذهبوا فأنتم الطلقاء)) ثم حانت الصلاة, فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يصعد فيؤذن على الكعبة,لما كان الغد من يوم الفتح قام صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبًا,فحمد الله وأثنى عليه ومجده بما هو أهله, ثم قال.. ((أيها الناس,إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض,فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة,فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا أو يعضد بها شجرة,فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا.. إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم,وإنما حلت لي ساعة من نهار,وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس, فليبلغ الشاهد الغائب))ولما تم الفتح قالت الأنصار فيما بينها.. أترون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فتح عليه أرضه وبلده أن يقيم بها,وهو يدعو على الصفا رافعًا يديه, فلما فرغ من دعائه قال.. ماذا قلتم؟ قالوا.. لا شيء يا رسول الله, فلم يزل بهم حتى أخبروه,فقال صلى الله عليه وسلم..((معاذ الله, المحيا محياكم,والممات مماتكم))ثم أخذ رسول الله البيعة على الرجال بالسمع والطاعة فيما استطاعوا, ثم أخذ البيعة على النساء فقال..((أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئًا, ولا تسرقن))ولم يصافحهن ثم أقام عليه السلام بمكة تسعة عشر يومًا يجدد معالم الإسلام, ويرشد الناس إلى الهدى والتقى ولم يأخذ عمرة بالحرم في رمضان,وبعث سراياه للدعوة إلى الإسلام,ولكسر الأوثان التي حول مكة, فكسرت كلها,ونادى مناديه بمكة.. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنمًا إلا كسره..
هذا هو فتح مكة في رمضان فتح للأرض بالإسلام وفتح بالتوحيد للإنسان ونشرٌ لمبدأ العفو والصفح ونبذُ الثأر والانتقام ولذلك دخل الناس في دين الله أفواجاً وهذا تاريخ الأمة في العز والتمكين عرفته في رمضان وغيره..تاريخ بطولاتٍ وتضحيات وحماية للإسلام والمسلمين..اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر إخواننا المستضعفين وهيئ لأمة الإسلام النصر والتمكين يا أرحم الراحمين..أقول ماتسمعون..
الخطبة الثانية ..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
أيّها المسلمون،يتفضَّل ربُّنا في ليالي عشر رمضان الأواخر على عبادِه بنفحَاتِ الخيراتِ في لَيالٍ مبارَكة من أفضل ليالي العمر،أبوابُ الجنانِ فيها مفتَّحة،وأبوابُ النّار فيها مُغلَقَة،كان صلى الله عليه وسلم إذا دَخلَت العشر أحيَى ليلَه وأيقَظَ أهلَه وشدَّ مِئزَرَه، ويجتَهِدُ في رَمَضانَ ما لاَ يجتهِد في غيرِه.رواه مسلم..والعشر الأواخر مقبلةٌ عليكم من الغد فاستغلوا أوقاتكم وأكثروا من عباداتكم ولايفتكم فضلها ولاتفرّطوا بأجرها..فالبعض إذا دخلت العشر أضاعها بالتسوّق والسهر وأهمل الصلاة والقيام وأضاع بعبثه الصيام..تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والصدقة والإحسان واجعلنا بارّين واصلين للأرحام..اللهم اكفنا شر الغلاة المرجفين من الدواعش والخوارج والمفسدين الروافض الذين افساد أمننا وتشويه اسلامنا واحفظ رجال امننا وجنودنا
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
نورٌ من الرحمن أرسلَه هدىً
للناس فازدهرَ الزمانُ وأينعا
دع عنك إيواناً لكسرى عندمالا
هتفوا بمولده هوى وتصدّعا
واذكره كيف أتى شعوباً فُرِّقَ
أهواؤها كلٌّ يصحِّحُ ما ادّعا
فهداهمُ للحقِّ حتى أصبحوا
في الله إخواننا تراهم ركعاً
عِبَاد اللهِ..سِيرَةُ الحبِيبِ صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ نَحْتَاجُهَا لِلعِبْرَةِ ونَحفَظُهَا مِن التشويه ونُعَلِّمُهَا لِلأَجْيَال..ونعرف بها تاريخنا في رمضان..لنستحضر تاريخاً من العزة مع ما نراه من مصاب المسلمين اليوم..ولنُصحّح مفهوم الجهاد الذي شوّهه المرجفون الغلاة بتطرفهم والجهاد بريء من أفعال الخوارج والروافض هؤلاء الذين نسمع تشويههم للإسلام كفانا الله شرهم!!
في السَنَةِ الثَامِنَةِ مِن الهِجرَةِ نقضت قريش بنود صلح الحدِيبِيَة المعقودِ في السَنَةِ السَادِسَةِ..فأراد النبي صَلَّى اللهُ عَليهِ وَسَلَّمَ الحرب على قريش نُصرَةً للمظلومِ وَوَفَاءً بِالعهدِ وسَرْعَانَ مَا أَحسَّت قُريشٌ بِخَطَئِهَا وَغَدْرِهَا,فَبَعَثَتْ قَائِدَهَا أَبَا سُفيَانَ لِيُجَدِّدَ الصُلحَ,فدخل المدِينَةَ حَتَى أَتى رَسُولَ الله صَلى الله عليه وسلّمَ فَكلَّمَهُ فَلم يَردَّ عَليهِ شيء,ثُمَّ ذَهبَ إِلى أَبِي بَكرٍ وعمر وعلي بن أبي طالب لِيُكَلِّموا رَسُولَ اللهِ فأبوا.. حِينَهَا أَظلَمتِ الدُنيا فِي عَينَي أَبِي سُفيانَ,فَعَادَ أَدْرَاجَهُ إِلى مَكَّةَ لَم يُصِبْ مَطْلُوبَهُ,وَبَعدَ ذَلكَ تَجَّهَزَّ صَلّى الله عليه وسلّم,وأَعلَمَهُم أَنَّهُ سَائِرٌ إِلى مَكةَ,وَقَالَ..((اللَّهم خُذْ العُيُونَ والأَخبَارَ عَن قُريشٍ حَتى نَبْغَتَهَا في بلادِها))وأَخَذَ اللهُ العُيونَ,فَلَم يَبْلُغ إِلى قُريشٍ خَبَرُ خُرُوجِ المسلمينَ إِلَيهِم,وَفي العَاشِرِ مِن شَهَرِ رَمَضَانَ لِلسَنَةِ الثَامِنَةِ مِن الهجرةِ غَادرَ صلى الله عليه وسلم المدينةَ مُتَجِهًا إِلى مَكَةَ,في عَشرَةِ آلافٍ مِن الصَحَابَةِ,ولَمَا كَانَ في الجحفَةِ أَو فَوقَ ذَلِكَ لَقِيَهُ عَمُهُ العَبَاسُ بِن عَبد المطلبِ,وَكَانَ قَد خَرَجَ بِأَهلِهِ وَعِيَالِهِ مُسلِمًا مُهَاجِرًا.
ولقيه كذلك بِالأَبواءِ اِبنُ عَمِّهِ أَبُو سُفيَان بِن الحارثِ واِبنُ عَمتِهِ عَبْدُ اللهِ بِن أَبِي أُمَّيَةَ,فَأَعرضَ عَنْهُمَا,لِمَا كَانَ يَلْقَاهُ مِنْهُمَا مِن شِدَّةِ الأَذَى,فَقَالت لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ..لا يَكُن اِبنُ عَمِكَ وَاِبنُ عَمَتِكَ أَشَقَى النَّاسِ بِكَ,وَقَالَ عَليٌّ لأَبِي سُفيَانَ..اِئتِ رَسُولَ اللهِ مِن قِبَلِ وَجْهِهِ فَقُل لَهُ مَا قَالَ إِخوَةُ يُوسُفَ..((تا الله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين))فَإِنَّهُ لا يَرضَى أَن يَكُونَ أَحدٌ أَحسنَ مِنهُ قَولاً فَفَعَلَ ذَلِكَ أَبُو سُفيَان فقالَ لَهُ صلى الله عليه وسلم((لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين)) فأنشده أبو سفيان..
لَعَمرُكَ إِنّي حِينَ أَحمِلُ رَايَةً
لتغلِبَ خيلُ اللاتِ خَيلَ مُحَمد
لكا لمدلجِ الحيرانِ أَظلَم ليلُه
فهذا أواني حين أُهدىَ فَأهتدي
هداني هادٍ غيَر نفسِي ودلَّني
على اللهِ من طرَّدتُه كلَّ مطرَّدِ
فضرب صلى الله عليه وسلم على صدره وقال له لائماً((أنت طرّدتني كل مطرّد؟!))ثم أَسلّمَ وَحَسُنَ إِسلامُهُ,ويُقَالُ..إِنَّهُ مَا رَفَعَ رَأْسَهُ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنذَ أَسلَمَ حَيَاءً مِنهُ, وَكَانَ رَسُولُ اللهِ يُحِبُهُ,وَشَهِدَ لَهُ بِالجنَّةِ..وَواصَلَ رَسُولُ اللهِ سَيرَهُ وَهُوَ صِائِمٌ وَالنَّاسُ صِيَامٌ حَتَى بَلَغَ القديدَ فأفطرُوا,وَأفَطرَ النَّاسُ رخصة ثُمَّ وَاصلَ حَتَى بَلَغَ مُرَّ الظهران،نَزَلَهُ عِشَاءً,فَأَمَرَ الجيشَ,فَأَوقدُوا النَّيرَانَ,فَأُوقِدت عَشرةُ آلافِ نار,وفي الصَبَاحِ مِن يَومِ الثُلاثَاءِ السَابِعِ عَشر من شهرِ رَمَضَانَ غَادرَ عليه الصلاة والسلام إِلى مَكَةَ,وَأَمَرَ العَبَاسَ أَن يَحْبِسَ أَبَا سُفيَان بِن حَرب وَقَد جَاءَ إِلى النَّبي صلى الله عليه وسلم بمضيقِ الوَادِي عِندَ خَطَم الجبل,حتى تمرَّ بِهِ جُنُودُ اللهِ فَيَرَاهَا,فَفَعل,فمرَّت القِبائلُ عَلى راياتها,كلَّما مرَّت قبيلةٌ قال أبو سفيان..يا عباس مِن هَؤلاء؟فَيقولُ..قبيلة كَذا,فَيقُول..مالي ولَهَا حَتَى نَفِدَت القَبَائِلُ,فَمرَّ بِهِ رَسُولُ اللهِ في كَتِيبَتِهِ الخضراء,فيها المهاجرونَ والأنصار,لا يَرى منهم إلا الحدُقُ من الحديدِ,قال..سبحان الله يَا عَباس,مَنْ هَؤُلاء؟قال..هذا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار,فقال..مَا لأَحدٍ بِهَؤُلاء قَبلٌ وَلا طَاقة,ثُمَّ قَالَ..واللهِ يَا أَبَا الفَضْلِ لَقد أَصبحَ مُلكُ اِبن أَخيّكَ اليَومَ عَظِيمًا,قَالَ العَبَاسُ..يَا أَبا سُفيان,إِنَّهَا النَّبُوَةُ,قَالَ..فَنَعم إِذاً وأكرم النبي أبا سفيان بقوله..(( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن))فَأَسرَعَ أَبُو سُفيانُ بِنُ حَربٍ حَتى دَخلَ مَكةَ فَصَرخ بِأَعَلى صَوتِهِ,يَا مَعشَرَ قُريشٍ,هَذا مُحَمَدٌ قَدْ جَاءَكُم فِيمَا لا قِبَلَ لَكُم بِهِ,فَمن دَخلَ دَارَ أَبِي سُفيَانَ فَهُوَ آمن،وَمن أَغْلَقَ عَليهِ بَابَهُ فَهُوَ آمنٌ,ومن دَخلَ المسجدَ فَهُوَ آمنٌ,فَتَفَرَّقَ النَّاسُ إِلى دُورِهِم وَفِي المسجدِ,وتجمَّعَ بعض فتيان قُريشٍ مع عِكْرِمَةَ بن أبي جهل وصفوانَ بنِ أُميّةَ وَسُهَيلٍ بِنُ عَمروٍ بِالخندمةِ ليُقَاتِلُوا المسلمين..ودخل صلى الله عليه وسلم مكة بِذي طِوىَ فاتحاً وَكَانَ يَضَعُ رَأسَهُ تَوَاضُعًا حِينَ رِأى مَا أَكْرّمَهُ اللهُ بِهِ مِن الفَتحِ حَتَى إِنَّ شَعرَ لِحيَتِهِ لَيَكَادُ يَمسُّ وَاسِطَةِ الرَّحلِ,وكان يقرأ((إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ *وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً*فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً))وَهُنَاكَ جعل خالد بن الوليد,ليَدْخُلَ مَكةَ مِن أَسفَلِهَا,ويقاتل من قاومه ويوافونه بالصفا،وَجعل الزبير بن العوام وكان معه راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل مكة من أعلاها من كداء,وأن يَغْرِزَ رَايَتَهُ بِالحجُونِ,ولا يَبْرَحُ حَتَى يَأتِيَهُ,وَكَانَ أَبُو عُبيدَةَ عَلى الرجالة ولا سِلاحَ لَهُم,في بطن الوادي جهة مكة وتحرك الجيش الفاتح الذي لم يجد إلا مقاومة يسيرة وتم نصب الراية في الحجون ثم دخل صلى الله عليه وسلم المسجد فَأَقبلَ إِلى الحجرِ الأَسودِ فَاسْتَلَمَهُ,ثُمَّ طَافَ بِالبيتِ وفي يَدِهِ قَوسٌ,وَحول البيت وعليهِ ثَلاثُمِائةٍ وَسِتُونَ صَنَمًا,فَجَعَلَ يَطْعَنُهَا بِالقَوسِ وَيَقُولُ..((وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً)) ((قل جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد))والأَصنامُ تَتَسَاقَطُ عَلى وَجْهِهَا وَهِيَ التي كَانت تُعبدُ مِن دُونِ اللهِ قَبلَ ذَلكَ..بِأَبِي أَنت وَأُمي يَا رَسُولَ الله,ألا كم مِن صَنَمٍ فِي هَذَا الزمَانِ لا يُسْجَدُ لَهُ ولا يُتَمَسَحُ بِهِ,لَكِنَّهُ أَشدُّ عَلى الإِسلامِ مِن أَلفِ صَنَمٍ وَحَجَرٍ نحتاج لمن يعرفها ويزيلها من قلبه وعقله ولاحول ولاقوة إلا بالله.
وَكَانَ طَوَافُهُ عَلى رَاحِلَتِهِ,فَلَمَا أَتَمهُ دَعَا عُثمَانَ بِن طَلحَة مِن بَنِي شَيبَهَ,فَأَخَذَ مِنهُ مِفْتَاحَ الكَعبَةِ,فَأَمَرَ بِهَا فَفُتِحَت ثم ردَّ المفتاح لبني شيبة ليبقى لهم طول الزمان فلا يأخذها منهم إلا ظالم كما قاله عليه الصلاة والسلام ثم دخل الكعبة فَدَخَلَهَا,وَأَمَرَ بإِخراجِ الصُوَرِ مِنهَا لَمَا رآهَا,وَرَأَى فِيهَا صُورَةَ إِبراهيم وَإِسماعيل عليهما السلام يَسْتَقْسِمَانِ بِالأَزلام,فَقَالَ..قَاتَلَهُم الله وَاللهِ مَا اِسْتَقَسَمَا بِهَا قط,وَرَأَى فِي الكَعبَةِ حَمَامَةً مِن عِيدانِ فَكَسَرَهَا بِيَدِهِ,وأَمرَ بِالصُور فَمُحِيَت,ثُمَّ أَغلَقَ عَليهِ البَابَ وَمَعَهُ أُسَامَةَ وَبِلال..وصَلَّى فِي الكَعبَةِ ثُمَّ دَار في البيتِ وَكَبَرَ فِي نَواحِيهِ وَوَحَدَ الله,ثُمَّ فَتَحَ البَابَ كل هذا وَقُريشٌ قَد مَلأَت المسجدَ صُفُوفًا يراقبونه ويَنْتَظِرُونَ مَاذَا يَصنَعُ وهم يتذكرون تعذيبهم لأصحابه وآذاهم له فَخطب قائلآ..((لا إِلهَ إِلا الله وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ,صَدَقَ وَعدهُ ونَصرَ عبدهُ,وهَزَمَ الأَحزابَ وَحدهُ,أَلا كُل مَأْثَرةٍ أَو مَالٍ أَو دَمٍ فَهُوَ تَحت قَدمَيَ هَاتينِ إِلا سَدَانَةَ البَيتِ وَسِقَايَةَ الحاجِ,يَا مَعشرَ قُريش إِنَّ الله قَد أَذْهَبَ عَنْكُم نخوة الجاهليةِ وتعظمها بِالآباء,النَّاسُ مِن آدم, وَآدمُ من تراب,((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير))ثم قال..((يا معشر قريش, ما ترون أني فاعل بكم؟)) قالوا.. خيرًا, أخ كريم وابن أخ كريم قال.. ((فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته ((لا تثريب عليكم اليوم)) اذهبوا فأنتم الطلقاء)) ثم حانت الصلاة, فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالاً أن يصعد فيؤذن على الكعبة,لما كان الغد من يوم الفتح قام صلى الله عليه وسلم في الناس خطيبًا,فحمد الله وأثنى عليه ومجده بما هو أهله, ثم قال.. ((أيها الناس,إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض,فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة,فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا أو يعضد بها شجرة,فإن أحد ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا.. إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم,وإنما حلت لي ساعة من نهار,وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس, فليبلغ الشاهد الغائب))ولما تم الفتح قالت الأنصار فيما بينها.. أترون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فتح عليه أرضه وبلده أن يقيم بها,وهو يدعو على الصفا رافعًا يديه, فلما فرغ من دعائه قال.. ماذا قلتم؟ قالوا.. لا شيء يا رسول الله, فلم يزل بهم حتى أخبروه,فقال صلى الله عليه وسلم..((معاذ الله, المحيا محياكم,والممات مماتكم))ثم أخذ رسول الله البيعة على الرجال بالسمع والطاعة فيما استطاعوا, ثم أخذ البيعة على النساء فقال..((أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئًا, ولا تسرقن))ولم يصافحهن ثم أقام عليه السلام بمكة تسعة عشر يومًا يجدد معالم الإسلام, ويرشد الناس إلى الهدى والتقى ولم يأخذ عمرة بالحرم في رمضان,وبعث سراياه للدعوة إلى الإسلام,ولكسر الأوثان التي حول مكة, فكسرت كلها,ونادى مناديه بمكة.. من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنمًا إلا كسره..
هذا هو فتح مكة في رمضان فتح للأرض بالإسلام وفتح بالتوحيد للإنسان ونشرٌ لمبدأ العفو والصفح ونبذُ الثأر والانتقام ولذلك دخل الناس في دين الله أفواجاً وهذا تاريخ الأمة في العز والتمكين عرفته في رمضان وغيره..تاريخ بطولاتٍ وتضحيات وحماية للإسلام والمسلمين..اللهم انصر الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين وانصر إخواننا المستضعفين وهيئ لأمة الإسلام النصر والتمكين يا أرحم الراحمين..أقول ماتسمعون..
الخطبة الثانية ..
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
أيّها المسلمون،يتفضَّل ربُّنا في ليالي عشر رمضان الأواخر على عبادِه بنفحَاتِ الخيراتِ في لَيالٍ مبارَكة من أفضل ليالي العمر،أبوابُ الجنانِ فيها مفتَّحة،وأبوابُ النّار فيها مُغلَقَة،كان صلى الله عليه وسلم إذا دَخلَت العشر أحيَى ليلَه وأيقَظَ أهلَه وشدَّ مِئزَرَه، ويجتَهِدُ في رَمَضانَ ما لاَ يجتهِد في غيرِه.رواه مسلم..والعشر الأواخر مقبلةٌ عليكم من الغد فاستغلوا أوقاتكم وأكثروا من عباداتكم ولايفتكم فضلها ولاتفرّطوا بأجرها..فالبعض إذا دخلت العشر أضاعها بالتسوّق والسهر وأهمل الصلاة والقيام وأضاع بعبثه الصيام..تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والصدقة والإحسان واجعلنا بارّين واصلين للأرحام..اللهم اكفنا شر الغلاة المرجفين من الدواعش والخوارج والمفسدين الروافض الذين افساد أمننا وتشويه اسلامنا واحفظ رجال امننا وجنودنا
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...