الحمد لله أحل الحلال وحرم الحرام،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك العلام،وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله رسخ رسالة الإسلام صلى الله وسلم عليه،. وعلى اله وصحابته الكرام وسلم تسليماً ..أما بعد فاتقوا الله عباد الله ..واعلموا أن الله خلق الإنسان وأودع في فطرته معاني الحق وكلَّ الخير وكلَّ صفات الرجولة وفطره على الأخلاق الحسنة وحذره مما يضرُّه من أخلاقٍ وعاداتٍ وحينما تكبَّر إبليس عن أمر ربه له نصَّب نفسه لهذا الإنسان يدلُّه إلى للشرِ والفتنةِ ويبعده عما ينفعه في دنياه وآخرته حتى تقوم الساعة..
عباد الله..داءٌ عضال،متناهٍ في القبح والبشاعة،غايةٌ في الخسِّة والشناعة،شذوذٌ منحرفٌ،وانتكاسٌ في الطباع،يمجُّه الذوقُ السليم،وتأباه الفطرة السوِّية،وترفضه وتمقته كل الشرائع السماوية..فآثاره السيئة يقصر دونها العدّ،وأضراره المدمرة لا تقف عند حد،يفتك بالأفراد ويُنهك المجتمعات،ويتسبّبُ في حلول العقوبات والمثُلات،هو من أعظم الفواحش على الإطلاق،وأضرُّها على الدين والمروءة والأخلاق،ولعظم جريمته تواترت نصوص الكتاب والسنة محذرةً منه،ومن السبل المفضيةِ إليه وعقوبةِ الأمةِ التي ابتدعتْه،موضحةً أن تلك العقوبة ليست من الظالمين ببعيد..إنه الشذوذ الجنسي أو عمل قوم لوط..تكلَّم عنه العلماء وحذروا منه وكتبوا فيه،ولذلك فالحديث عنه ليس بدعاً من القول لأن النفوس السوَّية تأنف من ذكره ولا تحب سماعه،وهو مما ينبغي أن ينبريَ له من يتحدث و يكتب فيه بحكمةٍ ورويّة،وأن يُحذر منه الخطباء والعلماء والموجهين والمدرسين والآباء لأن أصحابه ومن وراءهم يسعون بكل قوةٍ لجعله ظاهرةً تغزوا العالم ومجتمعاتنا الإسلامية مُجنِّدين الإعلام ووسائل التواصل التي أثرت في هذا الموضوع كثيراً وروجت له عياذاً بالله..والعجيب أن العرب قبل الإسلام لم تعرفه ورغم ذلك نزل القرآن به وحذر منه يقول الوليد بن عبد الملك..اللواط لولا أن الله ذكره في كتابه ما صدقت أن رجلاً يعلو رجلاً..
عباد الله..إنهم قوم لعنهم الله،وأبغضهم ومقتهم،وعذبهم لعظم جرمهم وشناعة منكرهم،ثنّى الله بذكرهم في سورٍ تتلى؛وورد ذكرهم في القرآن عشر مراتٍ أو أكثر لعبرةٍ عظيمة وهي أن نحذر فعلهم،وكانوا يعبدون الأصنام واتخذوها من دون الله..لكن القرآن ركزّ على قبيحِ صفاتهم وأنهم خالفوا الطبيعة البشرية بأن خلق الله البشر من نساءٍ ورجال وجعلهم سكناً لبعضهم في علاقةٍ سوية لكن هؤلاء القوم خالفوا فطرة الله بأنهم يأتون الذُكرانَ من العالمين فأرسل الله لهم نبيَّ الله لوط فقال..((إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ*أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ))وكان لوط -عليه السلام- ممن آمن برسالة عمّه إبراهيم -عليه السلام- فهاجر إلى سدوم،فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له،ونهاهم عن ارتكاب ما هم فيه من الفواحش والمنكرات((فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ))كتعامل أهل الفسق والفجور على مر الأزمان،في تسويق باطلهم وتشويه من خالفهم هكذا فعلوا مع الأنبياء ويفعلونه مع العلماء والدعاة((إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ))لأنهم صالحون مُصلحون..فأصبح الطهرُ تهمةً،يُتَّهم بها أهلُ الاستقامة والصلاح،من أهل والفواحش والآثام.. قصة قوم لوط إخوتي تكرر ذكرها في القرآن((عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))دعاهم لوط -عليه السلام- إلى عبادة الله،ونهاهم عن تعاطي هذه الفواحش والمنكرات،لكنهم لم يرتدعوا،وتمادوا في طغيانهم، وضلالهم، واستمروا في فجورهم وكفرانهم،بل اعتبروا شذوذهم هذا أمراً طبيعياً فلما رأى الله -عز وجل- منهم ذلك،أحلَّ بهم بأساً لم يكن في خلدهم وحسبانهم، وجعلهم مثالاً وعبرةً للعالمين،وأرسل الله -عز وجل- ملائكته إلى قوم لوط،في صور شُبَّانٍ حِسانٍ،اختباراً من الله لقوم لوط،وهو لا يعلم عنهم فخاف عليهم من قومه الذين أخبرتهم امرأته أنهم قدموا فجاؤوا إليه يريدونهم ويبغون اقتحام بيته وهو يعرض عليهم بناته لكنهم طمأنوه بأنهم رسل الله((وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ * قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ * قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ))قال -صلى الله عليه وسلم-"يرحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركن شديد".رواه البخاري،أي أن الملائكة كانوا معه وعندما علم اطمأنت نفسه، وذهب عنه القلق، وقام جبريل -عليه السلام-، فضرب وجوههم خفقة، بطرف جناحه، فطُمست أعينهم،((وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ*وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرّ)) ولما سأل لوط عن عذابهم أجابوه))إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ))،ووعد الله حق لا ريب فيه ((فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ(( ((وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ((ويخرج لوط -عليه السلام- من القرية الظالم أهلها، ومعه أبناؤه، أما زوجته،فكانت من الهالكين،((فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ)خرج لوط في جنح الليل،ولم يلتفتوا، أو يندموا على ما حل بقومهم،((وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ))
وجاء وعد الله((فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ(( وخلال ثوان معدودات، جاءت الصيحة، وسقطت البلدة، وجعل الله عاليها سافلها، وأرسل -جل وعلا- مطراً من حجارة صلبة، فأهلك القوم كلهم جزاءً وفاقاً، وجعل الله مكان تلك البلاد بحيرة منتنة، لا ينتفع بمائها، ولا بما حولها من الأراضي، وهي ما يعرف اليوم بالبحر الميت،وصارت أرضه أخفض من سطح البحر بنحو أربعمائة متر.. وهذا دليل على قدرة الله وعظمته،وعزته وانتقامه،ممن خالف أمره، وكذب رسله، وجاهر بالمعاصي((وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ((هذه الحجارة((مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ((إن ديار قوم لوط -يا عباد الله- ليست ببعيدة((وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ))وستبقى بحيرة قوم لوط عبرةً للظالمين،أينما وجدوا،وكانوا ومن الحماقة أن يغفل الناس عن قدرة الله وشدة بطشه،ويركنوا إلى حولهم وقوتهم وإمهال الله لهم.
وعلينا -يا عباد الله- أن نتذكر أن الله جلَّت قدرته الذي أهلك قوم لوط بثوان معدودات، قادر على إهلاك وتمزيق كل مجتمع، لا يهتدي بهديه مهما قويت شوكتهم، وكثر عددهم، وتزايد بطشهم، ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا))إن في قصة لوط رغم اختصارها تحذير واستهجان لجريمة الشذوذ الجنسي.. ووعيد من الله بالعذاب الشديد لمرتكبها في الدنيا والآخرة لأنه من أقبح وأشنع الفواحش،فهو يدل على فساد ومرض في المزاج الإنساني، خطره جسيم على المجتمع الذي ينتشر فيه،حتى الحيوان لا يمارسه ولذلك ذمَّ الله فعلهم في كتابه، ووصفهم بالعدوان على الشريعة((أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ*وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ))ووصفهم كذلك بالجهل((أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ(( وكذلك الإسراف((إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ))كل هذا أيها الإخوة يبين أن هذه الآفة لاينبغي السكوت عنها وإغفالها بل التحذيرُ منها والانتباه لها لاسيما مع وجود من يتبنّاها ويسوق لها بالعالم ويغرر بالسذج عبر العروض الإباحية والتشويه النفسي والدعاية الإعلامية بالأفلام والمسلسلات لاسيما الأجنبية والتي غزت بيوتنا عبر القنوات حتى أصبحت ظاهرةً عالمية تطال الرجال شذوذاً والنساء سحاقاً بإحصاءات مذهلةٍ عالمياً وعربياً وخليجياً والله إني لا أستطيع ذكرها لشناعتها التي تبين حجمها ورغم قلقها وإشغالها لجهات الأمن والهيئة وخبراء التربية والعلماء..بل حتى الأديان الأخرى أصبحت تشكو من ضغوطهم وتحريفهم..وقوة قراراهم في دولٍ غربيّةٍ حتى غيّروا بعض القوانين لصالحهم..أخزاهم الله..وقد لا يستغرَبُ انتشارُ المنكرات في مجتمعاتٍ أهملت الدين وأقرّت الفواحش لكن المصيبة العظمى حينما تُغزى بلاد الإسلام بمثل هذا الشذوذ ويراد تسويقه وإغراء الناس بقبوله واقعاً وتتأثر به بعض البلاد المسلمة..ومن المهم معرفة الأسباب وعلاجها لعلّها تعالج هذه الظاهرة وتحد منها..وأول هذه الأسباب سبب كل بلية ألا وهو..رقة الدين وضعف الإيمان فإذا ضعف الدين في قلب الإنسان أصبح مرتعاً لكل بلاء.
ثاني الأسباب.. ترك الصلاة أو التهاون بها..((إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر))
ثالث الأسباب..الجهل وقلة العلم..فإن من يتعلم يعلم الأمور على حقيقتها،وينظر في نتائجها..
رابع الأسباب..الفراغ..ويقف هذا السبب على رأس الأسباب المباشرة لكثير من انحرافات.
إن الشباب والفـراغ والـجـدة *** مفسدة للمـرء أي مـفـسـدة
خامس الأسباب..الصحبة السيئة..وهي تحسّن القبيح وتقبِّح الحسن وتجرُّ المرء إلى الخنا والرذيلة،وتبعده عن كل خير وفضيلة..
سادس الأسباب..ضعف الإدارة والشخصية والطيبة الزائدة وغيرها من الأمراض النفسية التي تؤدي بالإنسان الحدثِ إلى الوقوع فريسةً لعبيد الشهوة وأرباب الفجور..
سابع الأسباب..المبالغة في التجمَّل والتطيب..وهذا داءٌ بلينا به في زماننا هذا فأصبحنا نرى مظاهر للشباب لم تكن معروفة فبعض الأحداث يبالغ في التجمل والتطيب فيلبس أبهى الحلل وأغربها وقد يحلُّ إزاره ويُصفّفُ شعره،وربما جعل على رأسه أو في لبسه موضةً غريبة بل وصل الحال ببعضهم إلى التكسر والميوعة والتشبَّه بالنساء ولا حول ولا قوة إلا بالله..أضف لذلك اجتماع غير مناسب بين الكبار والصغار بالمقاهي والبراري والاستراحات الخاصة أو ظواهر بالمدارس مع التساهل بالسفر لأماكن تشتهر بالفسوق والفجور ومع الأسف أن الآباء والأولياء يرون مثل هذه البوادر الظاهرة على أبنائهم أو بناتهم بالعكس رغم غرابتها ثم لا يحركون ساكناً..
ثامن الأسباب..التي تساعد على انتشار مثل هذه الرذيلة أن كثير من وسائل الإعلام ووسائل التواصل تساهم بانتشار الظاهرة بقصدٍ أو من غير قصد..ولا ترى هذه القنوات عيباً في إظهار الشاذين المشاهير أو ذكر أفلامهم أضف إليه انتشار مقاطع تأتي لأولادنا من عبر الهواتف التي انتشرت فيها من الشر الشيء الكثير إما مقاطع إباحية أو مخزية ونحن عن ذلك غافلون..وهذا مع الزمن يسوّق لهذه الظاهرة ولا حول ولا قوة إلا بالله..
تاسع هذه الأسباب..وهو مهم أيها الإخوة هو إهمال الأولاد والتقصير في تربيتهم وذلك بالمبالغة في إحسان الظنِّ بهم أو ضده بالقسوة والمبالغة في إساءة الظن بهم والتفريق بينهم وشدةُ التقتير عليهم وحرمانهم مما يحتاجون إليه وتربيتهم على الميوعة والفوضى والترف ومصاحبة من يشاؤون ممن يُمارس الفساد وكذلك عدم الثقة بهم في إسناد الأعمال لهم وقلة السؤال عنهم وعدمُ متابعتهم،ومُكْثُ الآباء طويلاً خارج المنزل في الاستراحات وغيابهم عن حل مشاكل المنزل أضف لذلك عدم حماية الطفل وعلاجه نفسياً مما يتعرض له الصغار من تحرشٍ واعتداءٍ حتى لا يؤثر عليه عند كبره في هذه العادة الذميمة نسأل الله أن يحمي شبابنا..وأبناءنا من كل شر وفتنة وأن يجعلهم قرة عين لوالديهم هداةً مهتدين لدينهم ووطنهم وأهاليهم..هذا ما تيسر لنا ذكره وجمعه من الأسباب التي تذكي نار هذا الفساد وتؤدي لانتشاره ((كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ))أقول ما تسمعون ....
الخطبة الثانية..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
إن هذا الداء لم يتكرر بالقرآن كثيراً رغم شذوذه وغرابته إلا لأن الله سبحانه يعلم بحكمته أن الأمم على مرّ الأزمان ستبتلى به وسيوجد من يدعو له ويتأثر به والله يريد لعباده الخير ويحذرهم الشر ولذلك أكثر وروده بالقرآن كلام الله ليجعله عبرةً وذكر عقوبة القوم رغم شناعتها ليحذر أولئك الذين لا يبالون بهذا الفعل ولا يحذرونه أن عقاب الله لهم بالمرصاد،ولذلك فإن من الواجب أن يجتمع العالم كلّه لاستنكار هذه الظاهرة لأن فيه هلاكهم وإذا وُجد من يُقره أو يريد تشريعه فالبراءة منه واجبة ومن نظامه كيلا تصيبهم عذاب الله ومقته وغضبه لاسيما من يؤمن بالله وتوحيده..نسأل الله أن يحمينا وبلاد المسلمين من مضلات الفتن،وأن يجمع كلمة المسلمين على البر والتقوى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.
عباد الله..داءٌ عضال،متناهٍ في القبح والبشاعة،غايةٌ في الخسِّة والشناعة،شذوذٌ منحرفٌ،وانتكاسٌ في الطباع،يمجُّه الذوقُ السليم،وتأباه الفطرة السوِّية،وترفضه وتمقته كل الشرائع السماوية..فآثاره السيئة يقصر دونها العدّ،وأضراره المدمرة لا تقف عند حد،يفتك بالأفراد ويُنهك المجتمعات،ويتسبّبُ في حلول العقوبات والمثُلات،هو من أعظم الفواحش على الإطلاق،وأضرُّها على الدين والمروءة والأخلاق،ولعظم جريمته تواترت نصوص الكتاب والسنة محذرةً منه،ومن السبل المفضيةِ إليه وعقوبةِ الأمةِ التي ابتدعتْه،موضحةً أن تلك العقوبة ليست من الظالمين ببعيد..إنه الشذوذ الجنسي أو عمل قوم لوط..تكلَّم عنه العلماء وحذروا منه وكتبوا فيه،ولذلك فالحديث عنه ليس بدعاً من القول لأن النفوس السوَّية تأنف من ذكره ولا تحب سماعه،وهو مما ينبغي أن ينبريَ له من يتحدث و يكتب فيه بحكمةٍ ورويّة،وأن يُحذر منه الخطباء والعلماء والموجهين والمدرسين والآباء لأن أصحابه ومن وراءهم يسعون بكل قوةٍ لجعله ظاهرةً تغزوا العالم ومجتمعاتنا الإسلامية مُجنِّدين الإعلام ووسائل التواصل التي أثرت في هذا الموضوع كثيراً وروجت له عياذاً بالله..والعجيب أن العرب قبل الإسلام لم تعرفه ورغم ذلك نزل القرآن به وحذر منه يقول الوليد بن عبد الملك..اللواط لولا أن الله ذكره في كتابه ما صدقت أن رجلاً يعلو رجلاً..
عباد الله..إنهم قوم لعنهم الله،وأبغضهم ومقتهم،وعذبهم لعظم جرمهم وشناعة منكرهم،ثنّى الله بذكرهم في سورٍ تتلى؛وورد ذكرهم في القرآن عشر مراتٍ أو أكثر لعبرةٍ عظيمة وهي أن نحذر فعلهم،وكانوا يعبدون الأصنام واتخذوها من دون الله..لكن القرآن ركزّ على قبيحِ صفاتهم وأنهم خالفوا الطبيعة البشرية بأن خلق الله البشر من نساءٍ ورجال وجعلهم سكناً لبعضهم في علاقةٍ سوية لكن هؤلاء القوم خالفوا فطرة الله بأنهم يأتون الذُكرانَ من العالمين فأرسل الله لهم نبيَّ الله لوط فقال..((إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ*أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ))وكان لوط -عليه السلام- ممن آمن برسالة عمّه إبراهيم -عليه السلام- فهاجر إلى سدوم،فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له،ونهاهم عن ارتكاب ما هم فيه من الفواحش والمنكرات((فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ))كتعامل أهل الفسق والفجور على مر الأزمان،في تسويق باطلهم وتشويه من خالفهم هكذا فعلوا مع الأنبياء ويفعلونه مع العلماء والدعاة((إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ))لأنهم صالحون مُصلحون..فأصبح الطهرُ تهمةً،يُتَّهم بها أهلُ الاستقامة والصلاح،من أهل والفواحش والآثام.. قصة قوم لوط إخوتي تكرر ذكرها في القرآن((عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ))دعاهم لوط -عليه السلام- إلى عبادة الله،ونهاهم عن تعاطي هذه الفواحش والمنكرات،لكنهم لم يرتدعوا،وتمادوا في طغيانهم، وضلالهم، واستمروا في فجورهم وكفرانهم،بل اعتبروا شذوذهم هذا أمراً طبيعياً فلما رأى الله -عز وجل- منهم ذلك،أحلَّ بهم بأساً لم يكن في خلدهم وحسبانهم، وجعلهم مثالاً وعبرةً للعالمين،وأرسل الله -عز وجل- ملائكته إلى قوم لوط،في صور شُبَّانٍ حِسانٍ،اختباراً من الله لقوم لوط،وهو لا يعلم عنهم فخاف عليهم من قومه الذين أخبرتهم امرأته أنهم قدموا فجاؤوا إليه يريدونهم ويبغون اقتحام بيته وهو يعرض عليهم بناته لكنهم طمأنوه بأنهم رسل الله((وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطًا سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ * وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ * قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ * قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ * قَالُواْ يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُواْ إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ * فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ))قال -صلى الله عليه وسلم-"يرحم الله لوطاً، لقد كان يأوي إلى ركن شديد".رواه البخاري،أي أن الملائكة كانوا معه وعندما علم اطمأنت نفسه، وذهب عنه القلق، وقام جبريل -عليه السلام-، فضرب وجوههم خفقة، بطرف جناحه، فطُمست أعينهم،((وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَن ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ*وَلَقَدْ صَبَّحَهُم بُكْرَةً عَذَابٌ مُّسْتَقِرّ)) ولما سأل لوط عن عذابهم أجابوه))إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ))،ووعد الله حق لا ريب فيه ((فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ(( ((وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلاء مَقْطُوعٌ مُّصْبِحِينَ((ويخرج لوط -عليه السلام- من القرية الظالم أهلها، ومعه أبناؤه، أما زوجته،فكانت من الهالكين،((فَأَخْرَجْنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ*فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِينَ)خرج لوط في جنح الليل،ولم يلتفتوا، أو يندموا على ما حل بقومهم،((وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلاَّ امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ))
وجاء وعد الله((فَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ مَّنضُودٍ * مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ(( وخلال ثوان معدودات، جاءت الصيحة، وسقطت البلدة، وجعل الله عاليها سافلها، وأرسل -جل وعلا- مطراً من حجارة صلبة، فأهلك القوم كلهم جزاءً وفاقاً، وجعل الله مكان تلك البلاد بحيرة منتنة، لا ينتفع بمائها، ولا بما حولها من الأراضي، وهي ما يعرف اليوم بالبحر الميت،وصارت أرضه أخفض من سطح البحر بنحو أربعمائة متر.. وهذا دليل على قدرة الله وعظمته،وعزته وانتقامه،ممن خالف أمره، وكذب رسله، وجاهر بالمعاصي((وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَرًا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ((هذه الحجارة((مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ((إن ديار قوم لوط -يا عباد الله- ليست ببعيدة((وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ*وَبِاللَّيْلِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ))وستبقى بحيرة قوم لوط عبرةً للظالمين،أينما وجدوا،وكانوا ومن الحماقة أن يغفل الناس عن قدرة الله وشدة بطشه،ويركنوا إلى حولهم وقوتهم وإمهال الله لهم.
وعلينا -يا عباد الله- أن نتذكر أن الله جلَّت قدرته الذي أهلك قوم لوط بثوان معدودات، قادر على إهلاك وتمزيق كل مجتمع، لا يهتدي بهديه مهما قويت شوكتهم، وكثر عددهم، وتزايد بطشهم، ((أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا))إن في قصة لوط رغم اختصارها تحذير واستهجان لجريمة الشذوذ الجنسي.. ووعيد من الله بالعذاب الشديد لمرتكبها في الدنيا والآخرة لأنه من أقبح وأشنع الفواحش،فهو يدل على فساد ومرض في المزاج الإنساني، خطره جسيم على المجتمع الذي ينتشر فيه،حتى الحيوان لا يمارسه ولذلك ذمَّ الله فعلهم في كتابه، ووصفهم بالعدوان على الشريعة((أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ*وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ))ووصفهم كذلك بالجهل((أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ(( وكذلك الإسراف((إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ ))كل هذا أيها الإخوة يبين أن هذه الآفة لاينبغي السكوت عنها وإغفالها بل التحذيرُ منها والانتباه لها لاسيما مع وجود من يتبنّاها ويسوق لها بالعالم ويغرر بالسذج عبر العروض الإباحية والتشويه النفسي والدعاية الإعلامية بالأفلام والمسلسلات لاسيما الأجنبية والتي غزت بيوتنا عبر القنوات حتى أصبحت ظاهرةً عالمية تطال الرجال شذوذاً والنساء سحاقاً بإحصاءات مذهلةٍ عالمياً وعربياً وخليجياً والله إني لا أستطيع ذكرها لشناعتها التي تبين حجمها ورغم قلقها وإشغالها لجهات الأمن والهيئة وخبراء التربية والعلماء..بل حتى الأديان الأخرى أصبحت تشكو من ضغوطهم وتحريفهم..وقوة قراراهم في دولٍ غربيّةٍ حتى غيّروا بعض القوانين لصالحهم..أخزاهم الله..وقد لا يستغرَبُ انتشارُ المنكرات في مجتمعاتٍ أهملت الدين وأقرّت الفواحش لكن المصيبة العظمى حينما تُغزى بلاد الإسلام بمثل هذا الشذوذ ويراد تسويقه وإغراء الناس بقبوله واقعاً وتتأثر به بعض البلاد المسلمة..ومن المهم معرفة الأسباب وعلاجها لعلّها تعالج هذه الظاهرة وتحد منها..وأول هذه الأسباب سبب كل بلية ألا وهو..رقة الدين وضعف الإيمان فإذا ضعف الدين في قلب الإنسان أصبح مرتعاً لكل بلاء.
ثاني الأسباب.. ترك الصلاة أو التهاون بها..((إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر))
ثالث الأسباب..الجهل وقلة العلم..فإن من يتعلم يعلم الأمور على حقيقتها،وينظر في نتائجها..
رابع الأسباب..الفراغ..ويقف هذا السبب على رأس الأسباب المباشرة لكثير من انحرافات.
إن الشباب والفـراغ والـجـدة *** مفسدة للمـرء أي مـفـسـدة
خامس الأسباب..الصحبة السيئة..وهي تحسّن القبيح وتقبِّح الحسن وتجرُّ المرء إلى الخنا والرذيلة،وتبعده عن كل خير وفضيلة..
سادس الأسباب..ضعف الإدارة والشخصية والطيبة الزائدة وغيرها من الأمراض النفسية التي تؤدي بالإنسان الحدثِ إلى الوقوع فريسةً لعبيد الشهوة وأرباب الفجور..
سابع الأسباب..المبالغة في التجمَّل والتطيب..وهذا داءٌ بلينا به في زماننا هذا فأصبحنا نرى مظاهر للشباب لم تكن معروفة فبعض الأحداث يبالغ في التجمل والتطيب فيلبس أبهى الحلل وأغربها وقد يحلُّ إزاره ويُصفّفُ شعره،وربما جعل على رأسه أو في لبسه موضةً غريبة بل وصل الحال ببعضهم إلى التكسر والميوعة والتشبَّه بالنساء ولا حول ولا قوة إلا بالله..أضف لذلك اجتماع غير مناسب بين الكبار والصغار بالمقاهي والبراري والاستراحات الخاصة أو ظواهر بالمدارس مع التساهل بالسفر لأماكن تشتهر بالفسوق والفجور ومع الأسف أن الآباء والأولياء يرون مثل هذه البوادر الظاهرة على أبنائهم أو بناتهم بالعكس رغم غرابتها ثم لا يحركون ساكناً..
ثامن الأسباب..التي تساعد على انتشار مثل هذه الرذيلة أن كثير من وسائل الإعلام ووسائل التواصل تساهم بانتشار الظاهرة بقصدٍ أو من غير قصد..ولا ترى هذه القنوات عيباً في إظهار الشاذين المشاهير أو ذكر أفلامهم أضف إليه انتشار مقاطع تأتي لأولادنا من عبر الهواتف التي انتشرت فيها من الشر الشيء الكثير إما مقاطع إباحية أو مخزية ونحن عن ذلك غافلون..وهذا مع الزمن يسوّق لهذه الظاهرة ولا حول ولا قوة إلا بالله..
تاسع هذه الأسباب..وهو مهم أيها الإخوة هو إهمال الأولاد والتقصير في تربيتهم وذلك بالمبالغة في إحسان الظنِّ بهم أو ضده بالقسوة والمبالغة في إساءة الظن بهم والتفريق بينهم وشدةُ التقتير عليهم وحرمانهم مما يحتاجون إليه وتربيتهم على الميوعة والفوضى والترف ومصاحبة من يشاؤون ممن يُمارس الفساد وكذلك عدم الثقة بهم في إسناد الأعمال لهم وقلة السؤال عنهم وعدمُ متابعتهم،ومُكْثُ الآباء طويلاً خارج المنزل في الاستراحات وغيابهم عن حل مشاكل المنزل أضف لذلك عدم حماية الطفل وعلاجه نفسياً مما يتعرض له الصغار من تحرشٍ واعتداءٍ حتى لا يؤثر عليه عند كبره في هذه العادة الذميمة نسأل الله أن يحمي شبابنا..وأبناءنا من كل شر وفتنة وأن يجعلهم قرة عين لوالديهم هداةً مهتدين لدينهم ووطنهم وأهاليهم..هذا ما تيسر لنا ذكره وجمعه من الأسباب التي تذكي نار هذا الفساد وتؤدي لانتشاره ((كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ (34) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ ))أقول ما تسمعون ....
الخطبة الثانية..الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده..
إن هذا الداء لم يتكرر بالقرآن كثيراً رغم شذوذه وغرابته إلا لأن الله سبحانه يعلم بحكمته أن الأمم على مرّ الأزمان ستبتلى به وسيوجد من يدعو له ويتأثر به والله يريد لعباده الخير ويحذرهم الشر ولذلك أكثر وروده بالقرآن كلام الله ليجعله عبرةً وذكر عقوبة القوم رغم شناعتها ليحذر أولئك الذين لا يبالون بهذا الفعل ولا يحذرونه أن عقاب الله لهم بالمرصاد،ولذلك فإن من الواجب أن يجتمع العالم كلّه لاستنكار هذه الظاهرة لأن فيه هلاكهم وإذا وُجد من يُقره أو يريد تشريعه فالبراءة منه واجبة ومن نظامه كيلا تصيبهم عذاب الله ومقته وغضبه لاسيما من يؤمن بالله وتوحيده..نسأل الله أن يحمينا وبلاد المسلمين من مضلات الفتن،وأن يجمع كلمة المسلمين على البر والتقوى، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.