• ×

07:47 صباحًا , الإثنين 21 جمادي الثاني 1446 / 23 ديسمبر 2024

خيركم أيامكم

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط

‏الحمد لله رب العالمين،شرع لعباده الجمع والجماعات، ليطهرهم بها من السيئات ويرفع لهم بها الدرجات،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الأسماء والصفات وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أنزل عليه الآيات البيانات صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا في جميع الأوقات..أما بعد..فيا عباد الله..اتقوا الله تعالى و توبوا إليه..واعلموا أن الله فضَّلَ الله بعضَ الشهورِ والأيامِ على بعضٍ، وجعلَ من الأيامِ مواسم وأعيادا اصطفاءً منه وتكريمًا (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَيَخْتَارُ) وإن الله تعالى قد جعل للمسلمينَ من أيامِ الدنيا ثلاثةَ أعيادٍ، عيدان في كل عام وهما..عيد الفطر وعيد الأضحى،وعيد يتكرر كلَّ أسبوع، وهو يوم الجمعة الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم..((إنه يومُ عيد،فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبلَه أو بعدَه))والأعياد في الإسلامِ بعد العبادات،فعيد الأضحى بعد الحجِ،وعيدُ الفطرِ بعد الصيامِ، ويوم الجمعةِ نهاية الأسبوعِ..
شرّفه الله وفضله واصطفاه من الأيام..وفضّله على ما سواه من الأزمان،وخصَّ الله به أمة الإسلام،ضلت عنه اليهود والنصارى،وهدى الله تعالى إليه أمة الإسلام وهو الجمعة..قال صلى الله عليه وسلم..((أضل الله عن يوم الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يومُ السبت،وللنصارى يومُ الأحد، فجاء بنا فهدانا الله ليوم الجمعة، فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة)) رواه مسلم..وقال صلى الله عليه وسلم.. ((نحن الآخِرون السابقون يوم القيامة، بَيدَ أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا،وأوتيناه من بعدهم,هذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه، فهدانا الله له،فهم لنا فيه تبع،فاليهود غدًا،والنصارى بعد غد)).متفق عليه
وجاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال..يا أمير المؤمنين،إنكم تقرؤون آيةً في كتابكم،لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا،قال عمر..(وأي آية؟) قال..))ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي((فقال عمر..(والله،إني لأعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله، والساعة التي نزلت فيها على رسول الله؛ عشية عرفة في يوم جمعة وكلاهما لنا عيد).
تقول عائشة رضي الله عنها..بينما أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ استأذن رجل من اليهود، فأذن له، فقال.. السَّام عَليك، والسام بمعنى الموت،فقال صلى الله عليه وسلم..((وعليك))،قالت..فهممت أن أتكلم، قالت..ثم دخل الثانية،فقال مثل ذلك،فقال صلى الله عليه وسلم..((وعليك))،قالت..فهممت أن أتكلم،ثم دخل الثالثة، فقال..السَّام عليكم،قالت..فقلت..بل السام عليكم وغضب الله،إخوان القردة والخنازير،أتحيّون رسول الله بما لم يُحيَّه به الله عز وجل؟!قالت..فنظر إليَّ رسول الله فقال..((مَهْ!إن الله لا يُحب الفحش ولا التفحش، قالوا قولاً فرددناه عليهم،فلم يضرّنا شيئًا، ولزمهم إلي يوم القيامة،إنهم لا يحسدوننا على شيء كما يحسدوننا على الجمعة التي هدانا الله لها،وضلوا عنها))أخرجه أحمد،وليوم الجمعة خصائص عظيمة، قال صلى الله عليه وسلم..((خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة،فيه خُلق آدم عليه السلام وفيه أدخل الجنة،وفيه أخرج منها،ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة)).رواه مسلم فيه يُبعَث الناس إلى منازلهم من جنة أو نار،وفيه تفزع الخلائق كلها إلا الإنس والجن، قال صلى الله عليه وسلم..((خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة))إلى أن قال..((وما من دابة إلا وهي مُصيخة يوم الجمعة،من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقًا من الساعة،إلا الجن والإنس))متفق عليه.
ومن أجلِّ خصائصه صلاةُ الجمعة، فإنها من أعظم الصلوات قدرًا،وآكدها فرضًا،وأكثرها ثوابًا،ولذلك أولاها الإسلام مزيد عنايةٍ،ورعاية فحث على الاغتسال لها،والتنظف والتطيب والخروج إليها بأحسن لباس وأكمل هيئة، والتبكير في الخروج إليها والدنو من الإمام،واستجماع القلب للاستماع للموعظة والذكر..قال عليه الصلاة والسلام..((إن يوم الجمعة سيّدُ الأيام،وأعظمها عند الله،وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى ويوم الفطر،فيه خمس خلال..خلق الله عز وجل فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض،وفيه توفى الله آدم، وفيه ساعة لا يسأل الله فيها العبد شيئًا إلا أعطاه ما لم يسأل حرامًا،وفيه تقوم الساعة،ما من ملك مقرب،ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة)رواه أحمد وابن ماجة
ويوم الجمعة مُوافق ليوم المزيد في الجنة،الذي نسأل الله أن ندركه ووالدينا وذرياتنا وهو اليوم الذي يجمع فيه أهل الجنة في وادٍ أفيح،ويُنصب لهم منابرُ من لؤلؤ، ومن ذهب، ومن زَبَرجَد وياقوت على كثبان المسك، فينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى ويتجلّى لهم، فيرونه عيانًا،ويكون أسرعهم موافاة أعجلهم رواحًا إلى المسجد،وأقربهم منه أقربهم من الإمام، وفي حديث أنس الطويل..((فليس هم في الجنة بأشوق منهم إلى يوم الجمعة،ليزدادوا نظرًا إلي ربهم عز وجل وكرامته، ولذلك دعي يوم المزيد)) رواه الطبراني..وقال صلى الله عليه وسلم قال..((احضروا الجمعة، وادنوا من الإمام، فإن الرجل ما يزال يتباعد حتى يُؤخَّرَ في الجنة وإن دخلها)).ومن فضائل الجمعة ساعة الإجابة،يقول صلى الله عليه وسلم..((إن في الجمعة لساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يُصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إيَّاه))،متفق عليه..وفي رواية لمسلم أن وقتها بعد العصر قبل المغرب.وفي رواية النسائي((التمسوها آخر ساعة بعد العصر))..وفي فضل الجمعة كذلك بسند صحيح قوله صلى الله عليه وسلم..((أفضل الصلوات عند الله صلاة الصبح يوم الجمعة في جماعة)).
وكان من هديه صلى الله عليه وسلم تعظيم هذا اليوم وتشريفه وتخصيصه بعبادات،ومنها تصحيح بعض العلماء لسنة قراءة سورة الكهف التي تحمي من الدجال، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مرفوعاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال..((من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له النور ما بين الجمعتين))،رواه الحاكم والبيهقي ..
كما أوصى صلى الله عليه وسلم بكثرة الصلاة عليه في يوم الجمعة وفي ليلته،فقال..((أكثروا من الصلاة عليَّ يوم الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي،قالوا..يا رسول الله،وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرِمْتَ؟!فقال..إن الله عز وجل حرّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء))..رواه أبو داوود والنسائي..وقال ابن القيم رحمه الله تعالى..فمِن شُكره صلى الله عليه وسلم وأداء قليل من حقه أن نكثر من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته((إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا))اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم..
ومن كبائر الذنوب أن يتخلف المسلم عن حضور صلاة الجمعة من غير عذر شرعي، فقد شدّد صلى الله عليه وسلم في التحذير من ذلك مبينًا أنّ من فعل ذلك فقد عرّض نفسه للغفلة عن الله والطبع على قلبه،قال صلى الله عليه وسلم..((لينتهين أقوام عن تركهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين))،رواه مسلم وقال عليه الصلاة والسلام.. ((من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير ضرورة طبع الله على قلبه))،((ولقد هممت أن أحرِّق بيوت أقوامٍ لا يشهدون الجمعة)).رواه البيهقي..ولهذا الوعيد فإن الاهتمام بها والحرص عليه من علامات الإيمان، والتخلف عن أدائها والتهاون فيها من علامات النفاق وإن مما يؤسف له أن ترى بعض الشباب يتهاون بعدم حضورها أو التأخر حتى لا يدرك ركعاتها والنوم عنها لاسيما في الإجازات.وهذا تفريط وغفلة..
ويُستثنى من إجابة نداء الجمعة المرأة والصبي والعبد والمريض والمسافر، وكذلك من كان على وظيفة ضرورية، كالطبيب والأمن والحماية، ولكن يتناوبون، حتى لايفوتهم فضل الجمعة. وصلاة الجمعة كفارة لما بينها وبين الجمعة الأخرى،إذا اجتنبت الكبائر)) كما في الحديث،وندب صلى الله عليه وسلم المسلم على التبكير إليها،لما فيها من الفضل العظيم، فقال..((من اغتسل يوم الجمعة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرّب بدنة،ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرّب بقرة،ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرّب كبشًا أقرن،ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرّب دجاجة،ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرّب بيضة،فإذا دخل الإمام طُويت الصحف وحضرت الملائكة يستمعون الذكر))،فلا تفوِّت أخي على نفسك هذا الفضل،واحرص على التبكير قدر الاستطاعة لتصلي السنن وتقرأ من القرآن كثيرا.واحذر الملهيات عن التبكير،من نوم أو سهر أو جلسات أو أسواق تؤخرك عن الجمعة..
أيها المسلمون يجب أن نعتز بهذا اليوم المبارك يوم الجمعة،وأن تسري عظمته في قلوبنا،وأن نستغل ما جاء فيه من الفضائل العظام وأنه يوم عبادة وعيد وفرح جعله الله لأمة الإسلام،وأن نسعى في تحبيبه لأبنائنا وأهالينا بإدخال السرور عليهم والتيسير عليهم، حتى لا نكون كبعض الناس ممن لا يعرفوا للجمعة قدرا ولا فضلا،ولا عبادة ولا فرضا، يتضجّرون منه، ويعتبرونه يوما بطيئا وثقيلا، يُسبّب لهم الكآبة والقلق والملل،وقد طالب البعض منهم لأسباب واهية بنقل عطلة آخر الأسبوع إلى السبت والأحد، تقليداً للغير ومجاراتٍ لهم فهؤلاء لم يعرفوا للجمعة فضلا ولا قدرا، والله المستعان..وكذلك لأهمية خطبة الجمعة فعلى الأئمة الخطباء الاهتمام بإعدادها وإلقائها واختيار المواضيع المناسبة لهموم الأمة والمجتمع والحذر من الموضوعات التي لا تناسب وقتها وخالية من الإبداع الذي يحتاجه الناس ويتفاعلون معه..فإن خطبة الجمعة وأمر الإنصات لها أمر لا يحصل في أي دينٍ من الأديان..يقول ابن القيم رحمه الله.."إن يوم الجمعة هو اليوم الذي يُستحب أن يُتفرّغ فيه للعبادة،وهو في الأيام كشهر رمضان في الشهور،وساعةُ الإجابة فيه كليلة القدر في رمضان،ولهذا من صح له يومُ جمعتِه سلم له سائرُ أسبوعه،ومن صح له رمضان وسَلِم سَلِمت له سائر سَنَتِه،ومن صحت له حَجَتُه وسَلِمَت له صح له سائرُ عُمرِه،فيوم الجمعة ميزان الأسبوع،ورمضان ميزان العام،والحج ميزان العمر"نسأل الله جل وعلا أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وأن يحفظنا بحفظه وأن يكلأنا برعايته..((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ))اللهم تقبل منا
الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وبعد..
هناك أحكام خاصة بالجمعة وصلاتها لابد من أن يعرفها المؤمن منها..
سنة قراءة سورتي السجدة والإنسان فجر الجمعة أو تكرار سورة الزلزلة فيه حال السفروكذلك قراءة سورة الجمعة والمنافقون أو سبح والغاشية في صلاة الجمعة..كما أنه لا يجوز الحديث أثناء الخطبة فمن مس الحصى فقد لغى ومن قال لأخيه أنصت فقد لغى كما في الحديث..إلا حين يكون الحديث مباشرة مع الإمام لتصحيح خطأ أو طلب..
لا يجوز للداخل إلى المسجد أن يتخطَّى الرقاب،ويُفرِّق بين الجالسين أو يقيم أحداً من مكانه؛ ليجلس هو،روى مسلم عنه-صلى الله عليه وسلم-قال..لايقيمن أحدكم أخاه يوم الجمعة، ثم يخالف إلى مقعده، فيقعد فيه، ولكن يقول..افسحوا))كذلك يلاحظ على كثير ممن يدخل أثناء الأذان للجمعة بعد دخول الخطيب أنه ينتظر نهاية الآذان ولا يتسنن وهذا خطأ بل الواجب أن يؤدي تحية المسجد من حين دخوله لأن استماع الخطبة أولى من إجابة المؤذن..ونبهنا لذلك مراراً..وكذلك من يأتون ثم يقفلون بسياراتهم على الآخرين أو الطرقات ويعطلون الناس وهم جاؤوا لطلب الأجر فيكسبون الوزر بفعلهم..ومن أحكام صلاة الجمعة أن من جاء والإمام يصلي فإن أدرك الركوع الثاني وإلا فإنه يؤديها ويقضيها ظهراً أربع ركعات لأن كلا الركعتين فاتته وهذا يغفل عنه المتأخرون..وكذلك المسافر إذا نوى حضور الجمعة فإنه لا يجمع معها صلاة العصر لأنه بحضوره الجمعة نوى الاستيطان كما أفتى بذلك شيخنا ابن عثيمين رحمه الله..
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك يارب العالمين..اللهم كن لإخواننا المستضعفين في كل مكان اللهم كن لهم في سوريا والعراق وفلسطين واليمن وأكرمهم بعاجل فرجك ياحي يا قيوم..اللهم عليك بالنصيريين والحوثيين فإنهم لا يعجزونك..احصرهم عدداً واقتلهم بدداً ولا تغادر منهم أحداً..اللهم عليك بالمجوس الحاقدين..واليهود الغاصبين..اللهم واغفر لمن مات من شهدائنا وتقبلهم عندك يا رب بالعالمين..اللهم وأصلح ولاة أمور المسلمين وأصلح لهم البطانة وأعنهم على أداء الأمانة..ربنا أغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين أمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم..



 0  0  769

Powered by Dimofinf cms Version 4.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Ltd.