الحمدُ للهِ أَرسلَ رَسُوَلهُ بِالهدى وَدينِ الحقِّ لِيُظِهرهُ عَلى الدينِ كُلهِ،وَأَشهَدُ أَلا إِله إِلا اَللهُ وَحَدَهُ لا شَريكَ لَهُ وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَدَاً عَبدُهُ وَرَسُولُهُ،صَلى اللهُ عَليهِ وَعَلى آلهِ وَصَحبهِ وَسَلمَ تَسليمَاً أما بعد..فاتقوا الله عباد الله..عباد الله..عوداً إِلى سِيرةِ خَيرِ البَشرِ مُحَمِدٍ عَليهِ أَفضلُ الصَلاةِ وَالسَلامِ.
يارب صل على النبي المصطفى ما غردت في الأيكِ ساجعةُ الربى
يارب صلِّ على النبي وآله ما أمَّت الزوارُ مسجدَ يثربا
هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن بعث صحابته إليها، وكان اليهود مسيطرين على اقتصادها ودائنين لأهلها ولهم حلفاء من الأوس والخزرج فآخى بين المهاجرين والأنصار مؤاخاةً لم ير التاريخُ لها مَثَلاً بالحبِّ والإيثار وأسَّس بالمدينة نظاماً اجتماعياً يُبنى على أواصر المحبة والإخاء والإيثار من الأنصار..ثم بنى صلى الله عليه وسلم بعد قباء مسجدَه ليكون منبراً للخطابة،ومسجداً للصلاة ومكاناً للتربية والتعليم،ومنطلقاً للجهاد والنصرة وهذا ما تحقق..((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ))ثم عاهد صلى الله عليه وسلم اليهود ليأمن مكرهم ولقوَّتهم في حصونهم،واليهود أبطنوا عداوته صلى الله عليه وسلم بشهادة عبد الله بن سلام وصفية بنت حيي رضي الله عنهما تقول صفية..[ذهب أبي حيي بن أخطب وعمي أبا ياسر للرسول في الصباح فرجعا مع غروب الشمس،فأتيا كالَّين كسلانين،فو الله ما التفتا إليَّ كما كانا يفعلان من الغمّ،وسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي..أهو النبي الذي ننتظر وتعرفه وتثبته قال..نعم إي والله هو فقال..فما في نفسك منه؟قال..عداوته والله ما بقيت]وكان من بنود المعاهدة إقرار اليهود على دينهم والتحالف ضد العدوّ..وأن الاحتكام عند الاختلاف مرده إلى الله، وإلى محمد ومن بغى وظلم فلا عهد له"ثم تفرّغ صلى الله عليه وسلم لمقاتلة المشركين بعد إذنِ الله لَه((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ))فحصلت غزوة بدرٍ وأحد ثم الخندق، وكذلك السرايا المرسلة هنا وهناك لنشر الإسلام ثم صلح الحديبية،ثم إرسال الوفود لنشر الدعوة ففتح مكة،فحنين ثم تطهير الجزيرة العربية من الشرك والأوثان ليُهدّد المسلمون الفرس والروم بغزوة مؤتة وتبوك..
وبعد تلكم المسيرة الجهاديّة التي تثبتت فيها عباداتُ الإسلام بعد التوحيد والصلاة من زكاةٍ وصيامٍ وحج وآياتُ الأحكام تتنزلُ على المسلمين وتفضح المنافقين في عَهد مدنيٍّ استطاع فيه صلى الله عليه وسلم أن يُقيمَ دولة الإسلام ويؤسسَّ أمةً حققت بعشر سنين ما لم تُحقِّقه أيُّ حضارة عبر التاريخ وكانت عهداً حافلاً بالتربية وتقوية الدين في نفوس أصحابه!!لم يدع صلى الله عليه وسلم فيها من الإسلام شيئاً إلا بيّنه وَأَعطى فِيهِ البُرهَان..((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً))و تكفل الله تعالى بِحِمَايَةِ هَذا الدينِ وَ عِصمَةِ رَسُولِهِ الكريمِ (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ))،وَفِي خُطْبَةِ عَرفةَ قَالَ صلى الله عليه وسلم..[أَيُّهَا النَاس،إِنكُم سَتُسَأَلُونَ عَني، فَماذَا أَنتم قَائِلون؟))فَقَالوا..نَشهَدُ أَنكَ بَلّغت الرِسالةَ وَأَديتَ الأَمانَةَ وَوَفيتَ وَأَدّيتَ الذي عَليكَ كُلَّه،ثُمَ رَفعَ صلى الله عليه وسلم سَبابَتهُ إِلى السَمَاءِ ثُمَّ نَكَتَهَا إِلى الأَرضِ ثُمَ قَال..((اَللهُمَّ فَاشهَدَ))]..وبعد عودته إلى المدينة من الحج بشهرين شَعَرَ صلى الله عليه وسلم بِوَعْكَةِ المرض أَواخِرِ صَفرٍ مِنْ السَنَةِ الحَادِيةِ عَشرةَ حَتَى ثَقُلَ عَليهِ الوَجَعُ فَأَذِنَّ لَهُ نِسَاؤُهُ أَن يُمَرَّضَ فِي بيتِ عَائِشَةَ رَضي اللهُ عَنهَا لاِرتياحهِ إِلى خِدمَتِهَا لَه،واشتدّتَ وطأَةُ المرَضِ عليه صلى الله عليه وسلم وَاْتَقَدَّتْ حَرَارَةُ العِلَةِ ببدنه حتى قال..((هَرِيقُوا عَليَّ سَبعَ قِرَبٍ مِنْ آبَارٍ شَتَى لأَخْرُجَ إِلى النَّاسِ فَأَعْهَدُ إِليهِم؛فصبَّوا عليه الماء))..وَعِندَمَا أَحَسَّ بِأَنَّ سورةَ الحرِّ تخلَّتْ عَنه اِستَدعَى الفَضلَ بن عَمِّهِ اَلعبَاس فَقَالَ خُذْ بِيَدي يَا فَضل فَدَخَلَ اَلمسجِدَ وَجَلَسَ عَلى المنبَرِ واشرأبت الأَعنَاقُ إِلى اَلرَجُلِ اَلَذي أَحيَا مَواتِ القُلُوبِ بِإِذنِ اللهِ وَأخْرَجَهُم وَذُريَاتِهِم وَنِسَائَهُم مِن الظُلُمَاتِ إِلى النُورِ بِدينِ اللهِ،فأَخذَ يُحَدِثُهُم وَ يُرَبِّيهِم عَلى عَهدِهم بِهِ دَائِمَاً وأَنّصَتُوا فَإِذَا هُم يَسمَعُونَ مِنهُ عَجَبَاً،((أَمَّا بَعدُ أَيُّهَا النَاسُ..فَإنِّي أَحَمَدُ اَللهَ الذي لا إِلهَ إِلا هُوَ،فَمَن كُنتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهَرَاً،فَهَذَا ظَهري فَلَسيتقدْ مِنهُ وَمَنْ كُنتُ شَتَمتُ لَهُ عِرْضَاً فَهَذَا عِرْضِيَّ فَلَيَسَتَقِدْ مِنهُ أَلا وَإِنَ الشَحَنَاءَ لَيستَ مِنْ طَبعِيَّ وَلا مِنْ شَأَني أَلا وَإِنَّ أَحبَّكُم إِلىَّ مَنَ أَخَذَ مِنّي حَقَاً إِنَ كَانَ لَهُ،أَحَلَّني مِنهُ فَلَقَيتُ اللهَ وَأَنَا طَيبُ النَفس؛قَالَ الفَضلُ ..ثُمَّ نَزلَ فَصلى الظُهرَ))رواه الطبراني..وَعَادَ النَبيُّ إِلى بَيتهِ الملاصِق لِلمَسجِدِ لِيَنَامَ فِي فِراشِ اَلمرضِ..عَن أَبي سَعيدٍ الخدري رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جَلَسَ يَومَاً عَلى اَلمنبِرِ فَقَالَ..((إِنَ عَبداً خَيَّرهُ اَللهُ بَينَ أَنَ يُؤّتِيَهُ مِنْ زَهَرَةِ الدُنيَا مَا شَاءَ وَبَينَ مَا عِندَ اَللهِ فَاختَارَ مَا عِندَ اَللهِ، فَبَكَى أَبو بَكرٍ ثُمّ قَالَ..فَديتُكَ بِآبَائِنَا وَأُمهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أَبو سَعيدٍ.. فَتَعَجَّبنَا لَهُ،فَكَانَ صلى الله عليه وسلم هُوَ اَلمُخَيَّرُ،وَ كَانَ أَبُو بَكرٍ أَعلَمَنَا بِهِ) متفق عليه.. وَزَادّتَ وَطْأَةُ المرضِ عَليه صلى الله عليه وسلم حَتَى تَأَذَّت فَاطِمَةُ اِبْنَتَهُ مِنْ شِدَةِ مَا يَلَقَى فَقَالت رَضِيَّ اللهُ عَنَهَا..وَاكَربَ أَبَتَاهْ فَقَالَ..((لاكَربَ عَلى أَبيكِ بَعدَ اليَوم))رَوَاهُ البُخَاريُّ.. وَأُغميَّ عَليهِ مِرَارَاً،وَكَانَ إِلى جِوَارِهِ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ،يَغَمِسُ فِيهِ يَدَهُ ثُمَّ يَمسَحُ وَجْهَهُ بِالماءِ وَيَقُولُ..لا إِلَهَ إِلا اللهَ أَلا وَإِنَّ لِلمَوتِ سَكَرَاتٍ اَللهُمَّ أَعِنّي عَلى سَكَرَاتِ الموتْ))أخرجه البخاري..تَقُولُ عَائِشَةُ..((كَانَ إِذَا اِشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفسِهِ بِالمعَوِّذَاتِ وَ مَسَحَ عَنهُ بِيَدِّهِ)) مُتَفَقٌ عَليهِ.. يخرج صلى الله عليه وسلم عَاصِبَاً رَأَسَهُ بِخُرّقَةٍ فَقَعَدَ عَلى المنّبَرِ فَحَمِدَ اَللهَ وَ أَثنَى عَلَيِّهِ ثُمَّ قَالَ..((إِنَّهُ لَيسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَمِنَّ عَليَّ فِي نَفسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكرٍ بن أَبَي قُحَافَةَ وَلَو كُنتُ مُتَخِذَاً خَلِيّلاً لاتَخَذتُ أَبَا بَكّرٍ خَلِيّلاً وَلَكِن خِلّةُ الإِسلامِ أَفضَل،سُدُوا عَنّي كُلَّ خَوخَةٍ فِي هَذَا المسجدِ غَيرَ خَوخَةِ أَبِي بَكرٍ))وَحينَ عَجِزَ عَليِّهِ الصَلاةِ وَالسَلامِ عَن الصَلاةِ بِالنَاسِ أمر أَبَا بَكرٍ لِيَؤُمَّهُم فَخَشِيتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اَللهُ عَنهَا أَنَ يَكّرَهَ اَلنَاسُ أَبَاهَا بَعدَ رَسُولِ اَللهِ فَقَالتْ..إِنَّ أَبَا بَكّرٍ رَجُلٌ رَقيقٌ وَإِنهُ لا يُطِيقُ،فَقَالَ..مُرُوا أَبَا بَكرٍ فَلَيُصَلِّ بِالنَاسِ فَكّرَرَت عَائِشَةُ اِعتِرَاضَهَا فَغَضِبَ صلى الله عليه وسلم وَ قَالَ..إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُروا أَبَا بَكرٍ فَلَيُصَلِّ بِالنَاسِ يَأَبَى اَللهُ ذَلِكَ وَ المسلِّمُونَ إِلا أَبَا بَكرٍ وَكَرَرَّهَا فَصَلَّى أَبُو بَكرٍ بِالنَّاسِ سَبَعَ عَشرةَ صَلاةٍ وَصَحَّ عَنّهُ أَنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم..((إِنِّي أُوُعَكُ كَمَا يُوعَكُ اَلرَجُلانِ مِنكُم))ومَعَ المرض فَقَد ظَلَّ عِلَيَّهِ الصَلاةُ وَالسَلامُ يَقِظَ الذِهنِ يذّكر الناس بتَوحيدِ الِلهِ والعبادة والمعاملة فكان صلى الله عليه وسلم يَطرحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلى وَجهِهِ فَإِذَا اِغتَّمَ كَشَفَهَا عَن وَجهِهِ قائلاً((أَلا لَعنَةُ اَللهِ عَلى اَليَهُودِ وَ النَصَارَى اِتَخَذُوا قُبُورَ أَنَبِيَائِهِم مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنعُوا))رواه البخاري.. وكَانت عَامَةُ وَصِيته صلى الله عليه وسلم حِينَ حَضَرَهُ اَلموتُ..اَلصَلاةَ الصلاةَ وَمَا مَلَكَت أَيَمَانُكُم حَتَى جَعَلَ يُغَرِغِرُ بِهَا صَدَرَهُ وَمَا يَكَادُ يَفَيضُ بِهَا لِسَانُهُ))أَخرَجَهُ اِبنُ مَاجَه وَأَحمد..وَرُبَمَا غَلَبَهُ اَلشَوقُ لِحُضُورِ اَلَجَمَاعَةِ فلما وَجَدَ خِفَّةً فخَرَجَ فَلَمَا أَحسَ بِهِ أَبو بِكرٍ وهو الإمام أَرَادَ أَنَ يَنَكِصَ فَأَومَأَ إِليه أن استمر فَجَلَسَ إِلى جَنبِ أَبِي بَكرٍ عَن يَسَارِهِ وَاستَفْتَحَ مِنْ اَلآيةِ التي اِنتَهَى إِليهَا أَبو بَكرٍ فَكَانَ أَبو بَكرٍ يَأَتَمُّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَ النَاسُ يَأَتمونَ بِأبيِّ بَكرٍ))أَخرجه أحمد و ابن ماجه..وأَقبلَ المؤُمنونَ مِن بَيتهِ إِلى اَلمسجِدِ فَجرَ الاثنَينِ الثَالِثِ عَشرَ مِن رَبيعٍ الأَولِ وَاِصطَفُوا لِصَلاتِهم خَاشِعِينَ مُخَبِتِينَ وَرَاءَ أبي بكر،وَرَفَعَ صلى الله عليه وسلم السِترَ وفَتَحَ البَابَ وَبَرزَ لِلنَاسِ..فَكَادَ المسِلمُونَ يَفْتَتِنُونَ فِي صَلاتِهِم اِبتِهَاجَاً بِرُؤيَتِه صلى الله عليه وسلم ظَناً مِنهُم أَنَّهُ شُفيَ فأفسحوا لَهُ مَكَانَاً فَأَشَارَ بِيَدِهِ الَكَرِيمَةِ أَنَّ اثبتُوا عَلى صَلاتِكم وَ تَبَسَّمَ صلى الله عليه وسلم فَرِحَاً مِنْ هَيئَتِهِم فِي صَلاتِهِم وَاِنِتِظَامِهِم كَأَنَهُ يُوَدِعُهم قَالَ أَنسُ بن مَالكٍ..مَا رَأَيتُ رَسُولَ اَللهِ صلى الله عليه وسلم أَحسنَ هَيئَةً مِنهُ فِي تِلكَ السَاعَةِ؛ثُمَّ رَجَعَ وَانصَرَفَ النَّاسُ، يَظُنُونَ أَنَّه قَد أَفَاقَ مِن وَجَعِهِ وَ اِطمَأنَّ أَبُو بَكرٍ لِهَذَا اَلظَنِ فذهب فِي ضَواحي المدينةِ متفق عليه..قَالت عَائِشَةُ رَضِيَّ اَللهُ عَنهَا..وَعَادَ رَسولُ اَللهِ مِن المسجدِ فَاضْطَجَعَ فِي حِجريَّ وَ دَخلَ عَلينَا أخي عبد الرحمن فِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخضر فَنَظَرَ صلى الله عليه وسلم إِلى يَدِهِ نَظرَاً عَرَفتُ مِنهُ أَنَّهُ يُريدهُ فَأَخَذَتُهُ فَأَلَنَتُهُ لَهُ ثُمَّ أَعطيتُهُ إِياهُ فَاَستَنَ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رَأيتُهُ يَستَنُ بِسِوَاكٍ قَبلَهُ،ثُمَّ وَضَعَهُ وَوَجَدتُه صلى الله عليه وسلم يَثقلُ فِي حِجري فَذهبتُ أَنظرُ فِي وَجهِهِ فَإِذَا نَظَرُهُ قَد شَخُصَ وَكَانَ كَمَا في الحديثِ يَنظُرُ مَقْعَدّهُ مِن اَلجنَّةِ وَ يخَيّرُ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ..بَلِّ اَلرَفِيقَ اَلأَعلى وَيَقرأُ((مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ))رواه البخاري تقول عائشة..خُيّرتَ فَاخَترتَ والذي بَعَثَكَ بِالحَقِ وَ قُبِضَ صلى الله عليه وسلم..!!
وَتَسَرَّبَ النَبَأُ الفَادِحُ مِن البَيتِ المَحزُونِ وَلَهُ طَنينُ فِي الآذانِ وَثِقَلٌ تَرزَحُ تَحتَهُ النفُوسُ وَتَدُورُ بِهِ البَصَائِرُ والأبصار..وَشَعَرَ المؤُمِنُونَ أَنَّ آفاقَ المدِينَةِ أَظلمت،فَتَركَتهُم المصيبة حَيَارَى لا يَدرونَ مَا يَفعلُون.. وَقَفَ عُمرُ بنُ الخَطَابِ رضي الله عنه غَاضِبَاً ومنكراً ذلك ومُهدّداً وَأَقبلَ أبو بكرٍ بإِيمانهِ وَ ثَبَاتِهِ حِينَ بَلغهُ الخبرُ وَ عُمرٌ يُكلم النَاسَ فَلم يَلتَفِتْ إِلى شَيءٍ حَتَى دَخلَ عليه صلى الله عليه وسلم وَهُو مُسجَّى بِبُردَةٍ، فَكَشَفَهَا عَن وَجِهِهِ الشَريفِ ثُمَّ أَقبلَ عَليهِ فَقَبَّلهُ وَقَالَ..بِأَبِي أَنتَ وَ أُمي يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَطيبكَ حَيَّاً وَمَيتاً أَمَا الموتَةُ وَالتَي كَتَبَهَا اللهُ عَليكَ فَقَد ذُقَتَهَا،ثُمَّ لَن يُصيبكَ بَعدَهَا مَوتٌ أَبداً ثُمَّ غَطَى وَجهَهُ وخرجَ وَعُمرٌ لازال يُكَلِّمُ النَاسَ ثُمَّ أَقبَلَ عَلى النَاسِ،فَحَمِدَ اللهَ وَ أَثنَى عَليهِ ثُمَ قال..أَيُّهَا النَاسُ..إِنه مَن كَانَ يَعبدُ مُحَمَداً فَإِن مُحَمَداً قَد مَاتَ وَمَن كَانَ يَعبدُ اللهَ فَإِنَ الله حَيٌ لا يَموتُ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ))قال الرَاوي..فَو اَلله لَكَأنَّ النَاسَ لَم يَعَلْمُوا بهذه الآية حَتى تَلاهَا أَبُو بَكرٍ يومئذٍ وأخذَها الناسُ عنه،يقول عُمرُ..فَوَ اللهِ مَا هُوَ إِلا أَن سَمِعتُ أَبا بَكرٍ تَلاهَا فَعَقْرتُ حَتَى وَقَعتُ إِلى الأَرضِ ما تَحمِلُني رِجلايَّ وَعَرفَتُ أَن رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَد مَاتَ))وَفِي النَّسَائِي أَنَ فَاطِمةَ رضي الله عنها تبكيه صلى الله عليه وسلم فتقولُ..((يَا أَبتَاهُ مِن رَبِّهِ مَا أَدَنَاه،يَا أَبَتَاهُ إِلى جِبريلِ نَنْعَاهُ يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الفِردوسِ مَأَوَاهُ))وَلما دُفنَ تَقُولُ فَاطِمَةُ..((يَا أَنس أَطابت أَنفُسُكُم أَن تَحثُوا عَلى رَسُولِ اللهِ التُرَابَ))رواه البخاري
مضى طاهر الأثواب لَم تبق روضة غداة مضى إلا اشتهت أنَّهـا قبر
عليـك سـلام الله وقفًـا فإننِي رأيتُ الكريمَ الْحر ليس لـه عمرُ
وكانت نِهَايَةُ حياته صَلواتُ اَللهِ وَسَلامُهُ عَليهِ بَعد أَن أَكمَلَ اللهُ لَهُ الدينَ يَقُولُ أَبُو ذَرٍ رضي الله عنه..وَاللهِ مَا تُوفَيَّ صلى الله عليه وسلم وَطَائِرٌ يَطيرُ بِجَنَاحَيهِ إِلا وَأَعَطَانَا مِنهُ خَبَراً]وَيَقُولُ أَنَسٌ رضي الله عنه..((مَا رَأيتُ يَومَاً قَطُّ فِي المدينَةِ كَانَ أَحسنَ مِن يَومٍ دَخلَ عَلينَا فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقيراً وَمَا رَأَيتُ يَومَاً كَانَ أَظلمَ عَلى المدينَةِ مِن يَومٍ مَاتَ فِيه]ولقد توفي صلى الله عليه وسلم وهُوَ قَائِدُ اَلأُمَّةِ المؤتَمَنُ عَلى أَموالِهَا وَعَتَادِهَا ودِرعُهُ كَانت مَرهُونَةً عِندَ يَهُودِيٍّ بِثَلاثِينَ صَاعٍ مِن شَعيرٍ وَكَانَ في وفاته متأثراً من السمّ يَقُول..((يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلم الطَعَامِ الذي أَكلتُ بِخَيبَرٍ فَهَذَا أَوَانُ وَجدتُ اِنقِطَاعِ أبْهُري مِن ذَلِكَ السُمِّ))رواه البخاري يقول حسان..
وأمست بلادُ الحرمُ وحشاً بقاعُها لغيبة ما كانت من الوحي تعهدُ
وما فقد الماضون مثلَ محمــد ولا مثلُه حتى القيامةِ يُفــقد
وغُسّل صلى الله عليه وسلم مِن غَيرِ أَنَ يُجَرِدُوهُ مِن ثِيَابِهِ وَغَسَّلَهُ أَقَارِبُهُ ثُمَّ كَفَّنُوهُ وهُوَ سَيدُ وَلدُ آدم وَخَيرُ خَلقِ اَللهِ الموتَى،فَحَفَروا تَحتَ فِراشِهِ وَجعلوهُ لَحدًا حَفرهُ أَبو طلحة،وَدخلَ النَاسُ الحجرةَ أَرسالاً، عشرة عشرة،يُصَلِّون عليه صلى الله عليه وسلم ولا يؤُمُّهم أَحدٌ، وصلَّى عليه أولاً أهلُ عشيرتهِ،ثم المهاجرونَ،ثم الأنصار،ثم النساءُ، ثم الصبيانُ،ثُمَّ وَضعوهُ فِي قَبْرهِ وَحثوْا الترابَ على قَبرِهِ الشَريفِ الطَاهرِ..اللهم صَل على محمد عدد ماذكره الذاكرون واجَعَلنَا مِن أَهلِ سُنتِه وَاجْمَعَنَا بِهِ فِي جَنَتهِ..وَأَكرَمَنَا بشفاعته وَصَلِّ ياألله عَليهِ صَلاةً دَائِمَةً وَارزُقنَا صُحبَتَهُ مَعَ النَبِيَّينَ والصِدِيقينَ..أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده وبعد ..
أيها المؤمنون..هَذَا نَبَأُ وَفَاةِ نَبَيّكُم صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ مِن العِبَرِ وَالعِظَاتِ الشَيءَ الكَثَيرَ،وَ اعَلَمُوا أَنَّهُ لَو كَانَ أَحدٌ يَنجُو مِن الموتِ لَنَجَا مِنَّهُ خَيرُ البَرِيةِ صلى الله عليه وسلم الذي تَوَفَّاهُ اللهُ بَعد سَكراتِ الموتِ بَعدَ أَنَ أَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَةَ وَتَرَكَهَا عَلى المحجَّةِ البَيضَاءِ لا يَزِيغُ عَنهَا إِلا هَالِك وكان في موته يحذر أن لا يتخذ قبره للعبادة والتقرب كما فعل اليهود والنصارى وهذه رسالة لمن يعظم القبر ويغفل عن إتباع سنة وأوامر صاحبه واعلموا أن الله كَتَبَ الموتَ عَلى كُلِّ اَلخَلقِ وَلَن يَنجُو مِن ذَلكَ أَحَدٌ مَهمَا عَلا مِنصِبُهُ وَعَظُمت مَكَانَتُهُ فَاعتَبِروا يَا عِبَادَ اَللهِ بِذكِرِ الموتِ وَتُوبُوا إِلى اَللهِ قَبلَ أَنَ تَمُوتُوا واعتبروا بسيرة خير البشر وما فيها من العظات والعبر اللهُمَ أَحسن خَاتِمَتَنَا وَ تَوفَنَا وَ أَنتَ رَاضٍ عَنَا غَيرَ غَضبَانٍ بِرَحمتِكَ يَا أَرحمَ الراحمين اللهم آمِنَا فِي أَوطَانِنَا وَ أَصلح أَئِمَتَنَا وَلا وُلاةِ أُمُورِنَا..اللهم كن لإخواننا من أهل السنة في سوريا والعراق في مضايا وديالا فقد تكالب عليهم العدو وجفاهم الصديق وغفل عنهم العالم الاستغاثة،،،،،
يارب صل على النبي المصطفى ما غردت في الأيكِ ساجعةُ الربى
يارب صلِّ على النبي وآله ما أمَّت الزوارُ مسجدَ يثربا
هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن بعث صحابته إليها، وكان اليهود مسيطرين على اقتصادها ودائنين لأهلها ولهم حلفاء من الأوس والخزرج فآخى بين المهاجرين والأنصار مؤاخاةً لم ير التاريخُ لها مَثَلاً بالحبِّ والإيثار وأسَّس بالمدينة نظاماً اجتماعياً يُبنى على أواصر المحبة والإخاء والإيثار من الأنصار..ثم بنى صلى الله عليه وسلم بعد قباء مسجدَه ليكون منبراً للخطابة،ومسجداً للصلاة ومكاناً للتربية والتعليم،ومنطلقاً للجهاد والنصرة وهذا ما تحقق..((فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ))ثم عاهد صلى الله عليه وسلم اليهود ليأمن مكرهم ولقوَّتهم في حصونهم،واليهود أبطنوا عداوته صلى الله عليه وسلم بشهادة عبد الله بن سلام وصفية بنت حيي رضي الله عنهما تقول صفية..[ذهب أبي حيي بن أخطب وعمي أبا ياسر للرسول في الصباح فرجعا مع غروب الشمس،فأتيا كالَّين كسلانين،فو الله ما التفتا إليَّ كما كانا يفعلان من الغمّ،وسمعت عمي أبا ياسر يقول لأبي..أهو النبي الذي ننتظر وتعرفه وتثبته قال..نعم إي والله هو فقال..فما في نفسك منه؟قال..عداوته والله ما بقيت]وكان من بنود المعاهدة إقرار اليهود على دينهم والتحالف ضد العدوّ..وأن الاحتكام عند الاختلاف مرده إلى الله، وإلى محمد ومن بغى وظلم فلا عهد له"ثم تفرّغ صلى الله عليه وسلم لمقاتلة المشركين بعد إذنِ الله لَه((أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ))فحصلت غزوة بدرٍ وأحد ثم الخندق، وكذلك السرايا المرسلة هنا وهناك لنشر الإسلام ثم صلح الحديبية،ثم إرسال الوفود لنشر الدعوة ففتح مكة،فحنين ثم تطهير الجزيرة العربية من الشرك والأوثان ليُهدّد المسلمون الفرس والروم بغزوة مؤتة وتبوك..
وبعد تلكم المسيرة الجهاديّة التي تثبتت فيها عباداتُ الإسلام بعد التوحيد والصلاة من زكاةٍ وصيامٍ وحج وآياتُ الأحكام تتنزلُ على المسلمين وتفضح المنافقين في عَهد مدنيٍّ استطاع فيه صلى الله عليه وسلم أن يُقيمَ دولة الإسلام ويؤسسَّ أمةً حققت بعشر سنين ما لم تُحقِّقه أيُّ حضارة عبر التاريخ وكانت عهداً حافلاً بالتربية وتقوية الدين في نفوس أصحابه!!لم يدع صلى الله عليه وسلم فيها من الإسلام شيئاً إلا بيّنه وَأَعطى فِيهِ البُرهَان..((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِيناً))و تكفل الله تعالى بِحِمَايَةِ هَذا الدينِ وَ عِصمَةِ رَسُولِهِ الكريمِ (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ))،وَفِي خُطْبَةِ عَرفةَ قَالَ صلى الله عليه وسلم..[أَيُّهَا النَاس،إِنكُم سَتُسَأَلُونَ عَني، فَماذَا أَنتم قَائِلون؟))فَقَالوا..نَشهَدُ أَنكَ بَلّغت الرِسالةَ وَأَديتَ الأَمانَةَ وَوَفيتَ وَأَدّيتَ الذي عَليكَ كُلَّه،ثُمَ رَفعَ صلى الله عليه وسلم سَبابَتهُ إِلى السَمَاءِ ثُمَّ نَكَتَهَا إِلى الأَرضِ ثُمَ قَال..((اَللهُمَّ فَاشهَدَ))]..وبعد عودته إلى المدينة من الحج بشهرين شَعَرَ صلى الله عليه وسلم بِوَعْكَةِ المرض أَواخِرِ صَفرٍ مِنْ السَنَةِ الحَادِيةِ عَشرةَ حَتَى ثَقُلَ عَليهِ الوَجَعُ فَأَذِنَّ لَهُ نِسَاؤُهُ أَن يُمَرَّضَ فِي بيتِ عَائِشَةَ رَضي اللهُ عَنهَا لاِرتياحهِ إِلى خِدمَتِهَا لَه،واشتدّتَ وطأَةُ المرَضِ عليه صلى الله عليه وسلم وَاْتَقَدَّتْ حَرَارَةُ العِلَةِ ببدنه حتى قال..((هَرِيقُوا عَليَّ سَبعَ قِرَبٍ مِنْ آبَارٍ شَتَى لأَخْرُجَ إِلى النَّاسِ فَأَعْهَدُ إِليهِم؛فصبَّوا عليه الماء))..وَعِندَمَا أَحَسَّ بِأَنَّ سورةَ الحرِّ تخلَّتْ عَنه اِستَدعَى الفَضلَ بن عَمِّهِ اَلعبَاس فَقَالَ خُذْ بِيَدي يَا فَضل فَدَخَلَ اَلمسجِدَ وَجَلَسَ عَلى المنبَرِ واشرأبت الأَعنَاقُ إِلى اَلرَجُلِ اَلَذي أَحيَا مَواتِ القُلُوبِ بِإِذنِ اللهِ وَأخْرَجَهُم وَذُريَاتِهِم وَنِسَائَهُم مِن الظُلُمَاتِ إِلى النُورِ بِدينِ اللهِ،فأَخذَ يُحَدِثُهُم وَ يُرَبِّيهِم عَلى عَهدِهم بِهِ دَائِمَاً وأَنّصَتُوا فَإِذَا هُم يَسمَعُونَ مِنهُ عَجَبَاً،((أَمَّا بَعدُ أَيُّهَا النَاسُ..فَإنِّي أَحَمَدُ اَللهَ الذي لا إِلهَ إِلا هُوَ،فَمَن كُنتُ جَلَدْتُ لَهُ ظَهَرَاً،فَهَذَا ظَهري فَلَسيتقدْ مِنهُ وَمَنْ كُنتُ شَتَمتُ لَهُ عِرْضَاً فَهَذَا عِرْضِيَّ فَلَيَسَتَقِدْ مِنهُ أَلا وَإِنَ الشَحَنَاءَ لَيستَ مِنْ طَبعِيَّ وَلا مِنْ شَأَني أَلا وَإِنَّ أَحبَّكُم إِلىَّ مَنَ أَخَذَ مِنّي حَقَاً إِنَ كَانَ لَهُ،أَحَلَّني مِنهُ فَلَقَيتُ اللهَ وَأَنَا طَيبُ النَفس؛قَالَ الفَضلُ ..ثُمَّ نَزلَ فَصلى الظُهرَ))رواه الطبراني..وَعَادَ النَبيُّ إِلى بَيتهِ الملاصِق لِلمَسجِدِ لِيَنَامَ فِي فِراشِ اَلمرضِ..عَن أَبي سَعيدٍ الخدري رضي الله عنه أَنَّ النبي صلى الله عليه وسلم جَلَسَ يَومَاً عَلى اَلمنبِرِ فَقَالَ..((إِنَ عَبداً خَيَّرهُ اَللهُ بَينَ أَنَ يُؤّتِيَهُ مِنْ زَهَرَةِ الدُنيَا مَا شَاءَ وَبَينَ مَا عِندَ اَللهِ فَاختَارَ مَا عِندَ اَللهِ، فَبَكَى أَبو بَكرٍ ثُمّ قَالَ..فَديتُكَ بِآبَائِنَا وَأُمهَاتِنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أَبو سَعيدٍ.. فَتَعَجَّبنَا لَهُ،فَكَانَ صلى الله عليه وسلم هُوَ اَلمُخَيَّرُ،وَ كَانَ أَبُو بَكرٍ أَعلَمَنَا بِهِ) متفق عليه.. وَزَادّتَ وَطْأَةُ المرضِ عَليه صلى الله عليه وسلم حَتَى تَأَذَّت فَاطِمَةُ اِبْنَتَهُ مِنْ شِدَةِ مَا يَلَقَى فَقَالت رَضِيَّ اللهُ عَنَهَا..وَاكَربَ أَبَتَاهْ فَقَالَ..((لاكَربَ عَلى أَبيكِ بَعدَ اليَوم))رَوَاهُ البُخَاريُّ.. وَأُغميَّ عَليهِ مِرَارَاً،وَكَانَ إِلى جِوَارِهِ قَدَحٌ فِيهِ مَاءٌ،يَغَمِسُ فِيهِ يَدَهُ ثُمَّ يَمسَحُ وَجْهَهُ بِالماءِ وَيَقُولُ..لا إِلَهَ إِلا اللهَ أَلا وَإِنَّ لِلمَوتِ سَكَرَاتٍ اَللهُمَّ أَعِنّي عَلى سَكَرَاتِ الموتْ))أخرجه البخاري..تَقُولُ عَائِشَةُ..((كَانَ إِذَا اِشْتَكَى نَفَثَ عَلَى نَفسِهِ بِالمعَوِّذَاتِ وَ مَسَحَ عَنهُ بِيَدِّهِ)) مُتَفَقٌ عَليهِ.. يخرج صلى الله عليه وسلم عَاصِبَاً رَأَسَهُ بِخُرّقَةٍ فَقَعَدَ عَلى المنّبَرِ فَحَمِدَ اَللهَ وَ أَثنَى عَلَيِّهِ ثُمَّ قَالَ..((إِنَّهُ لَيسَ مِنْ النَّاسِ أَحَدٌ أَمِنَّ عَليَّ فِي نَفسِهِ وَمَالِهِ مِنْ أَبِي بَكرٍ بن أَبَي قُحَافَةَ وَلَو كُنتُ مُتَخِذَاً خَلِيّلاً لاتَخَذتُ أَبَا بَكّرٍ خَلِيّلاً وَلَكِن خِلّةُ الإِسلامِ أَفضَل،سُدُوا عَنّي كُلَّ خَوخَةٍ فِي هَذَا المسجدِ غَيرَ خَوخَةِ أَبِي بَكرٍ))وَحينَ عَجِزَ عَليِّهِ الصَلاةِ وَالسَلامِ عَن الصَلاةِ بِالنَاسِ أمر أَبَا بَكرٍ لِيَؤُمَّهُم فَخَشِيتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اَللهُ عَنهَا أَنَ يَكّرَهَ اَلنَاسُ أَبَاهَا بَعدَ رَسُولِ اَللهِ فَقَالتْ..إِنَّ أَبَا بَكّرٍ رَجُلٌ رَقيقٌ وَإِنهُ لا يُطِيقُ،فَقَالَ..مُرُوا أَبَا بَكرٍ فَلَيُصَلِّ بِالنَاسِ فَكّرَرَت عَائِشَةُ اِعتِرَاضَهَا فَغَضِبَ صلى الله عليه وسلم وَ قَالَ..إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ مُروا أَبَا بَكرٍ فَلَيُصَلِّ بِالنَاسِ يَأَبَى اَللهُ ذَلِكَ وَ المسلِّمُونَ إِلا أَبَا بَكرٍ وَكَرَرَّهَا فَصَلَّى أَبُو بَكرٍ بِالنَّاسِ سَبَعَ عَشرةَ صَلاةٍ وَصَحَّ عَنّهُ أَنَّهُ قَالَ صلى الله عليه وسلم..((إِنِّي أُوُعَكُ كَمَا يُوعَكُ اَلرَجُلانِ مِنكُم))ومَعَ المرض فَقَد ظَلَّ عِلَيَّهِ الصَلاةُ وَالسَلامُ يَقِظَ الذِهنِ يذّكر الناس بتَوحيدِ الِلهِ والعبادة والمعاملة فكان صلى الله عليه وسلم يَطرحُ خَمِيصَةً لَهُ عَلى وَجهِهِ فَإِذَا اِغتَّمَ كَشَفَهَا عَن وَجهِهِ قائلاً((أَلا لَعنَةُ اَللهِ عَلى اَليَهُودِ وَ النَصَارَى اِتَخَذُوا قُبُورَ أَنَبِيَائِهِم مَسَاجِدَ يُحَذِّرُ مَا صَنعُوا))رواه البخاري.. وكَانت عَامَةُ وَصِيته صلى الله عليه وسلم حِينَ حَضَرَهُ اَلموتُ..اَلصَلاةَ الصلاةَ وَمَا مَلَكَت أَيَمَانُكُم حَتَى جَعَلَ يُغَرِغِرُ بِهَا صَدَرَهُ وَمَا يَكَادُ يَفَيضُ بِهَا لِسَانُهُ))أَخرَجَهُ اِبنُ مَاجَه وَأَحمد..وَرُبَمَا غَلَبَهُ اَلشَوقُ لِحُضُورِ اَلَجَمَاعَةِ فلما وَجَدَ خِفَّةً فخَرَجَ فَلَمَا أَحسَ بِهِ أَبو بِكرٍ وهو الإمام أَرَادَ أَنَ يَنَكِصَ فَأَومَأَ إِليه أن استمر فَجَلَسَ إِلى جَنبِ أَبِي بَكرٍ عَن يَسَارِهِ وَاستَفْتَحَ مِنْ اَلآيةِ التي اِنتَهَى إِليهَا أَبو بَكرٍ فَكَانَ أَبو بَكرٍ يَأَتَمُّ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَ النَاسُ يَأَتمونَ بِأبيِّ بَكرٍ))أَخرجه أحمد و ابن ماجه..وأَقبلَ المؤُمنونَ مِن بَيتهِ إِلى اَلمسجِدِ فَجرَ الاثنَينِ الثَالِثِ عَشرَ مِن رَبيعٍ الأَولِ وَاِصطَفُوا لِصَلاتِهم خَاشِعِينَ مُخَبِتِينَ وَرَاءَ أبي بكر،وَرَفَعَ صلى الله عليه وسلم السِترَ وفَتَحَ البَابَ وَبَرزَ لِلنَاسِ..فَكَادَ المسِلمُونَ يَفْتَتِنُونَ فِي صَلاتِهِم اِبتِهَاجَاً بِرُؤيَتِه صلى الله عليه وسلم ظَناً مِنهُم أَنَّهُ شُفيَ فأفسحوا لَهُ مَكَانَاً فَأَشَارَ بِيَدِهِ الَكَرِيمَةِ أَنَّ اثبتُوا عَلى صَلاتِكم وَ تَبَسَّمَ صلى الله عليه وسلم فَرِحَاً مِنْ هَيئَتِهِم فِي صَلاتِهِم وَاِنِتِظَامِهِم كَأَنَهُ يُوَدِعُهم قَالَ أَنسُ بن مَالكٍ..مَا رَأَيتُ رَسُولَ اَللهِ صلى الله عليه وسلم أَحسنَ هَيئَةً مِنهُ فِي تِلكَ السَاعَةِ؛ثُمَّ رَجَعَ وَانصَرَفَ النَّاسُ، يَظُنُونَ أَنَّه قَد أَفَاقَ مِن وَجَعِهِ وَ اِطمَأنَّ أَبُو بَكرٍ لِهَذَا اَلظَنِ فذهب فِي ضَواحي المدينةِ متفق عليه..قَالت عَائِشَةُ رَضِيَّ اَللهُ عَنهَا..وَعَادَ رَسولُ اَللهِ مِن المسجدِ فَاضْطَجَعَ فِي حِجريَّ وَ دَخلَ عَلينَا أخي عبد الرحمن فِي يَدِهِ سِوَاكٌ أَخضر فَنَظَرَ صلى الله عليه وسلم إِلى يَدِهِ نَظرَاً عَرَفتُ مِنهُ أَنَّهُ يُريدهُ فَأَخَذَتُهُ فَأَلَنَتُهُ لَهُ ثُمَّ أَعطيتُهُ إِياهُ فَاَستَنَ بِهِ كَأَشَدِّ مَا رَأيتُهُ يَستَنُ بِسِوَاكٍ قَبلَهُ،ثُمَّ وَضَعَهُ وَوَجَدتُه صلى الله عليه وسلم يَثقلُ فِي حِجري فَذهبتُ أَنظرُ فِي وَجهِهِ فَإِذَا نَظَرُهُ قَد شَخُصَ وَكَانَ كَمَا في الحديثِ يَنظُرُ مَقْعَدّهُ مِن اَلجنَّةِ وَ يخَيّرُ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ..بَلِّ اَلرَفِيقَ اَلأَعلى وَيَقرأُ((مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ))رواه البخاري تقول عائشة..خُيّرتَ فَاخَترتَ والذي بَعَثَكَ بِالحَقِ وَ قُبِضَ صلى الله عليه وسلم..!!
وَتَسَرَّبَ النَبَأُ الفَادِحُ مِن البَيتِ المَحزُونِ وَلَهُ طَنينُ فِي الآذانِ وَثِقَلٌ تَرزَحُ تَحتَهُ النفُوسُ وَتَدُورُ بِهِ البَصَائِرُ والأبصار..وَشَعَرَ المؤُمِنُونَ أَنَّ آفاقَ المدِينَةِ أَظلمت،فَتَركَتهُم المصيبة حَيَارَى لا يَدرونَ مَا يَفعلُون.. وَقَفَ عُمرُ بنُ الخَطَابِ رضي الله عنه غَاضِبَاً ومنكراً ذلك ومُهدّداً وَأَقبلَ أبو بكرٍ بإِيمانهِ وَ ثَبَاتِهِ حِينَ بَلغهُ الخبرُ وَ عُمرٌ يُكلم النَاسَ فَلم يَلتَفِتْ إِلى شَيءٍ حَتَى دَخلَ عليه صلى الله عليه وسلم وَهُو مُسجَّى بِبُردَةٍ، فَكَشَفَهَا عَن وَجِهِهِ الشَريفِ ثُمَّ أَقبلَ عَليهِ فَقَبَّلهُ وَقَالَ..بِأَبِي أَنتَ وَ أُمي يَا رَسُولَ اللهِ مَا أَطيبكَ حَيَّاً وَمَيتاً أَمَا الموتَةُ وَالتَي كَتَبَهَا اللهُ عَليكَ فَقَد ذُقَتَهَا،ثُمَّ لَن يُصيبكَ بَعدَهَا مَوتٌ أَبداً ثُمَّ غَطَى وَجهَهُ وخرجَ وَعُمرٌ لازال يُكَلِّمُ النَاسَ ثُمَّ أَقبَلَ عَلى النَاسِ،فَحَمِدَ اللهَ وَ أَثنَى عَليهِ ثُمَ قال..أَيُّهَا النَاسُ..إِنه مَن كَانَ يَعبدُ مُحَمَداً فَإِن مُحَمَداً قَد مَاتَ وَمَن كَانَ يَعبدُ اللهَ فَإِنَ الله حَيٌ لا يَموتُ((وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ))قال الرَاوي..فَو اَلله لَكَأنَّ النَاسَ لَم يَعَلْمُوا بهذه الآية حَتى تَلاهَا أَبُو بَكرٍ يومئذٍ وأخذَها الناسُ عنه،يقول عُمرُ..فَوَ اللهِ مَا هُوَ إِلا أَن سَمِعتُ أَبا بَكرٍ تَلاهَا فَعَقْرتُ حَتَى وَقَعتُ إِلى الأَرضِ ما تَحمِلُني رِجلايَّ وَعَرفَتُ أَن رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَد مَاتَ))وَفِي النَّسَائِي أَنَ فَاطِمةَ رضي الله عنها تبكيه صلى الله عليه وسلم فتقولُ..((يَا أَبتَاهُ مِن رَبِّهِ مَا أَدَنَاه،يَا أَبَتَاهُ إِلى جِبريلِ نَنْعَاهُ يَا أَبَتَاهُ جَنَّةُ الفِردوسِ مَأَوَاهُ))وَلما دُفنَ تَقُولُ فَاطِمَةُ..((يَا أَنس أَطابت أَنفُسُكُم أَن تَحثُوا عَلى رَسُولِ اللهِ التُرَابَ))رواه البخاري
مضى طاهر الأثواب لَم تبق روضة غداة مضى إلا اشتهت أنَّهـا قبر
عليـك سـلام الله وقفًـا فإننِي رأيتُ الكريمَ الْحر ليس لـه عمرُ
وكانت نِهَايَةُ حياته صَلواتُ اَللهِ وَسَلامُهُ عَليهِ بَعد أَن أَكمَلَ اللهُ لَهُ الدينَ يَقُولُ أَبُو ذَرٍ رضي الله عنه..وَاللهِ مَا تُوفَيَّ صلى الله عليه وسلم وَطَائِرٌ يَطيرُ بِجَنَاحَيهِ إِلا وَأَعَطَانَا مِنهُ خَبَراً]وَيَقُولُ أَنَسٌ رضي الله عنه..((مَا رَأيتُ يَومَاً قَطُّ فِي المدينَةِ كَانَ أَحسنَ مِن يَومٍ دَخلَ عَلينَا فِيهِ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فقيراً وَمَا رَأَيتُ يَومَاً كَانَ أَظلمَ عَلى المدينَةِ مِن يَومٍ مَاتَ فِيه]ولقد توفي صلى الله عليه وسلم وهُوَ قَائِدُ اَلأُمَّةِ المؤتَمَنُ عَلى أَموالِهَا وَعَتَادِهَا ودِرعُهُ كَانت مَرهُونَةً عِندَ يَهُودِيٍّ بِثَلاثِينَ صَاعٍ مِن شَعيرٍ وَكَانَ في وفاته متأثراً من السمّ يَقُول..((يَا عَائِشَةُ مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلم الطَعَامِ الذي أَكلتُ بِخَيبَرٍ فَهَذَا أَوَانُ وَجدتُ اِنقِطَاعِ أبْهُري مِن ذَلِكَ السُمِّ))رواه البخاري يقول حسان..
وأمست بلادُ الحرمُ وحشاً بقاعُها لغيبة ما كانت من الوحي تعهدُ
وما فقد الماضون مثلَ محمــد ولا مثلُه حتى القيامةِ يُفــقد
وغُسّل صلى الله عليه وسلم مِن غَيرِ أَنَ يُجَرِدُوهُ مِن ثِيَابِهِ وَغَسَّلَهُ أَقَارِبُهُ ثُمَّ كَفَّنُوهُ وهُوَ سَيدُ وَلدُ آدم وَخَيرُ خَلقِ اَللهِ الموتَى،فَحَفَروا تَحتَ فِراشِهِ وَجعلوهُ لَحدًا حَفرهُ أَبو طلحة،وَدخلَ النَاسُ الحجرةَ أَرسالاً، عشرة عشرة،يُصَلِّون عليه صلى الله عليه وسلم ولا يؤُمُّهم أَحدٌ، وصلَّى عليه أولاً أهلُ عشيرتهِ،ثم المهاجرونَ،ثم الأنصار،ثم النساءُ، ثم الصبيانُ،ثُمَّ وَضعوهُ فِي قَبْرهِ وَحثوْا الترابَ على قَبرِهِ الشَريفِ الطَاهرِ..اللهم صَل على محمد عدد ماذكره الذاكرون واجَعَلنَا مِن أَهلِ سُنتِه وَاجْمَعَنَا بِهِ فِي جَنَتهِ..وَأَكرَمَنَا بشفاعته وَصَلِّ ياألله عَليهِ صَلاةً دَائِمَةً وَارزُقنَا صُحبَتَهُ مَعَ النَبِيَّينَ والصِدِيقينَ..أقول قولي هذا...
الخطبة الثانية
الحمد لله و حده و الصلاة و السلام على من لا نبي بعده وبعد ..
أيها المؤمنون..هَذَا نَبَأُ وَفَاةِ نَبَيّكُم صلى الله عليه وسلم وَفِيهِ مِن العِبَرِ وَالعِظَاتِ الشَيءَ الكَثَيرَ،وَ اعَلَمُوا أَنَّهُ لَو كَانَ أَحدٌ يَنجُو مِن الموتِ لَنَجَا مِنَّهُ خَيرُ البَرِيةِ صلى الله عليه وسلم الذي تَوَفَّاهُ اللهُ بَعد سَكراتِ الموتِ بَعدَ أَنَ أَدَّى الأَمَانَةَ وَنَصَحَ الأُمَةَ وَتَرَكَهَا عَلى المحجَّةِ البَيضَاءِ لا يَزِيغُ عَنهَا إِلا هَالِك وكان في موته يحذر أن لا يتخذ قبره للعبادة والتقرب كما فعل اليهود والنصارى وهذه رسالة لمن يعظم القبر ويغفل عن إتباع سنة وأوامر صاحبه واعلموا أن الله كَتَبَ الموتَ عَلى كُلِّ اَلخَلقِ وَلَن يَنجُو مِن ذَلكَ أَحَدٌ مَهمَا عَلا مِنصِبُهُ وَعَظُمت مَكَانَتُهُ فَاعتَبِروا يَا عِبَادَ اَللهِ بِذكِرِ الموتِ وَتُوبُوا إِلى اَللهِ قَبلَ أَنَ تَمُوتُوا واعتبروا بسيرة خير البشر وما فيها من العظات والعبر اللهُمَ أَحسن خَاتِمَتَنَا وَ تَوفَنَا وَ أَنتَ رَاضٍ عَنَا غَيرَ غَضبَانٍ بِرَحمتِكَ يَا أَرحمَ الراحمين اللهم آمِنَا فِي أَوطَانِنَا وَ أَصلح أَئِمَتَنَا وَلا وُلاةِ أُمُورِنَا..اللهم كن لإخواننا من أهل السنة في سوريا والعراق في مضايا وديالا فقد تكالب عليهم العدو وجفاهم الصديق وغفل عنهم العالم الاستغاثة،،،،،