• ×

07:59 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

السيرة النبوية ..العهد المكي

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه،ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً ..أما بعد فاتقوا الله .....

يا جاهلين على الهادي ودعوته هل تجهلون مكان الصادق العلم



كفاك بالعلم في الأمي معجزةً في الجاهلية والتأديب في اليتم



أخوك عيسى دعا ميْتاً فقام له وأنت أحييت أجيالاً من الرَّمَم



وعلّمت أمةً بالفقر نازلة رعيَ القياصر بعد الشاءِ والنَعمِ

نكمل سيرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه الذي شبّ في مكة والله تعالى يكلؤه ويحفظه ويحوطه من أقذار الجاهلية لما يريد به من كرامته ثم تأذّن الله له بالرسالة، في البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت..أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، وكان يخلو بغار حراء، فيتعبَّدُ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك،حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاء الملك، فقال.. اقرأ، قال.. ((ما أنا بقارئ))، قال.. ((فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال.. اقرأ، قلت.. ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال.. اقرأ، فقلت.. ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني، فقال.. ((ٱقْرَأْ بِٱسْمِ رَبّكَ ٱلَّذِى خَلَقَ * خَلَقَ ٱلإِنسَـٰنَ مِنْ عَلَقٍ * ٱقْرَأْ وَرَبُّكَ ٱلأَكْرَمُ ))فرجع بها صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد رضي الله عنها فقال.. ((زملوني زملوني))،فزمّلوه حتى ذهب عنه الروع، فأخبرها الخبر..((لقد خشيتُ على نفسي))؛فتُثبّته خديجة..كلا والله،ما يخزيك الله أبدا،إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتُكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق، ثم انطلقت به إلى ورقَة بن نوفل وكان امرأً تنصّر في الجاهلية،وكان شيخا كبيرا قد عمي،فأخبره خبر ما رأى، فقال له ورقة..هذا الناموس الذي نزّلَ الله على موسى، يا ليتني فيها جذعا،إذ يخرجك قومُك،فقال..((أوَمخرجِيَّ هم؟!)) قال..نعم،لم يأت رجل بمثل ما جئت به إلا عودي،وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزَّرا،ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي] وعرفَ محمدٌ صلى الله عليه وسلم يقيناً أنه أَضحى لله نبياً،وأن ما جاءه هو جبريل ينقل إليه وحيَ الله ثم يقول صلى الله عليه وسلم في البخاري..((فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت رأسي، فإذا الملَك الذي جاءني في حراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، ففزعت منه حتى هويت على الأرض، فجئت إلى أهلي، فقلت.. دثّروني فأنزل الله..((يَا أَيُّهَا ٱلْمُدَّثّرُ*قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبّرْ *وَثِيَابَكَ فَطَهّرْ *وَٱلرُّجْزَ فَٱهْجُرْ)).

وشرع صلى الله عليه وسلم يدعو الناسَ سراً ويعرض عليهم الدين الذي أرسله الله به، وسور القرآن تتنزل فآمنت زوجته خديجة ومولاه زيد بن حارثة وابن عمه علي بن أبي طالب وصديقه الحميم أبو بكر الذي نشط الدعوة، فأدخل في الإسلام..عثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص، وبدأ الإسلام غريبا لكنه انتشر حتى نزل قول الله..((وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ ٱلأَقْرَبِينَ*وَٱخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ*فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنّى بَرِىء مّمَّا تَعْمَلُونَ))في البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال.. لما نزلت ((وأنذر عشيرتك الأقربين))صعد صلى الله عليه وسلم على الصفا،فجعل ينادي يا بني فهر،يا بني عدي لبطون قريش، حتى اجتمعوا،فقال لهم..((أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تُريدُ أن تُغيرَ عليكم،أكنتم مُصدقيَّ؟ قالوا.. نعم، ما جربنا عليك إلا صدقًا، قال.. فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب..تبًا لك ألهذا جمعتنا فنزلت.. ((تَبَّتْ يَدَا أَبِى لَهَبٍ)) وأخذ كفارُ قريش يُهدِّدونه وأبو طالبٍ يحميه،وهو يصدع بالدعوة إلى الإسلام،وينكر على قريش إشراكها بالله،ودعاهم إلى توحيد الألوهية.."لا إله إلا الله" فهم يؤمنون بالله لكنهم يشركون معه غيره لأنها تقربهم إلى الله زلفى،فأعظموا ذلك وناكروه وأجمعوا خلافه وعداوته إلا من عصم الله تعالى منهم وهم قليل مستخفون،فلما رأت قريش أنه استمر في تسفيه آلهتهم ذهبوا إلى عمه أبي طالب فقالوا.. يا أبا طالب، إنا والله لا نصبر على ابن أخيك وقد شتم آباءنا وعاب آلهتنا حتى تكفّه عنا أو ننازله وإياك حتى يهلك أحد الفريقين، فبعث أبو طالب إليه فقال له.. يا ابن أخي،إن قومك قد جاؤوني فقالوا لي كذا وكذا، فأبق علي وعلى نفسك ولا تحمّلني من الأمر ما لا أطيق، فظن عليه الصلاة والسلام أن عمّه خاذله،فقال له..((يا عمّ، والله ولو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته حتى يظهره الله أو أهلك دونه ما تركته))، ثم استعبر صلى الله عليه وسلم فبكى ثم قام،فناداه أبو طالب، فقال.. أقبل يا ابن أخي..قل ما أحببت فوالله لا أسلمك لشيء ثم بدأت قريش بالترغيب والترهيب، تريد صدّه صلى الله عليه وسلم وصحابته عن هذا الدين، فما فتئت تعذّبهم بوسائل التعذيب كعادة الطغاة،فعذب أبو جهل عمار بن ياسر ووالده ياسر ووالدته سمية فقتلهما، وعذب أمية بن خلف بلالاً الحبشي، وممن عُذَّب عامر بن فهيرة وخباب بن الأرت وصهيب الرومي وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.

واشتدّ أمرُ قريش فأغروا برسول الله سفهاءهم، فكذبوه وآذوه ورموه بالشعر والسحر والكهانة والجنون، ورسول الله صلى مُظهر لأمر الله لايستحيي به عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال..بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي عند الكعبة،وقريش في مجلسهم،إذ قال أبو جهل..أيُّكم يقومُ إلى جزور آل فلان،فيعمد إلى فرثها ودمها وسلاها فيجيء به،ثم إذا سجد وضعه بين كتفيه؟فانبعث أشقاهم،فلما سجد صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه،وثبت عليه الصلاة والسلام ساجدًا لا يرفع رأسه فضحكوا حتى مال بعضهم إلى بعض فأخبرت فاطمة ـوهي جويريةـ فأقبلت تسعى،ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد حتى ألقته عنه،وأقبلت عليهم تسبّهم،فلما قضى صلى الله عليه وسلم الصلاة،قال..((اللهم عليك بقريش ثلاثاً))،ثم سمى..((اللهم عليك بعمرو بن هشام،وعتبة بن ربيعة،وشيبة بن ربيعة،والوليد بن عتبة،وأمية بن خلف،وعقبة بن أبي معيط،وعمارة بن الوليد))فو الله لقد رأيتهم صرعى يوم بدر،يسحبون إلى قليبها،وكان صلى الله عليه وسلم يقول..((لقد أُخِفْتُ في الله وما يُخافُ أحد، ولقد أوذيت في الله وما يُؤذى أحد،ولقد أتت عليّ ثلاثون من بين يوم وليلة، وما لي ولا لبلال طعام يأكله ذو كبد إلا شيء يواريه إبط بلال))رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني،وأذن صلى الله عليه وسلم لصحابته بالهجرة إلى الحبشة لأن فيها ملكاً لا يُظلم عنده أحد ثم أسلم حمزة بن عبد المطلب فعزّ الله به الإسلام ثم عمر بن الخطاب فاستقوى الصحابة وأصبحوا يخرجون للحرم للصلاة..واستمر أذى قريش للنبي صلى الله عليه وسلم حتى قرَّروا محاصرته ومن تبعه في شعب أبي طالب،وأن لا يناكحوهم،وتحالفوا على ذلك،وكتبوا صحيفةً علَّقوها في جوف الكعبة،وكان الذي كتبها بغيض بن عامر بن هاشم،فدعا عليه صلى الله عليه وسلم فشُلّت يده،وانحاز بعد ذلك بنو هاشم وبنو المطلب في الشعب إلا أبا لهب،وقُطعت عنهم الأغذية ومُنع التجار من مبايعتهم، فجهد القوم حتى أكلوا أوراق الشجر والجلود، وواصلوا الضر والفاقة حتى سُمِعَت أصوات النساء والصبيان يتضاغون جوعا، ولم يكن يصل إليهم شيء إلا سرا يقول سعد بن أبي وقاص وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة.. ولقد رأيتني مع رسول الله فخرجت من الليل أبول، وإذا أنا أسمع قعقعة شيءٍ تحت بولي، فنظرت فإذا قطعة جلد بعير، فأخذتها فغسلتها ثم أحرقتها فرضختها بين حجرين ثم استففتها، فشربت عليها ماء، فقويت عليها ثلاثًا.وكان صلى الله عليه وسلم رغم كل ذلك مستمرا في دعوته إلى الله،لاسيما أيام الحج حينما كانت القبائل العربية تفد إلى مكة من كلّ صوب، عن جابر بن عبد الله قال..كان صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في الموقف،فيقول..((ألا رجل يحملني إلى قومه،فإن قريشا منعوني أن أبلغ كلام ربي))واستمر الحصار في الشعب ثلاث سنوات حتى أنهاه بعض عقلاء قريش،فوجدوا أن الصحيفة التي كتبوها قد أكلتها الأرضة إلا "باسمك اللهم"،كما أخبرهم بذلك صلى الله عليه وسلم..

ثم عظم الخطب بوفاة أبي طالب وزوجته خديجة فحزن إلى الطائف يطلب النصرة والمنعة ماشيا على قدميه ومعه مولاه زيد بن حارثة، فلم يجبه منهم أحد لكنه ,وآذوه ورموه بالحجارة حتى أدموا عقبيه وقدميه صلى الله عليه وسلم وحتى اختضب نعلاه بالدم وزيد بن حارثة رضي الله عنه يقيه بنفسه ويدافع عنه، فأصابه شجاج في رأسه، حتى ألجأوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابنا ربيعة فدخل به واحتمى منهم، وقد أثر في نفسه ما لاقاه منهم فقال يدعو ربه.. ((اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين،وأنت ربي،إلى من تكلني؟إلى بعيد يتجهمني،أم إلى عدو ملكته أمري؟! إن لم يكن بك علي غضب فلا أبالي،ولكن عافيتك أوسع لي،أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بي غضبك أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك))لا إله إلا الله و أيُّ لجوءٍ أعظم من الالتجاء إلى رب العالمين؟! سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله ((هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟ قال.. ((لقيت من قومك ما لقيت, وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة إذ عرضت نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلال فلم يجبني إلى ما أردت, فانطلقت وأنا مهموم على وجهي, فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب, فرفعت رأسي, فإذا أنا بسحابة قد أظلتني, فنظرت فإذا فيها جبريل, فناداني فقال.. إن الله قد سمع قول قومك لك, وما ردوا عليك وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم, فناداني ملك الجبال, فسلم علي, ثم قال.. يا محمد, ذلك فما شئت؟ إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين, وهما جبلا مكة يحيطان بها, قال النبي صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله عز وجل من أصلابهم من يعبد الله عز وجل وحده لا يشرك به شيئًا))أخرجه البخاري..ثم حصل الإسراء والمعراج حينما أسرى به صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس,ثم عرج به الصلاة إلى السماء,فرأى آياتِ ربه ثم عاد إلى مكة وحدّث به فكذبته قريش إلا من آمن معه ومنهم الصدِّيق رضي الله عنه..

ثم قابل صلى الله عليه وسلم في موسم الحج اثنا عشر رجلاً من الأوس والخزرج عند العقبة بمنى فبايعوه بيعة العقبةِ الأولى منهم عبادة بن الصامت قال لهم صلى الله عليه وسلم..((بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئًا,ولا تسرقوا ولا تزنوا,ولا تقتلوا أولادكم, ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم,ولا تعصوني في معروف,فمن وفى منكم فأجره على الله, ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله,فأمره إلى الله إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه))قال..فبايعناه على ذلك.رواه البخاري.

وبعد البيعة بعث صلى الله عليه وسلم معهم مصعبَ بنَ عمير يدعو الناس ويعلمهم أمر دينهم,في المدينة حتى انتشر,وقبل حج السنة القادمة عاد مصعب إلى مكة يحملُ بشائرَ الفوز والقبول.معه ثلاثة وسبعون رجلاً وامرأتان من المسلمين,فلما قدموا مكة اجتمعوا في الشعب عند جمرة العقبة,فأتاهم صلى الله عليه وسلم فطلب منهم البيعة..فقالوا يا رسول الله علام نبايعك؟ قال..((على السمع والطاعة في النشاط والكسل,وعلى النفقة في العسر واليسر,وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر,وعلى أن تقوموا في الله لا تأخذكم في الله لومة لائم,وعلى أن تنصروني إذا قدمت إليكم وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة))فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال..نعم,والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع أزْرنا منه,فبايعنا يا رسول الله, فبسط يده فبايعوه"قال جابر..فقمنا إليه رجلاً رجلاً فأخذ علينا البيعة يعطينا بذلك الجنة,أما المرأتان فكانت بيعتهما قولاً، رواه أحمد ثم أذن صلى الله عليه وسلم لصحابته بالهجرة إلى المدينة هروبا من بطش المشركين وأذاهم،لكي يكتب الله للدعوة والإسلام الانتشار في الأرض عن طريق ذلك البلد الذي آمن أهله وصدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وتجرأت قريش تريد قتله صلى الله عليه وسلم فكانت فبينما هم يمكرون أذن الله لرسوله بالهجرة إلى المدينة بصحبة أبي بكر الصديق وخرج من بين أيديهم بعد ثلاث عشرة سنة قضاها في مكة مهبط الوحي والتي يحبها وهاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة حتى وصلها منصورا.((وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَـٰكِرِينَ))أقول ما تسمعون...

الخطبة الثانية ...
الخطبة الثانية ...الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
هذا العهد المكي الذي عاشه صلى الله عليه وسلم في مكة ثلاثة عشر سنة رأينا كيف واجه العنت والعذاب والأذية والاتهام وغير ذلك من قصص للأذية تعرض لها هو وأصحابه وأهله لم يسعف الوقت في ذكرها أو سردها ومع ذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مستمراً في دعوته لا يخشى في الله لوم تلائم رغم التعذيب رغم القتل الذي جاء لبعض صحابته استمر صلى الله عليه وسلم في هذه الدعوة،استمر ينشرها ويدعو بها الناس ليدخلهم في دين الله عز وجل وهذا يعطينا درساً عظيماً أن طريق الأنبياء في الدعوة إلى الله لم يكن مفروشاً بالورود لم يكن ميسراً وإنما عانوا ومع ذلك استمروا في دعوتهم،فهي رسالة لكل الدعاة ولكل المصلحين بأن يستمروا في دعوتهم رغم ما يصيبهم من أذى بعض الناس إذا أصابه أذاً بسيط إما أن يتراجع عن موقفه أو يغير مواقفه أو مبادئه والأخطر من ذلك أنا رأينا بعضهم للأسف يغيرون مبادئ الدين ويحاولون تحريفها لدى الناس حتى يجاملون فيها وهذا خطأ عظيم..
كذلك أيها الأحبة مما نستفيد من هذه السيرة العطرة للنبي صلى الله عليه وسلم في دعوته بمكة أن توحيد الله ليس فيه مجاملة..رغم أن قريش كانت تؤمن بالله رباً خالقاً ((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ)) كانوا يؤمنون بأن الله خلق السماوات والأرض لكنهم اتخذوا طرقاً وأصناماً لأشخاصٍ يرونها تُقرّبها إلى الله زلفى فلم يقبل الله منهم ذلك واعتبره شركاً..وبعث لهم محمداً صلى الله عليه وسلم يدعوهم للتوحيد الخالص..فما بال بعض المسلمين اليوم هداهم الله اتخذوا طرقاً وأسياداً وقبوراً يشركون بها مع الله يعظمونهم ويحلفون بهم من دون الله وأعطوهم مكانة خاصةً بالأنبياء ومحاربة هذا الشرك بعث عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلنلتزم بتوحيد الله وعبادته فذلكم جوهر الإسلام..واتباع نبيه صلى الله عليه وسلم الذي نكمل سيرته الجمعة القادمة بإذن الله..



اللهم اجعلنا لك موّحدين وبك مؤمنين وعليك وحدك متوكّلين لا إله إلا أنت سبحانك يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين..




 0  0  1412

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.